روسيا تقر ميزانية 2018 بنظرة إيجابية للنفط والخصخصة

زيادة توجهات الاقتراض الداخلي في ظل العقوبات

TT

روسيا تقر ميزانية 2018 بنظرة إيجابية للنفط والخصخصة

أقرت الحكومة الروسية خلال جلستها، أمس، مشروع الميزانية للسنوات من 2018 – 2020، مع مستوى عجز في ميزانية العام المقبل (2018) يقدر بنحو 1.332 تريليون روبل (نحو 23 مليار دولار)، مع توقعات إيجابية بتراجع العجز للعامين المقبلين.
وتنص الميزانية على زيادة الإنفاق في مجال الأمن وتقليصه في المجال الدفاعي. ولتسديد العجز، تنوي الحكومة الروسية الاعتماد على الفائض في العائدات النفطية بعد أن أنفقت عمليا الجزء الأكبر من مدخرات صندوق الاحتياطي، كما تنوي كذلك المضي في خطة خصخصة منشآت ومؤسسات حكومية لتأمين دخل إضافي للميزانية.
وقال وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف إن دخل عمليات الخصخصة المدرج على ميزانية خلال عام 2018 سيكون أقل بقليل عن العام الماضي. وكانت الحكومة الروسية حصلت نتيجة بيع أصول شركات استراتيجية على دخل إضافي يزيد على تريليون روبل روسي لتغطية العجز خلال العام الماضي. ويشكل الاقتراض الداخلي، عبر طرح سندات مالية في السوق، أحد مصادر تمويل الميزانية. وتنوي وزارة المالية الروسية اقتراض 868 مليار روبل من السوق الداخلية عام 2018، ونحو 870 مليارا عام 2019. وسيزيد هذا المبلغ بشكل ملحوظ وسيصل حتى 1.34 تريليون روبل خلال عام 2020، هذا في ظل غياب إمكانية الاعتماد على أي مصادر تمويل خارجية بسبب العقوبات الغربية ضد روسيا على خلفية الأزمة الأوكرانية.
وقالت وزارة المالية الروسية إن العجز المتوقع في ميزانية عام 2018 سيبلغ 1.33 تريليون روبل، مع دخل 15.18 تريليون، وإنفاق بقدر 16.51 تريليون روبل. ويتوقع أن يتراجع عجز الميزانية عام 2019 حتى 867.01 مليار روبل، ليرتفع قليلا عام 2020 ويصل حتى 960.32 مليار روبل. وينص مشروع ميزانية عام 2018، ومرحلة 2019 - 2020 على زيادة الإنفاق في فقرة «الأمن القومي وأجهزة الأمن»، ليصل خلال العام المقبل حتى 1.3 تريليون روبل، مقابل 1.271 تريليون في ميزانية عام 2017. وستستمر زيادة الإنفاق في هذه الفقرة خلال العامين المقبلين، لتصبح 1.306 تريليون عام ،2019 و1.316 تريليون عام 2020.
وبالنسبة لفقرة «الدفاع القومي»، أقرت الميزانية تخفيض الإنفاق بنسبة 8 في المائة عام 2018 وخصصت في هذا المجال 943.6 مليار روبل، مقابل 1.021 تريليون روبل كانت في ميزانية عام 2017. وتنوي الحكومة الروسية الاستمرار بتخفيض الإنفاق على الدفاع العام المقبل، وخصصت مبدئيا لهذه الفقرة 860.6 مليار روبل عام 2019. وفي عام 2020 ستعود وتزيد المبالغ المخصصة للدفاع بنسبة ضئيلة، حتى 869.13 مليار روبل.
وعزا الخبير الأمني ألكسندر ميخائيلوف، جنرال احتياط في الأمن الفيدرالي، زيادة الإنفاق على الأمن إلى التهديدات الإرهابية، وقال إن «المشكلات التي نواجهها في مجال الأمن حاليا داخلية أكثر مما هي خارجية»، موضحاً: «تظهر لدينا مشكلات جدية في مجال الأمن داخليا، متصلة بالتطرف والإرهاب». أما تخفيض الإنفاق على «الدفاع القومي»، فقد رأى الخبير الأمن الروسي أن «الجيش أصبح مسلحا بشكل جيد حالياً... ولدينا أنواع حديثة من الأسلحة».
في غضون ذلك، لا تنوي الحكومة الروسية مقايسة المعاشات التقاعدية للمتقاعدين الذين ما زالوا يعملون. وقد أكد على هذا الأمر الوزير سيلوانوف خلال اجتماع للجنة الثلاثية الخاصة بتنظيم العلاقات الاجتماعية والعمل، وقال إن الميزانية عام 2018 لا تنص على أي مقايسة بالنسبة للمتقاعدين العاملين. ومنذ عام 2016 يجري العمل في روسيا بموجب قانون حول إلغاء مقايسة معاشات المتقاعدين العاملين. وتم تقديم اقتراحات أكثر من مرة في مجلس الدوما لإلغاء ذلك القرار، إلا أنه لم يتم حتى الآن اتخاذ أي قرار إيجابي بهذا الخصوص.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.