«الهيئة العليا» تحذّر من فرض بقاء الأسد عبر سيطرة مواليه على قرار «الوفد»

رفعت شخصيات معارضة، في «الهيئة العليا للمفاوضات» الصوت محذّرة من أي محاولات لتعويم رئيس النظام السوري بشار الأسد أو فرض بقائه في السلطة، عبر إدخال شخصيات محسوبة عليه في الوفد المفاوض، وصلت إلى حد تهديدها بالانسحاب من الهيئة. يأتي ذلك في ضوء استمرار تعذّر توحيد صفوف الوفد نتيجة خلافات بشكل أساسي، بين «الهيئة» و«منصة موسكو» التي ترفض أن يكون مصير الأسد شرطا مسبقا للمفاوضات، وهو الأمر الذي تضعه المعارضة أولوية بالنسبة إليها، وتعتبره خارج النقاش.
وإذا كانت المباحثات بين «الهيئة» و«منصة موسكو»، بعد تسجيل تقارب مع «منصة القاهرة»، وصلت إلى حائط مسدود، بحسب ما يقول مصدر قيادي في «الهيئة» لـ«الشرق الأوسط»، فإن الخوف بات اليوم من محاولات لتوسيع دائرة التمثيل كي تشمل شخصيات أخرى، إضافة إلى «موسكو»، منها «منصة حميميم» و«حزب الاتحاد الديمقراطي»، وتكون نتيجة ذلك زيادة عدد موالي الأسد على حساب «الهيئة» في الوفد، ما قد يؤدي إلى فرض بقائه بحجة القبول به من قبل ما يعتبرونه «وفد المعارضة»، وهو الأمر الذي رفضته المصادر، وجاء أيضا على لسان منسق «الهيئة» رياض حجاب، مهددا بالانسحاب منها.
وأوضحت المصادر، أن «المطالبة بضم منصتي موسكو والقاهرة تخفي في طياتها أهدافا غير معلنة، كانضمام منصات وأطراف أخرى، كان أيضا المبعوث الدولي إلى سوريا قد عقد معها اجتماعات، متسلحين بالقرار 2254 الذي لا ينص فقط على ضم (موسكو) و(القاهرة)؛ بل أيضا شخصيات أخرى، وهو الأمر الذي قد يشكل وسيلة للسيطرة على قرار الهيئة التي تضم مجموعة تؤيد بقاء الأسد، وهي المحسوبة بشكل أساسي على (هيئة التنسيق الوطنية). وأكدت أن هناك أكثر من 17 شخصية أعلنت موقفها الواضح بأنها ستنسحب من الهيئة إذا فرض هذا الأمر».
وقال حجاب: «إذا تم تهجين الهيئة العليا للمفاوضات بشخصيات سقفها ليس مطالب السوريين، فلن أكون مع هؤلاء ولا في أي جسم يخالف ثوابت الثورة»، واصفا «منصة موسكو» بأنها «صنيعة مخابرات النظام، ولا مشكلة لديها مع الأسد، ولذا فهي ليست معارضة». وهذا الموقف عبّر عنه أيضا المتحدث باسم «الهيئة» رياض نعسان آغا، قائلا: «شخصيات عدة في الهيئة تضم صوتها إلى صوت حجاب وأنا منهم، ولن نقبل البقاء في صفوفها إذا فرضت علينا أطراف تزعم أنها معارضة ولا نتفق معها بالرؤية. نعتبر أن رحيل الأسد أولوية لن نتخلى عنها، وليست شرطا».
وأضاف حجاب الذي رحّب بالتدخل التركي في إدلب لإنهاء «هيئة تحرير الشام» في حديث تلفزيوني: «هناك مجموعة بالهيئة تنادي بقبول الضغوط والإبقاء على الأسد بالمرحلة الانتقالية، ولكن الأغلبية متمسكة بثوابت الثورة». وردّ على دعوة دي مستورا للمعارضة بأن تكون واقعية قائلا: «الواقعية التي نفهمها هي تطبيق (جنيف 1) وقرارات مجلس الأمن، ومحاكمة المجرمين كالأسد، وليس قبوله في المرحلة الانتقالية».
ورغم أن أسهم التفاؤل بإمكانية توحيد المعارضة في «وفد واحد وليس موحدا» كانت قد ارتفعت في الجولة السابعة والأخيرة من جنيف، بحيث تم تشكيل لجنة لمتابعة الموضوع والعمل على تقريب وجهات النظر، فإنه منذ شهر أغسطس (آب) الماضي لم يعقد إلا اجتماع واحد انتهى باقتناع جميع الأفرقاء باستحالة التوافق، في ضوء تمسك كل منهم بمواقفه، وفق المصادر.
هذا التعثّر الذي حال دون عقد جولة جديدة من جنيف، الشهر الماضي، قد يكون العقبة المستمرة أمام انعقاد جولة جديدة من المفاوضات بعد مؤتمر «الرياض 2»، وذلك بعدما كان قد أعلن المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي مستورا، أنه ينوي عقد الجولة القادمة من محادثات جنيف في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، مشيراً في الوقت عينه إلى أنه لن يعقد أي لقاءات «تقنية» إضافية للمعارضة السورية، وذلك في مسعى لمنح الوقت للمنصات كي توحد مواقفها.
وبعد الإعلان عن بدء العمل لتوسيع وفد «الهيئة» أو توحيده بضم منصتي «موسكو» و«القاهرة» لتشاركا معا في المفاوضات، بذلت جهود لعقد «مؤتمر الرياض 2»؛ حيث من المفترض أن يكون تتويجا للمباحثات بين الأطراف، وبالتالي تشكيل «الوفد الواحد» للمشاركة في «جنيف»، لكن حتى الآن لم يتم تحديد موعد ثابت لـ«الرياض» ولا لـ«جنيف»، وهو الأمر الذي تربطه المصادر بتعثر التوافق على وفد واحد، إضافة إلى انشغال الدول المعنية باتفاقات خفض التصعيد لتتفرغ فيما بعد للحل السياسي. ولفتت إلى أنه كان يفترض أن يعقد اجتماع الرياض في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر و«جنيف» في نهايته؛ لكن حتى الآن لا شيء واضح، مضيفة: «اللجنة التي كلّفت بمهمة العمل على توسعة الهيئة قدّمت مشروعين، الأول يقضي بعقد مؤتمر (الرياض 2) بحضور 120 شخصية، أو توسيع الوفد ليصبح مؤلفا من نحو 51 شخصية، وهو ما ستأخذ (الهيئة) القرار بشأنه في اجتماعها المقبل، المتوقع في بداية شهر أكتوبر».