في محاولتهم الثامنة... هل ينجح الأكراد بتحقيق حلم الدولة؟

يعتبر الأكراد أكبر أقليّة على مستوى العالم، فهم أمّة كبيرة ذات تاريخ عريق يجمعهم عرق واحد، فيما يقول مؤرّخوهم انهم يرجعون الى العرق الآري (الميديين)، كما يشير نشيدهم الوطني الحالي، غير ان بعض المؤرخين يشير الى أصلين لهم الأول قاطنو كردستان والثاني الهندوأوروبيون الذين هاجروا إلى كردستان في القرن العاشر قبل الميلاد وسكنوا فيها.
يوجد الأكراد فيما يُسمّى كردستان في كل من العراق وسوريا وايران وتركيا، فهناك كردستان العراق، وكردستان إيران، وكردستان سوريا، وكردستان تركيّا؛ لكن العراق وإيران تعترفان بها، أمّا سوريا وتركيا فلا.
ويدين معظم الأكراد الديانة الاسلامية، بالاضافة الى الديانتين المسيحيّة والايزيديّة. ويتحدثون اللغة الكردية. وتتميز كردستان في الدول الاربع بوفرة الثّروات المعدنيّة فيها وطبيعتها الجميلة الخلابة ومناطقها الجبلية، حيث تتوفر فيها الحقول والأنهار والبحيرات والينابيع، وتغطّيها الغابات.
وغالبا ما تتحدث الكثير من الاغاني الكردية عن آلام الغربة والاشتياق للوطن وعذابات الشتات.
ففي أجزاء من شمال شرقي العراق وشمال غربي إيران وشمال شرقي سوريا وجنوب شرقي تركيا يعيش الجزء الأكبر من الشعب الكردي، بالاضافة الى وجوده في أرمينيا وأذربيجان ولبنان.
والأكراد ينقسمون لأربع مجموعات هي (الكرمانجي، والكلهور، والكوران، واللور) وكل مجموعة لها لهجتها الخاصة.
وإطلاق لفظ الأكراد على الشعب الكردي قديم، وربما يعود الى القرن الرابع الهجري حيث ورد في كتاب مروج الذهب للمسعودي. إلا ان الشعب الكردي قديم جدا وتعود جذوره كما يقول المؤرخون وعلماء الانساب الى الشعوب الآرية القديمة.
ويعتبر استفتاء الانفصال الذي من المزمع أن يجريه اقليم كردستان العراق في الخامس والعشرين من الشهر الحالي أحدث محاولة للأكراد لإنشاء دولتهم التي طالما حلموا بها.
وربما كانت أولى المحاولات لإنشاء الأكراد دولتهم هي مملكة كردستان التي أسسها شيخ محمود الحفيد زادة البرزنجي في شمال العراق ما بين اكتوبر (تشرين الأول) من عام 1922 ويونيو (حزيران) 1924، والتي لم تنل الاعتراف الدولي، حيث أعلن البرزنجي نفسه ملكاً عليها بنوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922، فقامت بريطانيا بحملة عسكرية نزعت خلالها سلطاته، فيما تمكن الجيش العراقي آنذاك من التقدم والسيطرة على السليمانية فلجأ البرزنجي وأتباعه الى الجبال ليقوم بعدها بشن حرب عصابات، فيما قامت بغداد بتعيين متصرف للواء السليمانية يتلقى أوامره منها.
وفي زمن لينين ونتيجة للظروف التي كان يعيشها الأكراد في أذربيجان، قررت بعض الرموز الكردية تأسيس منطقة حكم ذاتي في يوليو (تموز) عام 1923، وعلى إثرها تشكلت مؤسسات إدارية لدولة ونظام برلماني في كردستان وانتخب كوسي حجييف وهو من سكان المنطقة كأول رئيس للبرلمان وكأول رئيس لكردستان في زمن الاتحاد السوفيتي، لكنها لم تستمر كثيراً بسبب المعارضة السوفيتية فانتهت سنة 1929، وبعدها تم ترحيل الأكراد.
وفي عام 1927 أُعلنت جمهورية آرارات الكردية المستقلة بالتزامن مع احتجاجات اندلعت جنوب شرقي تركيا بأكتوبر. وتم تحديد قرية حول آرارات بأنها العاصمة المؤقتة لمملكة كردستان، فيما أرسل الكرد في تركيا رسائل إلى الأكراد في كل من سوريا والعراق من أجل التعاون معهم. لكن سرعان ما تم القضاء عليها في عام 1930 على يد الجيش التركي.
ولم تقف محاولات الأكراد عند هذا الحد فأعلنوا جمهورية مهاباد الشعبية الديمقراطية على يد زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني في إيران قاضي محمد في الثاني والعشرين من يناير (كانون الثاني) عام 1946 وعاصمتها مهاباد، لكنها سرعان ما انهارت بعد نحو 10 أشهر.
وهكذا توالت محاولات الأكراد حتى قيام إقليم كردستان العراق عام 1970 حيث توافقت الحكومة العراقية والأحزاب الكردية على معاهدة سلام تمنح الاستقلال للأكراد والاعتراف باللغة الكردية كلغة رسمية الى جانب العربية.
وفي عام 2005، تحولت منطقة الحكم الذاتي الى إقليم كردستان العراق، الذي أصبح له علمٌ ودستور ونشيد قومي وحكومة وبرلمان.
وفي عام 1992 أسس أكراد أذربيجان ما سموها جمهورية لاجين الكردية بعد استيلاء القوات الأرمينية على لاجين، وتمت تسمية وكيل مصطفايف رئيسا لها، إلا أنها لم تدم طويلاً فانتهى برئيسها طالبا للجوء في ايطاليا.
وفي واحدة من أحدث المحاولات وفي خضم الثورة بسوريا ومع اتساع رقعة ونفوذ الأكراد أعلنوا إقامة إدارة ذاتية مؤقتة بالمقاطعات الثلاث التي أطلق عليها اسم "روج آفا" أي غرب كردستان.
وأعلن الأكراد في سوريا في السابع عشر من مارس (آذار) من العام الماضي 2016، إقامة نظام فيدرالي بمناطق سيطرتهم شمال البلاد خلال اجتماع عُقد بمدينة رميلان في الحسكة، وكانت لها معارضة محلية ودولية. وقد تزامن هذا مع دعوة رئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني في الثالث من فبراير (شباط) الماضي لإجراء الاستفتاء.
فهل سينجح الأكراد هذا المرة بعد محاولاتهم السبع المضنية على مدار عقود من الزمن في تحقيق حلمهم وإنشاء دولتهم القومية المنشودة وسط هذا الخضم الهائل من المعارضات الدولية والإقليمية والمحلية ضدهم.
وفي حال نجح الأكراد في ذلك وانشأوا دولتهم فهل سيكتب لها النجاح أم سيكون مصيرها مثل باقي المحاولات السابقة، خاصة ان الدول المجاورة لها ترفضها وتحذر من انشائها.
ان المستقبل القريب كفيل بالإجابة على كل هذه الاسئلة والاستفسارات.