السودان: الحكم على طالب بالإعدام بتهمة قتل شرطي أثناء احتجاجات

معارضون يعتبرون الحكم {اغتيالاً سياسيا لترهيب المواطنين}

TT

السودان: الحكم على طالب بالإعدام بتهمة قتل شرطي أثناء احتجاجات

وسط إجراءات أمنية مشددة، أصدرت محكمة سودانية حكماً بالإعدام شنقاً حتى الموت على طالب بجامعة الخرطوم، بعد أن أدانته بقتل شرطي أثناء احتجاجات طلابية رافضة لمعلومات تتحدث عن بيع المقر التاريخي للجامعة، فيما وصف معارضون الحكم بأنه «سياسي بامتياز» وقالوا إن الهدف منه تخويف وترهيب المعارضين والنشطاء.
وقضت محكمة جنايات الخرطوم شمال برئاسة القاضي عابدين ضاحي أمس، بإعدام الطالب عاصم عمر حسن شنقاً حتى الموت، بعد أن كانت قد أدانته في جلسة سابقة نهاية الشهر الماضي بالقتل العمد تحت المادة 130 من القانون الجنائي السوداني، وأرجأت إصدار حكمها لطلب الدفاع عن المتهم إتاحة الفرصة له للاتصال مع أولياء الدم، من أجل الصلح بالعفو أو الدية.
وقال رئيس هيئة الدفاع المحامي محمد الحافظ عن المتهم، إن صدور الحكم لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً بعد رفض أولياء الدم الصلح، ولأن المحكمة سبق أن أدانت المتهم بالقتل العمد، أوضح الحافظ في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أنهم حاولوا الوصول إلى صلح مع ذوي دم القتيل وأن والده كان قريباً من العفو، إلاّ أنه بدل رأيه، ملمحاً إلى احتمال تدخل جهة لم يسمها لإثنائه عن قبول العفو.
ورأى الحافظ أن الحكم استند على «بينة التعرف»، وقال إنها قانوناً ليست كافية للإدانة في جريمة مثل القتل العمد، سيما أن المتهم بشعره المبروم وبنيته السمراء يشبه الآلاف من الذين كانوا مشاركين في المظاهرة الاحتجاجية، وأضاف أن الاتهام لم يقدم أي بينات أخرى تعضدها، بل لم يقدم حتى شهادة الطبيب الشرعي.
وتعهد رئيس هيئة الدفاع بمواصلة مساعي الصلح مع أولياء دم القتيل، وفي ذات الوقت السير في الطريق القانوني، سيما أن لدى المتهم أربع فرص استئناف أخرى، تتضمن محكمة الاستئناف، والمحكمة العليا، ومرحلة المراجعة، ثم المحكمة الدستورية، قبل أن يصبح الحكم نافذاً.
من جهته، وصف رئيس حزب المؤتمر السوداني المعارض محاكمة عضو حزبه بأنها «سياسية بامتياز»، وقال: «في البداية نترحم على الشرطي الفقيد ونكرر عزاءنا لأسرته الكريمة»، بيد أنه وجه انتقادات للنظام الحاكم وحمله المسؤولية عن مقتل رجل الشرطة، وتابع: «نعتقد أن القاتل الحقيقي هو النظام وسياسة القبضة الأمنية التي ينتهجها في مواجهة أي حراك جماهيري سلمي يكفله الدستور، ويكون نتيجتها قتلى وجرحى من طرفين، هم في الحقيقة إخوة في الوطن وضحايا لمتسبب واحد».
ودافع الدقير بقوة عن عمر وقال إنه ظل عرضة لما سماه «استهدافا متواصلا» باعتباره واحداً من قادة الطلاب النشطاء في المقاومة السلمية ضد نظام، وتابع: «تعرض عاصم سابقاً للفصل من الجامعة بسبب مواقفه السياسية، وحوكم بالجلد لاشتراكه في مخاطبة جماهيرية للمؤتمر السوداني، والقضية الحالية هي امتداد لمسلسل استهدافه».
ونفى الدقير وجود أي معرفة سابقة بين القتيل والطالب أو خصومة أو نزاع تجعله يتربص به كما جاء في قرار الإدانة، وأضاف: «نحن واثقون من براءته، وسنعمل بكل الوسائل المشروعة على مناهضة قرار إدانته».
واعتبر الحكم الصادر بحق عضو حزبه مخالفاً للقانون ولا يسنده وزن سليم للبينات، وأن الاتهام لم يقدم ما يبرر إدانته ولم يقدم أدلة «وراء مرحلة الشك المعقول»، وتابع: «ما يجعلنا دون شك في حالة رفض لهذا الحكم، وسنعمل على مناهضته أمام المحاكم الأعلى درجة».
وانتقد الدقير مؤسسات الدولة السودانية، وقال إنها خاضعة «للسيطرة المطلقة لجهاز الأمن»، مستشهداً في ذلك بما أطلق عليه «فشل نفس السلطة» في محاكمة من أطلقوا الرصاص على المحتجين السلميين في سبتمبر (أيلول) 2013. وقتلوا منهم أكثر من مائتين.
من جهته، تعهد حزب المؤتمر السوداني المعارض بمقاومة الحكم عبر الأدوات السياسية، معتبرا الحكم اغتيالاً سياسيا، وقال في بيان حصلت عليه الصحيفة: «نحن عاقدون العزم على جعل النظام نادماً على تفكيره في اغتيال عضو مؤتمر الطلاب المستقلين أمام أعيننا بهذه الوسيلة الجبانة».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».