الرئيس السوداني يتعهد جمع السلاح و{إعادة الأمان} إلى إقليم دارفور

البشير أشاد بدور الرئيس التشادي في تأمين الحدود وسد الطريق أمام الحركات المتمردة

TT

الرئيس السوداني يتعهد جمع السلاح و{إعادة الأمان} إلى إقليم دارفور

تعهد الرئيس السوداني بإعادة إقليم دارفور المضطرب إلى سيرته الأولى، قاطعاً بأن الإقليم بدأ بالتعافي من الحرب وما أدت إليها، كما جدد الإشادة بالرئيس التشادي إدريس ديبي وبتجربة القوات المشتركة بين البلدين في تأمين الحدود، وسد الطريق أمام الحركات المتمردة والمنفلتة، وبجمع السلاح من الفرقاء كافة، وقصره على القوات النظامية.
وقال الرئيس عمر البشير خلال حشد جماهيري نظم بمدينة «الجنينة» أقصى غرب البلاد أمس، إن الحدود المشتركة مع تشاد «ستقتصر على تبادل المصالح والمنافع المشتركة، ولن تكون هناك حدود لتبادل الأسلحة وإيواء حركات المعارضة كما كانت سابقاً»، مستنداً في ذلك إلى ما أسماه «التزام» الرئيس التشادي إدريس ديبي بالمصالحة بين نظامي البلدين الذي عقد بالفاشر، وتطور لاحقاً لتكوين قوات مشتركة بين البلدين.
ووصل الرئيس البشير مدينة الجنينة الحدودية وحاضرة ولاية غرب دارفور في زيارة تستغرق يومين، يزور فيها بعض مناطق ومدن الإقليم الذي ظلت تمزقه الحرب وتقطع عرى نسيجه الاجتماعي طوال الفترة منذ اندلاع النزاع المسلحة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة، وتتضمن زيارة البشير افتتاح منشآت تنموية وخدمية في الإقليم.
وقطع البشير وهو يحادث جماهير المدينة بتحويل الحدود بين السودان وتشاد إلى منطقة لتبادل المنافع والمصالح المشتركة، بعد أن كانت مكاناً لتبادل الأسلحة وإيواء الحركات المسلحة المعارضة، وذلك بفضل القوات المشتركة بين السودان وتشاد والتزام الرئيس إدريس ديبي.
وجدد البشير التأكيد على أن حكومته تسعى إلى إعادة وضع السودان إلى ما أسماه «مكانه اللائق»، وإعادة الإقليم إلى «سيرته الأولى» بتوفير الأمن، وإكمال تشييد مشاريع تنموية وإعادة توطين النازحين واللاجئين، ووجه باستيعاب جميع المستحقين في خطة إسكانية بغرب دارفور، وتابع موضحا: «نريد إعادة دارفور لسيرتها الأولى، ونطرد منها الشيطان، وحين أقول سيرتها الأولى أنا شاهد على هذه السيرة، ففي الجنينة قبل خمسين عاماً، لم أسمع وقتها بقطع الطريق أو القتل أو السرقة، وكان الناس أهل وأخوه. لكن الشيطان دخل بينكم».
وشكر البشير «أكثر من مرة» الرئيس التشادي وحكومته، وقال إنه التزم بالمصالحة التي عقدت في الفاشر، كما أطلق على تجربة القوات المشتركة بين البلدين بأنها «أنموذج أثار الإعجاب والتساؤلات من قبل المنظمات والدول، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الأفريقي، باعتبارها تجربة رائدة، أسهمت في تحقيق الاستقرار عبر الحدود وفي المناطق الحدودية بين البلدين».
كما دعا البشير إلى مواصلة الحملة التي أطلقها منذ أكثر من شهر لجمع السلاح من المواطنين وقصر تداوله على القوات النظامية، مشيراً إلى قدرة حكومته على «نصرة كل متظلم وإعادة الحق إلى أصحابه بالطرق المشروعة والمعروفة»، موضحاً أن «السلاح لن يكون إلاّ في يد القوات النظامية، نفرض فيها هيبة الدولة».
واعترف البشير بأن الفترات السابقة تركت آثاراً سيئة على العلاقات بين الناس، وبأنها أفزرت نازحين ولاجئين، ودعا قادة الإدارة الأهلية للعمل على رتق النسيج الاجتماعي، و«رفع شعار ولاية بلا نازحين». كما تعهد بضبط و«تقنين» السيارات غير المرخصة، وقال بهذا الخصوص: «عملنا على تقنين العربات التي دخلت البلاد بطرق مختلفة، نريدها تأخذ أرقاماً أصلية.... والرقم (س ح) لا نريده مرة أخرى»، وهي إشارة إلى ترقيم للسيارات كان مخصصاً لقوات «حرس الحدود» الموالية للزعيم القبلي موسى هلال الذي رفض الاستجابة لحملة نزع السلاح.
وتعهد البشير بإكمال مشاريع التنمية وخدمات التعليم والرعاية الصحية، وحل مشكلة المياه، فضلاً عن إعادة «رتق النسيج الاجتماعي» الذي مزقته الحروب، وتحقيق المصالحات بين القبائل والمجتمعات، وإشاعة روح التعايش، وفقاً لوثيقة قادة الإدارة الأهلية في الإقليم.
وأعلن البشير عن قرب اكتمال الطريق القاري الذي يربط ميناء بورتسودان على البحر الأحمر شرق البلاد، بمدينة «أدري»، وتشييد خط سكة حديد يربط مدن بورتسودان الجنينة والعاصمة التشادية انجمينا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.