فنانون يتحدون برامج «اكتشاف المواهب» ويرونها واجهة لكسب المال فقط

تعهدوا برعايتهم ووضعهم على عتبة النجومية.. «وأكاديمية دياب» لم تقدم شيئا

فنانون يتحدون برامج «اكتشاف المواهب» ويرونها واجهة لكسب المال فقط
TT

فنانون يتحدون برامج «اكتشاف المواهب» ويرونها واجهة لكسب المال فقط

فنانون يتحدون برامج «اكتشاف المواهب» ويرونها واجهة لكسب المال فقط

من يرعى المواهب الفنية، ويكتشفها ويقدمها للجمهور بصدق وإخلاص، بعيدا عن أضواء برامج اكتشاف المواهب وبريقها العابر.. وكيف نضع هذه المواهب على عتبة حقيقية للمستقبل والنجاح؟
الفنان عمرو دياب وعد من سنوات بالعناية باكتشاف مواهب غنائية من خلال «أكاديمية دياب» التي أعلن عنها حينذاك، لكن حتى وقتنا هذا لم نر موهبة تخرجت في هذه الأكاديمية. ورغم ذلك، هناك الكثير من الفنانين الذين يحاولون القيام بهذه التجربة بطرق مختلفة بعيدا عن شكل برامج المسابقات التي اعتدنا شكلها أخيرا.
من أبرز من اتخذ هذا الاتجاه، الفنانة السورية أصالة، حيث قامت بالكتابة على صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي، إنها ستقوم بتخصيص حلقات من الموسم الثالث لـ«صولا» الذي تقدمه لاكتشاف ورعاية المواهب.
وأيضا الملحن والمطرب عمرو مصطفى الذي قال لـ«الشرق الأوسط» عن هذه التجربة: «بدأت في هذه المبادرة منذ فترة زمنية في كتمان، وأخذت في البحث عن المواهب في أماكن متفرقة وبطرق مختلفة»، وأضاف أنه لا يخشى برامج المسابقات، بل طالبهم بالبعد عن منافسته، مؤكدا أنهم لا يقوون على مواجهته في اكتشاف المواهب لأنه صانع الأغنية، وهو الأقدر على صناعة موهبة حقيقية بعيدا عن شو هذه البرامج، على حد قوله، نظرا لخبرته الكبيرة في الموسيقى.
كما اتهم مصطفى برامج المسابقات بأنها «تعمل على تفتت الوطن العربي وتغيير العادات والتقاليد التي تربينا عليها».
وأكد أن مصر مليئة بالمواهب، ولا بد من البحث عنها في كل مكان وبكل الطرق، موضحا أنه استقر بالفعل على الكثير من المواهب الغنائية وقام بالتوقيع معهم، وسيقوم بإصدار ألبوم قريبا يضم هؤلاء المواهب، ويرى أنهم بمثابة مفاجأة للجميع، ويعد فعل ذلك واجبا وطنيا.
أما الشاعر بهاء الدين محمد الذي يعد لتجربة مثيلة مع اختلاف بعض التفاصيل، تحدث عنها قائلا: «أسعى لصناعة نجم بكل التفاصيل، بداية من مظهره حتى وقفته على المسرح»، مشيرا إلى أن الفكرة جاءته نظرا «لأننا نفتقد لمثل هذه التوليفة والاهتمام بالفنان حتى ظهوره على المسرح».
وبدأ بهاء تنفيذ الفكرة من خلال الإعلان على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي بكتابة طلب وجوه جديدة في الغناء والتأليف والتلحين مع إرفاق إيميل خاص للمراسلة، وبالفعل نجحت الفكرة وحصد الكثير من المواهب المتميزة، وما زالت المبادرة مستمرة.
وكشف بهاء الدين عن أن هذه المبادرة ليست فقط لاكتشاف فنان، بل هي لصناعة نجم من بداية اكتشافه حتى ظهوره على الساحة، وأضاف أن الكثير من نجوم الطرب رحبوا بالفكرة والمساهمة فيها بسماع مؤلفين جدد وشعراء والتعاون معهم ومساندتهم في بداية مشوارهم الفني.
وأوضح بهاء أنه بعد اكتمال عدد المواهب المطلوب سيجري عمل أكاديمية تتولى صناعتهم ودعمهم حتى يكونوا نجوما كبارا، وتوفر لهم كل الإمكانات المطلوبة، متوقعا نجاح التجربة لأنه يسعى لخلق جيل جديد على أساس علمي سليم بعيدا عن الشو الذي يحدث في البرامج الغنائية لكسب المال.



لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
TT

لماذا تعثرت خطوات مواهب المسابقات الغنائية؟

لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})
لقطة من برنامج إكس فاكتور ({يوتيوب})

رغم تمتع بعض متسابقي برامج اكتشاف المواهب الغنائية العربية بشهرة واسعة خلال عرض حلقاتها المتتابعة، فإن تلك الشهرة لم تصمد طويلاً وتوارت بفعل اختفاء بعض المواهب الصاعدة من الشاشات عقب انتهاء مواسم تلك البرامج، وفق موسيقيين تحدثوا إلى «الشرق الأوسط» وأثاروا تساؤلات بشأن أسباب تعثر خطوات المواهب الصغيرة والشابة وانطلاقها بشكل احترافي في عالم الغناء.

الناقد الفني المصري أحمد السماحي الذي كان مسؤولاً في أحد هذه البرامج أكد أن «الغرض من هذه البرامج هو الربح المادي وليس الاكتشاف الفني»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «بعض القنوات تستغل طموحات الشباب الباحثين عن الشهرة لتحقيق مكاسب دون إضافة حقيقية للفن، والدليل أن كثيراً من المواهب التي ظهرت من خلال هذه البرامج، وصوّت لها الملايين في أنحاء العالم العربي تعثرت بل واختفت في ظروف غامضة».

محمد عطية ({فيسبوك})

وتعددت برامج اكتشاف المواهب الغنائية عبر الفضائيات العربية خلال الألفية الجديدة ومنها «سوبر ستار»، و«ستار أكاديمي»، و«أراب أيدول»، و«ذا فويس»، و«ذا إكس فاكتور»، و«ستار ميكر».

ويوضح السماحي: «رغم أن كثيراً من هذه الأصوات رائعة، لكنها للأسف الشديد تجلس في البيوت، ولا تجد فرصة عمل، مثل المطرب الرائع الصوت محمود محيي الذي هاجر من مصر بعد حصوله على لقب (ستار أكاديمي) في الموسم التاسع عام 2014، حيث اضطر للتخلي عن حلمه بالغناء، متوجهاً للعمل موظفاً في إحدى الشركات».

نسمة محجوب ({فيسبوك})

ويؤكد الناقد الفني أن «هذه البرامج اكتشفت مواهب حقيقية، وسلطت الضوء على كثير من الأصوات الجيدة، لكن أين هم الآن في عالم النجوم؟».

ورغم أن «مسابقات الغناء كانت تركز على الدعاية والأنشطة التجارية، فإنها في الوقت نفسه قدمت فرصاً لكثيرين، فإن الحكم في النهاية يكون للكاريزما وحلاوة الصوت، ما يساعد على الانطلاق والمضي قدماً، وتحقيق جماهيرية بالاعتماد على النفس». وفق الشاعرة السورية راميا بدور.

محمد رشاد ({فيسبوك})

وأوضحت بدور في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه البرامج كانت النقطة المحورية التي ساعدت بعض المواهب على الانتشار، لكنها ليست منصفة أحياناً وكلما خاضت الموهبة منافسات أكبر واستمرت ذاع صيتها، ولكن بالنهاية أين هم حاملو الألقاب؟».

في المقابل، يشدد الملحن المصري وليد منير على أن برامج مسابقات الغناء تسلط الضوء على المواهب وتمنحهم فرصة الظهور، لكن النجومية تأتي عقب الشهرة المبدئية. ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «صناعة قاعدة جماهيرية للمواهب أمر صعب، ويبقى الاعتماد على اجتهاد المطرب من خلال (السوشيال ميديا) لاستكمال الطريق بمفرده». وحققت كلٌّ من جويرية حمدي ولين الحايك ونور وسام وأشرقت، شهرة على مستوى العالم العربي عبر برنامج «ذا فويس كيدز»، لكن الأضواء توارت عن معظمهن.

أماني السويسي ({فيسبوك})

ويرى الناقد الفني اللبناني جمال فياض أن «جيل ما قبل الألفية الجديدة حقق علامة بارزة من خلال برامج اكتشاف المواهب في لبنان»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هناك نجوم كثر خرجوا من هذه البرامج وأصبحوا نجوماً حتى اليوم، لكن البرامج التي أنتجت خلال الألفية الجديدة لم تؤثر مواهبها في الساحة باستثناء حالات نادرة». وأوضح فياض أن «سيمون أسمر صاحب برنامج (استوديو الفن) كان يرعى النجم فنياً بشكل شامل، ويقيم حفلات كبيرة لتفعيل علاقاته بالإعلام»، وأشار إلى أن «بعض المواهب هي اكتشافات ولدت ميتة، وقبل ذلك تركت بلا ظل ولا رعاية، لذلك لا بد أن يعي المشاركون أن نهاية البرنامج هي بداية المشوار بعد الشهرة والضجة».

فادي أندراوس ({إنستغرام})

وساهمت هذه البرامج في بروز أسماء فنية على الساحة خلال العقود الماضية، من بينها وليد توفيق، ماجدة الرومي، وائل كفوري، راغب علامة، غسان صليبا، نوال الزغبي، ديانا حداد، ميريام فارس، رامي عياش، علاء زلزلي، وائل جسار، إليسا، وإبراهيم الحكمي، وديانا كرزون، و ملحم زين، شادي أسود، رويدا عطية، شهد برمدا، سعود بن سلطان، سعد المجرد، وكارمن سليمان، ومحمد عساف، دنيا بطمة، ونداء شرارة، ومحمد عطية، هشام عبد الرحمن، جوزيف عطية، شذى حسون، نادر قيراط، عبد العزيز عبد الرحمن، ناصيف زيتون، نسمة محجوب، وفادي أندراوس، وأماني السويسي.

لكن موسيقيين يفرقون بين برامج الألفية القديمة التي كانت تعتني بالمواهب وتدعمها حتى تكون قادرة على المنافسة، وبرامج الألفية الجديدة التي كانت تهتم بـ«الشو» على حساب دعم المواهب.

ويؤكد الناقد الفني المصري أمجد مصطفى أن «سيمون أسمر عندما قدم برنامجه (استوديو الفن)، كان الأوحد في العالم العربي، وكانت نتائجه واضحة، لكن عندما انتشرت برامج أخرى لم يكن هدفها اكتشاف أصوات بل التجارة». على حد تعبيره.

ويرى مصطفى أن «(السوشيال ميديا) سحبت البساط من برامج المسابقات التي يعدها (موضة) انتهت». فيما يرهن الملحن المصري يحيى الموجي نجاح برامج اكتشاف المواهب بوجود شركة إنتاج تدعمها أو إنتاج ذاتي لاستكمال المشوار، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «هذه البرامج إذا كانت جادة فعليها أن تتبنى المواهب وتنتج لهم أغانيّ، لكن ذلك لم يحدث مطلقاً، والنتيجة تعثرهم وعدم وجودهم على الساحة».