الأقصر تسعى لاستعادة بريقها بإحياء «طريق الكباش»

على أمل إنعاش السياحة في الموسم الجديد

صورة من ماكيت لشكل «طريق الكباش» بعد الافتتاح
صورة من ماكيت لشكل «طريق الكباش» بعد الافتتاح
TT

الأقصر تسعى لاستعادة بريقها بإحياء «طريق الكباش»

صورة من ماكيت لشكل «طريق الكباش» بعد الافتتاح
صورة من ماكيت لشكل «طريق الكباش» بعد الافتتاح

مدينة «المائة باب»، و«مدينة الشمس»، و«مدينة النور»، التي أطلق عليها العرب بعد الفتح الإسلامي «الأقصر»، لكثرة قصورها ومعابدها، تحاول استعادة بريقها ونورها من جديد، بإعادة إحياء مشروع طريق الكباش الذي توقف العمل به عقب ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، لعدم وجود اعتمادات مالية وتدهور أوضاع السياحة.
وتسعى الحكومة المصرية، ممثلة في وزارة الآثار ومحافظة الأقصر، للانتهاء من المشروع القومي الكبير الذي تبلغ تكلفته نحو ربع مليار جنيه (نحو 15 مليون دولار أميركي)، خلال مدة لا تزيد عن 6 أشهر، وفقا لتصريحات المسؤولين المصريين.
يمتد المشروع الضخم بطول 2700 متر، من معبد الأقصر، حتى معبد الكرنك، وينقسم إلى 3 أقسام: الأول هندسي، ويتضمن تحويل المرافق وإخلاء مسار الطريق من الإشغالات، والثاني خاص بالحفائر الأثرية، والثالث يتضمن تعويض تهجير أهالي نجع أبو عصبة، وملاك العقارات المتداخلة مع مسار الطريق، على أن يتم الانتهاء منه خلال عدة أشهر.
المشروع الضخم الذي يضم على جوانبه نحو 1200 تمثال متنوع، سيكون له تأثير كبير على إعادة الحركة السياحية لمصر بشكل عام، وللأقصر بشكل خاص؛ لأنه سيكون ممشى سياحيا كبيرا، يساهم في مساعدة السياح للاستمتاع بأكبر قدر ممكن من إبداعات الفراعنة والمواكب الفرعونية القديمة.
وكان وزير الآثار الدكتور خالد عناني، قد أعلن في شهر يوليو (تموز) الماضي، عن استئناف العمل بطريق الاحتفالات، المعروف إعلاميا باسم «طريق الكباش» في الأقصر، وبحث كافة المعوقات التي كانت تقف أمام تنفيذ المشروع، وقال إنه تم تدبير ربع مليار جنيه، للبدء في إحياء الطريق، للمساعدة في خدمة القطاع السياحي.
يقول الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، لـ«الشرق الأوسط»: «طريق الكباش هو طريق الاحتفالات والمواكب الفرعونية الكبرى، ويضم تماثيل كباش الأسرة الثامنة عشرة (جسم ورأس كبش)، وكباش الأسرة الثلاثين، وهي نماذج صغيرة من تماثيل (أبو الهول)، (جسم أسد ورأس إنسان)».
وأضاف وزيري، وهو مدير عام آثار الأقصر سابقا: «الفكرة بدأت منذ عام 2007، وبدأ التنفيذ بالفعل قبل ثورة 25 يناير 2011؛ لكنه توقف عقب الثورة لعدم توفر الاعتمادات المالية، حتى دبت فيه الحياة مرة أخرى بأوامر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي شدد على أهمية استئناف العمل بالمشروع سريعا، وبالفعل بدأت الخطوات الفعلية لاستكمال الحفائر بمسار الطريق الفرعوني القديم، للكشف عن التماثيل المدفونة، بواسطة بعثات مصرية خالصة».
وأشار وزيري إلى أن «الطريق القديم مشهور بطريق الكباش؛ لكن الاسم العلمي له هو (طريق أبو الهول) أو (طريق الاحتفالات)، نسبة إلى تمثال (أبو الهول) الشهير الموجود بمنطقة أهرامات الجيزة، المكون من جسم أسد ورأس إنسان، والذي توجد تماثيل صغيرة شبيهة له بجانبي الطريق القديم في الأقصر».
وأوضح أمين عام وزارة الآثار قائلا: «فور الانتهاء من المشروع سيتم عمل افتتاح مهيب يليق بتاريخ الطريق الفرعوني العظيم، للترويج له سياحيا وأثريا، وسيكون في استطاعة السائح الأجنبي الاستمتاع بالطريق وما يحتويه من آثار نادرة ومشاهد رائعة بطول 2700 متر سيرا على الأقدام، بعد تأمين الطريق من الجانبين بسور خارجي لحماية السياح والقطع الأثرية»، لافتا إلى أن «وزارة الآثار بدأت في استعادة عافيتها في الشهور القليلة الماضية، من خلال الكشف عن آثار جديدة، في المنيا والأقصر، مع استكمال أعمال الترميم التي كانت متوقفة بعد ثورة يناير، في إطار الاستعداد للموسم السياحي المقبل».
وتابع وزيري قائلا: «إن أعمال الحفائر في الطريق تستغرق وقتا طويلا؛ لأنها تتم من خلال وسائل دقيقة تراعي الحفاظ على الأثر المدفون في الأرض إن وجد، ونطمح في أن تتم الاستفادة من الافتتاح الرائع للمشروع القومي الجديد، لزيادة أعداد السائحين في الموسم المقبل».
يشار إلى أن الأقصر، التي تم تحويلها إلى محافظة بقرار جمهوري عام 2009، تضم بين جوانبها مجموعة نادرة من الأماكن الأثرية الفرعونية الرائعة، مثل معبد الأقصر، ومعابد الكرنك، ومقابر وادي الملوك، ووادي الملكات، والمعابد الجنائزية، ومعبد إسنا وغيرها، بجانب القطع الأثرية الفريدة التي يعرضها متحف الأقصر، وظلت الأقصر أو «طيبة» عاصمة لمصر، لمدة 900 سنة.
وتجذب المدينة الساحرة التي يصفها البعض بالمتحف المفتوح، شريحة كبيرة من السياحة الوافدة إلى مصر، لما تمتلكه من تراث إنساني عظيم، واختيرت المدينة التي تقع جنوب القاهرة بنحو 620 كيلومتر، عاصمة للسياحة العالمية لعام 2016، وعاصمة للثقافة العربية عام 2017، وتحتوي على ثلث آثار العالم، ما جعلها قبلة للسائحين الذين يتنقلون بداخلها لمشاهدة 800 مزار أثري.
ويقسم نهر النيل الأقصر إلى نصفين، شرق وغرب، وكان الجزء الشرقي منها قديما يرمز للحياة، حيث تشرق من جانبه الشمس، فيما يرمز البر الغربي للحياة الآخرة، لذلك بنيت به مقابر ملوك الفراعنة، وهي أشهر المقابر الملكية في التاريخ، مثل مقبرة توت عنخ أمون، التي اكتشفت كاملة في يوم 4 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922، وهو اليوم الذي تم اختياره ليكون عيدا قوميا للمدينة.



«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)
الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)
TT

«اشترِ الآن!»... وثائقي «نتفليكس» الجديد يكشف دهاليز مؤامرة التسوق

الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)
الصورة المصاحبة لبوستر الفيلم الوثائقي (نتفليكس)

تُغري عبارة «اشترِ الآن» ملايين المستهلكين من حول العالم، لتبضع الكثير من السلع الاستهلاكية التي غالباً لا يحتاجون إليها، خصوصاً في فترة نهاية العام؛ حيث تنشط العروض الترويجية، وتزداد حملتا «الجمعة البيضاء» و«الجمعة السوداء» وغيرهما، وهي حيل يكشف دهاليزها الفيلم الوثائقي الجديد الذي أصدرته «نتفليكس» قبل أيام، تحت عنوان: «الشراء الآن: مؤامرة التسوق».

يأتي هذا الفيلم من تأليف وإخراج المرشحة لجائزة «إيمي» للأفلام الوثائقية، نيك ستيسي، لتنبيه المستهلك إلى الأكاذيب التي تم بيعها له وصارت تُكلفه الكثير، كما يكشف الستار عن حيل كبرى العلامات التجارية وأساليبها الذكية في اصطياد المستهلك وتحفيز رغبته الدائمة في الشراء، في عمليات تلاعب نفسي وعاطفي تضمن استمرار ضخ مزيد من الأموال لهذه الشركات العالمية.

خبراء الشركات العالمية يكشفون في الوثائقي كيف روّضت العلامات التجارية مستهلكيها (نتفليكس)

تلاعب نفسي

تقول المصممة السابقة في «أمازون»، مارين كوستا، التي ساعدت في تطوير الموقع: «إنك تتعرّض للخداع بنسبة 100 في المائة، وهذا علم مركب ومُتعمد، بهدف إقناعك بشراء المنتجات». وأشارت، خلال مشاركتها في الفيلم، إلى أن المسوقين يستخدمون الاختبارات والبيانات لتحديد كل التفاصيل، بما في ذلك الألوان، التي ستدر أكبر قدر من المال، من خلال تحفيز المستهلك على ضغط «اشترِ الآن»، وخيارات الشحن المجاني وغير ذلك.

بينما يكشف بول بولمان الذي أدار «يونيليفر»، وهي إحدى أبرز الشركات متعددة الجنسيات في العالم، وتُعد من أكبر منتجي السلع المنزلية، مثل مواد التنظيف وغيرها، عن أن شركته تصل لنحو ملياري مستهلك يومياً، مضيفاً: «لا أظن أن المستهلك هو الجاني في هذه الحالة، لأنه يتم تشجيعه على ذلك باستمرار». ويؤكد أنه حين تُرمى هذه المنتجات فإن ذلك لا يعني التخلص منها، فلا يوجد مكان للتخلص منها بشكل نهائي، بل ينتهي بها الأمر في مكان آخر على كوكب الأرض، مما يُنذر بمزيد من العواقب الوخيمة. ويتابع: «بعد 10 أعوام من إدارة (يونيليفر)، شعرت بأنني أستطيع إحداث تأثير أكبر في العالم بترك عالم الشركات».

من ناحيته، بيّن المدير التنفيذي لشركة «فريم وورك» المتخصصة في التقنية نيراف باتيل، الذي انضم إلى شركة «أبل» في عام 2009، أن النجاح الباهر الذي حقّقته «أبل» عبر إصداراتها المتعددة لجهاز «الآيفون» هو أمر أغرى معظم الشركات الإلكترونية الاستهلاكية التي اعتمدت هذا المسلك. وأضاف: «إذا كنت تصنع حواسيب محمولة، أو هواتف ذكية يملكها كل المستهلكين بالفعل، فسيعتمد نموذج عملك على أنهم بحاجة إلى استبدال ما لديهم». وتابع: «هناك قرابة 13 مليون هاتف يتم التخلص منها يومياً، وذلك رغم كونها بالغة التطور وباهظة الثمن».

يقدم الوثائقي صورة تخيلية لأطنان النفايات المتكدسة في المدن جرّاء هوس الشراء (نتفليكس)

هدر بيئي

وخلال اللقطات المتعددة المعروضة في هذا الوثائقي الصادم يمكن للمشاهد أن يرى بنفسه أكواماً من النفايات المتكدسة، كما أن الفيلم يقدّم أرقاماً جديرة بالاهتمام والتمعن، منها أن حجم النفايات البلاستيكية على مستوى العالم تصل إلى نحو 400 مليون طن كل عام، إلى جانب 92 مليون طن من نفايات المنسوجات سنوياً، وفي عام 2022 تجاوز حجم النفايات الكهربائية والإلكترونية حدود 62 مليون طن؛ مما يعني أن الإسراف في الشراء يشكّل أيضاً خطورة بالغة على الكوكب، ويتسبّب في تراكم النفايات على المدى الطويل.

ملصقات كاذبة

في مشاركة لها في الفيلم تقول المهندسة الكيميائية، جان ديل: «بناء على رأيي الذي بنيته من زيارة آلاف المتاجر، ومحاولة إيجاد مصانع تعيد تدوير الأشياء، تبيّن لي أن أغلب ملصقات قابلية إعادة التدوير على العبوات البلاستيكية كاذبة». وتضيف: «عملت في أشهر العلامات التجارية التي تصنع الأحذية والملابس والألعاب، وهذه الشركات تحرص فعلاً على جعل مصانعها تعمل دون إلحاق الضرر بالبيئة، إلا أنه بمجرد أن يصنعوا المنتج ويضعوه على رف المتجر، فإنهم يتبرؤون منه»، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من البلاستيك هي مواد غير قابلة لإعادة التدوير.

ويختتم الفيلم الوثائقي الذي يمتد لنحو 90 دقيقة، فصوله بتوجيه نصيحة إلى المستهلكين أن يكونوا أكثر وعياً، ويتجنبوا الوقوع في فخ إدمان التسوق أو اقتناء منتجات لا يحتاجون إليها، مع تأكيد أن المعلومات الواردة فيه لن تروق لمُلاك الشركات العالمية وتهدد بتضخم ثرواتهم التي تستند إلى هوس الشراء بالدرجة الأولى.