ترمب يندد بـ«بيروقراطية» الأمم المتحدة ويشيد بجهود غوتيريش

في أول إطلالة له داخل أروقة الأمم المتحدة، ندد الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس بـ«البيروقراطية»، والتكلفة العالية لعمليات المنظمة الدولية، داعياً إلى دعم دولي لجهود الإصلاح.
وقال ترمب خلال تبني إعلان سياسي من 10 نقاط يشجع المنظمة على إصلاح نفسها: «خلال الأعوام الأخيرة، لم تبلغ الأمم المتحدة قدرتها الكاملة بسبب البيروقراطية والإدارة السيئة». وأضاف أنه «على الأمم المتحدة أن تركز بشكل أكبر على الناس، وبشكل أقلّ على البيروقراطية».
وحظي هذا الإعلان بموافقة 126 بلداً كانت ممثلة بمستويات مختلفة من رؤساء دول ووزراء وموظفين كبار استمعوا إلى الخطاب المقتضب للرئيس الأميركي. ولاحقاً، دعت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي الدول الـ67 التي لم توقع الإعلان إلى القيام بذلك، في حين وعد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأن المنظمة ستبذل جهدا «أكبر من أجل الشعوب، وجهدا أقلّ بالنسبة إلى الآليات».
وقال الرئيس الأميركي في حضور عدد كبير من مندوبي الدول إلى الأمم المتحدة: «في السنوات الأخيرة، لم تصل الأمم المتحدة إلى كامل طاقتها بسبب البيروقراطية وسوء الإدارة. كما تنفق المنظمة الكثير من المال، ولديها عدد كبير جدا من الموظفين بينما لا نرى نتائج تتماشى مع هذا الاستثمار». ودعا ترمب المنظمة إلى الاستثمار في الأشخاص، والتقليل من البيروقراطية وعدم التمسك بطرق الماضي التي لا تعمل، مشددا على أنه لا يجوز لأي دولة عضو أن تتحمل حصة غير متناسبة من التكلفة.
في المقابل، أثنى ترمب على الخطوات التي اتخذتها الأمم المتحدة في المراحل المبكرة من عملية الإصلاح، ولم يوجه أي تهديدات بسحب دعم الولايات المتحدة للمنظمة. كما أشاد بتوصل مجلس الأمن الأسبوع الماضي إلى قرار تشديد العقوبات على كوريا الشمالية بسبب استمرارها في إجراء تجارب نووية وإطلاق صواريخ باليستية. وأشاد ترمب كذلك بجهود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش الذي أشار إلى أنه يشاطر الرئيس ترمب رؤيته في قيام منظمة الأمم المتحدة بدور أقل بيروقراطية والارتقاء بإمكانياتها الكاملة.
وقال ترمب الذي اعتاد على انتقاد الأمم المتحدة إنه يريد تغيير طريقة عمل المؤسسة المعتادة، وتطوير مقاييس يمكن من خلالها قياس قدراتها الإدارية وجهودها لتعزيز السلام والأمن. ورغم انتقاداته لعمل المنظمة الدولية، فإن الرئيس ترمب تعهد بأن تعمل الولايات المتحدة كشريك فعال في المنظمة من أجل جعل الأمم المتحدة قوة أكثر فاعلية من أجل السلام في جميع أنحاء العالم.
وطلبت الولايات المتحدة من كل الدول الأعضاء التوقيع على إعلان حول إصلاح الأمم المتحدة. وترددت فرنسا حتى اللحظة الأخيرة قبل أن تقرر توقيع الإعلان. وأورد العديد من شركائها أنها لم تكن راضية عن الطريقة التي أعلنت بموجبها المبادرة الأميركية. وفي أغسطس (آب)، أقنعت الولايات المتحدة نحو خمس عشرة عاصمة بينها برلين ولندن بمشروع أول يشدد على مسؤولية الأمين العام في الإصلاحات، لكن باريس وروما لم تنضما إلى مؤيدي المشروع. ونصّت الصيغة النهائية للإعلان الذي تم إقراره أمس على جعل المنظمة الدولية «أكثر فاعلية» في ظل صعوبات إدارية مكلفة تواجهها.
يذكر أنه خلال حملته الانتخابية، وصف ترمب الأمم المتحدة بـ«ناد» يسمح للناس «بأن يلتقوا ويتحدثوا وتمضية أوقات ممتعة»، ودعا بناء على ذلك إلى خفض ميزانيتها. وتعدّ واشنطن أكبر مساهم مالي في الأمم المتحدة، وتؤمن 28,5 في المائة من 7,3 مليارات دولار هي موازنة عمليات حفظ السلام، و22 في المائة من 5,4 مليارات تشكل موازنة عملانية.
ويرى بعض الدبلوماسيين أن خفض موازنة المفوضية العليا للاجئين إلى النصف سيجعلها غير قادرة على العمل، وخصوصاً أنها تعول على المساهمة الأميركية بنسبة أربعين في المائة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
واللافت أن الإعلان الأميركي تجنب الخوض في الأرقام، واكتفى بتعداد المبادئ الكبرى.
وعلق دبلوماسي وقّعت بلاده الإعلان، ولم يشأ كشف هويته، أنه حدث كبير، لأن دونالد ترمب سبق أن انتقد الأمم المتحدة، وإذا به يأتي عشية الجمعية العامة ليكون ضيفاً على حدث محوره الإصلاح، وهدفه دعم أنطونيو غوتيريش». واعتبر الدبلوماسي الذي تحدث للوكالة الفرنسية أن «لكل أجندته وأفكاره، سواء الأميركيين أو الأمين العام أو نحن، لكننا نتبنى مبادئ أساسية مشتركة»، مشيداً بالعدد الكبير من الموقعين.
وقالت هايلي بهذا الصدد أمس: «نصبح أقوى حين نتكلم بصوت واحد». وأضافت هايلي التي نظمت اجتماع أمس، أن إعلان دعم إصلاح الأمم المتحدة أطلق لإعطاء الزخم لجهود الأمين العام غوتيريش لإضفاء مزيد من الفعالية والشفافية والمساءلة على عمل الأمم المتحدة.
وفي يونيو (حزيران) الماضي، تمكنت السفيرة الأميركية من انتزاع خفض بواقع 600 مليون دولار لعمليات حفظ السلام. لكن ما سهل هذا الأمر انتهاء بعض المهمات أو تغييرات في ساحل العاج وهايتي.
وضمن إجراءات التوفير، يأمل غوتيريش بأن يخفض خلال 2017 و2018 النفقات المتصلة بالأسطول الجوي للأمم المتحدة بنسبة 15 في المائة.
وتبدأ اليوم الخطابات الرسمية في إطار الجمعية العامة السنوية للأمم المتحدة، وأبرزها للرئيسين الأميركي والفرنسي وقادة المغرب وتركيا وإسرائيل. وستكون الأزمات العالمية وخصوصا أزمة كوريا الشمالية، إضافة إلى ملف المناخ، في صلب النقاشات.
ويترقب المجتمع الدولي خطاب الرئيس ترمب، الذي سيتطرق إلى استفزازات كوريا الشمالية، وسيطالب بحشد تأييد عالمي للضغط على كوريا الشمالية للتخلي عن الأسلحة النووية ووقف تهديداتها. ومن المرجح أيضا أن يتطرق إلى الاتفاق النووي مع إيران والجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.