فلسطين توجه ضربة لإسرائيل بـ«تصويت ساحق» على انضمامها للإنتربول

هيئة مكافحة الفساد تباشر ملاحقة المطلوبين... وتل أبيب غاضبة من القرار الدولي

TT

فلسطين توجه ضربة لإسرائيل بـ«تصويت ساحق» على انضمامها للإنتربول

نجحت فلسطين في الانضمام إلى الجمعية العامة للشرطة الدولية (الإنتربول)، في ضربة لإسرائيل والولايات المتحدة اللتين حاولتا إفشال التوجه الفلسطيني.
وحازت فلسطين على العضوية الكاملة بعد تصويت 75 دولة على القرار، خلال اجتماع الجمعية العامة للمنظمة في بكين. وقالت الشرطة الدولية (الإنتربول)، في بيان: «أصبحت دولة فلسطين وجزر سولومون من الدول الأعضاء في الإنتربول».
و«الإنتربول» أكبر منظمة شرطة دولية أنشئت في 1923، وتضم عناصر تابعين لـ190 دولة، وتتخذ من مدينة ليون الفرنسية مقراً لها.
وعد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي أن «التصويت الساحق» انعكاس «للثقة (الدولية) في قدرات فلسطين على إنفاذ القانون، والالتزام بالقيم الأساسية للمنظمة».
وقال المالكي: «إن هذا الانتصار تحقق بسبب الموقف المبدئي لأغلبية أعضاء الإنتربول الذين دافعوا عن السبب الوجودي لهذه المنظمة ومبادئها الأساسية، حيث رفضوا بشكل واضح محاولات التلاعب والتسلط السياسي»، مضيفاً: «اليوم، تغلبت الحقائق والمبادئ على جميع الاعتبارات الأخرى».
وكان المالكي يشير إلى الضغوط الإسرائيلية والأميركية على الدول الأعضاء في المنظمة الدولية لإحباط المخطط الفلسطيني الذي بدأ قبل أعوام.
وأطلقت إسرائيل منذ أسابيع طويلة حملة دبلوماسية من أجل إقناع الدول بعدم التصويت على طلب فلسطين الانضمام للشرطة الجنائية الدولية.
وتفاوضت إسرائيل مع قيادة «الإنتربول»، في محاولة لتشديد المعايير المتعلقة بانضمام أعضاء جدد، وضغطت على الدول الأعضاء لرفض الطلب الفلسطيني.
وقالت إسرائيل للدول الأعضاء: «إن دعم رام الله للإرهاب قد يعيق من جهود الإنتربول، بدلاً من المساهمة فيها»، وأخبرتهم أيضاً أنه لا يمكن السماح للفلسطينيين بالتمتع بحق الحصول على «معلومات حساسة عن جهود مكافحة الإرهاب». ويبدو أن الإسرائيليين كانوا يخشون كذلك من أن انضمام الفلسطينيين للإنتربول سيسمح لهم بإصدار طلبات اعتقال لضباط وسياسيين إسرائيليين.
وفي أول رد إسرائيلي رسمي، حرض وزير الشؤون البيئية زئيف إلكين الحكومة على تعليق جميع التزاماتها مع الفلسطينيين، بما فيها بادرات حسن النية التي كانت الحكومة قد وافقت على تطبيقها خلال العامين الأخيرين على الفور، وقال في بيان: «لا يمكن لأحد أن يشن حرباً ضدنا، ويحرض ضدنا هنا وفي العالم، ويتمتع في الوقت نفسه ببادرات من إسرائيل».
وجاء الفشل الإسرائيلي الأميركي هذه المرة بعدما نجح الطرفان في نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016 في إحباط محاولة فلسطينية للانضمام إلى الشرطة الدولية، وعلقت «الإنتربول» آنذاك طلب فلسطين للانضمام إلى عضويتها. لكن كل شيء تغير هذا العام.
ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية نجاح الفلسطينيين في الإنتربول بأنه هزيمة موجعة للجهود الدبلوماسية الإسرائيلية، لا سيما أنه تم القبول بعضوية فلسطين في عملية تصويت سرية. وبالتالي، لن يكون بإمكان المسؤولين الإسرائيلين الادعاء أن دول العالم تدعم الدولة اليهودية سراً، حتى لو كانت لا تزال لا تبدي استعداداً للوقوف إلى جانبها علناً.
وصوتت 75 دولة لصالح فلسطين، مقابل اعتراض 24، وامتناع 34 عن التصويت.
وشكر المالكي جميع الأعضاء الذين ساندوا فلسطين في مسعاها هذا، وأكد أن «دولة فلسطين ستستمر في سعيها الدؤوب للرفع من مكانة ودور فلسطين على المستوى الدولي، والدفاع عن حقوق شعبنا في الأمن والحرية بكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية المتاحة، وبما يشمل الانضمام للمؤسسات الدولية ذات العلاقة».
وشدد المالكي على التزام دولة فلسطين بالوفاء بالتزاماتها، والمساهمة في مكافحة الجريمة، وتعزيز سيادة القانون على المستوى الدولي، مضيفاً: «ستعمل فلسطين مع جميع الأعضاء للنهوض بمكانة ودور الإنتربول، وستكون شريكاً بناءً ومتعاوناً في هذا المسعى العالمي الذي يؤثر على حياة جميع مواطنينا ومستقبلهم».
وتابع: «إن دولة فلسطين تنظر إلى هذه العضوية والمسؤوليات التي تترتب عليها بوصفها جزءاً لا يتجزأ من مسؤوليتها تجاه الشعب الفلسطيني، والتزاماً أخلاقياً تجاه مواطني العالم».
وعملياً، سيتيح انضمام فلسطين لـ«الإنتربول» للهيئات الفلسطينية الرسمية ملاحقة مطلوبين فلسطينيين فارين إلى دول غربية وعربية.
وخلال أعوام سابقة، عانت السلطة مع دول قريبة وبعيدة، بعدما طلبت منها تسليمها مسؤولين فلسطينيين فارين ومحكومين في قضايا «أمنية» وقضايا «فساد»، ولم يجر التجاوب مع طلبها.
وأقر رئيس هيئة مكافحة الفساد رفيق النتشة بأن عدم قدرة السلطة على جلب فارين جعل أيدي العدالة أقصر.
وقالت هيئة مكافحة الفساد، أمس، إن انضمام فلسطين لـ«الإنتربول» سيترتب عليه كثير من الاستحقاقات الدولية، من بينها مشاركة العالم في مكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية، وكثير من الجرائم، مثل جرائم الفساد وغسل الأموال وغيرها.
وقالت الهيئة، في بيان إنها «تولي اهتماماً كبيراً لموضوع الانضمام إلى الإنتربول، انطلاقاً مما ستجنيه في سبيل تحقيق كثير من الامتيازات، مثل: تزويدها من خلال ضابط الاتصال بالشرطة بمعلومات عن المتهمين الفارين والمطلوبين للتحقيق من قبل الهيئة، وأي معلومات تحتاجها من أي دولة أخرى، ومشاركة الدول ثنائياً ودولياً وإقليمياً بتوفير كل المعلومات عن المجرمين، إضافة إلى تسليم مطلوبين فلسطينيين من أي دولة في العالم، ومتابعة حركة أي شخص عبر الحدود والمطارات،... إلخ».
وأضاف: «هناك كثير من المطلوبين لهيئة مكافحة الفساد، ستتاح الفرصة لاتخاذ إجراءات فورية بالحجز واسترداد المتحصلات الجرمية».



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.