وزير داخلية المغرب: نسبة إنجاز مخطط تنمية الصحراء بلغت 40 %

أطلقه الملك محمد السادس بتكلفة تفوق 8 مليارات دولار

TT

وزير داخلية المغرب: نسبة إنجاز مخطط تنمية الصحراء بلغت 40 %

أكد عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية المغربي، خلال ترؤسه صباح أمس لاجتماع الهيئة القيادية لتنفيذ مخطط تنمية الصحراء المغربية، الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، أن نسبة تنفيذ المخطط بلغت 40 في المائة على مستوى الجهات الثلاث للصحراء، و50 في المائة على مستوى جهة العيون الساقية الحمراء.
ويهدف المخطط إلى استثمار 77 مليار درهم (8.28 مليار دولار) في مشاريع تنموية مهيكلة، في مجالات الزراعة والصيد البحري والصناعة والطاقات المتجددة وتحلية ماء البحر والقطاعات الاجتماعية.
وقال لفتيت إن هذا المستوى من الإنجاز الذي تحقق خلال سنة و10 أشهر من إطلاق المخطط «يؤكد مرة أخرى أن الاندماج الاقتصادي والاجتماعي للأقاليم الجنوبية للمملكة لا رجعة فيه، ويدحض مزاعم خصوم الوحدة الترابية للوطن، الذين فشلوا في التشكيك في عزم البلاد الراسخ على تنفيذ هذا البرنامج».
وخلال الاجتماع الذي حضره كل من عبد القادر عمارة وزير التجهيز والنقل، وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري، والحسين الوردي وزير الصحة، ونور الدين بوطيب الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، بالإضافة إلى علي الفاسي الفهري المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ومصطفى الباكوري المدير العام للوكالة المغربية للطاقة الشمسية (مازن)، وولاة ومحافظي المناطق والمحافظات الجنوبية، والمنتخبين ومدراء المؤسسات المعنية بتنفيذ مخطط تنمية الصحراء، قدمت عروض حول سير المشاريع التنموية، ومستوى إنجازها، والصعوبات التي تعترضها. وفي ختام الاجتماع، قام الوفد الوزاري بزيارات ميدانية للاطلاع على سير إنجاز المشاريع.
ويأتي هذا الاجتماع تنفيذاً لقرار لجنة القيادة، خلال اجتماعها في يوليو (تموز) الماضي بالرباط، الذي قررت خلاله تنظيم زيارة ميدانية للوقوف على سير المشاريع على الأرض.
وبعد مدينة العيون، ستواصل اللجنة الوزارية زيارتها للمحافظات الصحراوية الأخرى، التي ستشمل عدة مدن في المناطق الثلاث للصحراء.
وبخصوص منطقة العيون، أشار لفتيت إلى أن حصتها من البرامج التنموية المبرمجة ضمن هذا المخطط تشمل 254 مشروعاً، باستثمارات تناهز 40 مليار درهم (4.3 مليار دولار)، منها 29 مليار درهم (3.12 مليار دولار) ستمول بمساهمة من الحكومة، و9.5 مليار درهم (1.02 مليار دولار) ستمول من طرف القطاع الخاص، فيما ستساهم الجهة (المنطقة) بحصة 1.9 مليار درهم (200 مليون دولار).
كما أكد وزير الداخلية المغربي على «ضرورة الانخراط القوي لجميع الشركاء والمنتخبين، وعلى احترام الالتزامات من جميع الأطراف بهدف كسب هذا الرهان الحيوي، وتفعيل دينامية جديدة لتنمية هذه الجهة، وتثمين مؤهلاتها، وتحسين عيش سكانها»، مشدداً على أن الهدف الأساسي لهذا البرنامج التنموي يتمثل في خلق دينامية اجتماعية واقتصادية تستثمر مؤهلات المنطقة ومميزاتها، بمشاركة فعالة للسكان بالأقاليم الجنوبية، قصد تحقيق تنمية مسؤولة ومستدامة، وإحداث فرص الشغل لفائدة الشباب وحاملي الشهادات، والنهوض بالثقافات الجهوية والمحلية.
وأوضح لفتيت أن البرنامج التنموي للأقاليم الجنوبية ينتظم حول 4 رافعات أساسية: اقتصادية واجتماعية وثقافية، والتنمية المستدامة، والحكامة، مبرزاً أن هذا البرنامج التنموي يتمحور حول مجموعة من المحاور تهم بالخصوص البنيات الطرقية والمطارات والطاقات المتجددة والمنشآت المائية والحماية من الفيضانات، والتأهيل الحضري، والماء الصالح للشرب والتطهير السائل، والتربية والتعليم، والفلاحة والصيد البحري، والسياحة، وتثمين الموارد الفوسفاتية، مشيراً إلى أن المشاريع المتعلقة ببرامج التأهيل الحضري لمنطقة العيون الساقية الحمراء، المدرجة ضمن عقد البرنامج الخاص بالجهة (المنطقة)، والتي رصدت لها كلفة مالية تقدر بـ1.7 مليار درهم (170 مليون دولار)، تهم 70 مشروعاً بجماعات (بلديات) العيون والمرسى، والدشيرة، وبوكراع، وفم الواد، والسمارة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.