المؤسسات الثقافية السعودية... الدمج أفضل أم التنافس؟

من فعاليات النادي الأدبي بجدة
من فعاليات النادي الأدبي بجدة
TT

المؤسسات الثقافية السعودية... الدمج أفضل أم التنافس؟

من فعاليات النادي الأدبي بجدة
من فعاليات النادي الأدبي بجدة

في المملكة العربية السعودية عدد كبير من المؤسسات المعنية بالنشاط الثقافي دعماً وتنظيماً وإنتاجاً، وحتى حين نستثني جهات ضخمة مثل وزارات التعليم والصحة والحرس الوطني التي تعنى بوجوه مختلفة من النشاط الثقافي لا سيما التثقيف التربوي والتوعوي. إن الجهة الرئيسة المسؤولة عن هذا القطاع الكبير هي وزارة الثقافة والإعلام التي تضم تحت جناحيها مؤسستين كبيرتين تعنيان مباشرة بالنتاج الثقافي سواء الإبداعي- الفني منه أم الأدبي والفكري.
ما أتحدث عنه هنا يتصل بالمؤسسات التي تشرف عليها وتدعمها - بعض الدعم - وزارة الثقافة والإعلام وهما مؤسستان أو منظومتان رئيستان: الأندية الأدبية وجمعية الثقافة والفنون، وتتوزعان على مختلف مناطق المملكة، الأندية من حيث هي كيانات مستقلة بمجالس إدارات منتخبة وجمهور المنطقة التي يقع فيها النادي، والجمعية بفروعها الكثيرة وإشرافها المركزي المتمثل بمجلس إدارة موجود في الرياض يعينه وزير الثقافة والإعلام. هذا التفرع والتوزيع أوجد تعددية واختلافاً في ألوان النشاط ومستوياته كان أحياناً سبباً في إثراء الحركة الثقافية بوجهيها الأدبي (الأندية) والفني، أي المسرحي والتشكيلي والموسيقي (جمعية الثقافة). ولكنه كان أحياناً أخرى مدعاة للازدواجية والخلاف بدلاً من مجرد الاختلاف.
لهذا السبب الأخير، أي الازدواجية والخلاف، تتعالى بين حين وآخر أصوات تدعو إلى دمج تلكما المنظومتين نشداناً للتكامل وتوحيد الجهود وتجنباً لبعض ما ينشأ من خلاف وتنازع كالذي نشأ بين فرع جمعية الثقافة والفنون بجدة والنادي الأدبي هناك بسبب وجودهما في مبنى واحد يطالب النادي بخروج الفرع منه بحجة امتلاكه للمبنى ويصر الفرع على أن له الحق في البقاء فيه لأسباب منها أنه لا يملك مقراً وأن البديل هو إغلاق الفرع، الأمر الذي تطالب الجمعية الوزارة بالتدخل لحله بعد أن وصل إلى الصحف وصار مدار نقاش حاد أحياناً.
غير أن المطالبة بدمج المنظومتين لا تستند دائماً إلى مثل ذلك النزاع الذي لم يحدث على أي حال سوى في مدينة جدة، فالوضع مستقر بل ومنسجم بين المنظومتين في مختلف مناطق المملكة الأخرى. السبب الرئيسي لدى البعض في المطالبة بالدمج تستند إلى الحاجة إلى توحيد الجهود بجعل النادي وفرع الجمعية في كل منطقة جزءاً من مراكز ثقافية تتوزع في كل منطقة، واللافت أن وزارة الثقافة والإعلام قامت بالفعل بإنشاء عدد من المراكز الثقافية لكن دون أن تجعل منها مؤسسات تجمع المنظومتين أو تختزلهما. ويرى البعض أن المشكلة برمتها تعود إلى أن الوزارة لم تأخذ الأمر بجدية كافية، لأنها كما يرون وزارة إعلام أكثر منها وزارة ثقافة، بينما يرى آخرون أن السبب هو في صعوبة الدمج لا سيما أن الجهتين، الأندية والجمعية، تتمتعان بما يشبه الاستقلال الذي تمنحه إياهما قرارات إنشائهما بوصفهما منظومتين غير حكوميتين أو شبه أهليتين- شبه مدنيتين. فهما تتلقيان دعماً سنوياً من الوزارة يسد بعض احتياجاتهما لأن النظام لا يطالب الحكومة بتقديم الدعم الكامل بحكم أنها لا تشرف عليهما إشرافاً تاماً وإنما توكل الأمر إلى مجالس إدارة تتألف من مختصين: كتاب وفنانون ومثقفون، وأن بإمكان تلك المجالس الحصول على الدعم من جهات مختلفة.
صعوبة أخرى تتمثل في أن إحدى المنظومتين، الأندية الأدبية، تعتمد الانتخاب أسلوباً لاختيار مجالس إدارتها بينما الأخرى يعين الوزير المختص مجلسها، وهو تضارب يجب حله قبل التفكير بدمج المنظومتين، إما أن يعتمد الانتخاب أسلوباً للجميع، وهو المنطقي بعد أن تأصل الأسلوب الديمقراطي - رغم معارضة البعض - وإما أن يلغى عن الجميع، وسيكون ذلك تراجعاً يستبعد أن تتبناه الحكومة لأنه سيثير استياء واسعاً في بلد يتبنى ذلك الأسلوب في المجالس البلدية مثلما تبناه في الغرف التجارية وغيرها وينتظر منه التوسع فيه لا سيما في مجالس أهم كمجلس الشورى.
غير أن المسألة الأهم في تقديري هي المتعلقة بالاندماج والتنافس. هل الأجدى للحركة الثقافية في السعودية أو غيرها الحفاظ على منظومات مؤسسية مختلفة أو متنوعة أم السعي نحو توحيد تلك المنظومات لدمج الإمكانيات وتفادي الازدواجية؟ أيهما أهم التنوع أم الاندماج؟ لا شك أن للوحدة لمعانها بوصفها قيمة متأصلة في الثقافة والوجدان، لمعاناً يفوق التنوع غالباً. في التنوع تنافس. صحيح أنه قد لا يؤدي أحياناً إلى النتائج المرجوة، لكن هل تلك هي القاعدة أم الاستثناء؟ في رأيي إنه الاستثناء لأن أصل الأمور هو التعايش السلمي في ظل القوانين السائدة. في التنافس سعي للتميز، ليس دائماً بالتأكيد، لكنه حصل ويحصل والأقرب أن يستمر. أما توحيد الجهود من خلال الدمج فله دون شك إيجابيات واضحة في الحيلولة دون الازدواجية وتشتت العمل أو تبعثره، لكن هل سيحول ذلك دون التنازع؟ أتخيل مجلس إدارة لمركز ثقافي معني بالأدب والموسيقى والتشكيل والمسرح والفكر والتأليف في تلك المجالات كلها ولكني أتخيل أيضاً تضارباً في الاهتمامات وصعوبة لدى البعض في معرفة قيمة الفنون الأخرى. إن مجلس إدارة يشرف على كل ألوان النشاط الثقافي والإبداعي عرضة للخلاف وجمود النشاط مثلما هو أي مجلس إدارة آخر.
لذلك كله أجدني أقرب إلى الحفاظ على الوضع الحالي مع تحسينه. الأندية الأدبية معنية بالشأن الأدبي وما يتصل به من نشاط إبداعي وفكري، وجمعية الثقافة والفنون معنية بالفنون في المقام الأول وإن اهتمت بالثقافة فالمتوقع أن يكون ذلك أقرب إلى ما يرفد الفنون بالأرضية الثقافية الضرورية. كما أن التضارب بين الانتخاب والتعيين يجب أن يحسم في صالح الأول على أن تحسن إجراءاته أو آلياته عما هي عليه الآن. المطالبة بالدمج في تقديري أقرب إلى حل نابليون الأسطوري: قطع الحبل بدلا من فك العقدة.
لكن الحبل المشار إليه سيظل معرضاً للانقطاع ما دام ظل هذا القطاع الثقافي المهم في أدنى اهتمامات الجهات المسؤولة وأدنى اهتمامات القادرين على دعمه مادياً ومعنوياً. هذا القطاع هو الأقل أهمية في سلم أولويات الحكومة حالياً. يكفي أن تنظر إلى الهالة التي تحيط بمباراة واحدة لكرة القدم وحجم الدعم المادي والمعنوي الذي يلقاه ناد رياضي لتدرك ضآلة الاهتمام.



5 فوائد سحرية لعادات النوم الصحية

النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
TT

5 فوائد سحرية لعادات النوم الصحية

النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)
النساء اللاتي يقضين وقتاً أطول في النوم العميق أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم (رويترز)

ربما سمعتَ من قبل عن أن النوم يوصف بأنه «حبة سحرية للجسم السليم»؛ فمع الكمية المناسبة والتوقيت والجودة، يمكن أن يفعل العجائب: تقوية جهاز المناعة، وتحسين نسبة السكر في الدم، وحتى تقليل خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وقد توصلت دراسة جديدة أجراها فريق من الباحثين من المعاهد الوطنية للصحة وجامعة نورث وسترن بالولايات المتحدة، إلى فائدة خامسة للنوم من حيث تأثيره على مستويات ضغط الدم لدى الرجال والنساء.

وجدت نتائج الدراسة المنشورة في دورية «سليب (Sleep)» أن النساء اللاتي قضين وقتاً أطول في النوم العميق - المرحلة الثالثة والأعمق من النوم - كنّ أكثر عرضة لانخفاض ضغط الدم إلى المستويات الطبيعية مقارنة بالنساء اللاتي قضين وقتاً أقل في هذه المرحلة. وفي الوقت نفسه، كان لدى الرجال الذين يستيقظون كثيراً بعد النوم ضغط دم أعلى من الرجال الذين استيقظوا بشكل أقل.

قالت الدكتورة ماريشكا براون، مديرة المركز الوطني لأبحاث اضطرابات النوم في المعهد الوطني للقلب والرئة والدم التابع للمعاهد الوطنية للصحة: «النوم أمر بالغ الأهمية للصحة العامة والرفاهية».

وأضافت في بيان صادر الثلاثاء: «بدأت الأبحاث في الكشف عن كيفية مساهمة خصائص النوم، مثل الوقت الذي يقضيه الشخص في كل مرحلة من مراحل النوم أو عدد مرات استيقاظه ليلاً، في التحكُّم بضغط الدم، وكيف يمكن أن يؤثر الجنس والنوع على هذه النتائج، ولكن لا تزال لدينا أسئلة لا إجابات عنها».

استخدم الباحثون بيانات النوم في المنزل لأكثر من 1100 بالغ في البرازيل لم يكن لديهم انقطاع النفس النومي المعتدل إلى الشديد، وهي حالات معروفة بالفعل بأنها مرتبطة بارتفاع ضغط الدم، على الرغم من أن بعض المشاركين كانوا يعانون من انقطاع النفس النومي الخفيف.

تراوحت أعمار المشاركين في البحث بين 18 و91 عاماً، و64 في المائة منهم نساء.

سجل الباحثون ليلة نوم واحدة باستخدام تخطيط النوم، وهو اختبار تشخيصي يقيس وظائف الجسم المختلفة، مثل موجات المخ ومعدل ضربات القلب أثناء النوم، باستخدام أجهزة استشعار موضوعة في جميع أنحاء الجسم.

وفي صباح اليوم التالي، أخذوا قراءات ضغط الدم وعينات الدم الصائم لقياس مستويات الدهون، تحديداً الكوليسترول الكلي، وكوليسترول البروتين الدهني عالي الكثافة، وكوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، والدهون الثلاثية. وحلّلوا البيانات معاً، وأيضاً وفق الجنس.

ووثقت دراسات عدّة على مدى عقود من الزمان دوراً حاسماً للنوم في معدلات ضغط الدم، وبالتالي صحة القلب. ووجدت دراسة أجريت عام 2018 أن الأشخاص الذين ناموا أقل من 7 ساعات كان لديهم ضغط دم أعلى مقارنة بمن ناموا 7 ساعات على الأقل.

من جانبها، قالت كريستين كنوتسون، الأستاذة المساعدة في علم الأعصاب والطب الوقائي في كلية فاينبرغ للطب بجامعة نورث وسترن الأميركية الباحثة المساعدة في الدراسة: «نعلم أن النوم مهم جداً لصحة القلب. لذا، نحاول معرفة المزيد عن هذا الارتباط، وكيف يمكن ربط النوم بالاختلافات بين الجنسين التي نراها في أمراض القلب والأوعية الدموية»؛ فعلى سبيل المثال، يرتبط ارتفاع ضغط الدم بشكل أقوى بالنوبة القلبية لدى النساء مقارنة بالرجال.

قالت كنوتسون إن نتائج الدراسة الحالية يمكن أن توجه العمل المستقبلي الذي يستكشف الآليات الأساسية التي قد تجعل النوم العميق على وجه الخصوص أكثر قيمة للنساء. وهذا بدوره قد يؤدي إلى علاجات جديدة تعمل على تعزيز مرحلة النوم هذه لدى النساء.

وأوضحت أن الدراسات التجريبية قد تختبر ما إذا كانت بعض التعديلات في عادات النوم يمكن أن تؤدي إلى تحسينات في ضغط الدم، وهو ما شدّدت عليه براون، قائلة: «مثل هذه الدراسات تؤكد على الطبيعة الحاسمة للنوم في الإدارة السريرية لارتفاع ضغط الدم».