المغرب: حقوقيون يطلقون عريضة للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الحسيمة

تضارب حول حقيقة بدئهم إضراباً عن الطعام

شرطي يدقق في هويات أقرباء معتقلي الحراك قبل عقد المحكمة في الدار البيضاء (رويترز)
شرطي يدقق في هويات أقرباء معتقلي الحراك قبل عقد المحكمة في الدار البيضاء (رويترز)
TT

المغرب: حقوقيون يطلقون عريضة للمطالبة بالإفراج عن معتقلي الحسيمة

شرطي يدقق في هويات أقرباء معتقلي الحراك قبل عقد المحكمة في الدار البيضاء (رويترز)
شرطي يدقق في هويات أقرباء معتقلي الحراك قبل عقد المحكمة في الدار البيضاء (رويترز)

أطلق حقوقيون مغاربة عريضة جديدة تطالب بالإفراج عن معتقلي الحسيمة، وتحذر من تدهور الوضع الصحي لعدد من المعتقلين، الذين دخلوا في إضراب عن الطعام، ويأتي ذلك وسط تضارب للأنباء حول حقيقة بدء عدد من هؤلاء السجناء إضراباً عن الطعام بعد أن نفت إدارة السجون ذلك.
وقال الموقعون على العريضة التي وزعت أمس: «نعبر عن كامل استيائنا من الظروف الحاطة للكرامة التي يمر بها معتقلو حراك الريف، واللامبالاة التي تقابل بها مطالبهم من طرف إدارة السجن، وهو ما أفضى بهم إلى اتخاذ خطوات تصعيدية، كالإضراب عن الطعام وشرب الماء، الأمر الذي يشكل خطراً على صحتهم وتهديداً حقيقياً لحياتهم».
وأشار الحقوقيون إلى أن «الحق في الحياة حق مقدس، ويعد من الحقوق الأساسية المتضمنة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وكذا في دستور المغرب»، وناشدوا الدولة المغربية بـ«التدخل الفوري لإنقاذ حياة خيرة شباب الوطن، والاستجابة الفورية لمطالبهم المشروعة، والكف عن أساليب التعنيف التي تمس بكرامتهم». كما ناشدوا «كل القوى الديمقراطية بالمغرب أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية تجاه قضية المعتقلين ومطالبهم العادلة والمشروعة، والضغط في اتجاه إطلاق سراح المعتقلين دون قيد أو شرط».
وكانت المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قد أوضحت في بيان أنه لم يتقدم أي من معتقلي أحداث الحسيمة إلى إدارة المؤسسة بأي إشعار كتابي أو شفوي يفيد بدخولهم في إضراب عن الطعام، مؤكدة أنهم «يتناولون وجباتهم الغذائية بانتظام، وقاموا بتسلم المؤونة (القفة) من عائلاتهم خلال يوم الزيارة الأسبوعية». واستغربت إدارة السجن «ترويج مثل هذه المزاعم التي لا أساس لها من الصحة من طرف عائلات ومحامي بعض المعتقلين»، متهمة إياهم بـ«محاولة تغليط الرأي العام وتمكين هؤلاء من امتيازات غير قانونية عبر الضغط على الإدارة».
ورداً على تلك الاتهامات ومدى صحة دخول عدد من معتقلي الحسيمة في إضراب عن الطعام، قال سعيد بنحماني عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك مجموعة من المعتقلين في سجن الدار البيضاء بدأت بالفعل إضراباً عن الطعام، وتأكدت هيئة الدفاع من ذلك بعد زيارتهم لهم الخميس الماضي. إلا أنه لم يحدد عددهم، وقال إن بينهم ربيع الأبلق ومحمد جلول وآخرون.
وأوضح بنحماني أنه إذا كانت إدارة السجون تنفي إضراب بعض المعتقلين عن الطعام، فإن المعتقلين وعائلاتهم يؤكدون عكس ذلك، كما أقر المحامي بوجود تضارب بشأن هذا الموضوع، مشيراً إلى أن جمعيات حقوقية دعت إلى التضامن مع المعتقلين، لا سيما مع الصحافي المعتقل محمد المهداوي.
وبشأن مواعيد بدء المحاكمات، قال بنحماني إن مجموعة نبيل احميجيق (أحد قادة الاحتجاجات) ومن معه، وعددهم 21 معتقلاً، ستبدأ في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. أما ملف مجموعة ناصر الزفزافي متزعم الاحتجاجات، التي تضم 32 معتقلاً، فقد دخل المداولة، وحدد يوم 4 من أكتوبر المقبل للبت في الطعن بالاستئناف الذي تقدم به الوكيل العام ضد قرار الإحالة لقاضي التحقيق، مشدداً على أن التاريخ المذكور ليس تاريخ بدء محاكمة الزفزافي، كما راج في عدد من المواقع الإلكترونية.
ووجه قاضي التحقيق تهمة المشاركة في تدبير مؤامرة ضد السلامة الداخلية للدولة إلى 5 متهمين فقط، وهم ناصر الزفزافي زعيم احتجاجات الريف، ومحمد جلول وأشرف اليخلوفي ومحمد المجاوي، والحسين الإدريسي، وهي التهمة التي وجهتها لهم النيابة العامة منذ بداية التحقيق وأعادت تأكيدها في ملتمسها النهائي.
من جانبه، أكد المحامي إسحاق شارية، عضو هيئة الدفاع عن المعتقلين لـ«الشرق الأوسط»، بدء مجموعة من المعتقلين إضراباً مفتوحاً عن الطعام، وقال: «كمحامين كان لنا دور في إقناع موكلينا بالعدول عن إضرابهم في المراحل السابقة، وذلك بسبب أن بعض المحامين كانوا يتلقون وعوداً من جهات قضائية وسياسية بأن الملف في طريقه إلى الحل»، إلا أن هيئة الدفاع، يضيف شارية، «قررت عدم التدخل لثني المعتقلين على تعليق إضرابهم واعتبار ذلك حرية شخصية، بعدما لم يعد بإمكاننا تقديم أي وعد لهم، وتركنا لهم حرية أن يبدأوا بأنفسهم مفاوضات مع إدارة السجون أو مع المسؤولين، وسنظل نحن في إطار الدفاع القانوني العادي».
وأوضح المحامي المغربي أن هناك خروقات تمارس ضد المعتقلين، وبينهم الزفزافي الذي ما زال في الاعتقال الانفرادي منذ 5 أشهر، رغم أن القوانين الدولية تجيز الاعتقال الانفرادي لمدة لا تتجاوز 15 يوماً، ويطبق كعقوبة إذا ما أثار المعتقل شغباً داخل السجن، إلا أن الهدف من وضع الزفزافي في زنزانة فردية هو «الانتقام منه شخصياً»، على حد قوله.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».