الوزراء الجدد في حكومة يوسف الشاهد يؤدون اليمين الدستورية

قانون جديد لتنظيم الأحزاب السياسية والجمعيات التونسية

يوسف الشاهد يوجه كلمة لأعضاء البرلمان قبل التصويت (أ.ب)
يوسف الشاهد يوجه كلمة لأعضاء البرلمان قبل التصويت (أ.ب)
TT

الوزراء الجدد في حكومة يوسف الشاهد يؤدون اليمين الدستورية

يوسف الشاهد يوجه كلمة لأعضاء البرلمان قبل التصويت (أ.ب)
يوسف الشاهد يوجه كلمة لأعضاء البرلمان قبل التصويت (أ.ب)

أدى الوزراء الجدد في حكومة يوسف الشاهد المعدلة اليمين الدستورية، أمس، بعد نيلهم ثقة البرلمان التونسي بأغلبية واسعة.
وكان نواب البرلمان قد صوتوا في جلسة عامة استثنائية بالموافقة، ليل الاثنين – الثلاثاء، على التعديل الوزاري الواسع، وبأغلبية مريحة على جميع الوزراء المقترحين. وقد جاء التصويت فرديا على كل وزير وليس جماعيا.
وبعد نحو 11 ساعة من النقاشات المستفيضة حول تقييم عمل الحكومة التي مر على تشكيلها أكثر من سنة، وتوجيه انتقادات حادة إلى حكومة الشاهد، والتأكيد على فشلها في حل الملفات الاقتصادية والاجتماعية، حظي الأعضاء الجدد، البالغ عددهم 13 وزيرا و7 كتاب دولة (منصب برتبة وزير) على أغلبية الأصوات في البرلمان المحددة بـ109 أصوات، من إجمالي 217 صوتا.
وتمكنت الحكومة من اجتياز امتحان منح الثقة، وذلك بفضل تلقيها دعما من حزب النداء وحركة النهضة، اللذين يمتلكان وحدهما 127 صوتا داخل البرلمان، وهو ما يجعل الأغلبية البرلمانية (109 أصوات) مضمونة في حال دعمهما للحكومة.
وحصل عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الوطني، على 153 صوتا، وهو أكبر رصيد من أصوات نواب البرلمان البالغ عددهم عند التصويت 174 نائبا برلمانيا، وهو نفس عدد الأصوات التي حصل عليها رضا شلغوم وزير المالية (أحد وزراء بن علي)، فيما حل لطفي براهم وزير الداخلية الذي سيخلف هادي المجدوب في المرتبة الثانية بـ151 صوتا، بينما حصلت سارة رجب كاتبة (وزيرة) الدولة لدى وزير النقل على أقل عدد من الأصوات، حيث لم تتجاوز 124 صوتا، وهو أمر كان متوقعا إلى حد ما، على اعتبار أن فترة إدارتها لشركة «الخطوط الجوية التونسية» لم تخل من مشكلات على مستوى التسيير، حيث تم تسجيل عدة حوادث للقطارات، وتعطلت الرحلات الجوية بسبب خلافات بين موظفي شركة «الخطوط الجوية التونسية» فشلت الإدارة في تفاديها.
وفي تعليقه على تجاوز الحكومة امتحان منح الثقة بأمان، قال المنجي الحرباوي، القيادي في حزب النداء، إن نسب التصويت على أعضاء الحكومة الجدد «كانت محترمة جدا، وهي كافية لتمنح الحكومة حزاما سياسيا وقوة دفع مهمة لإنجاز وعودها الاقتصادية والاجتماعية، ويمكنها الآن أن تعمل بأريحية».
من ناحية أخرى، أعلن مهدي بن غربية، الوزير المكلف العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، عن نتائج استشارة وطنية حول مشروع قانون أساسي منظم لعمل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، يتماشى مع دستور 2014، ومع المعايير الدولية المطبقة في مجال تنظيم الأحزاب السياسية والجمعيات، وذلك قبل أشهر قليلة من موعد إجراء الانتخابات البلدية المنتظرة مبدئيا، يوم 17 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وأكد بن غربية خلال ورشة عمل نظمت أمس في العاصمة التونسية، على ضرورة ملاءمة القوانين المنظمة لعمل الأحزاب والمنظمات (خصوصاً قانون 2011 الذي ألغى قانون 1989 المنظّم للأحزاب، في ظل نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي) مع أحكام الدستور التونسي الجديد، وبما يتلاءم مع المعايير الدولية، على حد تعبيره.
وفيما يتعلق بملامح هذا القانون الجديد، قال بن غربية إنه يعتمد منهج المشاركة الجماعية في إعداده، موضحا أنه تم توجيه الدعوة إلى مختلف الأحزاب السياسية لحضور مراحل إعداد القانون الجديد.
واعتبر الوزير أن الهدف الأساسي من وراء إعداد هذا القانون الجديد يكمن في «حوكمة ملف الأحزاب السياسية لدى الإدارة، وذلك من خلال تطوير أكثر للإجراءات الإدارية ورقمنتها، وإطلاق منصة إلكترونية للأحزاب السياسية التونسية، كما ستسمح لعموم التونسيين بالاطلاع على تقارير كل الأحزاب والجمعيات، وإرساء منظومة فاعلة لمراقبة تمويل الأحزاب السياسية والجمعيات، ودعم الشفافية على مستوى التصرف المالي والإداري للأحزاب».
وتدرس السلطات التونسية، ممثلة في وزارة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان، ووزارات أخرى على صلة بملفات حقوق الإنسان من بينها وزارتا الداخلية والعدل، واقع العمل السياسي في البلاد، والصعوبات التي يعرفها عدد من الأحزاب السياسية، لا سيما الصغرى منها.
وتعمل هذه السلطات على إرساء نظام تمويل عمومي للأحزاب، بهدف تجاوز الإشكالات المتعلقة بممارسة الرقابة على عمل الأحزاب السياسية، وكيفية تمويلها، خشية تسرب الأموال الفاسدة إليها.
وتشير تقارير حكومية إلى وجود اتهامات بتلقي أحزاب سياسية وجمعيات أهلية أموالاً بعد ثورة 2011 بطريقة غير شرعية، ومخالفة للقوانين المنظمة للحياة السياسية ولعمل منظمات المجتمع المدني.
وكان يوسف الشاهد رئيس الحكومة قد دعا الجمعيات التونسية خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي إلى تقديم تقارير شاملة عن مختلف عملياتها المالية، على خلفية وجود شبهات بتمويل بعض التنظيمات الإرهابية، من خلال أموال مشبوهة قادمة من الخارج.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.