جدة التاريخية.. ثمانية أبواب تحمي حاراتها الثلاث

البيوت القديمة بنيت من أحجار مستخرجة من بحيرة الأربعين

زوار وسياح في جدة التاريخية («الشرق الأوسط»)
زوار وسياح في جدة التاريخية («الشرق الأوسط»)
TT
20

جدة التاريخية.. ثمانية أبواب تحمي حاراتها الثلاث

زوار وسياح في جدة التاريخية («الشرق الأوسط»)
زوار وسياح في جدة التاريخية («الشرق الأوسط»)

أحيطت مدينة جدة قديما بسور طيني له ثماني بوابات تفتح فجرا وتقفل عشاء، شيدت من أجل حماية شريان الحياة في حاراتها المقسمة آنذاك إلى ثلاث حارات رئيسة؛ هي: حارة الشام في الجزء الشمالي، وحارة اليمن في الجزء الجنوبي، وحارة المظلوم التي تقع بينهما.
ولكل حارة من هذه الحارات «عمدة» يطلق عليه «شيخ الحارة»، وهو المسؤول عن الشأن العام فيها، فضلا عن أنه بمثابة همزة الوصل بين السلطة، والشرطة، وأهل الحارة.
وعرفت بوابات جدة الثماني بباب المدينة الذي كان يقع في حارة الشام، حيث كانت هذه البوابة تستخدم للوصول إلى «القشلة» وهي الثكنة العسكرية القائمة حتى يومنا هذا، كما كان الباب يستخدم لمرور العربات المحملة بالحجارة المستخرجة من المناقب الواقعة شمال مدينة جدة، والطين المستخرج من بحر الطين أو ما أصبح يعرف ببحيرة الأربعين والمستخدم في بناء بيوت جدة في ذلك الوقت.
وهناك باب جديد جرى تشييده في مطلع العهد السعودي وهو آخر البوابات التي بنيت على السور الذي تهالك عام 1366هـ، ويقع في القطاع الشمالي من السور شرق بوابة المدينة، وباب مكة الذي يقع أمام سوق البدو، وينفذ إلى أسواق الحراج والحلقات الواقعة خارج السور، كما يوجد باب شريف الذي يقع أمام برحة العقيلي، وباب النافعة وهو أولى بوابات السور من جهة الغرب من ناحية الجنوب، إلى جانب باب الصبة ثاني بوابات السور الغربية، المطل على سوق البنط «برحة مسجد عكاش» غربا، وسمي باب الصبة لأن الحبوب المستوردة كانت تصب عنده، حيث تنقى وتوضع في أكياس ثم توزن بواسطة القباني تمهيدا لنقلها لمستودعات التجار.
واحتضنت جدة قديما أيضا باب المغاربة وهو ثالث بوابات السور الغربية وموقعه حيث عمارة الجفالي على شارع الملك عبد العزيز حاليا وهو المخرج الوحيد للحجاج القادمين عن طريق البحر للتوجه إلى كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة عبر باب المدينة وباب صريف الذي يعد رابع بوابات السور الغربية وموقعه بين مبنى فندق البحر الأحمر وعمارة الفيصلية حاليا ولا يعرف مصدر تسميته هذا الاسم.
وعدد مدير إدارة مشاريع التراث العمراني بالمنطقة التاريخية في جدة، المهندس سامي بن صالح نوار، المعالم التي ما زالت المنطقة التاريخية بجدة عابقة ببعض منها كمرافق الميناء «الكرنتينة» وتشمل سقالة اللنشات «الإسكلة» ومقر طبيب الحجر الصحي والبنط ويشمل مرسى السنابيك وساحات ومستودعات الجمرك على الطرف الغربي من حارة اليمن، حيث أطلق على ذلك الجزء في تاريخ متأخر اسم حارة البحر لعلاقته الوثيقة بأعمال البحر في ذلك العهد وقبل إنشاء الرصيف البحري في موقعه الحالي جنوب الميناء القديم.
وأشار نوار في تقرير أعدته وكالة الأنباء السعودية أمس، إلى أن لفظ جدة تنطق من قبل سكانها الحجازيين بكسر الجيم مع تشديد الدال بالفتح وتنطق أحيانا بفتح الجيم، منوها إلى أن كتب التاريخ واللغة أشارت إلى أن تسمية المدينة يرجع لثلاثة آراء بكسر الجيم ويقال إن جدة سميت اسم شيخ قبيلة قضاعة وهو جدة بن جرم بن ريان بن حلوان بن علي بن إسحاق بن قضاعة، ويعود نسبهم إلى الجد التاسع لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وبضم الجيم وأصل التسمية لهذه المدينة هو جدة التي تعني بالعربية شاطئ البحر وهي التسمية التي ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان وابن بطوطة في رحلته.
وتنطق جدة بفتح الجيم «بمعنى والدة الأب أو الأم»، حيث ينسب سكان المدينة التسمية لأم البشر حواء التي يقولون إنها دفنت في هذه المدينة التي نزلت إليها من الجنة بينما نزل جدنا آدم في الهند والتقيا عند جبل عرفات ودفنت هي في جدة وتوجد مقبرة في المدينة تعرف باسم مقبرة أمنا حواء.
وتشير المسوحات والدراسات التاريخية للمنطقة التاريخية إلى أن بيوت جدة القديمة بنيت من الحجر المنقى الذي كانوا يستخرجونه من بحيرة الأربعين ثم يعدلونه بالآلات اليدوية ليوضع فـي مواضع تناسب حجمه إلى جانب الأخشاب التي كانت ترد إليهم من المناطق المجاورة كوادي فاطمة أو ما كانوا يستوردونه من الخارج عن طريق الميناء خاصة من الهند، كما يستخدم الطين الذي كان يجلب من بحر الطين لاستخدامه في تثبيت «المنقبة».
وتتلخص طريقة البناء لهذه البيوت فـي رص الأحجار فـي مداميك يفصل بينها قواطع من الخشب «تكاليل» لتوزيع الأحمال على الحوائط كل متر تقريبا. ويشبه المبنى القديم إلى حد كبير المبنى الخرساني الحديث، والأخشاب تمثل تقريبا الحوائط الخارجية للمنشأ الخرساني، وذلك لتخفيف الأوزان باستعمال الخشب. في حين كانت أشهر وأقدم البيوت الموجودة في جدة؛ بيت آل نصيف وآل جمجوم فـي حارة اليمن، وآل باعشن وآل قابل وآل باناجة وآل الزاهد فـي حارة الشام، ويبلغ ارتفاع بعض هذه المباني أكثر من 30 مترا، كما ظلت بعضها لمتانتها وطريقة بنائها باقية بحالة جيدة بعد مرور الأزمنة الطويلة.
وتتميز هذه البيوت الضاربة في أعماق تاريخ جدة وحضارتها بوجود ملاقف على الغرف كافة فـي البيت، وأيضا استخدمت الرواشين بأحجام كبيرة واستخدمت الأخشاب المزخرفة فـي الحوائط بمسطحات كبيرة ساعدت على تحريك الهواء وانتشاره فـي أرجاء الدار وإلقاء الظلال على جدران البيت لتلطيف الحرارة، كما كانت الدور تقام بجوار بعضها البعض وتكون واجهاتها متكسرة لإلقاء الظلال على بعضها.



«الخارجية» الأميركية: مفاوضات الرياض جعلتنا أقرب إلى السلام

محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)
محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)
TT
20

«الخارجية» الأميركية: مفاوضات الرياض جعلتنا أقرب إلى السلام

محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)
محادثات جدة بين الولايات المتحدة وأوكرانيا برعاية السعودية في 11 مارس 2025 (رويترز)

قال مسؤول أميركي إن العالم أصبح أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل لوقف إطلاق نار بين روسيا وأوكرانيا بعد مفاوضات الرياض، معبّراً عن تقديره للدور السعودي في دفع الجهود الدبلوماسية المستمرة.

وقال مايكل ميتشل، المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية، لـ«الشرق الأوسط» إن الولايات المتحدة تعرب عن تقديرها للمملكة العربية السعودية على استضافتها لهذه المحادثات الهامة، وتؤكد التزامها بالعمل مع جميع الأطراف المعنية لتحقيق سلام دائم في أوكرانيا.

محادثات بين الوفدين الأميركي والأوكراني في «قصر الدرعية» بالرياض يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)
محادثات بين الوفدين الأميركي والأوكراني في «قصر الدرعية» بالرياض يوم 18 فبراير الماضي (رويترز)

وتابع ميتشل أن الولايات المتحدة «شاركت بشكل فاعل في الجهود الدبلوماسية في الرياض، حيث أجرت فرقنا التفاوضية محادثات منفصلة مع كل من الممثلين الأوكرانيين والروس، بهدف التوصل إلى حلول عملية لخفض التصعيد وتحقيق وقف شامل لإطلاق النار».

تقدّم ملموس

أكّد ميتشل إحراز «تقدّم ملموس، حيث وافق الطرفان من حيث المبدأ على اتخاذ خطوات نحو الحد من الأعمال العدائية، لا سيما فيما يتعلق بحماية البنية التحتية للطاقة وأمن الملاحة في البحر الأسود»، مشدداً على التزام الولايات المتحدة بـ«تعزيز هذه المناقشات، وتوسيع نطاق الاتفاقيات لضمان حرية الملاحة وحماية المنشآت المدنية من الاستهداف».

ولفت ميتشل إلى أن الرئيس دونالد ترمب أوضح أن وقف القتال من كلا الجانبين هو «خطوة ضرورية نحو تحقيق حل طويل الأمد». وفيما أقرّ بأن «هناك المزيد من العمل المطلوب»، إلا أنه اعتبر «أننا أقرب من أي وقت مضى إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بفضل الجهود الدبلوماسية المستمرة». وأشار المسؤول إلى أن ترمب ووزير الخارجية ماركو روبيو شددا على أن التسوية التفاوضية هي المسار الوحيد القابل للتنفيذ، ويتطلب ذلك التزام جميع الأطراف بتقديم تنازلات صعبة.

وقال ميتشل: «شملت المناقشات مع الجانب الأوكراني، قضايا إنسانية مهمة، مثل تبادل أسرى الحرب، وجهود إعادة الأطفال الأوكرانيين المختطفين. كما تواصل الولايات المتحدة العمل مع شركائها الدوليين لضمان أمن أوكرانيا على المدى الطويل، بما في ذلك حماية بنيتها التحتية للطاقة واستقرار اقتصادها».

مايكل ميتشل المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية (الخارجية الأميركية)
مايكل ميتشل المتحدث الإقليمي لوزارة الخارجية الأميركية (الخارجية الأميركية)

وأضاف ميتشل: «في الوقت نفسه تظل العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا سارية المفعول، لكننا نبحث في آليات قد تشجع على خفض التصعيد، بشرط اتخاذ موسكو خطوات ملموسة نحو تحقيق سلام دائم. يظل هدفنا واضحاً: دعم سيادة أوكرانيا، والحفاظ على استقرار المنطقة، ومنع المزيد من إراقة الدماء».

نوافذ أمل

ولأكثر من ثلاثة أعوام، بدت الحرب الروسية - الأوكرانية، وكأنها في تصاعد مستمر تنذر باتّساع الحرب لتشمل أطرافاً خارجية. غير أن مفاوضات الرياض الأميركية - الروسية - الأوكرانية الأخيرة فتحت نافذة أمل نحو حلّ يُسكت أزيز الرصاص، ويوقف إراقة الدماء.

في هذا الصدد، قال الدكتور سعيد سلّام، مدير مركز «فيجن» للدراسات الاستراتيجية، إن «السعودية بذلت جهوداً لدفع الأطراف الأميركية والروسية والأوكرانية، على مدار ثلاثة أيام، لإيجاد مخرج للحرب الروسية - الأوكرانية». وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «رغم بعض المؤشرات التي توحي بالتفاؤل، فإن التحليل الدقيق للوقائع يكشف عن صورة أكثر تعقيداً، حيث تلوح في الأفق بوادر تنازلات أميركية ربما تخدم المصالح الروسية على حساب المصالح الأوكرانية». واستدرك سلام: «ومع ذلك، أعتقد أن مفاوضات الرياض، تعدّ خطوة نحو الأمام، لإيجاد حل دبلوماسي للحرب. وتم التركيز في هذه الجولة على قضايا حساسة، مثل الضربات على البنية التحتية للطاقة، والأمن في البحر الأسود، بجانب إشراك الأمم المتحدة في العملية التفاوضية، وتبادل الأسرى واستعادة الأطفال الأوكرانيين المخطوفين في روسيا».