مطالب عربية بتحقيق دولي إزاء مخالفات لجنة حقوق الإنسان القطرية

طالبت الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان، الأمم المتحدة، بضرورة مراجعة عمل ومهنية لجنة حقوق الإنسان القطرية، كما طالبت المفوضية الأممية لحقوق الإنسان بالتحقيق وإعادة التصنيف الحالي الممنوح للجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان من جانب التحالف العالمي لمؤسسات حقوق الإنسان الوطنية، وإعادة تقويم وفحص عمل وأداء اللجنة القطرية في الترويج لحقوق الإنسان وحمايتها في قطر.
واستندت الفيدرالية العربية في مطالبتها على مخالفة اللجنة القطرية أهم مبادئ عمل اللجان الوطنية لحقوق الإنسان، حيث فندت في تقرير، قالت إنه مدعوم بالأدلة القانونية والعملية والواقعية في 24 صفحة، المزاعم الواردة في تقارير اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر، بشأن تبعات ما تصفه الدوحة بالحصار على مختلف أوجه الحياة فيها، حيث سلم وفد من الفيدرالية العربية برئاسة الدكتور أحمد الهاملي التقرير إلى فلادلن ستيفانوف، مدير إدارة المؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني والتعاون التقني والعمليات على الأرض، في مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وتضم أكثر من 40 منظمة وهيئة وجمعية حقوقية من مختلف أنحاء العالم العربي. وجاء استقبال المسؤول الأممي لوفد الفيدرالية العربية أول من أمس (الخميس) إقراراً واضحاً بمهنية عمل الفيدرالية وصدقية تقاريرها لدى مختلف المؤسسات الأممية والأهلية المعنية بحقوق الإنسان.
وقال الهاملي، في تصريحات عقب تسليم التقرير للمسؤول الأممي، إن إعداده «بني على دراسة المواثيق والمعاهدات الدولية والتشريعات والنظم الوطنية والقرارات الوزارية والممارسات العملية في السعودية والإمارات والبحرين». وأضاف أن «مبادئ معاهدة باريس المتصلة التي تنظم عمل المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان» كانت واحدة من الركائز الأساسية للتقرير غير المسبوق.
وأكد الدكتور الهاملي أن الوقائع والحقائق التي تم تقصيها ورصدها عبر فرق الرصد والمتابعة من جانب الفيدرالية العربية لحقوق الإنسان «هي من أهم الوثائق التي تثبت مصداقية التقرير»، مبدياً استغرابه من مخالفة اللجنة القطرية أهم مبادئ عمل اللجان الوطنية لحقوق الإنسان، وهو «القيام بدور حاسم في دعم ومراقبة التطبيق الفعال لمعايير حقوق الإنسان الدولية على أرض الواقع في الدول التي تنتمي إليها هذه اللجان».
وأشار التقرير إلى إصرار اللجنة القطرية على أن المقاطعة الرباعية لها حصار غير شرعي، وأن المقاطعة تختلف جذرياً عن الحصار، موضحاً أن المقاطعة «هي عبارة عن قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية من جانب دولة أو مجموعة من الدول مع دولة أخرى، وهي حق سيادي لجميع دول العالم في أن تقيم أو تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع أي دولة في حال سعت الأخيرة لإثارة القلاقل والمساس بأمن واستقرار الدول المقاطعة».
وأكد أن هذا ما ينطبق على الحالة القطرية «التي أثبتت التقارير الدولية الصادرة، ليس فقط من دول المقاطعة، وإنما من دول أخرى كالولايات المتحدة، تورط قطر في تمويل الإرهاب وإيواء الإرهابيين على نحو يهدد ليس أمن جيرانها فحسب، بل الأمن العالمي أجمع».
وأضاف التقرير أنه مما يدحض ادعاءات اللجنة الوطنية القطرية بوصف الوضع بأنه حصار «التعليمات الواضحة من حكومات الدول المقاطعة بمراعاة الحالات الإنسانية، لا سيما في الأسر المشتركة، بالإضافة إلى التصريح الصادر من وزير الخارجية السعودية عادل الجبير باستعداد المملكة لتوفير كل احتياجات القطريين من الغذاء والدواء، فكيف لدولة تريد أن تحاصر قطر - كما تزعم اللجنة القطرية لحقوق الإنسان - هي الدول ذاتها التي تعرض مساعداتها بتوفير الاحتياجات الإنسانية». وتناول التقرير مزاعم قطر بشأن تفتيت أواصر الأسر خصوصاً النساء والأطفال، ووصفها بأنه لا تستند إلى أسس منطقية أو سليمة، موضحاً أن «قرار المقاطعة وما ترتب عليه من آثار منطقية لا يعد خرقاً لقواعد القانون الدولي لحقوق الإنسان ولا يعتبر انتهاكاً للدول الثلاث لالتزاماتها التعاقدية، بل هو نتاج طبيعي للأزمة السياسية بين حكومات الدول الثلاث والحكومة القطرية، الذي من خلاله مارست تلك الدول حقها السيادي على إقليمها البري، والبحري والجوي، حفاظاً على أمن واستقرار مواطنيها والمقيمين على أراضيها من أي أزمات أو أحداث قد تتفاقم في ظل الأزمة السياسية القائمة أو تمس سلباً الحقوق والحريات المحمية بموجب مختلف المواثيق الدولية».
ونوه بأن السعودية والإمارات والبحرين أصدرت توجيهاتها «باتخاذ التدابير اللازمة في سبيل حماية وتعزيز الحقوق والحريات الخاصة بالأسر المشتركة، ومثال ذلك التدابير الخاصة بتخصيص هواتف مجانية لتلقي تلك الحالات واتخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، كإنشاء لجان لتلقي الحالات وإجراء أعمال التنسيق اللازمة للحيلولة دون تعرض أي عائلة لخطأ ينتج عنه المساس بوحدتهم الأسرية».
وأوضح التقرير بشأن ما تدعيه لجنة حقوق الإنسان القطرية بأضرار المقاطعة بحق القطريين في التعليم، أن «الحق في التعليم وفق المواثيق الدولية حق إنساني لكل إنسان في الدولة التي يعيش فيها، وبالتالي فإن مطالبة اللجنة القطرية لحقوق الإنسان حكومات دول المقاطعة بتوفير التعليم للمواطنين القطريين لا يوجد له أساس قانوني في المواثيق الدولية، بل إن الحكومة القطرية يقع على عاتقها الالتزام بتوفير التعليم لرعاياها وجعله متاحاً للجميع».
كما فند تقرير الفيدرالية مزاعم قطر بشأن انتهاك حرية الرأي والتعبير في دول المقاطعة الثلاث فيما يخص الموقف من الدوحة وسياساتها. وقال إنه لم يحدث أي تغيير قانوني على الإطلاق في الإمارات في هذا الشأن.
وفي إشارة إلى بيان النائب العام الإماراتي الذي استشهدت به اللجنة القطرية، فإنه «يحق للنائب العام تحذير مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي من إساءة استخدام تلك المواقع بشكل يسيء لدولة الإمارات ورموزها أو يمثل تواطؤاً من الأجهزة الأمنية القطرية أو دعماً لنهج الحكومة القطرية التي تدعم وبشكل واضح الفكر المتطرف والإرهاب».
وأشار إلى اعترافات ضابط المخابرات القطري حمد علي محمد الحمادي (33 سنة) الذي تم القبض عليه في الإمارات عام 2015، حيث أقر واعترف صراحة بالدور التخريبي واسع النطاق الذي اعتمدته الحكومة القطرية على مدى سنوات لاستهداف دولة الإمارات ومختلف دول المنطقة، من خلال إنشاء حسابات وهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي (حساب بوعسكور وقناص الشمال) تهدف إلى الإساءة للإمارات ورموزها.
وفيما يتصل بحرية الصحافة والتعبير، قالت الفيدرالية العربية في تقريرها، إنه «من خلال الرصد الميداني وتقصي الحقائق تبين لها أن الدول الثلاث لم تجبر الصحافيين والإعلاميين المنتمين لها والعاملين في قطر على تقديم استقالتهم».
وأضافت أنه «على العكس تماماً، كثير من الإعلاميين والصحافيين من جنسيات الدول الثلاث تقدموا باستقالتهم طواعية ورغبة منهم في دعم توجهات حكوماتهم التي ترمي إلى تجفيف منابع الإرهاب والتطرف التي تدعمها المنابر الإعلامية القطرية، بل إن مختلف المؤسسات الإعلامية في الدول الثلاث فتحت أذرعها لاستقبال الإعلاميين المستقيلين من قطر وقامت بتوفير الشواغر الوظيفية المناسبة لهم».
وأفرد التقرير مساحة كبيرة للرد على المزاعم القطرية بشأن الحرمان من التنقل والإقامة وتقييد ممارسة الشعائر الدينية. وقالت الفيدرالية العربية إنها «تستغرب بشدة» ادعاءات لجنة حقوق الإنسان القطرية بهذا الشأن.
وأشارت الفيدرالية العربية في تقريرها إلى أن تلك الادعاءات ليس لها أي أساس من الصحة، مشيدة بجهود المملكة في تسهيل أمور المعتمرين من مختلف دول العالم، مستشهداً في بيان الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الذي تناول توجيهات القيادة العليا في السعودية الذي أكد تقديم كل الخدمات وتسهيل أمور المعتمرين من كل دول العالم، بما في ذلك الأشقاء في دولة قطر.
كما قالت الفيدرالية إن الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي نوهت في بيانها بأنها استقبلت 1633 معتمراً قطرياً أدوا مناسك العمرة على الرغم من المقاطعة والأزمة السياسية بين الدولتين، وإن ما يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما هي إلا افتراءات بحق السعودية.
وأشارت إلى تأكيد الرئاسة العامة أن القطريين يؤدون نسكهم وعباداتهم في المسجد الحرام بكل يسر وسهولة واطمئنان، ويستفيدون من جميع الخدمات التي تقدمها حكومة السعودية في الحرمين الشريفين.
وتساءل التقرير: «هل اعتمدت اللجنة القطرية في افتراءاتها على السعودية على أدلة واقعية، حقيقية وموثوقة؟ أم أنها اعتمدت على الأكاذيب المنشورة في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي؟ أين دور اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان في التحقيق وتقصي الحقائق من مصدرها الأصلي وبشكل موضوعي وحيادي، دون تحيز للحكومة القطرية ومحاولة استعطاف الرأي العام العالمي؟».
واتهم تقرير الفيدرالية اللجنة القطرية «بالسعي إلى تدويل الأزمة واستعطاف الرأي العام العالمي والمنظمات الأممية والدول الغربية من خلال استغلال ملف حقوق الإنسان وخلق ادعاءات وافتراءات بوجود انتهاكات للحقوق والحريات، المنصوص عليها في المواثيق والمعاهدات الدولية، من جانب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومملكة البحرين».
ويبرهن تقرير الفيدرالية العربية أن اللجنة القطرية خالفت كل هذه المبادئ الواضحة القاطعة «لأنها لم تعالج الشكاوى الواردة إليها بهذه الطريقة، بل صعدت الموقف وهولت الأزمة ولفقت التهم للدول الثلاث دون أي رصد حقيقي أو تقصٍ للحقائق والانتهاكات المزعومة».
ويدفع التقرير بأنه بمقاطعة السعودية والإمارات والبحرين لقطر، إنما تصرفت «بموجب ما لها من سيادة على أقاليمها وقامت باتخاذ كثير من التدابير الوقائية والحمائية لضمان أمنها واستقرارها وكذلك حماية الأمن الإقليمي والعالمي في مواجهة التطرف والإرهاب».