ماكماستر: إيران تنتهك الاتفاق النووي وتزرع الإرهابيين في الشرق الأوسط

مستشار الأمن القومي الأميركي في حوار تنشره

TT

ماكماستر: إيران تنتهك الاتفاق النووي وتزرع الإرهابيين في الشرق الأوسط

بدا الجناح الغربي في البيت الأبيض غارقاً في الفوضى. صناديق في كل مكان. بعد عملية التجديد التي جرت في أغسطس (آب) الماضي، كان هناك كثير من الطرود التي لم تُفتح، لكن الجدران كانت مطلية بألوان جديدة.
بطريقة ما، تعكس هذه الصورة ما يمر به البيت الأبيض. فبعد الخروج الصاخب لستيف بانون ومعه سباستيان غوركا المحسوب عليه، فاز أنصار «العولمة»، كما يحب بانون أن يُسميهم. فقد فاز إتش آر ماكماستر وغاري كوهين وجاريد كوشنر. لكن ماكماستر الذي كان مثاراً للإشاعات الكاذبة والتسريبات المتعمدة التي تزامنت مع المعارك الداخلية، لم يظهر بمظهر المنتصر. ومع ذلك، وصل الجنرال المخضرم إلى البيت الأبيض ليقود السياسة الخاصة بالملفين النوويين لكوريا الشمالية وإيران، وليزيد حدة الحرب على الإرهاب. وفي الواقع، ماكماستر - مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي - معتاد على الوجود في مناطق القتال أكثر من اعتياده التعامل مع الإشاعات التي تملأ عادة العاصمة الأميركية.
ولذلك، فقد حان الوقت الآن لأن ننظر معه للمرة الأولى وبعمق إلى إدارة دونالد ترمب وما تفعله في كل مكان في العالم.
من الطبيعي أن يُستهل اللقاء بتهديدين نوويين معلقين: إيران وكوريا الشمالية.

> مر الآن عامان من أصل 10 أعوام من عمر هذا الاتفاق المثير للجدل. أين نقف؟
- كما كرر الرئيس ترمب، الاتفاق النووي الإيراني هو الأسوأ في كل العصور لعدة أسباب من ضمنها أن إيران قد تسلّمت مقدماً جميع المكاسب التي ستعود عليها جراء هذا الاتفاق. سينتهي الاتفاق بعد 8 أعوام - فقد مر عامان حتى الآن، وإيران تستطيع الانتظار حتى انتهاء فترة الاتفاق. عندها، سيكون نظام إيران على عتبة الانتقال إلى مرحلة إنتاج الأسلحة النووية بسرعة كبيرة. وطوال هذا الوقت، ستتمكن إيران من تطوير منظومة الصواريخ وإيصالها إلى هدفها. وسيتخذ الرئيس ترمب قراره الخاص بمشاركتنا في خطة العمل الشاملة المشتركة وفق أولوياته، وهي ضمان أمن الشعب الأميركي. فمهمة إدارته هي تقديم عدد كبير من الخيارات له كي يقرر في شأنها، مع الأخذ في الاعتبار ضمان أمن الأميركيين. فما دام أن الولايات المتحدة موجودة وما دام استمر شركاؤنا أطرافاً في الاتفاق، علينا إلزام إيران بواجباتها المنصوص عليها في الاتفاق. نعلم أن إيران قد انتهكت الاتفاق بالفعل. فمثلاً، ينص الاتفاق على أنه في حال انتهكت إيران بنود الاتفاق يتحتم علينا إخطارها بذلك، وفي حال عادت والتزمت به بعد وقت محدد، حينها لن تُعتبر مخالفة. وذلك أحد الأسباب التي تجعل الاتفاق رائعاً بالنسبة لإيران وخطراً على غيرها، ولذلك فأول خطوة هي تنفيذ بنود الاتفاق بصرامة. فهناك مختلف أنواع التفتيش التي يمكن إجراؤها لكنها لا تتم، وهناك أساليب للمراقبة لم يتم اللجوء إلى تطبيقها. على جميع الأطراف أن تصر على التنفيذ بمنتهى الصرامة.
الرئيس أعلن بالفعل أن النظام الإيراني لا يلتزم بما يتوجب عليه، وبالتأكيد لا يلتزم بروحية هذا الاتفاق. وبدل المساهمة في إحلال السلام والأمن في المنطقة، بحسب ما يدعو الاتفاق، فقد لجأت إيران إلى استخدام وكلاء وشبكات إرهابية لإثارة العنف واستهداف المدنيين الأبرياء بمختلف أرجاء الشرق الأوسط. ويعمل النظام الإيراني على زرع هذه الشبكات ومدها بأسلحة مدمرة بوتيرة متزايدة في الوقت الذي عملوا فيه على مد جسور تربط إيران بلبنان وسوريا.

كوريا الشمالية

> أنا على ثقة بأننا نسعى إلى معرفة الخطوات المقبلة لزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
- فيما يخص ما سيحدث لاحقاً (في خصوص كوريا الشمالية)، من المستحيل توقع ذلك. نحن نتحدث عن نظام ارتكب جرائم وحشية في حق شعبه، ونفّذ عملية إعدام علنية في مطار عام باستخدام غاز أعصاب محظور، ودائماً ما يبدي هذا النظام عدم احترامه لالتزاماته الدولية. فكيف لنا أن نتوقع أفعال نظام مثل هذا النظام، لا سيما في خصوص استخدامه أكثر أسلحة الدمار فتكاً على وجه الأرض؟
بالإضافة إلى توحيد مواقف كثير من الدول وإيجاد حالة إجماع، حقق الرئيس ترمب إنجازاً عظيماً تمثل في التعاون مع الصين وزيادة تعاون بكين في الضغط على كوريا الشمالية من خلال فرض مزيد من العقوبات وتطبيق العقوبات الحالية بصرامة أكبر. قد تكون هناك حدود لما تعتزم الصين فعله. عموماً سنرى ما سيحدث. لكن ما من شك في أن الصين لديها دافع أكثر من أي دولة أخرى لإقناع كوريا الشمالية بأن مواصلة تطوير الأسلحة النووية تشكل تهديداً للأمن القومي لبيونغ يانغ نفسها. فنحن لا نطالب الصين بأن تسدي جميلاً لنا أو لأي دولة أخرى، فمن الواضح للعيان أن كوريا الشمالية بترسانتها النووية تمثل تهديداً للصين.
الرئيس أوضح تماماً للعالم أن بيونغ يانغ تمثّل تهديداً كبيراً لنا جميعاً. ولأنها مشكلة دولية، فإننا نرى العالم الآن وقد انضم لنا في فرض العقوبات على كوريا الشمالية.
المختلف اليوم عن الماضي هو سرعة تطور الأمور. فكوريا الشمالية تعمل على تطوير صواريخها وقدراتها النووية بسرعة كبيرة، وليس لدينا وقت.
> ما دام أنه ليس لدينا الوقت، هل سنسلك جميع الطرق الممكنة مثل المحادثات المباشرة؟
- أصدر الرئيس تعليماته لنا بعدم تكرار أخطاء الماضي، فجهود الماضي لم تسفر سوى عن مفاوضات مطولة استغرقت زمناً طويلاً ولم تكن نتائجها مرضية، ولم نخرج بها سوى باتفاقات هشة سرعان ما انتهكتها كوريا الشمالية. بعد ذلك لم تبدِ أي تقدم ولو بسيط في المفاوضات، وعاودت كوريا الشمالية تطوير برامج تسليحها وبات ذلك بمثابة الأمر الواقع الجديد.
> حتى إن سنحت الفرصة، هل سترفض اللقاء المباشر مع كوريا الشمالية؟
- لا يعتقد الرئيس أن الوقت الحالي هو الأنسب للدخول في مفاوضات مع كوريا الشمالية، خصوصاً في ضوء استمرارها في أفعالها العدائية. فقد صرحنا مراراً بأن باب الحوار مفتوح، لكن على كوريا الشمالية أن تتخذ خطوتها الأولى بالتوقف عن أفعالها الاستفزازية المتزايدة وتشرع في إجراءات نزع سلاحها النووي.

جنوب آسيا: أفغانستان وباكستان

> أفغانستان: ما سياستكم الحالية هناك؟ ماذا نعمل على تغييره هناك بالضبط؟
- لقد ركزنا لزمن طويل على التكتيك، وكانت وسيلتنا الجدال بشأن الأعداد المحددة للقوات في الوقت الذي كان فيه من الأولى مناقشة الاستراتيجية وكيفية تحقيق نتائج مستدامة في أفغانستان وجنوب آسيا، بما يتناسب مع المصالح الحيوية للولايات المتحدة ولحلفائها. وقد طالب الرئيس بتقييم شامل للوضع هناك وتحدى الافتراضات وأثار كل الأسئلة الصعبة. وجّه الرئيس بتطوير استراتيجية تعطي أولوية لأمن المواطنين الأميركيين وللأراضي الأميركية، وتعطي قوات الولايات المتحدة وأفغانستان والتحالف كل الأدوات والصلاحيات الضرورية لإلحاق الهزيمة بالعدو، وهو ما يمكن المحافظة عليه مع مرور الوقت، ويجعل الجميع يتشاركون في المسؤولية وفي تحمل الأعباء.
تختلف سياسة جنوب آسيا التي كشف عنها الرئيس ترمب في 21 أغسطس الماضي عن السياسات التي تبنتها الإدارات السابقة في عدة أوجه كما يلي:
- ليست هناك جداول زمنية للانسحاب، فالأوضاع على الأرض هي ما ستحرك الاستراتيجية. فطالبان والقاعدة وغيرهما من الجماعات الإرهابية لن ينتظروننا (كي ننسحب)، والولايات المتحدة لن تكرر خطأ الإعلان عن خططها لأعدائها.
- الاستراتيجيات تشمل جهوداً سياسية ودبلوماسية وعسكرية، وسنكون واقعيين فيما يمكننا فعله. فالإدارة السابقة عملت على الدخول في صفقة مقايضة مع طالبان في الوقت الذي شرعت فيه القوات الأميركية في الانسحاب. كان اندفاعاً في اتجاه الفشل في وضع يذكّرنا بالخلاف بشأن العراق الذي أدى إلى نمو «داعش» في 2014. بدلاً من ذلك، سيكون من الأفضل للولايات المتحدة وشركائنا مساندة القوات الأفغانية في حربها ضد طالبان ومواصلة التسوية السياسية في ظل أوضاع صحيحة.
- تعهد حلفاء الناتو والشركاء في مهمة أفغانستان بتعزيز الجهود العسكرية والدعم المالي، وسنعمل جميعاً مع باقي الدول لضمان اضطلاعها بدور بناء في دعم الاستقرار والسلام في أفغانستان.
- رفع الرئيس ترمب العقوبات التي فرضتها الإدارة السابقة على المحاربين في أفغانستان كما فعل في حملته الناجحة في مواجهة تنظيم داعش في سوريا والعراق. فجيشنا يملك الآن كل ما يحتاجه لمساعدة الجنود الأفغان البواسل وملاحقة أعداء الشعوب المتحضرة.
> ماذا عن باكستان المجاورة؟ هذا هو المكان الذي عُثر فيه على أسامة بن لادن، حيث كان يعيش على مقربة من مقر عسكري حكومي في أبوت آباد.
- نحن نقوم بعمل تغييرات جوهرية في طريقة تعاملنا مع الملاذ الآمن للإرهابيين في باكستان، حيث يتوقع الرئيس أن تقوم باكستان بإجراء شجاع ضد الجماعات الإرهابية الموجودة على أراضيها، وستتحدد المساعدات الأمنية التي ستقدمها الولايات المتحدة وفقاً لذلك. وقد دفعت باكستان ثمناً غالياً في صراعها ضد التنظيمات الإرهابية، غير أنها حاربت تلك المجوعات بفكر انتقائي في الوقت الذي كانت تقدم فيه الدعم لجماعات أخرى مثل طالبان وشبكة حقاني، بحسب ما صرح به الرئيس في كلمته التي أعلن من خلالها عن استراتيجيته. فباكستان ستكسب كثيراً من شراكتها معنا وتعاونها مع جهودنا في المنطقة، لكنها ستخسر الكثير أيضاً إن لم تتوقف عن دعمها لتنظيمات لا تتورع عن مهاجمة المصالح الأميركية في أفغانستان.

العراق

> لقد حاربتم شخصياً في العراق، وبالنظر إلى الفوضى الحالية هناك، هل تلك النتيجة تستحق الحرب التي خضتموها في هذا البلد؟
- نبعت غالبية المشكلات في العراق اليوم من انسحاب قواتنا هناك قبل أن تتعزز المكاسب العسكرية سياسياً. فالانسحاب الكامل للقوات الأميركية عام 2011 أدى إلى انهيار جانب كبير من الدولة العراقية ومن ثم ظهور تنظيم داعش، مما أدى مثلاً إلى سقوط الموصل. لكن القوات العراقية الباسلة تمكنت أخيراً من تحرير هذه المدينة، ويرجع الفضل جزئياً إلى قرار الرئيس ترمب بإعطاء الأولوية لمحاربة «داعش» ومنح القادة الصلاحيات الضرورية لمحاربة التنظيم الإرهابي وكذلك دعم القوات المتحالفة معنا بصورة أكثر فعالية.
> هل ستقوم أميركا بتقسيم العراق؟ سيكون هناك في العراق استفتاء شعبي نهاية الشهر الحالي حول تأسيس دولة كردية.
- فيما يخص الاستفتاء الذي أعلنت عنه حكومة إقليم كردستان المقرر في وقت لاحق الشهر الحالي، علينا الانتظار لنرى ما سيحدث. لكننا نرى وبقوة أنه سيكون من صالح الأكراد والشعب العراقي ككل بقاء العراق بلداً موحداً، فالوقت الحالي ليس هو الأنسب لتقسيم البلاد. إن تفتت العراق، سيكون المستفيد الرئيسي هو النظام الإيراني أو تنظيمات مثل «داعش»، وكلاهما يعمل على إذكاء الصراعات العرقية والطائفية بين العراقيين. فعلى مدار سنوات، تمكن النظام الإيراني من استغلال الصراعات الضيقة بين طوائف الشعب العراقي للتسلل وإفساد مؤسسات الدولة العراقية. وفي الوقت نفسه، استغل الإرهابيون المتشددون و«داعش» حالة التنافس العرقي والطائفي على السلطة وعلى مصادر الثروات لتصوير أنفسهم حماة للمسلمين السُنة. ولذلك، فإن أفضل سلاح لمواجهة هذه القوى الخطيرة هو التمسك بوحدة الشعب العراقي استناداً إلى رؤية موحدة تضع في اعتبارها أمن العراق ورخاءه.

الولايات المتحدة وبريطانيا

> كنت في لندن قبيل التصويت على «بريكست»، والرئيس الأميركي السابق أوباما كان هناك أيضاً لتوجيه ما يشبه التهديد بأن خروج بريطانيا من منظومة الاتحاد الأوروبي سيضر بعلاقتهم المميزة مع الولايات المتحدة.
- بالطبع، القرار في خصوص «بريكست» يرجع إلى البريطانيين أنفسهم. والولايات المتحدة ترى أنه علينا أن نبذل كل ما في وسعنا للمحافظة على صيانة وتعزيز علاقتنا الخاصة نظراً إلى المصالح والقيم التي تربطنا. والمشكلات التي نواجهها اليوم تتطلب تعاوناً دولياً، وهذا ما يزيد من أهمية علاقتنا مع الولايات المتحدة ومع أوروبا أيضاً.
> في هذه الحالة، ماذا لو أن دولاً أخرى سارت على نهج المملكة المتحدة وخرجت من الاتحاد الأوروبي؟
- يعتمد ذلك على كل دولة أوروبية على حدة. لكن أولوياتنا هي علاقاتنا مع المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، فتلك العلاقات وعلاقاتنا مع كل دولة أوروبية على حدة مهمة لتحقيق أهدافنا المشتركة وضمان أمن ورخاء مواطنينا.

تركيا

> الولايات المتحدة وتركيا لم تنعما بأفضل علاقاتهما في السنوات الأخيرة.
- تركيا عضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهي حليف خاض الحرب إلى جوارنا وساعدنا في صراعات كثيرة. عندما كنت صبياً صغيراً، كنت أصغي إلى ما يحكيه والدي عن خبراته في كوريا، وكان يشعر بانجذاب وبعاطفة جياشة تجاه القوات التركية كما لو أنها قوات أميركية. قواتهم حاربت إلى جانبنا، خصوصاً في الشرق الأوسط بعد عام 2003. تقف تركيا في الخط الأول في التعاطي مع الكوارث الإنسانية. فقد استوعبت تركيا أعداداً كبيرة من اللاجئين. وتدرك تركيا أنها كي تخرج من هذا الصراع أقوى من ذي قبل، وهذا سيكون في صالح الأمن والاستقرار في المنطقة، فإن علينا العمل والتعاون معاً أكثر من ذي قبل.
> أثارت واشنطن أخيراً قضية انتهاكات حقوق الإنسان وربطتها بالمساعدات المقدمة إلى مصر. ماذا عن الصحافيين وغيرهم من المعتقلين في تركيا؟
- في الحقيقة، ذلك يعتمد على ما يقرره الشعب التركي نفسه. فمن المهم إثارة كل القضايا ذات الصلة لتعزيز علاقتنا. فهذه النقاشات تجري بالفعل بين الأصدقاء في جميع الأوقات. والرئيس ترمب يعطي أولوية لمسألة تعزيز علاقاتنا مع تركيا.

منطقة الشرق الأوسط

> لماذا تعتقد الآن أن - بعد كل هذه المحاولات الفاشلة - هناك فرصة أفضل لتحقيق السلام؟
- التغييرات التي طرأت في المنطقة يمكنها أن تساعد في تغيير المشكلة. قد يؤدي ذلك إلى شراكات وعلاقات جديدة، وهناك انحياز أكبر من العرب ضد إيران. لو أن أي دولة عربية سألت نفسها: ما التهديد الأكبر لأمننا اليوم؟ لن يقول أحد إسرائيل، بل إيران. فجميع الدول العربية تدرك التهديد الذي تمثله إيران. وهذا الإدراك لوجود احتمالات كبيرة لن يكون في صالح أمن إسرائيل فحسب، بل سيخلق مناخاً أفضل لسلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين وسيعزز أمن الدول العربية في المنطقة أيضاً.
> إذن؛ هل تتحرك الأمور؟
- يتوقع الرئيس نتائج، ولذلك فإن الجولة الأخيرة التي قام بها جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات ذات أهمية كبيرة. والأيام ستثبت ذلك.



تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
TT

تراجع أعداد اللاجئين السوريين في تركيا لأقل من 3 ملايين

أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)
أحد مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا (إعلام تركي)

تراجعت أعداد اللاجئين السوريين الخاضعين لنظام الحماية المؤقتة في تركيا إلى أقل من 3 ملايين لاجئ. في حين نفت إدارة الهجرة التابعة لوزارة الداخلية التركية ادعاءات تُروِّجها بعض الدوائر وأحزاب المعارضة عن أعداد تفوق الـ10 ملايين لاجئ، مؤكدة أن هذه الأرقام غير صحيحة.

وكشفت الإدارة في بيان، السبت، أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في تركيا يبلغ مليونين و935 ألفاً، بمن في ذلك الأطفال المولودون في البلاد، والذين يجري تسجيلهم في نظام البيانات من قِبَل المديريات الإقليمية لإدارة الهجرة، وتصدر لهم وثائق الحماية المؤقتة (كمليك) التي تحتوي على رقم الهوية.

وجاء البيان ردّاً على مزاعم من قِبَل صحافيين وناشطين أتراك على منصات التواصل الاجتماعي، مفادها أن الإحصاءات الصادرة عن الحكومة حول أعداد اللاجئين غير صحيحة، وأن الأطفال السوريين حديثي الولادة لا يُسجلون في نظام إدارة الهجرة.

وترددت هذه المزاعم، بعدما قال وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إن 731 ألف سوري لا نعلم عنهم شيئاً، وليسوا موجودين في العناوين المسجلين عليها، في حين قام أكثر من 580 ألفاً آخرين بتحديث عناوينهم.

مخيم للاجئين السوريين في جنوب تركيا (أرشيفية)

وأضاف أن السوريين الذين لن يحدثوا عناوينهم حتى نهاية العام لن يتمكنوا من الاستفادة من الخدمات العامة في تركيا.

وكانت تركيا قد استقبلت أكثر من 3.7 مليون سوري بعد اندلاع الحرب الأهلية في بلادهم عام 2011.

وفي كلمة خلال مناقشة موازنة وزارة الداخلية لعام 2025 في لجنة الخطة والموازنة بالبرلمان، الخميس، قال يرلي كايا: «إن 150 ألفاً و327 سورياً لم يتلقوا أي خدمة من مؤسساتنا العامة لمدة عام على الأقل، أي أنهم ليسوا هنا، واكتشفنا أنهم عبروا إلى أوروبا، وأزلنا سجلاتهم من نظام إدارة الهجرة».

وذكر أنه بعد عمليات التحقق من العناوين، وجد أن عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة انخفض إلى مليونين و935 ألفاً و742 سوريّاً، لافتاً إلى أن إجمالي عدد الأجانب في تركيا يبلغ 4 ملايين و174 ألفاً و706 أجانب، منهم مليون و32 ألفاً و379 يحملون تصريح إقامة، و206 آلاف و585 تحت الحماية الدولية.

وأضاف وزير الداخلية التركي أنه «لضمان العودة الطوعية والآمنة والكريمة لأشقائنا السوريين إلى بلدهم، فإننا نقوم بتنفيذ خطة لتهيئة الظروف اللازمة للعودة، وخلال العام الحالي عاد 114 ألفاً و83 سوريّاً إلى بلادهم طوعاً، في حين عاد 729 ألفاً و761 إلى بلادهم طوعاً بين عامي 2016 و2024».

وزير الداخلية التركي متحدثاً عن أوضاع السوريين خلال اجتماع بالبرلمان (حسابه في «إكس»)

ويثير ملف اللاجئين السوريين جدلًا حادّاً في الأوساط السياسية بتركيا، وخلال الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2023، ركَّزت بعض أحزاب المعارضة، في مقدمتها حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، حملاتها الانتخابية على التخلص من مشكلة اللاجئين السوريين، كما برزت أحزاب قومية أظهرت مناهضة للسوريين، أهمها حزب النصر، الذي يتزعمه أوميت أوزداغ.

ودفعت ضغوط المعارضة وتصاعد مشاعر الغضب ومعاداة السوريين بالمجتمع التركي، الحكومة إلى تنفيذ حملات للحد من وجود المهاجرين غير الشرعيين، وترحيل مخالفي شروط الإقامة.

واتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 الحكومة التركية بإجبار اللاجئين السوريين على العودة تحت تهديد السلاح، وعلى توقيع أوراق بأنهم اختاروا العودة الطوعية.

وبدورها، تنفي الحكومة التركية الاتهامات بشأن اعتقال وترحيل مئات اللاجئين السوريين تعسفيّاً، وتقول إنهم اختاروا العودة الطوعية إلى بلادهم.

في سياق متصل، عاقبت محكمة تركية العميد بالجيش التركي المحال على التقاعد، بلال تشوكاي، بالسجن 11 سنة و6 أشهر، بتهمة تهريب سوريين إلى تركيا عبر الحدود باستخدام سيارته الرسمية.

وألقي القبض منذ أشهر على تشوكاي وعدد من مساعديه في منطقة أكتشا قلعة بولاية شانلي أورفا، الواقعة على الحدود مع منطقة تل أبيض بريف الرقة؛ حيث كان قائداً لوحدة عسكرية تركية على الحدود، وجرى تسريحه وسحب رتبه العسكرية، بعدما أظهرت التحقيقات تورطه وضباط آخرين ضمن شبكة لتهريب البشر، قامت باستثمار الأموال الناتجة عن أنشطتها غير القانونية في مشروعات تجارية.

الحكم بسجن العميد المحال للتقاعد بلال تشوكاي لتورطه في تهريب سوريين عبر الحدود (إعلام تركي)

من ناحية أخرى، أصدرت محكمة تركية حكماً بالسجن المؤبد المشدد 3 مرات على المواطن التركي كمال كوركماز، بعد إدانته بإشعال حريق متعمد في موقع بناء بمنطقة جوزال بهشه في إزمير عام 2021، ما أدى إلى وفاة 3 عمال سوريين. وطالبت منظمات حقوقية بمحاسبته على أفعاله الوحشية، وفق وسائل إعلام تركية.

وطلب المدعي العام في إزمير الحكم على المتهم بالسجن المؤبد المشدد مقابل كل ضحية بشكل منفصل، لقتله العمال السوريين الثلاثة بطريقة وحشية وحرقهم، وكذلك الحكم عليه بتهمة إلحاق الضرر بالممتلكات الخاصة، لإشعاله النار في المكان الذي كان يُستخدم سكناً للعمال.