أنقرة وطهران وبغداد تلوّح بإجراءات رادعة للرد على استفتاء كردستان

واشنطن تعارضه بشدة وتلوّح بعقوبات إذا تم إجراؤه

عراقيتان تسيران بجانب ملصق ضخم مؤيد للاستفتاء في أربيل أمس (رويترز)
عراقيتان تسيران بجانب ملصق ضخم مؤيد للاستفتاء في أربيل أمس (رويترز)
TT

أنقرة وطهران وبغداد تلوّح بإجراءات رادعة للرد على استفتاء كردستان

عراقيتان تسيران بجانب ملصق ضخم مؤيد للاستفتاء في أربيل أمس (رويترز)
عراقيتان تسيران بجانب ملصق ضخم مؤيد للاستفتاء في أربيل أمس (رويترز)

دعت تركيا وإيران والعراق، أمس، السلطات في كردستان العراق، إلى إلغاء الاستفتاء حول استقلال الإقليم المقرر الاثنين، محذرة من أنها ستتخذ إجراءات للرد عليه، في حين أعلنت واشنطن صراحة معارضتها بشدة للاستفتاء الكردي، ملمحة بقطع المساعدات الأميركية إلى الإقليم إذا تم إجراؤه، واعتبرت أن الخطوة الكردية أثرت على جهود هزيمة «داعش» في العراق.
وعقد وزراء خارجية تركيا وإيران والعراق، اجتماعا في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، جددوا خلاله التأكيد على «موقف لا لبس فيه إزاء الاستفتاء» في كردستان العراق، بحسب بيان صدر عن وزارة الخارجية التركية صباح أمس. وقرر الوزراء الثلاثة «حث السلطات في كردستان العراق على العدول عن تنظيم الاستفتاء»، وشددوا على «الحاجة إلى جهود دولية منسقة من أجل إقناع هذه السلطات بإلغاء الاستفتاء»، حسب ما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وتابع البيان «اتفق الوزراء على اتخاذ إجراءات منسقة للرد»، مشددين على التزامهم «وحدة أراضي العراق». وأعربت معظم الدول، باستثناء إسرائيل، عن معارضتها للاستفتاء. وتخشى إيران وتركيا أن تصيب عدوى المطالبة بالاستقلال الأقليتين الكرديتين على أراضيهما.
وعبّر وزير الخارجية العراقي إبراهيم الجعفري ونظيراه الإيراني محمد جواد ظريف والتركي مولود جاويش أوغلو عن قلقهم من أن يعرض الاستفتاء المكاسب التي حققها العراق ضد تنظيم داعش للخطر، ومن احتمال اندلاع نزاعات جديدة في المنطقة. وجاء في البيان الذي نشرته أيضا وزارة الخارجية العراقية على موقعها الإلكتروني، أن «الاستفتاء لن يكون مفيدا للأكراد أو لحكومة إقليم كردستان. واتفق المجتمعون على اتخاذ إجراءات مضادة بالتنسيق فيما بينهم». ولم يتضمن البيان أي تفاصيل عن الإجراءات المحتملة، لكنه أشار إلى «ضرورة تضافر الجهود الدولية لإقناع حكومة إقليم كردستان بإلغاء الاستفتاء» المقرر إجراؤه الاثنين المقبل، مضيفا أن الوزراء وجهوا «دعوتهم إلى المجتمع الدولي لأن يأخذ دوره بشأن ذلك».
وأشار البيان إلى أن الوزراء الثلاثة «أكدوا على عدم دستورية الاستفتاء الذي تنوي حكومة إقليم كردستان العراق إجراءه؛ لأنه ‏سيتسبب بصراعات في المنطقة يكون من الصعب احتواؤها». لكن الأكراد عبروا عن تصميمهم على المضي قدما في الاستفتاء الذي قد يطلق، رغم أنه غير ملزم، عملية الانفصال عن بلد يعاني بالفعل انقسامات طائفية وعرقية. وقال البيان: إن الوزراء الثلاثة أكدوا «التزامهم القوي بالحفاظ على ‏وحدة العراق السياسية وسلامة أراضيه». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حذر في كلمة أمام الأمم المتحدة الثلاثاء السلطات في كردستان العراق بأن «تجاهل الموقف التركي الواضح والحازم في هذا الشأن قد يقود إلى عملية تحرم الحكومة الإقليمية الكردية العراقية حتى من الامتيازات التي تتمتع بها حاليا».
وفي أوضح موقف يصدر عن الولايات المتحدة، حيال الاستفتاء الكردي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض الأميركي هيدز نورت «إن ثمن إجراء الاستفتاء غالٍ بالنسبة لجميع العراقيين، بمن فيهم الكرد». وأن بلادها «تعارضه بشدة»، مثلما يعارضه «جميع جيران العراق، وكل المجتمع الدولي تقريبا». وكشفت عن أن الاستفتاء أثر «تأثيرا سلبيا على تنسيق الجهود لهزيمة (داعش)، وطرده من المناطق المتبقية تحت سيطرته في العراق».
ويأتي الموقف الأميركي من الاستفتاء الكردي غداة إطلاق الحكومة العراقية عملية تحرير قضاء الحويجة في كركوك. وقالت نورت في بيان «تحثّ الولايات المتحدة القادة الكرد العراقيين على قبول البديل الذي هو حوار جدي ومستمر مع الحكومة المركزية تقوم بتسهيله الولايات المتحدة والأمم المتحدة وشركاء آخرون»، محذرة من أنه «إذا أجري هذا الاستفتاء، فمن غير المرجح أن تجري مفاوضات مع بغداد، وسوف يتم إنهاء العرض الدولي لدعم المفاوضات». وأشارت المتحدثة الأميركية إلى أن «قرار إجراء الاستفتاء في المناطق المتنازع عليها يزعزع الاستقرار بشكل خاص؛ مما يثير التوترات التي يسعى (داعش) والجماعات المتطرفة الأخرى إلى استغلالها، وتجب تسوية حالة المناطق المتنازع عليها وحدودها من خلال الحوار، وفقا للدستور العراقي، وليس عن طريق الفعل أو القوة من جانب واحد».
وألمحت المتحدثة نورت إلى احتمال تعرض الإقليم الكردي إلى حرمانه من المساعدات الأميركية والدولية وتضرر علاقاته التجارية، ذلك أن «الاستفتاء يعرض العلاقات التجارية الإقليمية لكردستان العراق وجميع أنواع المساعدات الدولية للخطر، وهذا ما لا يرغب فيه أي من شركاء العراق. وهذه ببساطة حقيقة هذا الوضع الخطير جدا». وذكرت أن «الاستفتاء بحد ذاته الآن غير ضروري بالنظر إلى المسار البديل الذي أعدته واعترفت به الولايات المتحدة والمجتمع الدولي».
في غضون ذلك، استمرت المواقف الرافضة لمبادرة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم التي أطلقها قبل 5 أيام، وأيدها الممثل الخاص للأمم المتحدة يان كوبيتش، وتستهدف إيجاد صيغة حل لأزمة الاستفتاء الحالية، عبر تجاوز الأكراد لموضوع الاستفتاء، مقابل المساعدة على التوصل إلى اتفاق بين بغداد وأربيل خلال ثلاث سنوات. وبعد أن رفضها رئيس الوزراء حيدر العبادي وائتلاف «دولة القانون»، انضمت اليوم جهات وفعاليات سياسية مختلفة إلى الجهات الرافضة للمبادرة، حيث رفضها أعضاء في «تيار الحكمة الوطني» بزعامة عمار الحكيم، إضافة إلى أعضاء من المجلس الإسلامي الأعلى. كما رفضت المبادرة «عصائب أهل الحق».
وقال بيان صادر عن «العصائب»: «اطلعنا على المبادرة التي قدمت باسم ممثل الأمين العام للأمم المتحدة يان كوبيتش، وتبناها وعرضها رئيس الجمهورية العراقية فؤاد معصوم الذي يفترض وفق الأعراف والقوانين أنه حامي الدستور والمدافع عن وحدة العراق، لكنه يخرج لنا ليتبنى مبادرة أممية فيها مخالفة صريحة وواضحة للدستور». وتابع: «نحن في حركة (عصائب أهل الحق) نعلن رفضنا لهذه المبادرة المخالفة للدستور ونؤكد أن بعض ما ورد فيها اعتراف واضح بمطالب البارزاني الرامية إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من الضغوط المرفوضة على الحكومة الاتحادية لفرض سيطرته وبقائه في المناطق التي استولى عليها بغير وجه». وخلص بيان «العصائب» إلى تأكيده على «الحرص على حق الجميع في العيش الآمن الكريم وضمان حقوقهم والحفاظ على الدماء العراقية، لكننا لن نتوانى لحظة واحدة في التصدي لمشاريع تقسيم العراق وإضعافه».
إلى ذلك، استقبل رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، أمس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، وجرى خلال اللقاء بحث سبل مضاعفة دعم الأمم المتحدة للعراق في المجالات كافة، بحسب بيان صادر عن الرئاسة. ورغم عدم الإشارة إلى الاعتراضات على مبادرة الرئيس معصوم، إلا أن البيان أشار إلى أن الممثل الأممي الخاص «أشاد بمبادرة معصوم بشأن الاستفتاء». وذكر البيان، أن الاجتماع ركّز على «أهمية تعميق التفاهم البناء بين كافة أطراف العملية السياسية لحل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، ولا سيما موضوع استفتاء إقليم كردستان». وأعرب معصوم، وفقا للبيان، عن «ثقته الثابتة بقدرة العراقيين على حل كافة مشاكلهم عبر الحوار والحرص المتبادل على تعزيز التعاون وتعميق وحدة الصف بوجه الإرهاب».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.