الأمم المتحدة تطلق محاولة جديدة لإنهاء الفوضى في ليبيا

إعادة تشكيل المجلس الأعلى للدولة وصلاحيات حفتر أهم نقاط الخلاف في اجتماع تونس

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة مع عدد من ممثلي الأطراف الليبية التي حضرت اجتماع تونس أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة مع عدد من ممثلي الأطراف الليبية التي حضرت اجتماع تونس أمس (أ.ف.ب)
TT

الأمم المتحدة تطلق محاولة جديدة لإنهاء الفوضى في ليبيا

المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة مع عدد من ممثلي الأطراف الليبية التي حضرت اجتماع تونس أمس (أ.ف.ب)
المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة مع عدد من ممثلي الأطراف الليبية التي حضرت اجتماع تونس أمس (أ.ف.ب)

انطلقت بالضاحية الشمالية للعاصمة التونسية، أمس، أولى جولات مفاوضات الحوار السياسي الليبي، وجمعت وراء أبواب مغلقة، لجنة ممثلة عن مجلس النواب الليبي (البرلمان)، ولجنة تمثل المجلس الأعلى للدولة، في انتظار تشكيل لجنة مشتركة تحمل اسم «ستة زائد ستة»، هدفها الأساسي تعديل الاتفاق السياسي برعاية وإشراف غسان سلامة، المبعوث الأممي إلى ليبيا.
وتركزت النقاشات الأولية بين الطرفين، خصوصاً حول نقطتي الخلاف الرئيسيتين، أي إعادة تشكيل المجلس الأعلى للدولة، وحذف المادة الثامنة المحددة لصلاحيات القائد الأعلى للجيش الليبي.
ومن المنتظر اختيار الأعضاء الستة من لجنة الحوار التابعة للبرلمان الليبي، كما يرشح المجلس الأعلى للدولة بدوره ستة أعضاء من لجنة الحوار، مهمتهم تعديل صياغة الاتفاق السياسي.
وحسب مصادر ليبية شاركت في جولة الحوار السياسي، فإنه من المنتظر التوقيع على مجموعة من البنود، أهمها تقليص عدد أعضاء المجلس الرئاسي من تسعة إلى ثلاثة أعضاء فحسب، وإحداث منصب رئيس وزراء، والنظر في المادة الثامنة التي تحدد صلاحيات القائد الأعلى للجيش وفي هيئة الدستور، علاوة على توسيع عضوية المجلس الأعلى للدولة. وفي حال فشل هذه التعديلات، فمن المرجح المرور إلى مشروع المبعوث الأممي إلى ليبيا، الذي ينص على تشكيل مؤتمر موسع يضم ما بين 600 و800 عضو، ويشارك فيه كل الفرقاء الليبيين.
وخلال مؤتمر صحافي عقده سلامة، قبيل انطلاق جلسة الحوار الليبي، قال المبعوث الأممي إن «الليبيين تواقون لفتح صفحة جديدة، وسئموا من الانتقال إلى الانتقال»، مشدداً على وجود مؤسسات «نائمة في ليبيا وقد حان أوان إيقاظها»، وعلى أن الخطة التي طرحها بشأن ليبيا سمعها من كل الليبيين، لافتاً إلى أن التعديلات على «اتفاق الصخيرات» تعد محدودة.
وتعتمد «خطة العمل الجديدة من أجل ليبيا»، أو «خريطة الطريق الأممية»، على ثلاث مراحل، بدأت أولها أمس في تونس بالعمل على تعديل «الاتفاق السياسي» الذي وُقّع في منتجع الصخيرات في ديسمبر (كانون الأول) 2015. أما المرحلة الثانية فتدعو إلى عقد مؤتمر وطني برعاية أممية لدمج «المنبوذين». فيما تهدف المرحلة الثالثة والأخيرة إلى تنظيم استفتاء على الدستور في غضون سنة، وفتح الباب أمام انتخابات رئاسية وبرلمانية.
وبحسب التعديلات الجديدة، فإن الحكومة الليبية المرتقبة ستعمل على تسيير الأعمال فقط، فيما سيعمل مجلس النواب (البرلمان) والدولة على توحيد مؤسستي البنك المركزي ومؤسسة النفط، ومن المنتظر التوافق كذلك حول آليات لتوحيد مؤسسة الجيش.
وبخصوص إمكانية نجاح هذه المفاوضات في إيجاد حل متفق عليه للأزمة الليبية، تحدث تقرير نشره موقع مركز «ستراتفور» الاستراتيجي الأميركي عن «خطة العمل الجديدة» التي أعلنها المبعوث الأممي إلى ليبيا، وقال إن نجاح العملية السياسية برمتها مرتبط بتحديد دور مستقبلي لقائد الجيش المشير خليفة حفتر. ورأى التقرير أنه «سيكون من الصعب تنفيذ خطة سلامة، خصوصاً في ظل الإطار الزمني السريع للخطة، ونظراً لطبيعة المجموعات المسلحة الليبية واختلاف مصالح كل مجموعة»، مؤكداً على ضرورة نزع أسلحة المجموعات المسلحة، وإدماجها في الجيش أو الأمن، واعتبر هذه العملية أساسية لإنجاح الخطة الأممية.
واستهل سلامة أمس أعمال جلسات صياغة تعديل الاتفاق، بالقول إنه «اقترح (خريطة الطريق) بعد أن سمع من الليبيين في مختلف أرجاء البلاد، وهو يطالبون بإجراء مصالحة شاملة، ودعم بناء مؤسسات فعّالة تتجاوز مصالح الأشخاص، والمناطق والعصبيات، في سبيل المصلحة الوطنية».
وأضاف سلامة في بث مباشر لكلمته من مقر الأمم المتحدة في تونس، أن «في ليبيا مؤسسات نائمة، وأخرى منقسمة يقتضي توحيدها، وثالثة مخطوفة آن أوان تحريرها»، مشيراً إلى أن «البعثة الأممية تعمل على ألاّ يتأخر إنجاز هذه المرحلة، وتنتهي بشكل طبيعي خلال عام».
وتابع المبعوث الأممي موضحاً «لا استقلال دون دولة تحميه، ولا سيادة دون دولة تذود عنها، ولا توقف للتدخلات الخارجية إلا بدولة تردعها»، داعياً أعضاء لجنتي صياغة التعديلات إلى «التشاور إلى أقصى الحدود مع لجنتي الحوار الممثلتين لمجلسي النواب والدولة، حتى يتم الانتهاء من مرحلة التعديلات، ومن ثم التصويت عليها في مجلس النواب».
وأطلع مصدر من داخل لجنتي الحوار في تونس «الشرق الأوسط» على مجريات الأمور، وقال إن «الجميع هنا يحرصون على التوافق أكثر مما مضى، والنوايا متجهة إلى إنجاز التعديلات سريعاً».
وتحفظ المصدر على الحديث عن مصير المادة الثامنة من الاتفاق، المتعلقة بالمؤسسة العسكرية في البلاد، وهل تم التطرق إليها، وقال إن «لكل حادث حديث، ولا ممانعة فيما يخدم مصلحة الليبيين».
وتنص المادة الثامنة على أنه «تنتقل جميع صلاحيات المناصب العسكرية والمدنية إلى مجلس رئاسة الوزراء فور توقيع الاتفاق، وتعبر تلك المناصب شاغرة خلال عشرين يوماً من توقيع الاتفاق وتشكيل المجلس الرئاسي».
وتتكون لجنتا حوار تعديل الاتفاق من ستة أعضاء من مجلس النواب، ومثلهم من «الأعلى للدولة»، وفي حال التوصل إلى اتفاق بينهما، يعرض مشروع النص على كامل اللجنتين اللتين تضمان 24 عضواً من مجلس النواب، و13 عضواً من مجلس الدولة، وفقاً لتصريح رئيس لجنة الحوار بمجلس النواب، الدكتور عبد السلام نصية.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.