خامنئي ينشئ هيئة جديدة لفرض مزيد من القيود على الحكومة

مكتب المرشد الأعلى يتحكم بوضع السياسات الإقليمية الإيرانية

خامنئي أثناء خطابه في حفل تنصيب روحاني في طهران (أ.ب)
خامنئي أثناء خطابه في حفل تنصيب روحاني في طهران (أ.ب)
TT

خامنئي ينشئ هيئة جديدة لفرض مزيد من القيود على الحكومة

خامنئي أثناء خطابه في حفل تنصيب روحاني في طهران (أ.ب)
خامنئي أثناء خطابه في حفل تنصيب روحاني في طهران (أ.ب)

في خطوة هدفها فرض المزيد من القيود على الرئيس الإيراني حسن روحاني، وعرقلته فيما يتعلق بوضع السياسات، أمر علي خامنئي: «المرشد الأعلى» للجمهورية الإيرانية، بإنشاء هيئة رقابية جديدة من أجل محاسبة كل الجهات الحكومية فيما يتعلق بالسياسات التي تضعها.
وكشف خامنئي عن خطته خلال اجتماع خاص لمجلس الخبراء عقد يوم الخميس الماضي في طهران. ويتكون المجلس من 92 عضوا، وتم إنشاؤه بالأساس لمراقبة أداء «المرشد الأعلى» ذاته. مع ذلك، لم يذكر خامنئي في خطابه الطويل المهمة المذكورة في دستور الجمهورية؛ وقال عوضاً عن ذلك: إن على المجلس «تولي مهمة الإشراف والرقابة لضمان الالتزام بمسار وتقدم الثورة الإسلامية».
وأوضح خامنئي قائلا: «تتولى الأجهزة الحكومية الثلاثة إدارة البلاد طبقاً لنهج الثورة، لكن على مجلس الخبراء الإشراف على تلك الأجهزة لضمان التزامها بمسار الثورة، ومحاسبتها حين تخفق». نتيجة وجود رؤية لإيران كوسيلة لتجسيد ثورة الخميني من جانب، وكدولة بالتعريف التقليدي للكلمة من جانب آخر، جعل الجمهورية الإيرانية في مواجهة تناقضات عميقة منذ البداية. بالنسبة إلى العناصر المتطرفة تمثل رؤية إيران دولة طبيعية حديثة تبدأ التصرف في هذا الإطار خطراً لا يقل عن خطر «المؤامرات الأجنبية لتغيير النظام».
وقد تم وضع الدستور الحالي لتقييد سلطات الحكومة الرسمية التي يمثلها الرئيس ومجلس الوزراء. ويتم ذلك من خلال الأجهزة الثلاثة الموجودة، وأولها مجلس تشخيص مصلحة النظام؛ ويضطلع هذا المجلس بدور الوسيط في الخلافات بين الرئيس ومجلس الوزراء من جانب، وبين مجلس الشورى الإسلامي، أو البرلمان، من جانب آخر.
الأسوأ من ذلك بالنسبة إلى الحكومة الرسمية، هو أن خامنئي قد زاد سلطات مجلس تشخيص مصلحة النظام عام 2015 من خلال إصدار أمر له بالعمل على وضع خطط مدتها عشرين عاماً خاصة بكل جوانب السياسة القومية. ويعني هذا بعبارة أخرى، أن من يشكل الحكومة في أي وقت من الأوقات لن يتمتع بحرية وضع أي سياسة إلا إذا كانت تتوافق مع الخطط التي تم وضعها بالفعل مسبقاً. ونظراً لأن «المرشد الأعلى» هو من يقوم بتعيين كل أعضاء مجلس تشخيص مصلحة النظام، من البديهي القول إن وجهة نظر المرشد هي التي ستصبح سائدة ومهيمنة.
الجهاز الثاني هو مجلس صيانة الدستور، الذي له حق النقض، والاعتراض على أي قرار تتخذه الحكومة، حتى إذا حظي بموافقة البرلمان. ويسيطر خامنئي على هذا المجلس بشكل شبه كامل، حيث يعين ستة من بين الاثني عشر عضواً، ويجب أن يوافق على الأعضاء الستة الآخرين الذين يرشحهم البرلمان.
ستتكون الهيئة الجديدة، التي أمر خامنئي بإنشائها، من «فريق من المفكرين»، لكن من غير الواضح بعد ما إذا كان «المفكرون» سيكونون من أعضاء مجلس الخبراء، أم سيتم تعيينهم من مجالات أخرى. مع ذلك؛ نظراً لضرورة موافقة خامنئي على المرشحين، من الواضح أن الجهاز الجديد المقترح سوف يضيف طبقة ثالثة إلى الطبقات المكونة للنفوذ الذي يتمتع به «المرشد الأعلى» بالفعل.
حتى في تلك الحالة، لن يرضى «المرشد الأعلى» بالسيطرة الرسمية على الحكومة التي لا يثق فيها تماماً كما هو واضح، فهو يخشى من أن يضحي الرئيس ومجلس وزرائه، رغم أنه يتم تعيينهم بعد موافقة «المرشد الأعلى»، بمصالح الثورة من أجل حماية مصلحة الدولة. لهذا السبب؛ تم إبعاد «الأمور الحساسة» عن نطاق عمل الرئيس ومجلس الوزراء منذ البداية. على سبيل المثال، يتحكم مكتب «المرشد الأعلى»، الذي يعرف باسم «بيت القيادة»، مباشرة في وضع السياسات الإقليمية الإيرانية، في حين تقتصر وظيفة وزارة الخارجية على البروتوكول والمراسم. كذلك، يقوم «فيلق القدس»، المسؤول عن «تصدير الثورة»، والذي يخضع للمساءلة من جانب «المرشد الأعلى» مباشرة، باختيار كل سفراء إيران في الدول العربية.
كانت السياسة الأميركية تجاه إيران، التي تبناها باراك أوباما، الرئيس الأميركي السابق مسؤولة إلى حد ما عن اتخاذ خامنئي قرار بتقييد سلطات الحكومة في مقابل تعزيز سلطات الهيئات، والأجهزة الثورية التي تخضع لسيطرته. لقد تحدث أوباما صراحة عن «دعم العناصر المعتدلة» اعتقاداً منه أن هذا سوف يساعد في «تغيير التوجه في إيران».
في ظل اتجاه السياسة الأميركية على ما يبدو في اتجاه عكس اتجاه أوباما، يشعر خامنئي بالقلق ويعمل على تدعيم وضع الأجهزة الثورية قبل تأثر الإدارة الأميركية بنسخة جديدة من علاقة الود التي كانت بين أوباما والمعتدلين في طهران.
هناك حدثان يؤكدان أن قرار خامنئي هدفه قصّ أجنحة إدارة روحاني المعتدلة. الأول كان المحادثة الخاصة الطويلة، التي استمرت أربع ساعات، مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتي تم إقصاء روحاني عنها. منذ ذلك الحين يتولى مكتب «المرشد الأعلى» أمر السياسة الإيرانية تجاه روسيا، والتي أطلق عليها خامنئي «النظر باتجاه الشرق»، ويتم إرسال شخصيات قيادية مثل اللواء قاسم سليماني، القائد العام لـ«فيلق القدس»، وعلي أكبر ولايتي، مستشار خامنئي، إلى موسكو بدلا من جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني. الحدث الآخر، كان الزيارة التاريخية التي قام بها اللواء محمد باقري، رئيس الأركان العامة الجديد، إلى أنقرة لفتح قناة اتصال مباشرة بين جيش الجمهورية الإسلامية، وحلف شمال الأطلسي.
ولم يكن للحكومة الرسمية أي دور في هذا الأمر. منذ ذلك الحين، أصبح اللوء باقري على اتصال مباشر بقيادات القوات المسلحة الباكستانية، متجاوزاً بذلك مجلس الوزراء وروحاني الذي يرأس المجلس اسمياً.
من الجدير ملاحظة توقيت اتخاذ قرار اختبار صاروخ باليستي جديد يحمل اسم «خرمشهر»، حيث تم بعد يومين من عودة روحاني من نيويورك، حيث بدا روحاني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، معتدلا ويميل إلى التصالح، ومستعداً لتنفيذ التزامات إيران طبقاً لقرارات الأمم المتحدة، والتي يحظر آخرها إجراء مثل تلك الاختبارات. لذا؛ الهدف من اختبار ذلك الصاروخ المذكور هو إخبار العالم أن الوعود التي تقطعها إيران كدولة ليست مهمة، بل المهم هو ما تقوم به إيران كثورة.
في النهاية، رسالة خامنئي واضحة ومفادها هو أن «على إيران أن تكون في خدمة ثورتها، وليس العكس».



سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
TT

سيول: القضاء يصدر مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول

متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)
متظاهرون يطالبون باعتقال الرئيس الكوري الجنوبي المعزول يون سوك يول يحضرون تجمعاً بالقرب من المقر الرئاسي في سيول (أ.ب)

أصدر القضاء في كوريا الجنوبية مذكرة توقيف جديدة بحق الرئيس المعزول تتيح للمحققين القيام بمحاولة ثانية لاعتقال يون سوك يول المتحصّن في مقر إقامته في سيول تحت حماية حرسه.

وجاء في بيان أصدره المحققون أن «مذكرة التوقيف الجديدة ضد المشتبه به يون صدرت بعد ظهر اليوم» بتوقيت سيول، بسبب محاولة إعلانه الأحكام العرفية لفترة وجيزة، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

انتهت مهلة مذكرة التوقيف الأولى الصادرة في 31 ديسمبر (كانون الأول)، الاثنين عند الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش دون أن يتمكن مكتب التحقيق في الفساد من توقيف يون لاستجوابه.

والجمعة، حاول المحققون بمؤازرة الشرطة دخول مقر إقامة يون لاعتقاله لكنهم واجهوا نحو 200 جندي وعنصر في جهاز الأمن الرئاسي وتراجعوا بعد استحالة تنفيذ المذكرة القضائية بعد 6 ساعات من المواجهة التي شابها توتر.

وأعلن الحزب الديمقراطي المعارض أنه قدّم شكوى ضد الرئيس المؤقت شوا سانغ موك بتهمة «التقصير في أداء الواجب»، لأنه لم يفلح في منع جهاز الحراسة عن اعتراض «توقيف» يون.

وطلب الجهاز المكلف بالتحقيق مساء الاثنين من محكمة منطقة غرب سيول تمديد المهلة المحددة لمذكرة التوقيف.

عدم خبرة

وعزا يون بوك نام، رئيس جمعية «محامون من أجل مجتمع ديمقراطي»، فشل المحاولة الأولى لتوقيف الرئيس المخلوع في المقام الأول إلى افتقار مكتب مكافحة الفساد الذي لم يمضِ على تأسيسه 4 سنوات ويعمل فيه أقل من 100 موظف، إلى الخبرة، فهو لم يوجه اتهاماً إلى أي شخص حتى الآن.

وأوضح يون: «بطبيعة الحال، ليست لديهم خبرة في الاعتقالات، ناهيك باعتقال الرئيس»، مشيراً إلى أن «تعاون الشرطة ضروري».

ونشب خلاف بين مكتب مكافحة الفساد والشرطة حول دور كل منهما في عملية التوقيف، فقد تحدث المكتب عن افتقاره إلى الخبرة في هذا المجال ورغبته في تولي الشرطة مهمة تنفيذ المذكرة، وردت الشرطة بأن المسؤولية تقع على عاتق المكتب.

وأقر المكتب في نهاية الأمر بأن هذا الإجراء ضمن مهامه، في حين أكدت الشرطة أنها ستوقف حرس الرئيس في حال قاموا بعرقلة العملية ضد يون سوك يول.

يجري مكتب مكافحة الفساد والشرطة وإدارة التحقيقات بوزارة الدفاع تحقيقاً مشتركاً في محاولة يون سوك يول فرض الأحكام العرفية في الثالث من ديسمبر وإغلاق البرلمان بقوة الجيش.

وبرر الرئيس المحافظ المعزول الذي لطالما واجه عمله السياسي عرقلة من البرلمان ذي الغالبية المعارضة، هذا الإجراء لكونه يريد حماية البلاد من «القوى الشيوعية الكورية الشمالية» و«القضاء على العناصر المعادية للدولة».

اضطرّ الرئيس للتراجع عن خطوته المفاجئة بعد ساعات من إعلانها وتمكّن النواب من الاجتماع في البرلمان الذي طوّقته القوات العسكرية، والتصويت لصالح رفع الأحكام العرفية، تحت ضغط آلاف المتظاهرين.

معركة قضائية

عزل البرلمان يون من منصبه في 14 ديسمبر، ورُفعت شكوى ضده بتهمة «التمرد»، وهي جريمة عقوبتها الإعدام و«إساءة استخدام السلطة» وعقوبتها السجن خمس سنوات.

وتعهد يون، الأسبوع الماضي، في بيان، بـ«القتال حتى النهاية». وطعن محاموه في قانونية مذكرة التوقيف واختصاص مكتب مكافحة الفساد.

وأوضحوا أن القانون يمنح هذه الهيئة سلطة التحقيق في عدد محدد من الجرائم التي يرتكبها مسؤولون رفيعو المستوى، لكن القائمة لا تشمل جريمة «التمرد».

وبعد إصدار مذكرة التوقيف الأولى، خيّم أنصار يون ومعارضوه خارج مقر إقامته الرئاسي متحدين البرد، لكن قبل إصدار المذكرة الجديدة، تضاءل عدد أنصار يون بشكل كبير الثلاثاء، وفق ما شاهد مراسلو وكالة الصحافة الفرنسية في المكان.

وإذ عزل البرلمان يون سوك يول، ما أدى إلى كفّ يده عن مزاولة مهماته، فإنه لا يزال رئيساً بانتظار بتّ المحكمة الدستورية بقرار العزل بحلول منتصف يونيو (حزيران).

وتبدأ المحاكمة في 14 يناير (كانون الثاني) وستستمر حتى في حال عدم مثوله. وإذا صدّقت على العزل، فسيتم تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في مدة شهرين.