«سيتي سكيب» يكشف عن حزمة مشروعات تنعش سوق العقارات الإماراتية

الاستفادة من مقر معرض «إكسبو2020» كجزء من عمليات التنمية المستدامة

الشيخ محمد بن راشد يستمع لشرح علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة شركة {نخيل} بحضور الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي والشيخ أحمد بن سعيد («الشرق الأوسط)
الشيخ محمد بن راشد يستمع لشرح علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة شركة {نخيل} بحضور الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي والشيخ أحمد بن سعيد («الشرق الأوسط)
TT

«سيتي سكيب» يكشف عن حزمة مشروعات تنعش سوق العقارات الإماراتية

الشيخ محمد بن راشد يستمع لشرح علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة شركة {نخيل} بحضور الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي والشيخ أحمد بن سعيد («الشرق الأوسط)
الشيخ محمد بن راشد يستمع لشرح علي راشد لوتاه رئيس مجلس إدارة شركة {نخيل} بحضور الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي والشيخ أحمد بن سعيد («الشرق الأوسط)

كشف معرض «سيتي سكيب غلوبل»، الذي يختتم أعماله اليوم في مدينة دبي الإماراتية، عن حجم كبير من المشروعات المزمع طرحها خلال الفترة المقبلة؛ وذلك لتلبية الطلب المتوقع المتنامي مع قرب معرض «إكسبو 2020» في الوقت الذي يعتبر القطاع العقاري أحد القطاعات الرئيسية الاقتصادية في الإمارات.
وعلى الرغم من غياب عملاق التطوير العقاري في المنطقة شركة «إعمار العقارية» المطورة لبرج خليفة، صاحب الرقم القياسي بصفته أطول مبنى في العالم، فإن المعرض شهد الإعلان عن مشروعات متعددة في مختلف مدن الإمارات، إضافة إلى مشاركات إقليمية وعالمية، للترويج عن مشروعات عقارية لمدن حول العالم، وإن كان من اللافت السماح بالبيع في المعرض؛ وهو ما دفع الشركات إلى تقديم عروض مختلفة للتملك بالتحالف مع البنوك، بهدف تحقيق مبيعات عالية خلال الفترة الذي أقيم فيها المعرض ما بين 11 وحتى 13 من شهر سبتمبر (أيلول) الحالي.
ودشن الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، المعرض في نسخته السادسة عشرة، والذي تضمن مشروعات التطوير العقاري والمشروعات السياحية والترفيهية التي تنفذها الشركات المحلية وشركات عربية وأجنبية تشارك في الحدث السنوي، والتي يناهز عددها 300 شركة، وجهة متخصصة في عالم التطوير العقاري داخل الدولة وخارجها.
وأكد الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، على أهمية هذا القطاع في دعم اقتصاد الإمارات وتنويع مصادره وإنعاش السوق العقارية، وتنشيطها محليا وإقليميا وعالميا، حيث «تعتبر مدينة دبي من المدن الرائدة عالميا في هذا الميدان والوجهة المفضلة للمستثمرين العالميين والإقليميين».
وخلال زيارته لجناح المعرض العالمي «إكسبو دبي 2020» الذي عرض فيه المجتمع الحضري المتكامل «ديستركت 2020» بصفته إرث «إكسبو دبي» بعد انتهاء المعرض الدولي الكبير في الربع الأول من عام 2021، أشار ولي عهد دبي إلى المستقبل الواعد الذي ينتظر الإمارات خلال وبعد استضافة فعاليات المعرض العالمي الكبير، وذلك من خلال استقطاب ملايين الزوار والمستثمرين من شركات عالمية ورجال أعمال.
وقال: «سيتعرفون عن كثب وعلى أرض الواقع على الإمكانات المتوفرة في الإمارات عموما ودبي على وجه الخصوص؛ من أجل ضمان مردود مجد اقتصادي لهذه الجهات والأفراد الذين سيستثمرون في البلاد، وبخاصة في ضوء المزايا والتسهيلات اللوجيستية التي ستحظى بها هذه الشركات، وتطمئن على رؤوس أموالها، وتنعم بالاستقرار والأمن والأمان والأسواق المفتوحة على مستوى المنطقة والشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وصولا إلى جنوب شرقي آسيا».
وقالت ريم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي المدير العام لمكتب «إكسبو 2020 دبي»: «عندما فازت الإمارات بشرف استضافة هذا الحدث العالمي، وضعنا انطلاقاً من رؤية القيادة هدفين أساسيين، أن ننظم أنجح نسخة من معرض (إكسبو) شهدها العالم وأكثرها إبهاراً، وأن نؤسس لإرث مستدام ووجهة عالمية تقدم بدائل جديدة لمفهوم الحياة الحضرية».
وأضافت: «عملنا على إطلاق (دستركت 2020) لتحقيق الهدف الثاني، ولقد كان هذا المشروع جزءاً أساسيا من مخططاتنا منذ البداية، ليس فقط بالنسبة إلى فريق الإرث ولكن لكافة العاملين في (إكسبو 2020 دبي)».
وقالت مرجان فريدوني، نائب رئيس أول لتطوير الإرث لدى «إكسبو 2020 دبي»: «ستجسّد (دستركت 2020) أحدث أنماط العيش والعمل العصرية بكل جوانبها، فستجمع بيئات العمل والعيش والترفيه في منظومة متكاملة تعزز التواصل وتحفز الإبداع، وتدفع عجلة الابتكار بما يضفي بعداً خلاقاً لقيمة حياة وأعمال كافة سكانه ومرتاديه».
وأضافت: «ستكون (دستركت 2020) واحدة من أكثر الأماكن اتصالا على مستوى العالم، في موقع تفصله ساعة واحدة عن مركز كل من مدينتي أبوظبي ودبي، وبجانب ما سيصبح أضخم مطار في العالم، وميناء جبل علي، فضلاً عن تمتعها ببنية تحتية رقمية رائدة عالمياً، تشمل واحدة من أوائل شبكات الجيل الخامس للاتصالات المتنقلة».
وفي شأن آخر، قالت شركة «تشيسترتنس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»: إن منطقتي «مرسى دبي» ووسط المدينة «داون تاون» سجلتا مستويات مرتفعة من عائدات الاستثمار بلغت 7.2% و5% على التوالي خلال الفترة بين يناير (كانون الثاني) وأغسطس (آب) من هذا العام.
وأشارت إلى أن هاتين المنطقتين من أكثر الخيارات المفضلة للمستثمرين، ويبلغ متوسط أسعار الوحدات السكنية الجاهزة في منطقة مارينا دبي 1362 درهما (370 دولارا) للقدم المربعة، في حين يصل المتوسط إلى 1749 درهما (476 دولارا) للقدم للمربعة للوحدات السكنية على المخطط. ويبلغ متوسط أسعار الوحدات السكنية الجاهزة في منطقة «داون تاون دبي» نحو 1884 درهما (512.8 دولار) للقدم المربعة، في حين يصل المتوسط إلى 1976 درهما (537.8) للقدم للمربعة للوحدات السكنية على المخطط.
وقالت إيفانا غازيفودا فوسينيك، رئيس قسم الاستشارات والبحوث في شركة «تشيسترتنس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»: «لا تزال عائدات التأجير السنوي جذابة بشكل عام، ولا سيما في المناطق السكنية الأكثر رواجاً في دبي، ورغم الظروف التي شهدها القطاع العقاري في دبي خلال الفترة الأخيرة، فإن المستثمرين لا يزالون يحصلون على عوائد جيدة».
وأضافت: «على الرغم من استمرار الطلب على الوحدات المتاحة للإيجار بأسعار معقولة واتجاه المستخدمين النهائيين إلى خفض تكاليف المعيشة من خلال الانتقال إلى مناطق أرخص، فإن المناطق المرغوبة للغاية في دبي لا تزال توفر عائدات قوية، وهو أمر مشجع للمستثمرين على المدى المتوسط والطويل».
من جهته، قال فراس المسدي، الرئيس التنفيذي لشركة «إف إيه إم» للوساطة العقارية: إن المستثمرين العقاريين في دبي يتوجهون إلى تطوير قطع الأراضي؛ عوضا عن انتظار عوائد من أرباح البيع في سوق تضاءلت فيه أعداد المضاربين بشكل ملحوظ.
وقال المسدي: «بين العامين 2010 و2013 وفي مناطق دبي الرئيسية، كانت تجارة الأراضي واحدة من أكثر الاستثمارات العقارية ربحية. لكن خلال السنوات الثلاث الماضية، بلغت أسعار الأراضي الحد الأعلى لها، وهو ما ساهم في القضاء على فرص شراء الأراضي وبيعها لتحقيق الأرباح خلال مدة قصيرة أو متوسطة».
وأضاف: «مع تضاؤل نسب إعادة البيع بشكل ملحوظ، قامت أعداد أكبر من أصحاب الأراضي باتخاذ قرار تطويرها، مدفوعين بالبنية التحتية المتكاملة في المناطق الرئيسية مثل الداون تاون، الخليج التجاري ومرسى دبي».
وتظهر الأرقام الصادرة عن مركز الإحصاء بدبي زيادة ملحوظة في عدد تصاريح المباني متعددة الطوابق خلال السنوات الثلاث الماضية – 1368 مقارنة بـ674 بين العامين 2010 و2013 – وتتوقع «إف إيه إم العقارية» إقبالا كبيرا على خدمات استشارات تطوير الأراضي التي تقدمها.
وأوضح المسدي: «يتوجه أصحاب الأراضي لتطوير المشروعات على أراضيهم بتمويلات مجزية من البنوك الطامحة لتمويل المشروعات العقارية، بشرط أن يكون مبلغ الأرض مدفوعا بالكامل، وأن تكون وضعيتهم المالية جيدة. عليهم الأخذ بعين الاعتبار أن نسبة الربح ستكون متواضعة في حال وظفوا سيولة تكلفة المشروع بالكامل وقاموا بالبيع حال انتهائه. لكن هناك عائدا مميزا على الاستثمار ومعدلا عائدا داخليا جيدا يمكن الحصول عليه في حال قاموا بالتخطيط بشكل جيد للتمويل البنكي والبيع على المخطط».
وزاد: «هناك عدد من المستثمرين الذين قاموا بالشراء بهدف التطوير، وارتفاع أسعار الأراضي لمدة قصيرة جذب الكثير من الراغبين بإعادة البيع لكسب ربح بوقت قصير»، ويشير إلى أن التحول في استراتيجيات الاستثمار من قبل أصحاب الأراضي تعكس تحولا إيجابيا أكبر بعيدا عن المضاربات في السوق العقارية بدبي. البيانات الصادرة عن دائرة الأراضي والأملاك تظهر أن مبيعات العقارات على المخطط قد زادت في السنوات الأخيرة، لتعادل مبيعات العقارات الجاهزة مع بدايات الربع الثاني من هذا العام.
ولفت الرئيس التنفيذي لشركة «إف إيه إم للوساطة العقارية»: «مع انخفاض عدد المضاربين في مبيعات مراحل الإطلاق، ارتفعت نسبة مبيعات العقارات على المخطط أو قيد الإنشاء بشكل ملحوظ من قبل مستثمري الفترات المتوسطة والطويلة أو من قبل المستخدمين النهائيين. لم تعد السوق مسيطرا عليها من قبل المضاربين الساعين للبيع والشراء بسرعة لتحقيق الأرباح».
وتابع: «الأصل في هذا التغيير أن المستثمرين المتخصصين بمراحل الإطلاق بين العامين 2012 و2014 كانوا قادرين على الشراء على المخطط والبيع بربحية خلال 12 شهراً، لكن مع بداية العام 2015، بدأ المطورون يطلقون مراحل جديدة ومشروعات مصاحبة ضمن المشروعات القائمة، وعرض الأسعار نفسها مع خطط الدفع الجذابة نفسها. هذا يعني أن المستثمرين الذين اشتروا الوحدات القديمة بخطط الدفع الأصلية الأقل جاذبية، باتوا يواجهون صعوبة في البيع بربحية في وقت قصير».
واختتم: «مع تقلص حجم الفرص ذات المدة الزمنية القصيرة، تحول المستثمرون في استراتيجياتهم للاستثمارات متوسطة وطويلة المدى. لذا؛ بدأنا نلاحظ أن أعدادا متزايدة من المستخدمين النهائيين يشترون على المخطط، أو مستثمرين يتطلعون لتأجير ممتلكاتهم والاستفادة منها عند تسلمها، أو انتظار الوقت المناسب لإعادة بيعها».
وقد يكون الحدث الأبرز في المعرض غياب شركة «إعمار العقارية»، حيث نسب تصريح لمسؤول فيها إلى أن معرض ومؤتمر «سيتي سكيب» العالمي يُعد منصة في غاية الأهمية لعرض اتجاهات التطوير والاستثمار العقاري في الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط، وقال متحدث رسمي لوكالة «تومسون رويتز بروجكت» يوم أول من أمس إنه «في الوقت الذي ندعم فيه (سيتي سكيب) في هدفه لإبراز أهمية قطاع العقارات في دبي، لن تُشارك (إعمار) في هذا المعرض كجزء من استراتيجيتها لتوجيه سياستها التسويقية الكاملة على المنصات الإلكترونية».
من جهة أخرى، أعلنت دائرة الأراضي في دبي إطلاق تطبيق تفاعلي متعدد المنصات يساعد المستثمرين والمطورين على تتبع التقدم المحرز في جميع مشروعات التطوير العقاري في الإمارة، وقال سلطان بن مجرن، مدير عام دائرة الأراضي والأملاك في دبي: «تهدف مبادرة (المدن الذكية والبيانات المفتوحة) إلى جعل دبي واحدة من أذكى المدن في العالم؛ مما يوفر للسكان والزوار أعلى مستويات التكنولوجيا والشفافية ودقة المعلومات في العالم».
وأضاف: «تطبيق مشروعي يهدف إلى توفير معلومات محدثة ودقيقة عن جميع المباني قيد التطوير في الإمارة؛ مما يمكّن المستثمرين والمقيمين والمدارس وأصحاب الأعمال وغيرهم من اتخاذ قرارات مستنيرة حول مكان العيش أو العمل أو الاستثمار».
ويمكن لمستخدمي التطبيق البحث عن أي مشروع قيد التطوير وتتبع بيانات إنجاز البناء، كما يمكنهم أيضاً عبر تقنية الواقع المعزز إجراء مقارنة بصرية عن تقدم البناء إلى الأداء الفني للمبنى المكتمل، وتشمل التحسينات الإضافية على التطبيق استخدام عناصر متقدمة مثل القدرة على طلب «التعقب عبر طائرة درون» لموقع المشروع باستخدام نظام المواقع الجغرافية «جي بي إس»، لتقدم الرسومات ولقطات الفيديو الحية.
وقالت دائرة الأراضي والأملاك في دبي، إن القطاع العقاري العالمي واجه الكثير من التحديات خلال السنوات الأخيرة، في حين تلتزم بضمان توفير أقصى قدر من الشفافية لصالح المطورين والمستثمرين على حد سواء.


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».