1.5 مليون ناخب مسلم يميلون إلى أحزاب اليسار الألماني

استطلاعات الرأي ترسم صورة مبهمة للتحالفات المحتملة

مظاهرة لأنصار حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف في دريسدن أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة لأنصار حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف في دريسدن أمس (إ.ب.أ)
TT

1.5 مليون ناخب مسلم يميلون إلى أحزاب اليسار الألماني

مظاهرة لأنصار حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف في دريسدن أمس (إ.ب.أ)
مظاهرة لأنصار حزب «البديل لألمانيا» اليميني المتطرف في دريسدن أمس (إ.ب.أ)

لم تتغير خريطة التوقعات الانتخابية قبل أسبوع من موعد الانتخابات الألمانية، ولا يزال التحالف المسيحي الذي تقوده المستشارة أنجيلا ميركل يتفوق بنحو 16 في المائة على الحزب الديمقراطي الاشتراكي.
وربما أن الجديد الوحيد وفق البارومتر السياسي، الذي تبثه القناة الثانية في التلفزيون الألماني، هو أن خريطة التحالفات المتوقعة أصبحت أكثر تعقيداً، حيث تشير نتائج استطلاع الرأي الأخيرة إلى أن التحالف الكبير المحتمل بين المسيحيين والاشتراكيين لن يحقق 51 في المائة، كما وجدت الدراسات السابقة. وتتوقّع الاستطلاعات أن ينال التحالف المسيحي نسبة 38 في المائة، وأن يحقق الحزب الديمقراطي الاشتراكي نسبة 22 في المائة، فيحصلان على نسبة لا تتعدى 50 في المائة، لكنها تؤهلهما للحكم معاً، بحكم أن ما تحققه الأحزاب الأخرى الصغيرة مجتمعة ترتفع إلى 36 في المائة، أي 9 في المائة فقط لكل من حزب الخضر وحزب اليسار والحزب الليبرالي وحزب البديل لألمانيا.
كما لا تؤهل هذه النتائج الحزب الديمقراطي المسيحي للحكم بالتحالف التقليدي مع الليبراليين، لأنهما يشكلان 47 في المائة معاً، في حين تشكل بقية الأحزاب 49 في المائة. ويبرز هنا احتمال ضعيف مفاده تحالف المسيحيين والليبراليين مع الخضر. إلا أن الاتحاد الاجتماعي المسيحي، الحزب البافاري الشقيق للحزب الديمقراطي المسيحي، أعلن رفضه التحالف مع الخضر مسبقاً.
وبنسبة 22 في المائة فقط، يكون الحزب الديمقراطي الاشتراكي قد بلغ أدنى إنجازاته منذ تأسيس ألمانيا الاتحادية بعد الحرب العالمية الثانية. ولا يبلغ المرشح الاشتراكي مارتن شولز ما حققه المرشح الاشتراكي السابق فرانك فالتر شتاينماير، وزير الخارجية السابق ورئيس الجمهورية الحالي، الذي نال 25 في المائة في انتخابات سنة 2013.
هكذا يتوقع أن يصوت عموم الألمان في الانتخابات، بحسب آخر استطلاعات الرأي، ولكن كيف يصوت المسلمون المقيمون في ألمانيا؟
يرتفع عدد المسلمين الذي يملكون حق الاقتراع في ألمانيا إلى نحو 1.5 مليون، يشكل الأتراك 900 ألف منهم. وتتقسم النسبة الأخرى بين مسلمي يوغوسلافيا السابقة، والمسلمين من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وهناك فارق واضح في موقف المسلمين بحسب مواطنهم الأصلية. إذ دعا المجلس الأعلى للمسلمين كل المسلمين الألمان للمساهمة النشطة في الانتخابات، في حين دعا الرئيس التركي رجب طيب إردوغان «أتراك ألمانيا» إلى عدم التصويت لصالح الأحزاب «المعادية» لبلاده، مثل التحالف المسيحي والحزب الديمقراطي الاشتراكي وحزب الخضر.
وتتفق آراء السياسيين على أن دعوة الرئيس التركي لن تستجيب لها سوى نسبة ضئيلة جداً من الجالية التركية. ومن غير المعتقد أن ينجح المسيحيون في كسب أصوات المسلمين الألمان بفضل سياسة الانفتاح على اللاجئين وفتح أبواب البلد أمام المهاجرين. ومراجعة سريعة إلى نتائج استطلاع للرأي، أجراه معهد «داتا فور يو» بعد انتخابات 2013، تبيّن أنّ الأتراك صوتوا بنسبة 64 في المائة لصالح الاشتراكيين، وبنسبة 7 في المائة فقط للمسيحيين. كما نال اليسار والخضر نسبة 12 في المائة لكل منهما، وهذا يكشف ميلاً واضحاً نحو الاشتراكيين واليساريين بنسبة 88 في المائة. علماً بأن الأحزاب التركية الصغيرة لم تحقق أكثر من 0.2 في المائة، ويكشف ذلك أن مزدوجي الجنسية الأتراك يصوتون بقلوب ألمانية. وكانت نسبة المساهمين في التصويت بينهم ترتفع إلى 71.2 في المائة، ولا تختلف عن نسبة المشاركة بين الألمان.
ويقول إندرياس فوست، الخبير في مركز الأبحاث الاجتماعية الأوروبي في مدينة مانهايم، إن المسلمين في ألمانيا تهمّهم المواضيع الانتخابية نفسها التي تهم الألمان مثل العمل والدراسة والصحة والتقاعد والضرائب. ويختار المسلمون الاشتراكيين والخضر واليسار، لمواقفهم الواضحة من قضايا الدين والهجرة مقارنة بالمحافظين.
ولا يتوقع فوست أن ينال حزب البديل لألمانيا اليميني الشعبوي أي دعم من طرف مسلمي ألمانيا، خصوصاً أن ناخبي هذا الحزب يسهمون أيضاً في مظاهرات الحركات المعادية للإسلام وفي بعض الاعتداءات على المساجد.
ويلاحظ الباحث ميشائيل بلومه أن الأتراك ينتخبون حزب إردوغان في تركيا، لكنهم ينتخبون اليسار في ألمانيا. ويضيف أن فتح أبواب الهجرة أمام اللاجئين لن يغير موقف المسلمين الألمان كثيراً، لأن المهاجرين الأقدم ينظرون أيضاً إلى المهاجرين الجدد بقلق، بسبب المنافسة في العمل والمخاوف من الإرهاب والجريمة.
وكما الحال في انتخابات 2013، وجه مجلس التنسيق بين مراكز المسلمين، مذكرة إلى كل الأحزاب الألمانية يسألها رأيها في مختلف المواضيع، كي يضع النتائج بين أيدي المسلمين عندما يصوتون. وتحتوي المذكرة على 30 سؤالاً تمس 30 موضوعاً انتخابياً تشمل الموقف من الحجاب والمهاجرين وحروب الشرق الأوسط. وذكرت مصادر مجلس التنسيق أنه تلقى أجوبة كل الأحزاب الكبيرة التي يعتقد أنها ستصل إلى البرلمان المقبل، عدا عن حزب البديل لألمانيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».