«خيبة أمل» أميركية... وتمسك أوروبي وروسي بوحدة العراق

أكراد يحتفلون بالاستفتاء في دهوك أمس (رويترز)
أكراد يحتفلون بالاستفتاء في دهوك أمس (رويترز)
TT

«خيبة أمل» أميركية... وتمسك أوروبي وروسي بوحدة العراق

أكراد يحتفلون بالاستفتاء في دهوك أمس (رويترز)
أكراد يحتفلون بالاستفتاء في دهوك أمس (رويترز)

توالت الإدانات الدولية لاستفتاء الاستقلال الذي أجراه إقليم كردستان العراق أول من أمس، فأعربت الولايات المتحدة عن «خيبة أمل عميقة»، فيما شددت روسيا على تمسكها بوحدة العراق. وأكد الاتحاد الأوروبي رفضه الخطوة، داعياً إلى «حل متفق عليه بصورة متبادلة».
وشددت الولايات المتحدة على رفضها «أي تحركات انفرادية من قبل أي طرف لتغيير الحدود»، محذرة من «زيادة حالة عدم الاستقرار». وقالت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية هيذر نويرت في بيان: «نشعر بخيبة أمل عميقة بعد إجراء الاستفتاء حول الاستقلال... نعتقد أن هذه الخطوة ستزيد من عدم الاستقرار والمصاعب بالنسبة إلى إقليم كردستان وشعبها».
وأضافت أن «الاستفتاء من جانب واحد سيعقد إلى حد كبير علاقة حكومة إقليم كردستان مع كل من حكومة العراق والدول المجاورة»، مذكرة بأن «المعركة ضد داعش لم تنته، وتسعى الجماعات المتطرفة إلى استغلال عدم الاستقرار والخلاف، ونعتقد أنه ينبغي لجميع الأطراف أن تشارك بشكل بناء في حوار لتحسين مستقبل جميع العراقيين».
ولم تلوح الخارجية الأميركية بعقوبات أو بوقف المساعدات لإقليم كردستان، كما حذرت قبل إجراء الاستفتاء، لكنها أبدت اعتراضاً على «العنف والتحركات المنفردة من قبل أي طرف لتغيير الحدود». وقالت نويرت: «تؤيد الولايات المتحدة عراقاً فيدرالياً موحداً وديمقراطياً ومزدهراً، وستواصل البحث عن فرص لمساعدة العراقيين على تحقيق تطلعاتهم في إطار الدستور». واكتفت الناطقة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز، عند سؤالها، بتأكيد على «حرص الإدارة الأميركية على وحدة العراق لهزيمة داعش ودفع نفوذ إيران».
وفي موسكو، أعلن الكرملين، أمس، معارضته انفصال الإقليم الكردي عن العراق. وقال إن روسيا «تدعم وحدة أراضي دول المنطقة»، في أول تصريحات للرئاسة الروسية بعد استفتاء الإقليم. وقال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف في مؤتمر عبر الهاتف مع الصحافيين نقلته وكالة «رويترز»: «ما زلنا نعتقد أن الحفاظ على وحدة الأراضي والتكامل السياسي لدول المنطقة يعد عاملاً حاسماً للحفاظ على الاستقرار والأمن في المنطقة، ولتسوية العديد من المشكلات الحرجة التي تعاني منها». وأكد أن الرئيس فلاديمير بوتين بحث مسألة الاستفتاء في اتصالات هاتفية مع رئيسي تركيا وإيران أول من أمس. وسيتناول بوتين والرئيس التركي رجب طيب إردوغان ملف الاستفتاء خلال محادثاتهما في تركيا غداً.
وفي موقف مماثل، دعا الاتحاد الأوروبي إلى وحدة العراق والتوصل إلى «حل متفق عليه بصورة متبادلة». وقال ناطق باسم الاتحاد في بيان إن الكيان الأوروبي «يناشد جميع الأطراف التحلي بالهدوء وضبط النفس والالتزام المتجدد بحل جميع القضايا المعلقة، عبر الطيف السياسي والاقتصادي، من خلال حوار سلمي وبناء يؤدي إلى حل متفق عليه بصورة متبادلة، في إطار الدستور العراقي».
وذكر الاتحاد الأوروبي أنه كان «يؤكد باستمرار على دعمه الكامل لوحدة العراق وسيادته وسلامته الإقليمية، وطالب بإلغاء الاستفتاء»، معرباً عن «أسفه لعدم الاستجابة لهذه الدعوات». وشدد على أن «وحدة العراق ما زالت ضرورية لإلحاق هزيمة كاملة بمتطرفي تنظيم داعش في البلاد».
وأعرب وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريل عن «قلقه البالغ» إزاء الاستفتاء، محذراً من احتمال أن يؤدي إلى زيادة التوترات في المنطقة. وطالب غابريل حكومة الإقليم والحكومة العراقية المركزية في بغداد بالتحاور، قائلاً إن «الأطراف كافة مدعوة إلى تجنب أي تصعيد، والنأي عن أي خطوات منفردة في اتجاه الاستقلال أو الإجراءات القسرية».
ورأى غابريل أن الأكراد اتخذوا قرارهم بشأن الاستفتاء «من دون مراعاة لتحفظات وتحذيرات ومشورة المجتمع الدولي بالإجماع»، مضيفاً أن التصويت «سيظل دون أي تأثير ملزم»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية. ودعا الأكراد إلى الاستمرار في إعطاء الأولوية لمكافحة تنظيم داعش، معتبراً أنه «ليس من مصلحة أحد أن يعرض للخطر الآن خطوات التقدم التي تم إحرازها بصعوبة وبتضحيات كبيرة».
يذكر أن ألمانيا دعمت قوات «البيشمركة» الكردية بأسلحة على نطاق كبير، من بينها 20 ألف بندقية وألف صاروخ مضاد للمدرعات. ويوجد في شمال العراق حتى الآن 160 جندياً ألمانياً لتدريب الجنود الأكراد.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».