شاعرة تجمع زجاج الناس المهشمين

«امرأة بني باندو» للتونسية سنية الفرجاني

شاعرة تجمع زجاج الناس المهشمين
TT

شاعرة تجمع زجاج الناس المهشمين

شاعرة تجمع زجاج الناس المهشمين

ثلة ذكية من الشواعر المغربيات يتدافعن في الباحة المفتوحة على الألم، لينثرن ضفائرهن الخضراء تحت شمس أفريقيا الكثيرة من المتوسط حتى الأطلسي.
سنية الفرجاني في مجموعتها الشعرية الجديدة، «امرأة بني باندو»، منشورات «برسيكتف»، 2017، واحدة من تلك الثلة الذكية، وهي تفكك نصها وتركبه على وفق تدبير لغوي حساس لتصنع بصمتها التعبيرية الخاصة، إذ تحاول أن تقول لقارئها: إن الباحة تحتشد بالكثير، غيرنا، نحن بنات الثلة الذكية، حيث التشابه والقص واللصق، إذ علينا أن نلفت الانتباه عبر البوح لا الضجيج.
ليس سهلاً أن يعثر الشاعر (ة) على كرسيه البسيط لكن في الركن الواضح من تلك الباحة، إذ عليه أن يمر بلحظات مزمنة من المكابرة والمكابدة، التي هي سلَّمه غير المأمون لبلوغ أفضل حالاته: قصيدته التي لا تشبه قصيدة غيره وإن تأثر بجميع شعراء العالم.
قصيدة الفرجاني تلويحة مقتضبة للعالم من خلف ستارة مواربة مفتوحة على طقس خائف «كوطن عربي يرتجف» كما تقول. «صرتُ أثقل من حديقة / وكأس فوق طاولة الليل / امتلأت، فجأةً… ارتجفتُ كوطنٍ عربي / أمسكتُ قدمي وسرتُ بهما نحو الباب / كان الباب مصاباً بضوءٍ ما».
ثمة اختراقات «لا منطقية»، كما تبدو لقارئ متدرب، غير مدرَّب، للجملة العربية المألوفة، حيث، هنا، واحدة من العلامات الكثيرة في القصيدة الجميلة، لبلوغ الدهشة غير المرئية فيها، دهشة توخزُ قارئها من حيث لا يتوقع.
لتأتي الصورة اللافتة مثل: «كان الباب مصاباً بضوء ما»، علامة أخرى من تلك العلامات الكثيرة. تكتب الفرجاني قصيدتها تحت وطأة شعور حاد بالوحشة، لكن هذه الوحشة ليست شعوراً أنانياً، كالشعور بالألم الذي لا يؤلم غير صاحب الألم، وحده، بل لأنها شاعرة يتضاعف في قلبها رنين السلاسل، كامرأة أيضاً، وهي ترمق العالم من خلف تلك الستارة المواربة: القصيدة. هي شاعرة يملي عليها ألمها الشخصي أن تتلمس آلام العالم من حولها، وهي «تجمع زجاج الناس المهشمين»:
«أعدكِ يا حياتي / أن أستيقظ باكراً كديك / كي أبدأ الضوء من أوله / وأجمع من طريقي / زجاج الناس المهشمين».
قصيدة الفرجاني كتابة ضد الوقت. اقتباس الحادثة وتفنيدها والذهاب إلى غرفة النوم بأرق متوقع، وانعطافة لاإرادية نحو الشارع العام صباحاً بعينين لم تغمضا باسترخاء لأن العالم متوتر «كن سخيا أيّها الليل / فالنهار جبار / كنمر سريع ومفترس وقاتل أحلام / كن سِمْسِماً أيها الظلامْ / فليس في خاطري أن أنامْ».
ثمة «سريلة» - من سوريالي - تلمع هنا وهناك في قصيدة الفرجاني، وفي أغلبها لا تخرج عن طريقتها في اعتماد ذلك «اللامنطق» الذي أشرت إليه قبل سطور، عندما يصبح الحب سؤالاً غريباً عن الغربة والغرباء وإن كنّا مقيمين في قلب غابة رحيمة: «لماذا حين نحب / نصير غير ملائمين للطقسْ / وتجتمع الحروب فوق أجسادنا / نشعر بالحجارة تسقط فينا / ونسمع وقع الغيابْ / ونمشي خطى لا تؤدي لأي وطنْ». و«السريلة» تتبدى في انكسار الجملة / الصورة عندما لا يتطابق العالم مع اللغة، ولا مع الأحلام إلا بمعناها كتابة تلقائية لا تخضع إلى عرف النمط اللغوي وصورة الحياة في هشاشتها.
طبعاً، أن يلتقط قارئ مثلي، لفتته قصائد هذه الشاعرة، ما يمس حواسه وحساسيته، على ضوء ذائقته النقدية، وطريقة استقباله لنصها الشعري، فإن الأمر لا يخلو من التباس بشأن المكتوب والمقروء، لأن هذا القارئ له مواصفات ومواضعات وتلمسات تخصه وحده، أي تختلف عن تلك التي تستعمر قراء آخرين قرأوا هذا النص. فثمة، إذن، فجوة، أو فجوات، بين النص وقرّائه المتعددين، وما هي إلا طبيعة الكتابة والقراءة، حيث النقصان اللابد منه، فليس من نص مكتمل، ولا قراءة بلا فجوات، وهذا، أيضاً، من سنن القراءة والكتابة.
وإذا كتبت الفرجاني عن مدينتها، أو قريتها أو محلتها (بني ماندو) فهي ترصد جغرافيا كبرى للاتفاهم مع الواقع ولا تجد سوى وسيلة وحيدة للتفاهم غير أن تجعل من بني ماندو عاصمة للوحشة، منذ انطفاء آخر شمعة في آخرة الليل حتى ذاك الصباح الذي استيقظت من أجله، مثل ديك، كي تدرك أول انبثاقه.
قصيدة النثر العربية، الشائعة، التي يكتبها الشبان العرب، من الجنسين صارت تمثل إحراجاً نقدياً للمشتغلين في نقد الشعر، لأنها نص هلامي يستظهر الغموض ويستبطن السهولة، نص يغري بالمعنى المشكوك فيه واللامعنى المؤكد في قصائد هذي الأيام، لكن تجربة هذه الشاعرة تشي بوعود واقتراحات وفرص استقبال جمالية عدة.



احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
TT

احذروا الإفراط في الوقوف خلال العمل

تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)
تحتاج بعض المهن إلى الوقوف فترات طويلة (معهد الصحة العامة الوبائية في تكساس)

توصّلت دراسة أجراها باحثون من جامعة توركو الفنلندية، إلى أنّ الوقوف لفترات طويلة في العمل له تأثير سلبي في قياسات ضغط الدم على مدى 24 ساعة.

وتكشف النتائج عن أنّ الوقوف لفترات طويلة يمكن أن يرفع ضغط الدم، إذ يعزّز الجسم مسارات الدورة الدموية إلى الأطراف السفلية عن طريق تضييق الأوعية الدموية وزيادة قوة ضخّ القلب. وعلى النقيض من ذلك، ارتبط قضاء مزيد من الوقت في وضعية الجلوس في العمل بتحسُّن ضغط الدم.

وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ميديسين آند ساينس إن سبورتس آند إكسيرسيس»، إلى أنّ السلوكيات التي يغلب عليها النشاط في أثناء ساعات العمل قد تكون أكثر صلة بقياسات ضغط الدم على مدار 24 ساعة، مقارنةً بالنشاط البدني الترفيهي.

تقول الباحثة في الدراسة، الدكتورة جووا نورها، من جامعة «توركو» الفنلندية: «بدلاً من القياس الواحد، فإن قياس ضغط الدم على مدار 24 ساعة هو مؤشر أفضل لكيفية معرفة تأثير ضغط الدم في القلب والأوعية الدموية طوال اليوم والليل».

وتوضِّح في بيان منشور، الجمعة، على موقع الجامعة: «إذا كان ضغط الدم مرتفعاً قليلاً طوال اليوم ولم ينخفض ​​بشكل كافٍ حتى في الليل، فتبدأ الأوعية الدموية في التصلُّب؛ وعلى القلب أن يبذل جهداً أكبر للتعامل مع هذا الضغط المتزايد. وعلى مرّ السنوات، يمكن أن يؤدّي هذا إلى تطوّر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية».

وأظهرت دراسات سابقة أنّ ممارسة الرياضة في وقت الفراغ أكثر فائدة للجهاز القلبي الوعائي من النشاط البدني الناتج عن العمل، الذي ربما يكون ضاراً بالصحّة، مشدّدة على أنّ التمارين الرياضية المنتظمة مهمة للسيطرة على ضغط الدم.

وعلى وجه الخصوص، تعدّ التمارين الهوائية الأكثر قوة فعالةً في خفض ضغط الدم، ولكن وفق نتائج الدراسة الجديدة، فإنّ النشاط البدني اليومي يمكن أن يكون له أيضاً تأثير مفيد.

في الدراسة الفنلندية، تم قياس النشاط البدني لموظفي البلدية الذين يقتربون من سنّ التقاعد باستخدام أجهزة قياس التسارع التي يجري ارتداؤها على الفخذ خلال ساعات العمل، وأوقات الفراغ، وأيام الإجازة. بالإضافة إلى ذلك، استخدم المشاركون في البحث جهاز مراقبة ضغط الدم المحمول الذي يقيس ضغط الدم تلقائياً كل 30 دقيقة لمدّة 24 ساعة.

وتؤكد النتائج أنّ طبيعة النشاط البدني الذي نمارسه في العمل يمكن أن يكون ضاراً بالقلب والجهاز الدوري. وبشكل خاص، يمكن للوقوف لفترات طويلة أن يرفع ضغط الدم.

وتوصي نورها بأنه «يمكن أن يوفر الوقوف أحياناً تغييراً لطيفاً عن وضعية الجلوس المستمر على المكتب، ولكن الوقوف كثيراً يمكن أن يكون ضاراً. من الجيد أن تأخذ استراحة من الوقوف خلال العمل، إما بالمشي كل نصف ساعة أو الجلوس لبعض أجزاء من اليوم».

ويؤكد الباحثون أهمية النشاط البدني الترفيهي لكل من العاملين في المكاتب وفي أعمال البناء، وتشدّد نورها على أنه «جيد أن نتذكّر أنّ النشاط البدني في العمل ليس كافياً بذاته. وأنّ الانخراط في تمارين بدنية متنوّعة خلال وقت الفراغ يساعد على الحفاظ على اللياقة البدنية، مما يجعل الإجهاد المرتبط بالعمل أكثر قابلية للإدارة».