الاتفاق النووي الإيراني على المحك في أكتوبر المقبل

مفاعل «بوشهر» النووي الإيراني - أرشيف («الشرق الأوسط»)
مفاعل «بوشهر» النووي الإيراني - أرشيف («الشرق الأوسط»)
TT

الاتفاق النووي الإيراني على المحك في أكتوبر المقبل

مفاعل «بوشهر» النووي الإيراني - أرشيف («الشرق الأوسط»)
مفاعل «بوشهر» النووي الإيراني - أرشيف («الشرق الأوسط»)

يواجه الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران والقوى العالمية عام 2015 امتحانا عسيرا في الأمم المتحدة هذا الأسبوع؛ إذ يحاول الأوروبيون إقناع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب المتشككة بالحفاظ عليه، بينما تضغط إسرائيل من أجل زيادة الضغوط على خصمها الإقليمي.
ويتعين على ترمب اتخاذ قرار قد يعصف بالاتفاق بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
ويوم الخميس الماضي كرر ترمب رأيه السابق بأن إيران تنتهك "روح" الاتفاق الذي حصلت طهران بمقتضاه على تخفيف أعباء العقوبات المفروضة عليها مقابل تقييد برنامجها النووي.
وقد وصف الرئيس الاميركي الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في عهد سلفه الديمقراطي باراك أوباما، بأنه "أسوأ اتفاق تم التفاوض عليه على الإطلاق".
وأثارت إمكانية تبرؤ واشنطن من الاتفاق قلق بعض حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين الذين ساعدوا في التفاوض عليه وخاصة في وقت يواجه فيه العالم أزمة نووية أخرى تتمثل في برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية.
وقال دبلوماسي أوروبي كبير شارك في عملية التفاوض التي استغرقت 18 شهرا وأدت إلى الاتفاق "كلنا نشارك الولايات المتحدة قلقها بخصوص دور إيران في زعزعة الاستقرار في المنطقة، لكننا نجازف بفقدان كل شيء بخلط الأمور".
ويتعين على ترمب أن يبت في أكتوبر فيما إذا كان سيشهد بأن إيران ملتزمة بالاتفاق المعروف باسم "خطة العمل المشتركة الشاملة"، وإذا لم يشهد بذلك فأمام الكونغرس 60 يوما للبت فيما إذا كان سيعيد فرض العقوبات التي رُفعت بمقتضى الاتفاق.
وأمس الأحد قال الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي إن بلاده سترد ردا قويا على أي "خطوة خاطئة" من جانب واشنطن فيما يخص الاتفاق النووي.
من جانبها، دافعت فرنسا اليوم بقوة عن الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران قائلة إن من المحتمل إجراء محادثات لمواصلة تطبيق الاتفاق بعد انتهائه عام 2025 ، لكن السماح بانهياره قد يدفع جيران إيران للسعي لامتلاك أسلحة نووية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان للصحفيين "من الضروري الحفاظ عليه لتفادي انتشار (الأسلحة النووية). خلال هذه الفترة التي نشهد فيها مخاطر من كوريا الشمالية ينبغي أن نحافظ على هذا الخط". وأضاف "ستحاول فرنسا إقناع الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب بمدى ملائمة هذا الاختيار (الحفاظ على الاتفاق) حتى لو كان بالإمكان القيام بعمل لاستكمال الاتفاق (بعد 2015)".
وقال لو دريان على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إن انهيار الاتفاق قد يؤدي إلى سباق تسلح إقليمي.
وأوضح لو دريان أيضا موقف فرنسا المعارض لإجراء استفتاء على استقلال إقليم كردستان العراق قائلا إن الدستور العراقي ينص على مواد مهمة بشأن الحكم الذاتي للإقليم الواقع بشمال العراق و"كل المبادرات الأخرى غير مناسبة". وقال أيضا إن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي وهي بريطانيا والصين وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة ستناقش يوم الخميس إمكانية تشكيل مجموعة اتصال بشأن سوريا.



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».