ندوة في البرلمان البريطاني تبحث حق الأكراد في الاستقلال

تحت عنوان «إقليم كردستان: حليف استراتيجي داخل منطقة قاسية»

TT

ندوة في البرلمان البريطاني تبحث حق الأكراد في الاستقلال

تحت عنوان «إقليم كردستان: حليف استراتيجي داخل منطقة قاسية»، شهدت إحدى قاعات البرلمان البريطاني مؤخرا ندوة تناولت حق الأكراد في الاستقلال. واستضاف الندوة، التي نظمها «مركز التقدم الكردستاني» مع فضائية «كردستان 24»، البرلماني البريطاني جاك لوبرستي وترأسها غاري كنت، رئيس مجموعة كردستان داخل البرلمان البريطاني.
وبجانب لوبرستي وكنت، شارك أيضاً كل من عضو البرلمان نديم الزهاوي وكاروان جمال طاهر، ممثل حكومة إقليم كردستان في لندن، ونور الدين ويسي المدير العام «كردستان 24» ود. رَنج علاء الدين. واستهل النائب لوبرستي النقاش بمقارنة بين الاستفتاء الذي أجرته المملكة المتحدة العام الماضي حول الانفصال عن الاتحاد الأوروبي والاستفتاء الكردي حول استقلال كردستان.
وأعقب ذلك حديث ممثل حكومة كردستان في لندن الذي شرح كيف أن الاستفتاء سيحدد مستقبل العلاقة بين أربيل وبغداد. وأكد طاهر أن الشعب الكردي يملك حق تقرير المصير، وأن هذا الحق سبق أن لاقى دعما من جانب وودرو ويلسون وفلاديمير لينين بعد الحرب العالمية الثانية. واستعرض طاهر التاريخ الحديث للأكراد في العراق، بدءاً من قصف بلدة حلبجة بالأسلحة الكيماوية في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين إلى الغزو الأميركي للعراق عام 2003، ثم «شهر العسل» بين الأكراد والدولة العراقية بين عامي 2003 و2014، وأخيرا المأزق الحالي.
وبدوره، أوضح نور الدين ويسي، كيف أن تاريخ قمع الأكراد يعود إلى ما قبل ظهور الدولة العراقية الحديثة. كما أعاد سرد أفكار طاهر حول الوعود التي وعد بها الأكراد في عراق ما بعد صدام، مشيراً إلى أن القيادات الكردية المنفية عادت طواعية إلى البلاد للمعاونة في بناء مستقبل مشرق. وأشاد ويسي بدستور عام 2005، لكنه استطرد بأنه لم يجر الالتزام به وأن ذلك بجانب إجراءات التخفيض الحاد للموازنة المخصصة لإقليم كردستان من جانب الحكومة المركزية، تسببا في التوترات المشتعلة حالياً. وأكد ويسي أن «حدود العراق ليست مقدسة» وأن سياسة «عراق واحد» - ببساطة - كان مصيرها الفشل. واختتم حديثه بالتأكيد على الأهمية الخاصة التي تمثلها القضية الكردية في العراق بالنسبة للمملكة المتحدة بالنظر إلى الدور الذي اضطلعت به في بناء ما وصفه بأنه «دولة مصطنعة» في أعقاب الحرب العالمية الأولى.
من ناحيته، قال الخبير الكردي رَنج علاء الدين أن انهيار مؤسسات الدولة عبر أرجاء الشرق الأوسط خلق واقعاً سياسياً جديداً سمح للأكراد برسم ملامح مسار نحو الاستقلال عن الدولة العراقية. كما سلط الضوء على مرونة أنقرة فيما يتعلق بإمكانية استقلال الأكراد، وأنه رغم الخطاب الصادر عنها، فإن الحكومة التركية تنظر إلى إقليم كردستان باعتباره ليس شريكاً اقتصادياً فحسب، وإنما كذلك منطقة عازلة قوية تحمي أراضيها. أما الكلمة الأخيرة فكانت من نصيب النائب الكردي في البرلمان البريطاني نديم الزهاوي الذي تحدث بفخر عن كونه أول نائب بريطاني من أصول كردية. ووصف إقليم كردستان بأنه «معقل الديمقراطية الليبرالية» رغم المصاعب الإقليمية التي يواجهها والضغوط الكبيرة التي يتعرض لها من جانب الحكومة العراقية المركزية من جهة والمتطرفين من جهة أخرى. وأشار الزهاوي إلى أن إقليم كردستان استقبل أعداداً من الأفراد المشردين داخل العراق أكثر من أي منطقة أخرى في البلاد. وتوقع الزهاوي بأنه بغض النظر عن نتيجة الاستفتاء، فإن إقليم كردستان سيتمتع بسلطات كبيرة عبر نقل بعض الصلاحيات إليه على أقل تقدير.
وخلال الفترة المخصصة للأسئلة والإجابات، سئل لوبرسي حول كيفية تعامل حكومة المملكة المتحدة مع الوضع في كردستان فيما يرتبط بعلاقاتها بتركيا إذا ما صوّت إقليم كردستان لصالح الاستقلال. فأجاب بأنه، رغم كونه ليس متحدثًا رسميًا باسم الحكومة، يعتقد بأنه يتعين على الحكومة اتخاذ موقف مناصر لحق الأكراد في تقرير المصير، رغم ما ينطوي عليه ذلك من صعوبات بالنسبة لدول أخرى حليفة للمملكة المتحدة. من ناحيته، قال طاهر أنه يتعاون مع مسؤولين من حكومات عدة وأنهم يتفهمون تماماً التطلعات الكردية. وسئل المتحدثون عن مسألة التركيبة الديموغرافية في كركوك وحقوق الأقليات فيها، وهنا أجاب طاهر بأن الوضع الأمني داخل المدينة تحسن كثيراً منذ انسحاب الجيش العراقي وتولي قوات البيشمركة الكردية زمام السيطرة عليها. من جهته، أضاف نور الدين ويسي أن «غالبية التركمان تدعم إقليم كردستان».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».