بغداد وأنقرة تبدآن حزمة إجراءات ضد أربيل رداً على الاستفتاء

إردوغان: سنغلق حدودنا بالكامل مع كردستان وسنوقف تصدير وبيع نفطه

البرلمان العراقي يناقش اتخاذ حزمة اجراءات ضد إقليم كردستان - أرشيف («الشرق الأوسط»)
البرلمان العراقي يناقش اتخاذ حزمة اجراءات ضد إقليم كردستان - أرشيف («الشرق الأوسط»)
TT

بغداد وأنقرة تبدآن حزمة إجراءات ضد أربيل رداً على الاستفتاء

البرلمان العراقي يناقش اتخاذ حزمة اجراءات ضد إقليم كردستان - أرشيف («الشرق الأوسط»)
البرلمان العراقي يناقش اتخاذ حزمة اجراءات ضد إقليم كردستان - أرشيف («الشرق الأوسط»)

صرحت وسائل إعلام رسمية عراقية، اليوم (الاثنين)، أن البرلمان العراقي يناقش اتخاذ حزمة اجراءات ضد اقليم كردستان العراق بعد الاستفتاء.
وصرح مصدر مطلع أن رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري، أبلغ ممثل الحكومة في البرلمان بضرورة حضور رئيس الوزراء حيدر العبادي لجلسة اليوم بشأن استفتاء كردستان.
وقالت الوسائل نقلا عن المصدر إن "الجبوري أبلغ ممثل الحكومة في البرلمان بضرورة حضور رئيس الوزراء حيدر العبادي في جلسة اليوم بشأن موضوع الاستفتاء".
وعقد مجلس النواب العراقي، اليوم، جلسته الـ22 برئاسة سليم الجبوري و167 نائبا بغياب الكرد.
من جانب آخر، أعلنت مديرة مطار أربيل الدولي، اليوم، عن إلغاء رحلات الخطوط الجوية "تركيش إيرلاين" و"أطلس" من تركيا نحو أربيل وإقليم كردستان العراق حتى إشعار آخر.
وقالت تلار فايق في تصريح صحافي لوسائل الإعلام، ان "هاتين الشركتين للخطوط الجوية أعلنتا عن أنهما لن ترسلا أي مسافر إلى أربيل"، مشيرة الى أنهما "ألغتا كافة رحلاتهما نحو إقليم كردستان العراق".
وأفادت فايق أمس (الاحد)، بأن مطاري اربيل والسليمانية سيعملان بنفس التعليمات قبل وبعد اجراء الاستفتاء، مؤكدة أن عمل المطارين سيستمر 24 ساعة.
من جهته، صرح الرئيس التركي رجب طيب إردوغان بأننا "سنغلق حدودنا بالكامل مع كردستان وسنوقف تصدير وبيع نفطه".
بدوره، أعلن رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، اليوم، ان ضباطا وجنودا عراقيين سيشاركون في المناورات التركية عند الحدود العراقية.
وقال يلدريم في مؤتمر صحافي عقده في تركيا ان "المناورات العسكرية التركية على الحدود العراقية سيشارك فيها أيضا ضباط وجنود عراقيون خلال المرحلة المقبلة".
وأضاف يلدريم أن تركيا تعتزم إقامة علاقات أوثق مع الحكومة المركزية العراقية بعد الاستفتاء الذي يجري في شمال العراق على استقلال الأكراد.
وأدلى يلدريم بالتصريحات في مقابلة بثتها بشكل متزامن عدة قنوات تلفزيونية تركية. وقال إن تركيا لن تبدأ "مغامرات"، ولكنها سترد إذا تعرضت مصالحها لأي تهديد.
وأضاف يلدريم أن تركيا تبحث خطوات فيما يتعلق بمعابرها الحدودية ومجالها الجوي ردا على استفتاء استقلال أكراد العراق.
وقال يلدريم إن أنقرة ستتخذ قرارات بشأن إجراء المزيد من المحادثات المباشرة مع الحكومة المركزية العراقية بعد الاستفتاء، مضيفا أنه يجري بحث فرض إجراءات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية وعسكرية.
وكشف يلدريم أن "الرئيس التركي ورئيس هيئة الأركان يزوران إيران خلال الأيام المقبلة لبحث الرد على استفتاء شمال العراق"، مؤكدا أن "البوابات الحدودية والمطارات وخطوط أنابيب النفط ستسيطر عليها الحكومة المركزية في العراق".
وأغلقت ايران حدودها مع إقليم كردستان العراق حيث يجري استفتاء اليوم حول الاستقلال، كما اعلن الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية خلال تصريح صحافي.
وقال بهرام قاسمي "بطلب من الحكومة العراقية، أغلقنا حدودنا البرية والجوية" مع كردستان العراق، واصفا الاستفتاء الذي ينظمه الاقليم رغم معارضة بغداد ودول مجاورة، بانه "غير قانوني وغير مشروع".



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.