الجيش والأمن والاقتصاد عنوان العلاقات الفرنسية - اللبنانية المقبلة

عون التقى وزيرين وعمدة باريس في اليوم الثاني لزيارته بفرنسا

ميشال عون الرئيس اللبناني استكمل زيارته فرنسا بلقاء عدد من المسؤولين (أ.ف.ب)
ميشال عون الرئيس اللبناني استكمل زيارته فرنسا بلقاء عدد من المسؤولين (أ.ف.ب)
TT

الجيش والأمن والاقتصاد عنوان العلاقات الفرنسية - اللبنانية المقبلة

ميشال عون الرئيس اللبناني استكمل زيارته فرنسا بلقاء عدد من المسؤولين (أ.ف.ب)
ميشال عون الرئيس اللبناني استكمل زيارته فرنسا بلقاء عدد من المسؤولين (أ.ف.ب)

بعد قوس النصر وقصر الإليزيه، أول من أمس، استمرت باريس أمس في التعبير عن الترحيب البروتوكولي والرسمي بالرئيس اللبناني ميشال عون الذي ينهي اليوم زيارة الدولة ثلاثية الأيام للعاصمة الفرنسية. وكان مقر بلدية باريس ثم مجلس الشيوخ فرئاسة الحكومة المحطات الرئيسية الثلاث في اليوم الرئاسي الطويل الذي انتهى مساء في حفل الاستقبال الكبير الذي نظمته السفارة اللبنانية للقاء عون بالجالية اللبنانية.
بعيدا عن البروتوكول، كان لعون الذي يزور فرنسا رئيسا للدولة اللبنانية بعد أن كان منفيا سياسيا فيها لسنوات، اجتماع عمل مع وزيرين فرنسيين أساسيين: الأول، وزير الاقتصاد برونو لومير، والثاني وزير الخارجية جان إيف لودريان. كذلك التقى عون رئيس الحكومة الفرنسية إدوار فيليب في قصر ماتيونيون. وبالنظر لما تسرب من هذه اللقاءات، يبدو أن عنوان المرحلة المقبلة للعلاقة الفرنسية - اللبنانية سيكون المؤتمرات الثلاث التي أعلن عنها الرئيس إيمانويل ماكرون أول من أمس، عقب لقائه عون في الإليزيه، والتي الغرض منها مساعدة لبنان في الميادين الأساسية الثلاث، وهي: توفير الدعم والمساندة الدولية للجيش والقوى الأمنية اللبنانية لدرء الإرهاب والمحافظة على أمن واستقرار البلاد في محيط يتميز بالخطورة البالغة، والثاني، دعم الاقتصاد اللبناني عن طريق تحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي، والثالث، الوقوف إلى جانب لبنان لمواجهة العبء الثقيل المتمثل بوجود نحو 1.5 مليون لاجئ سوري على أراضيه.
ويفهم من كلام المسؤولين الفرنسيين أن العودة الآمنة للاجئين مرهونة بالتوصل إلى حل سياسي، فيما بيروت لا تريد الانتظار، وتعتبر أن هناك مناطق واسعة أصبحت آمنة في سوريا ويستطيع اللاجئون والنازحون العودة إليها. وتسعى باريس للحل السياسي من خلال تفعيل مبادرتها القائمة على تشكيل «مجموعة اتصال» أساسها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول الإقليمية المؤثرة. لكن حتى الآن، لم تحقق الجهود الفرنسية نجاحات تذكر رغم اجتماع وزراء خارجية الدول الخمس في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي أي حال، تؤكد باريس أهمية المحافظة على استقرار لبنان وأمنه، كما أنها تعتبر أن توفير الأمن والاستقرار للبنان والمنطقة يمثل التحدي الأول ليس فقط لهذه الدول بل لأوروبا والعالم. وما زالت باريس تدعو السلطات اللبنانية إلى الاستمرار في سياسة «النأي» بالنفس عن الحرب في سوريا وعن مشكلات المنطقة. إلا أن هذه السياسة أصبحت «افتراضية أكثر مما هي واقعية» وفق تعبير مصدر فرنسي رسمي.
عقب لقائه عون، قال الوزير لودريان، إن «ماكرون طلب منه العمل مع الحكومة اللبنانية لتأمين نجاح المؤتمرات التي ستعقد من أجل لبنان»، مضيفا أنه سيزور لبنان قبل نهاية العام الجاري لدراسة الترتيبات المتعلقة بالمؤتمرات الثلاثة وهي «تسليح الجيش ومؤتمر الاستثمار ومؤتمر النازحين واللاجئين»، وكذلك للتحضير لزيارة ماكرون إلى بيروت التي وعد بأن تتم في الربيع المقبل. ولفت الوزير الفرنسي إلى أن «باريس ستبحث مع شركائها الأوروبيين وأصدقائها الدوليين توفير المناخات المناسبة لنجاح مثل هذه المؤتمرات التي تشكل دعامة مهمة للبنان في هذه المرحلة، وتتجاوب مع تطلعات الرئيس عون إلى دعم الاقتصاد الوطني اللبناني والمؤسسات الأمنية لا سيما مؤسسة الجيش، وإيجاد حل لموضوع النازحين الذي يترك انعكاسات سلبية على الوضع في لبنان». وبالمقابل، عول عون على الدور «المحوري» الذي ستلعبه فرنسا من أجل إنجاح هذه المؤتمرات.
ومن جانبه، تناول وزير الاقتصاد الفرنسي الزوايا الاقتصادية للعلاقات الفرنسية - اللبنانية ولخطط باريس زيادة مساعدتها لبيروت، كما أعلن ذلك الرئيس ماكرون، كما أنها تريد أن تكون «الوكالة الفرنسية للتنمية» الذراع الضاربة للمساعدة الفرنسية. وقد وقعت الوكالة في السنوات الماضية عقودا تمويلية مع لبنان تصل قيمتها إلى مليار يورو. إلا أن باريس، كما في الملفات السياسية والأمنية، تريد أيضا التعويل على الدعم الأوروبي والدولي للبنان في المسائل الاقتصادية، وهو ما عرضه برونو لومير على الوفد اللبناني الذي التقاه.
أمس، كانت للرئيس اللبناني زيارة «تقليدية» لمقر بلدية باريس، حيث استقبلته عمدة المدينة آن هيدالغو. ووجهت البلدية دعوات واسعة لفرنسيين ولبنانيين ملأوا صالوناتها. إلا أن الأهم كانت الكلمة المؤثرة التي ألقتها هيدالغو إسبانية المولد والتي أشادت بلبنان وبما يمثله من قيم، مشددة على أوجه الشبه العديدة بين بيروت وباريس وبالحضور اللبناني وأهميته في العاصمة الفرنسية، كما نوهت بتعلق اللبنانيين بروح الحرية، وهي «حرية لطالما عرف لبنان كيف يجسدها، وأيا كانت الصعوبات فإن ما من حرب وما من عملية إرهابية قادرة على القضاء على روح الحرية التي تميز لبنان». كذلك أشادت بالانتصار الذي حققه الجيش اللبناني على الإرهاب وبتضامن اللبنانيين مع باريس عندما تعرضت لعمليات إرهابية واسعة. ومن جانبه، اعتبر عون أن «باريس وبيروت، مدينتان قادرتان على الصمود، وفي الوقت عينه منفتحتان على العالم»، مضيفا أنهما «تمكنتا أكثر من أي مدينة أخرى من العالم من استيعاب مزيج من الحضارات، مما جعل كلا منهما نسيجا من ثروات تشع إلى أبعد حدود». وختم الرئيس اللبناني بالتأكيد على أنهما «تخوضان اليوم معركة واحدة، هي معركة حماية قيم السلام والحرية والديمقراطية التي نؤمن بها».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.