الحكومة اللبنانية تفشل في حل أزمة «السلسلة»

القطاع العام يواصل الإضراب ويهدد بجعله مفتوحاً

معلمون لبنانيون يرفعون لافتات في اليوم الثاني لإضراب عام حول الرواتب في لبنان (إ.ب.أ)
معلمون لبنانيون يرفعون لافتات في اليوم الثاني لإضراب عام حول الرواتب في لبنان (إ.ب.أ)
TT

الحكومة اللبنانية تفشل في حل أزمة «السلسلة»

معلمون لبنانيون يرفعون لافتات في اليوم الثاني لإضراب عام حول الرواتب في لبنان (إ.ب.أ)
معلمون لبنانيون يرفعون لافتات في اليوم الثاني لإضراب عام حول الرواتب في لبنان (إ.ب.أ)

فشلت الحكومة اللبنانية في الجلسة الاستثنائية التي عقدتها يوم أمس الثلاثاء باجتراح حل لأزمة «سلسلة الرتب والرواتب»، والتي تحولت قانونا نافذا ينال بموجبه موظفو القطاع العام والمعلمون زيادات على رواتبهم، بعد أبطال المجلس الدستوري قانون الضرائب الذي يشكل الرافد المالي الوحيد لدفع تكاليف السلسلة التي تقدّر بنحو (800 مليون دولار أميركي) سنوياً. وقذف مجلس الوزراء الأزمة إلى يوم غد الخميس، راميا بذلك الكرة بملعب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي سيرأس الجلسة المقبلة في القصر الجمهوري.
واعتصم المئات من موظفي القطاع العام والمعلمين في ساحة رياض الصلح المقابلة للسراي الحكومي في وسط بيروت، مطالبين بدفع رواتبهم نهاية الشهر الجاري وفقا للقانون الذي أقر الزيادات، رافضين رفضا قاطعا ربط السلسلة بإقرار الموازنة أو بقانون جديد للضرائب.
وكان وزير المال أعلن أن وزارته أعدت جداول دفع الرواتب وفق السلسلة الجديدة التزاماً منها بالقانون النافذ، إلا أن عددا من الوزراء نبهوا من السير بالسلسلة قبل إقرار الضرائب اللازمة خوفا على المالية العامة للدولة. وقال وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا التويني، إن «هناك إمكانية لدفع رواتب الموظفين وفق السلسلة لشهر أو شهرين، لكن ما نسعى إليه هو أن يكون الدفع متواصلا وفق القانون الجديد، مشددا على وجوب أن يكون هناك توازن ما بين الإنفاق والإيرادات»، لافتا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه وتعليق المجلس الدستوري العمل بقانون الضرائب يكون قد علّق موضوع الإيرادات. وأضاف: «أما السلسلة فباتت أمر واقع، ولا يتخوفن أحد على مصيرها بعدما تحولت قانونا نافذا، كل ما في الأمر هو البحث بدفعها هذا الشهر أو الشهر المقبل بإطار ترتيب مالي تقني بحت».
وأوضح التويني أن التوجه هو لتعديل قانون الضرائب وفق الملاحظات التي أوردها المجلس الدستوري، لافتا إلى أن وزير المال أنجز هذه التعديلات ويتم دراستها للبت بها في جلسة يوم الخميس. وقال: «لا نزال نبحث بالطريقة الفضلى لتجاوز 3 مطبات، مطب الموازنة وقطع الحساب، مطب تعديل قانون الضرائب وفق ملاحظات المجلس الدستوري ومطب تأمين الدفع المتواصل لرواتب الموظفين وفق القانون الجديد».
وكان رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ترأس ظهر يوم أمس جلسة استثنائية للحكومة خصصت لمناقشة موضوع أبطال المجلس الدستوري لقانون الضرائب والاقتراحات المطروحة لمعالجة نتائجه. وقال وزير الإعلام ملحم رياشي إن «البحث كان معمقا في قانون الإيرادات المنوي ضمه إلى الموازنة لتأمين مصادر دخل لسلسلة الرتب والرواتب»، لافتا إلى أن «النقاشات لم تنته وستستكمل يوم الخميس المقبل في جلسة تعقد في القصر الجمهوري في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، على أمل أن يبت مبدئيا مشروع القانون ويحول إلى المجلس النيابي». كما أكّد رياشي أنّه تم تحقيق «تقدم كبير جدا لأن النقاش كان في العمق».
وفور انتهاء الجلسة الحكومية من دون صدور أي قرار نهائي بخصوص دفع رواتب الموظفين نهاية الشهر وفق السلسلة، أعلنت هيئة التنسيق النقابية كما المعلمون عن استمرار الإضراب يومي الأربعاء والخميس، «حتى تأخذ الحكومة قرارها النهائي بتنفيذ القانون 46-2017 وتدفع الرواتب على أساسه».
وتشير المعطيات إلى أن جزءا كبيرا من أزمة «السلسلة» يعود إلى الخلاف بين فريقي حركة «أمل» التي يرأسها رئيس المجلس النيابي و«التيار الوطني الحر» المحسوب على رئيس الجمهورية. ونقلت وكالة «المركزية» يوم أمس عن مصادر وزارية أن الإشكالية الأساسية التي استحوذت على حيز واسع من النقاش في جلسة مجلس الوزراء يوم أمس هي الخلاف بين وزراء «أمل» و«التيار» حول ما إذا كانت السلّة الضريبية المعدَّلة لتمويل السلسلة يجب أن تقر من ضمن مشروع الموازنة العامة، وهي وجهة نظر التيار، على أن يُعلّق البحث في المادة 87 التي تقول بـ«ضرورة إنجاز قطع الحسابات» قبل إقرار الموازنة، وذلك لتسريع إنجازها، أو إمكانية أن تُقرّ هذه الضرائب بمعزل عن الموازنة، وهي وجهة نظر «أمل»، التي اعترض وزراؤها على تعليق قطع الحسابات. وأشارت المصادر إلى أن الشرخ العمودي بين فريقي رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب كان العائق الأساس أمام الخروج بقرار في شأن السلسلة، معتبرة أن التوصل إلى تسوية بينهما ضروري للتوصل إلى حل للأزمة الحالية.
وفي مؤشر واضح لامتعاضه من قرار المجلس الدستوري ومن المنحى الذي تسلكه الأمور، شدد بري في دردشة مع الإعلاميين يوم أمس على أن تفسير الدستور يعود فقط لمجلس النواب، قائلا: «القضاء على حق حتى لو لم يكن على حق. وهذه المرة كان على حق وليس على حق». ورأى بري أن «ما يحصل هو تجاوز وتجرؤ على مجلس النواب واعتداء على صلاحيات رئاسته وخرق لاتفاق الطائف بل بداية لقتله».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».