عون يرفض التوطين ويؤكد العودة الآمنة للنازحين إلى سوريا

اقترح ترشيح لبنان ليكون مركزاً دائماً للحوار

الرئيس اللبناني ميشال عون يخاطب الجمعية العامة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون يخاطب الجمعية العامة أمس (أ.ف.ب)
TT

عون يرفض التوطين ويؤكد العودة الآمنة للنازحين إلى سوريا

الرئيس اللبناني ميشال عون يخاطب الجمعية العامة أمس (أ.ف.ب)
الرئيس اللبناني ميشال عون يخاطب الجمعية العامة أمس (أ.ف.ب)

أكد الرئيس اللبناني، ميشال عون، على الحاجة الملحة لتنظيم عودة اللاجئين والنازحين إلى وطنهم بعد أن استقر الوضع في معظم أماكن سكنهم الأولى.
وقال عون في اليوم الثالث من مداولات الجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة في المقر الدائم بنيويورك، إن «هناك من يقول بعودة طوعية لهم، ونحن نقول بالعودة الآمنة ونميز بين الاثنين، واجتماعات مجموعة الدول الداعمة لسوريا قد أكدت على ذلك»، مضيفاً أن «العودة تكون طوعية أو آمنة وفقاً لسبب النزوح، فإذا كان اللجوء أفرادياً ولسبب سياسي يهدد أمن الفرد وسلامته تكون العودة طوعية، أي أنها تمنح للاجئ السياسي ويترك له تقدير توقيتها، وهذا النوع من اللجوء يقترن بقبول الدول المضيفة».
وتابع: «أما اللجوء الجماعي بشكله الحالي إلى لبنان، فهو قد حصل لسبب أمني أو اقتصادي، وهرباً من أخطار الحرب، لذلك نسميه نزوحاً وليس لجوءاً، وهو لم يقترن بقبول الدولة ولم يكن أفرادياً، إنما على شكل اجتياح سكاني. أما الادعاء بأنهم لن يكونوا آمنين إذا عادوا إلى بلادهم، فهذه حجة غير مقبولة».
وأشار عون إلى أن مقابل كل لبنانيين اثنين نازح أو لاجئ، وإن الكثافة السكانية في الكيلومتر المربع الواحد ارتفعت إلى 600 بعد أن كانت 400، موضحاً أن كل هذا الاكتظاظ الشديد هو على مساحة 10452 كيلومتراً مربعاً، مما زاد من صعوبة أوضاع لبنان الاقتصادية وزاد نسبة الجريمة بمختلف أنواعها.
وأوضح الرئيس ميشال عون أن هناك نحو 85 في المائة من الأراضي السورية قد أصبحت في عهدة الدولة، مشيراً إلى أنه إذا كانت الدولة السورية تقوم بمصالحات مع المجموعات المسلحة، فكيف بها مع نازحين هربوا من الحرب؟
وتطرق عون إلى تحدي إسرائيل للقرارات الدولية وعدم تنفيذ مضمونها، لا سيما فيما يتعلق منها بالصراع مع الفلسطينيين، وأشار إلى أن «الحروب الإسرائيلية أثبتت أن المدفع والدبابة والطائرة لا تأتي بالحلول ولا بالسلام». وأضاف: «لا شك أن جريمة طرد الفلسطينيين من أرضهم وتهجيرهم لا يمكن أن تصحح بجريمة أخرى ترتكب بحق اللبنانيين عبر فرض التوطين عليهم، كما بحق الفلسطينيين عبر إنكار حق العودة عليهم». وتابع: «ليس تعطيل دور مؤسسة (أونروا) إلا خطوة على هذه الطريق، تهدف إلى نزع صفة اللاجئ تمهيدا للتوطين، وهو ما لن يسمح به لبنان، لا للاجئ أو لنازح، مهما كان الثمن والقرار في هذا الشأن يعود لنا وليس لغيرنا».
وكان قد أثار كلام الرئيس الأميركي دونالد ترمب حول اللاجئين ودعوته إلى استضافتهم في أماكن قريبة من بلدانهم، موجة من المواقف اللبنانية المستنكرة والرافضة للتوطين، وعلى رأسها من قبل رئيسي الحكومة ومجلس النواب، سعد الحريري ونبيه بري.
ورأى عون أن «الحرب العالمية الثالثة اتخذت شكلا جديدا يقوم على حروب داخلية مدمرة، وأن الحل لن يكون إلا بتغيير فكري وثقافي، وأن الحاجة ملحّة إلى مؤسسة تعنى بتربية السلام وتقرب الإنسان من الإنسان وتُسهِم في تمتين العلاقات بين المجتمعات المختلفة، وتساعد على اعتماد لغة الحوار وسيلة لحل النزاعات».
وفي حين شدد على أن «دور لبنان، لا بل رسالته، هو في الحرب على آيديولوجية الإرهاب»، طرح: «ترشيح لبنان ليكون مركزاً دائماً للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق»، وقال: «لكل هذه الأسباب، أطرح ترشيح لبنان ليكون مركزاً دائماً للحوار بين مختلف الحضارات والديانات والأعراق، (...) آملين من الدول الأعضاء أن يدعموا لبنان في سعيه لتحقيق هذا الطلب».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.