«سيتي سكيب» يكشف عن حزمة مشروعات تنعش سوق العقارات الإماراتية

الاستفادة من مقر معرض «إكسبو2020» كجزء من عمليات التنمية المستدامة

الشيخ محمد بن راشد يستمع لشرح علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة شركة {نخيل} بحضور الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي والشيخ أحمد بن سعيد («الشرق الأوسط)
الشيخ محمد بن راشد يستمع لشرح علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة شركة {نخيل} بحضور الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي والشيخ أحمد بن سعيد («الشرق الأوسط)
TT

«سيتي سكيب» يكشف عن حزمة مشروعات تنعش سوق العقارات الإماراتية

الشيخ محمد بن راشد يستمع لشرح علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة شركة {نخيل} بحضور الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي والشيخ أحمد بن سعيد («الشرق الأوسط)
الشيخ محمد بن راشد يستمع لشرح علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة شركة {نخيل} بحضور الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي والشيخ أحمد بن سعيد («الشرق الأوسط)

كشف معرض «سيتي سكيب غلوبل»، الذي يختتم أعماله اليوم في مدينة دبي الإماراتية، عن حجم كبير من المشروعات المزمع طرحها خلال الفترة المقبلة؛ وذلك لتلبية الطلب المتوقع المتنامي مع قرب معرض «إكسبو 2020» في الوقت الذي يعتبر القطاع العقاري أحد القطاعات الرئيسية الاقتصادية في الإمارات.
وعلى الرغم من غياب عملاق التطوير العقاري في المنطقة شركة «إعمار العقارية» المطورة لبرج خليفة، صاحب الرقم القياسي بصفته أطول مبنى في العالم، فإن المعرض شهد الإعلان عن مشروعات متعددة في مختلف مدن الإمارات، إضافة إلى مشاركات إقليمية وعالمية، للترويج عن مشروعات عقارية لمدن حول العالم، وإن كان من اللافت السماح بالبيع في المعرض؛ وهو ما دفع الشركات إلى تقديم عروض مختلفة للتملك بالتحالف مع البنوك، بهدف تحقيق مبيعات عالية خلال الفترة الذي أقيم فيها المعرض ما بين 11 وحتى 13 من شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.
ودشن الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، المعرض في نسخته السادسة عشرة، والذي تضمن مشروعات التطوير العقاري والمشروعات السياحية والترفيهية التي تنفذها الشركات المحلية وشركات عربية وأجنبية تشارك في الحدث السنوي، والتي يناهز عددها 300 شركة، وجهة متخصصة في عالم التطوير العقاري داخل الدولة وخارجها.
وأكد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، على أهمية هذا القطاع في دعم اقتصاد الإمارات وتنويع مصادره وإنعاش السوق العقارية، وتنشيطها محليا وإقليميا وعالميا، حيث «تعتبر مدينة دبي من المدن الرائدة عالميا في هذا الميدان والوجهة المفضلة للمستثمرين العالميين والإقليميين».
وخلال زيارته لجناح المعرض العالمي «إكسبو دبي 2020» الذي عرض فيه المجتمع الحضري المتكامل «ديستركت 2020» بصفته إرث «إكسبو دبي» بعد انتهاء المعرض الدولي الكبير في الربع الأول من عام 2021، أشار ولي عهد دبي إلى المستقبل الواعد الذي ينتظر الإمارات خلال وبعد استضافة فعاليات المعرض العالمي الكبير، وذلك من خلال استقطاب ملايين الزوار والمستثمرين من شركات عالمية ورجال أعمال.
وقال: «سيتعرفون عن كثب وعلى أرض الواقع على الإمكانات المتوفرة في الإمارات عموما ودبي على وجه الخصوص؛ من أجل ضمان مردود مجد اقتصادي لهذه الجهات والأفراد الذين سيستثمرون في البلاد، وبخاصة في ضوء المزايا والتسهيلات اللوجيستية التي ستحظى بها هذه الشركات، وتطمئن على رؤوس أموالها، وتنعم بالاستقرار والأمن والأمان والأسواق المفتوحة على مستوى المنطقة والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وصولا إلى جنوب شرقي آسيا».
وقالت ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي المدير العام لمكتب «إكسبو 2020 دبي»: «عندما فازت الإمارات بشرف استضافة هذا الحدث العالمي، وضعنا انطلاقاً من رؤية القيادة هدفين أساسيين، أن ننظم أنجح نسخة من معرض (إكسبو) شهدها العالم وأكثرها إبهاراً، وأن نؤسس لإرث مستدام ووجهة عالمية تقدم بدائل جديدة لمفهوم الحياة الحضرية».
وأضافت: «عملنا على إطلاق (دستركت 2020) لتحقيق الهدف الثاني، ولقد كان هذا المشروع جزءاً أساسيا من مخططاتنا منذ البداية، ليس فقط بالنسبة إلى فريق الإرث ولكن لكافة العاملين في (إكسبو 2020 دبي)».
وقالت مرجان فريدوني، نائب رئيس أول لتطوير الإرث لدى «إكسبو 2020 دبي»: «ستجسّد (دستركت 2020) أحدث أنماط العيش والعمل العصرية بكل جوانبها، فستجمع بيئات العمل والعيش والترفيه في منظومة متكاملة تعزز التواصل وتحفز الإبداع، وتدفع عجلة الابتكار بما يضفي بعداً خلاقاً لقيمة حياة وأعمال كافة سكانه ومرتاديه».
وأضافت: «ستكون (دستركت 2020) واحدة من أكثر الأماكن اتصالا على مستوى العالم، في موقع تفصله ساعة واحدة عن مركز كل من مدينتي أبوظبي ودبي، وبجانب ما سيصبح أضخم مطار في العالم، وميناء جبل علي، فضلاً عن تمتعها ببنية تحتية رقمية رائدة عالمياً، تشمل واحدة من أوائل شبكات الجيل الخامس للاتصالات المتنقلة».
وفي شأن آخر، قالت شركة «تشيسترتنس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»: إن منطقتي «مرسى دبي» ووسط المدينة «داون تاون» سجلتا مستويات مرتفعة من عائدات الاستثمار بلغت 7.2% و5% على التوالي خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) من هذا العام.
وأشارت إلى أن هاتين المنطقتين من أكثر الخيارات المفضلة للمستثمرين، ويبلغ متوسط أسعار الوحدات السكنية الجاهزة في منطقة مارينا دبي 1362 درهما (370 دولارا) للقدم المربعة، في حين يصل المتوسط إلى 1749 درهما (476 دولارا) للقدم للمربعة للوحدات السكنية على المخطط. ويبلغ متوسط أسعار الوحدات السكنية الجاهزة في منطقة «داون تاون دبي» نحو 1884 درهما (512.8 دولار) للقدم المربعة، في حين يصل المتوسط إلى 1976 درهما (537.8) للقدم للمربعة للوحدات السكنية على المخطط.
وقالت إيفانا غازيفودا فوسينيك، رئيس قسم الاستشارات والبحوث في شركة «تشيسترتنس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»: «لا تزال عائدات التأجير السنوي جذابة بشكل عام، ولا سيما في المناطق السكنية الأكثر رواجاً في دبي، ورغم الظروف التي شهدها القطاع العقاري في دبي خلال الفترة الأخيرة، فإن المستثمرين لا يزالون يحصلون على عوائد جيدة».
وأضافت: «على الرغم من استمرار الطلب على الوحدات المتاحة للإيجار بأسعار معقولة واتجاه المستخدمين النهائيين إلى خفض تكاليف المعيشة من خلال الانتقال إلى مناطق أرخص، فإن المناطق المرغوبة للغاية في دبي لا تزال توفر عائدات قوية، وهو أمر مشجع للمستثمرين على المدى المتوسط والطويل».
من جهته، قال فراس المسدي، الرئيس التنفيذي لشركة «إف إيه إم» للوساطة العقارية: إن المستثمرين العقاريين في دبي يتوجهون إلى تطوير قطع الأراضي؛ عوضا عن انتظار عوائد من أرباح البيع في سوق تضاءلت فيه أعداد المضاربين بشكل ملحوظ.
وقال المسدي: «بين العامين 2010 و2013 وفي مناطق دبي الرئيسية، كانت تجارة الأراضي واحدة من أكثر الاستثمارات العقارية ربحية. لكن خلال السنوات الثلاث الماضية، بلغت أسعار الأراضي الحد الأعلى لها، وهو ما ساهم في القضاء على فرص شراء الأراضي وبيعها لتحقيق الأرباح خلال مدة قصيرة أو متوسطة».
وأضاف: «مع تضاؤل نسب إعادة البيع بشكل ملحوظ، قامت أعداد أكبر من أصحاب الأراضي باتخاذ قرار تطويرها، مدفوعين بالبنية التحتية المتكاملة في المناطق الرئيسية مثل الداون تاون، الخليج التجاري ومرسى دبي».
وتظهر الأرقام الصادرة عن مركز الإحصاء بدبي زيادة ملحوظة في عدد تصاريح المباني متعددة الطوابق خلال السنوات الثلاث الماضية – 1368 مقارنة بـ674 بين العامين 2010 و2013 – وتتوقع «إف إيه إم العقارية» إقبالا كبيرا على خدمات استشارات تطوير الأراضي التي تقدمها.
وأوضح المسدي: «يتوجه أصحاب الأراضي لتطوير المشروعات على أراضيهم بتمويلات مجزية من البنوك الطامحة لتمويل المشروعات العقارية، بشرط أن يكون مبلغ الأرض مدفوعا بالكامل، وأن تكون وضعيتهم المالية جيدة. عليهم الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة الربح ستكون متواضعة في حال وظفوا سيولة تكلفة المشروع بالكامل وقاموا بالبيع حال انتهائه. لكن هناك عائدا مميزا على الاستثمار ومعدلا عائدا داخليا جيدا يمكن الحصول عليه في حال قاموا بالتخطيط بشكل جيد للتمويل البنكي والبيع على المخطط».
وزاد: «هناك عدد من المستثمرين الذين قاموا بالشراء بهدف التطوير، وارتفاع أسعار الأراضي لمدة قصيرة جذب الكثير من الراغبين بإعادة البيع لكسب ربح بوقت قصير»، ويشير إلى أن التحول في استراتيجيات الاستثمار من قبل أصحاب الأراضي تعكس تحولا إيجابيا أكبر بعيدا عن المضاربات في السوق العقارية بدبي. البيانات الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك تظهر أن مبيعات العقارات على المخطط قد زادت في السنوات الأخيرة، لتعادل مبيعات العقارات الجاهزة مع بدايات الربع الثاني من هذا العام.
ولفت الرئيس التنفيذي لشركة «إف إيه إم للوساطة العقارية»: «مع انخفاض عدد المضاربين في مبيعات مراحل الإطلاق، ارتفعت نسبة مبيعات العقارات على المخطط أو قيد الإنشاء بشكل ملحوظ من قبل مستثمري الفترات المتوسطة والطويلة أو من قبل المستخدمين النهائيين. لم تعد السوق مسيطرا عليها من قبل المضاربين الساعين للبيع والشراء بسرعة لتحقيق الأرباح».
وتابع: «الأصل في هذا التغيير أن المستثمرين المتخصصين بمراحل الإطلاق بين العامين 2012 و2014 كانوا قادرين على الشراء على المخطط والبيع بربحية خلال 12 شهراً، لكن مع بداية العام 2015، بدأ المطورون يطلقون مراحل جديدة ومشروعات مصاحبة ضمن المشروعات القائمة، وعرض الأسعار نفسها مع خطط الدفع الجذابة نفسها. هذا يعني أن المستثمرين الذين اشتروا الوحدات القديمة بخطط الدفع الأصلية الأقل جاذبية، باتوا يواجهون صعوبة في البيع بربحية في وقت قصير».
واختتم: «مع تقلص حجم الفرص ذات المدة الزمنية القصيرة، تحول المستثمرون في استراتيجياتهم للاستثمارات متوسطة وطويلة المدى. لذا؛ بدأنا نلاحظ أن أعدادا متزايدة من المستخدمين النهائيين يشترون على المخطط، أو مستثمرين يتطلعون لتأجير ممتلكاتهم والاستفادة منها عند تسلمها، أو انتظار الوقت المناسب لإعادة بيعها».
وقد يكون الحدث الأبرز في المعرض غياب شركة «إعمار العقارية»، حيث نسب تصريح لمسؤول فيها إلى أن معرض ومؤتمر «سيتي سكيب» العالمي يُعد منصة في غاية الأهمية لعرض اتجاهات التطوير والاستثمار العقاري في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط، وقال متحدث رسمي لوكالة «تومسون رويتز بروجكت» يوم أول من أمس إنه «في الوقت الذي ندعم فيه (سيتي سكيب) في هدفه لإبراز أهمية قطاع العقارات في دبي، لن تُشارك (إعمار) في هذا المعرض كجزء من استراتيجيتها لتوجيه سياستها التسويقية الكاملة على المنصات الإلكترونية».
من جهة أخرى، أعلنت دائرة الأراضي في دبي إطلاق تطبيق تفاعلي متعدد المنصات يساعد المستثمرين والمطورين على تتبع التقدم المحرز في جميع مشروعات التطوير العقاري في الإمارة، وقال سلطان بن مجرن، مدير عام دائرة الأراضي والأملاك في دبي: «تهدف مبادرة (المدن الذكية والبيانات المفتوحة) إلى جعل دبي واحدة من أذكى المدن في العالم؛ مما يوفر للسكان والزوار أعلى مستويات التكنولوجيا والشفافية ودقة المعلومات في العالم».
وأضاف: «تطبيق مشروعي يهدف إلى توفير معلومات محدثة ودقيقة عن جميع المباني قيد التطوير في الإمارة؛ مما يمكّن المستثمرين والمقيمين والمدارس وأصحاب الأعمال وغيرهم من اتخاذ قرارات مستنيرة حول مكان العيش أو العمل أو الاستثمار».
ويمكن لمستخدمي التطبيق البحث عن أي مشروع قيد التطوير وتتبع بيانات إنجاز البناء، كما يمكنهم أيضاً عبر تقنية الواقع المعزز إجراء مقارنة بصرية عن تقدم البناء إلى الأداء الفني للمبنى المكتمل، وتشمل التحسينات الإضافية على التطبيق استخدام عناصر متقدمة مثل القدرة على طلب «التعقب عبر طائرة درون» لموقع المشروع باستخدام نظام المواقع الجغرافية «جي بي إس»، لتقدم الرسومات ولقطات الفيديو الحية.
وقالت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، إن القطاع العقاري العالمي واجه الكثير من التحديات خلال السنوات الأخيرة، في حين تلتزم بضمان توفير أقصى قدر من الشفافية لصالح المطورين والمستثمرين على حد سواء.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»