دعوات لإقرار حوافز أكبر لتجاوز ضعف أداء البورصة التونسية

الحضور الأجنبي فيها محدود ولا تساهم إلا بقيمة سبعة في المائة في تمويل الاقتصاد

دعوات لإقرار حوافز أكبر لتجاوز ضعف أداء البورصة التونسية
TT

دعوات لإقرار حوافز أكبر لتجاوز ضعف أداء البورصة التونسية

دعوات لإقرار حوافز أكبر لتجاوز ضعف أداء البورصة التونسية

أكد فاضل عبد الكافي رئيس بورصة تونس أن «مساهمة البورصة في تمويل الاقتصاد التونسي لا تزال ضعيفة ولا تمثل سوى سبعة في المائة من مجمل الاستثمارات». واستعرض عبد الكافي في ندوة نظمتها بورصة تونس الخميس الماضي بالعاصمة التونسية تحت عنوان «كيف يمكن للبورصة تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة؟»، أهم الأرقام التي سجلتها البورصة في الفترة الأخيرة وأبرز نقاط الضعف التي تعانيها.
وقال حكيم بن حمودة وزير الاقتصاد والمالية في تدخله خلال هذه الندوة إن «دور البورصة في تمويل الاقتصاد التونسي لا يزال محدودا رغم وجود بعض المؤشرات الطيبة»، مبرزا أن المصاعب التي يمر بها القطاع البنكي التونسي تفرض اليوم تنمية مساهمة البورصة في تمويل الاقتصاد التونسي. وأشار بن حمودة إلى تحسن العرض بدخول عدد من المؤسسات إلى بورصة تونس، معلنا أن وزارته بصدد «إعداد جملة من الإجراءات لدفع المؤسسات نحو البورصة»، مبديا تفاؤل بالمستقبل في هذا الصدد.
من جانبها قالت وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (منظمة الأعراف التونسية) إن «الاهتمام بتمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تمثل الجزء الأهم في النسيج الاقتصاد لتونس يعد مهمة نبيلة في الظروف الاقتصادية الاستثنائية التي تمر بها البلاد».
أما الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي فيرى أن تونس «لم تنجح إلى حد الآن بالقدر الكافي في توجيه المؤسسات للبحث عن التمويل من خلال البورصة»، مضيفا قوله إن عملية إصلاح النظام البنكي التونسي الجارية حاليا «تجري بالتعاون مع السوق المالية».
وتشير الأرقام التي جرى تداولها خلال هذه الندوة إلى أن 15 مؤسسة جديدة أدرجت في البورصة خلال السنة ونصف سنة الأخيرتين ليبلغ عدد الشركات المدرجة 73 شركة. وبلغت قيمة الأموال التي رفعت للمؤسسات خلال هذه الفترة 650 مليون دينار تونسي (406 ملايين دولار أميركي) و600 مليون دينار تونسي لخزينة الدولة (375 مليون دولار أميركي)، ويؤمل دخول نحو سبع شركات جديدة إلى البورصة قبل نهاية السنة. وتبلغ مجمل تمويلات البورصة للمؤسسات التونسية منذ إنشائها نحو 15 مليار دينار تونسي (9.4 مليار دولار أميركي) لا يتعدى نصيب المستثمرين الأجانب منها أربعة في المائة. وهو ما يجعل من بورصة تونس «أكثر البورصات انغلاقا أمام المستثمرين الأجانب»، حسب قول فاضل عبد الكافي رئيس البورصة الذي أشار أيضا إلى «غياب الإجراءات المشجعة على توجه المؤسسات إلى البورصة» ووجوب «توفر المزيد من الإرادة السياسية لدفع أداء بورصة تونس نحو الأفضل».
كما جرت الإشارة في هذه الندوة إلى ضعف إقبال المؤسسات المالية الأخرى على غرار شركات التأمين والصناديق الاجتماعية على الاستثمار في الأسهم واعتماد بورصة تونس بالأساس على صغار حاملي الأسهم الذين ما فتئ عددهم يتزايد حسب بعض المتدخلين.
وتجدر الإشارة إلى أن أغلب المؤسسات المكونة للنسيج الاقتصادي التونسي هي مؤسسات ذات طابع عائلي وليس لها تقاليد في التوجه نحو البورصة ويفضل أصحابها التعامل مع البنوك أو شركات المخاطرة في صورة حاجتها للتمويل.
ويأتي انعقاد هذه الندوة على هامش تنظيم صالون «إنفيستيا» للبورصة والخدمات المالية في دورته الثانية الذي افتتح أمس ويتواصل على مدى ثلاثة أيام ليكون وجهة للباعثين والمستثمرين والمشرفين على مؤسسات السوق المالية التونسية بمختلف أنواعها وتخصصاتها.



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.