الأمم المتحدة: توافد 300 ألف لاجئ من الروهينغا إلى بنغلاديش

الهند تطالب حكومة ميانمار بـ«الحكمة وضبط النفس»

لاجئ من الروهينغا يحمل طفلاً خلال عبور الحدود البورمية - البنغلاديشية أمس (رويترز)
لاجئ من الروهينغا يحمل طفلاً خلال عبور الحدود البورمية - البنغلاديشية أمس (رويترز)
TT

الأمم المتحدة: توافد 300 ألف لاجئ من الروهينغا إلى بنغلاديش

لاجئ من الروهينغا يحمل طفلاً خلال عبور الحدود البورمية - البنغلاديشية أمس (رويترز)
لاجئ من الروهينغا يحمل طفلاً خلال عبور الحدود البورمية - البنغلاديشية أمس (رويترز)

أكّدت الأمم المتحدة أمس أن 300 ألف شخص من المسلمين الروهينغا لجأوا إلى بنغلاديش هربا من الحملة العنيفة التي تستهدفهم في ميانمار، فيما أعلن متمردون من الأقلية وقفا لإطلاق النار من جانب واحد في ولاية راخين.
وقالت الحركة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم «جيش إنقاذ روهينغا أراكان»، في بيان على «تويتر» إنها «تعلن وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية الهجومية»، مشيرة إلى أنها تريد بذلك تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. ودعت الحركة سلطات ميانمار إلى أن تحذو حذوها في إعلان «هدنة إنسانية». لكن ميانمار ردّت على لسان مستشار الحكومة، زاو هتاي، رافضة الطلب.
من جانبها، طالبت الهند بوقف فوري للعنف في ولاية راخين في غرب ميانمار، داعية حليفتها إلى ضبط النفس. وقالت وزارة الخارجية الهندية ليل السبت في بيان: «ندعو إلى الحكمة وضبط النفس في التعامل مع الأزمة في ولاية راخين، بما يضمن سلامة المدنيين وقوات الأمن». وأضاف البيان: «يجب وقف العنف والإسراع في إعادة الأوضاع في الولاية إلى طبيعتها».
ويأتي نداء الخارجية الهندية بعد أيام من قيام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة رسمية إلى ميانمار ذات الغالبية البوذية، وسط تصاعد العنف في ولاية راخين حيث فر 300 ألف من المسلمين الروهينغا. وكان مودي أدان سلسلة هجمات منسقة لمتمردي الروهينغا ضد مراكز لجيش وشرطة ميانمار في 25 أغسطس (آب) الماضي، إلا أنه لزم الصمت حيال أعمال العنف التي تعرض لها الروهينغا بعد تلك الهجمات والتهجير الجماعي الذي طالهم.
ومنذ بداية العنف، طوقت قوات ميانمار المنطقة ومنعت دخول الصحافيين والمنظمات الدولية التي تخشى حدوث كارثة إنسانية، إليها. ووصف وزير الخارجية البنغلاديشي، أبو الحسن محمود علي، أمس، ما يجري في ولاية راخين المجاورة لبلاده بأنه تطهير عرقي.
وفي مخيم أقيم على عجل بالقرب من شالامبور ببنغلاديش، يشكك اللاجئون الروهينغا في إمكانية أن يسمح وقف إطلاق النار بعودتهم إلى قراهم. وقال حافظ أحمد (60 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية إن جنود ميانمار «يقولون لنا (ارحلوا أو نقوم بإحراقكم جميعا). كيف يمكننا الاعتقاد أن وقفا لإطلاق النار سيكون له أي تأثير؟». وبالنسبة لكثيرين لم يتبق شيء. وقال هاشم، وهو مزارع من الروهينغا: «لم أعد أملك شيئا هناك، لا منزلا ولا قرية. كل شيء دمر».
وعرضت ميانمار للمرة الأولى السبت إقامة مخيمات للروهينغا المسلمين النازحين. وفرّ نحو 27 ألف بوذي وهندوسي من قراهم، ولجأوا إلى أديرة ومدارس في جنوب المنطقة.
وتعاني أقلية الروهينغا التي تضم نحو مليون شخص، وتعد أكبر مجموعة بلا جنسية في العالم، منذ عقود كمّ التمييز في ميانمار حيث أغلبية السكان من البوذيين.
بدوره، عبّر الصليب الأحمر في بنغلاديش عن ارتياحه لوعد وقف إطلاق النار، موضحا أن منظمات العمل الإنساني تواجه «أزمة هائلة». وقالت مسعدة سعيد، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بنغلاديش: «كيف تريدون منا إدارة تدفق هذا العدد من الأشخاص؟ إنه بحاجة إلى مأوى... إلى مكان آمن».
ويعتقد أن عشرات الآلاف ممن لا يزالون في ولاية راخين هم في طريقهم إلى الفرار هربا من حرق القرى وحملات الجيش وممارسات عصابات إثنية، يتهمها لاجئو الروهينغا بمهاجمة المدنيين ومحاصرتهم في الهضاب من دون طعام وماء ومأوى ورعاية طبية.
ويصل معظمهم إلى بنغلاديش مشيا على الأقدام بعد أيام من السير تحت الأمطار، أو في مراكب. ويتقاسم البلدان حدودا طولها 278 كيلومترا، يشكل ربعها نهر ناف. وتقول المنظمات غير الحكومية إنه بعد رحلة طويلة بلا طعام، يأتي القادمون الجدد مرضى وجائعين وضعفاء جدا، ويكون بعضهم مصابين بالرصاص أيضا.
وكانت معلومات تحدثت عن إصابة عدد من هؤلاء اللاجئين في انفجار ألغام زرعت على جانب ميانمار من الحدود. وقال قائد حرس الحدود في بنغلاديش، الكولونيل المنظر الحسن خان، لوكالة الصحافة الفرنسية أمس إن 3 من القرويين الروهينغا قتلوا على بعد نحو مائة متر من الحدود في انفجار لغم، على ما يبدو مساء السبت.
وفي نهاية الطريق، يجد هؤلاء اللاجئون مخيمات مكتظة غير قادرة على استيعابهم. وفي المجموع، تفيد تقديرات بأنه بين أعمال العنف التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ودفعت 87 ألف شخص إلى الهرب، والاضطرابات الحالية، فإن ثلث روهينغا ميانمار أصبحوا في بنغلاديش.
وقالت يانغي لي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لميانمار: «أعتقد أنها ستكون واحدة من أسوأ الكوارث في العالم وميانمار في السنوات الأخيرة». وعبرت عن استيائها لتعذر دخول هذه المنطقة الواقعة في غرب ميانمار، حيث يمكن أن يكون نحو ألف شخص قتلوا. كما دعت أونغ سان سو تشي التي تقود الحكومة إلى أن «تظهر للعالم لماذا كافحت من أجل ميانمار حرة وديمقراطية»، وإلى «التحرك» في هذه الأزمة.
وتتعرض حائزة جائزة نوبل للسلام في 1991 لضغوط من الأسرة الدولية التي تنتقد صمتها بشأن مصير الروهينغا. ووجّه أعضاء منظمة التعاون الإسلامي المجتمعون في آستانة انتقادات حادة إلى سلطات ميانمار، ودعوها للقبول بدخول مراقبين دوليين لوقف النزاع.
على صعيد آخر، وضعت قوات الأمن في حالة تأهب في بنغلاديش تحسبا من استغلال جماعات إرهابية ناشطة لديها العنف الذي يتعرض له مسلمو الروهينغا في ميانمار المجاورة لتجنيد مقاتلين جدد، وفق مسؤول أمني. وانتشرت في بنغلاديش صور عن الفظاعات التي تعرض لها الروهينغا، على مواقع التواصل الاجتماعي، فأثارت موجة من التنديد الشديد.
وقال منير الإسلام، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة دكا إن القوات تراقب أي تحركات لاستغلال العنف ضد الروهينغا لتجنيد متطرفين. وأضاف للصحافيين: «اتخذنا التدابير الملائمة للمراقبة، ونرصد أي تحرك لخلايا نائمة مستوحى من هذا (العنف) أو لاستخدامه لغرض التجنيد». وقال مسؤولون إنهم يخشون من تجنيد آلاف الطلاب تحت غطاء «حلقات دراسية إسلامية» من أجل النضال دفاعا عن حقوق الروهينغا. وتدارك: «لكننا متيقظون، حتى لا يتم استغلال الأزمة الإنسانية لإشاعة الفوضى».



لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
TT

لماذا يثير الحلف النووي الروسي - الصيني المحتمل مخاوف أميركا وحلفائها؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو بالبرازيل 10 نوفمبر الحالي (أ.ف.ب)

يمثل الصعود العسكري للصين، وبخاصة برنامج تحديث ترسانتها النووية، هاجساً قوياً لدى دوائر صناعة القرار والتحليل السياسي والاستراتيجي في الولايات المتحدة، خصوصاً في ظل التقارب المزداد بين بكين، وموسكو التي تلوح بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب على خلفية الحرب التي تخوضها حالياً في أوكرانيا.

وفي تحليل نشرته مجلة «ناشونال إنتريست» الأميركية، يتناول ستيفن سيمبالا أستاذ العلوم السياسية في جامعة براندواين العامة بولاية بنسلفانيا الأميركية، ولورانس كورب ضابط البحرية السابق والباحث في شؤون الأمن القومي في كثير من مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية، مخاطر التحالف المحتمل للصين وروسيا على الولايات المتحدة وحلفائها.

ويرى الخبراء أن تنفيذ الصين لبرنامجها الطموح لتحديث الأسلحة النووية من شأنه أن يؤدي إلى ظهور عالم يضم 3 قوى نووية عظمى بحلول منتصف ثلاثينات القرن الحالي؛ وهي الولايات المتحدة وروسيا والصين. في الوقت نفسه، تعزز القوة النووية الصينية المحتملة حجج المعسكر الداعي إلى تحديث الترسانة النووية الأميركية بأكملها.

وأشار أحدث تقرير للجنة الكونغرس المعنية بتقييم الوضع الاستراتيجي للولايات المتحدة والصادر في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، إلى ضرورة تغيير استراتيجية الردع الأميركية للتعامل مع بيئة التهديدات النووية خلال الفترة من 2027 إلى 2035. وبحسب اللجنة، فإن النظام الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة والقيم التي يستند إليها يواجه خطر نظام الحكم المستبد في الصين وروسيا. كما أن خطر نشوب صراع عسكري بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا يزداد، وينطوي على احتمال نشوب حرب نووية.

ولمواجهة هذه التحديات الأمنية، أوصت اللجنة الأميركية ببرنامج طموح لتحديث الترسانة النووية والتقليدية الأميركية، مع قدرات فضائية أكثر مرونة للقيام بعمليات عسكرية دفاعية وهجومية، وتوسيع قاعدة الصناعات العسكرية الأميركية وتحسين البنية التحتية النووية. علاوة على ذلك، تحتاج الولايات المتحدة إلى تأمين تفوقها التكنولوجي، وبخاصة في التقنيات العسكرية والأمنية الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية وتحليل البيانات الكبيرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الألمانية.

ولم يقترح تقرير اللجنة أرقاماً دقيقة للأسلحة التي تحتاجها الولايات المتحدة ولا أنواعها، لمواجهة صعود الصين قوة نووية منافسة وتحديث الترسانة النووية الروسية. ورغم ذلك، فإن التكلفة المرتبطة بتحديث القوة النووية الأميركية وبنيتها التحتية، بما في ذلك القيادة النووية وأنظمة الاتصالات والسيطرة والدعم السيبراني والفضائي وأنظمة إطلاق الأسلحة النووية وتحسين الدفاع الجوي والصاروخي للولايات المتحدة، يمكن أن تسبب مشكلات كبيرة في الميزانية العامة للولايات المتحدة.

في الوقت نفسه، فالأمر الأكثر أهمية هو قضية الاستراتيجية الأميركية والفهم الأميركي للاستراتيجية العسكرية الصينية والروسية والعكس أيضاً، بما في ذلك الردع النووي أو احتمالات استخدامه الذي يظهر في الخلفية بصورة مثيرة للقلق.

في الوقت نفسه، يرى كل من سيمبالا صاحب كثير من الكتب والمقالات حول قضايا الأمن الدولي، وكورب الذي عمل مساعداً لوزير الدفاع في عهد الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أنه من المهم تحديد مدى تنسيق التخطيط العسكري الاستراتيجي الروسي والصيني فيما يتعلق بالردع النووي والبدء باستخدام الأسلحة النووية أو القيام بالضربة الأولى. وقد أظهر الرئيسان الصيني شي جينبينغ والروسي فلاديمير بوتين، تقارباً واضحاً خلال السنوات الأخيرة، في حين تجري الدولتان تدريبات عسكرية مشتركة بصورة منتظمة. ومع ذلك فهذا لا يعني بالضرورة أن هناك شفافية كاملة بين موسكو وبكين بشأن قواتهما النووية أو خططهما الحربية. فالقيادة الروسية والصينية تتفقان على رفض ما تعدّانه هيمنة أميركية، لكن تأثير هذا الرفض المشترك على مستقبل التخطيط العسكري لهما ما زال غامضاً.

ويمكن أن يوفر الحد من التسلح منتدى لزيادة التشاور بين الصين وروسيا، بالإضافة إلى توقعاتهما بشأن الولايات المتحدة. على سبيل المثال، حتى لو زادت الصين ترسانتها النووية الاستراتيجية إلى 1500 رأس حربي موجودة على 700 أو أقل من منصات الإطلاق العابرة للقارات، سيظل الجيش الصيني ضمن حدود معاهدة «ستارت» الدولية للتسلح النووي التي تلتزم بها الولايات المتحدة وروسيا حالياً. في الوقت نفسه، يتشكك البعض في مدى استعداد الصين للمشاركة في محادثات الحد من الأسلحة الاستراتيجية، حيث كانت هذه المحادثات تجري في الماضي بين الولايات المتحدة وروسيا فقط. ولكي تنضم الصين إلى هذه المحادثات عليها القبول بدرجة معينة من الشفافية التي لم تسمح بها من قبل بشأن ترسانتها النووية.

وحاول الخبيران الاستراتيجيان سيمبالا وكورب في تحليلهما وضع معايير تشكيل نظام عالمي ذي 3 قوى عظمى نووية، من خلال وضع تصور مستقبلي لنشر القوات النووية الاستراتيجية الأميركية والروسية والصينية، مع نشر كل منها أسلحتها النووية عبر مجموعة متنوعة من منصات الإطلاق البرية والبحرية والجوية. ويظهر التباين الحتمي بين الدول الثلاث بسبب الاختلاف الشديد بين الإعدادات الجيوستراتيجية والأجندات السياسة للقوى الثلاث. كما أن خطط تحديث القوة النووية للدول الثلاث ما زالت رهن الإعداد. لكن من المؤكد أن الولايات المتحدة وروسيا ستواصلان خططهما لتحديث صواريخهما الباليستية العابرة للقارات والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة بأجيال أحدث من منصات الإطلاق في كل فئة، في حين يظل الغموض يحيط بخطط الصين للتحديث.

ورغم أن الولايات المتحدة تمتلك ترسانة نووية تتفوق بشدة على ترسانتي روسيا والصين، فإن هذا التفوق يتآكل بشدة عند جمع الترسانتين الروسية والصينية معاً. فالولايات المتحدة تمتلك حالياً 3708 رؤوس نووية استراتيجية، في حين تمتلك روسيا 2822 رأساً، والصين 440 رأساً. علاوة على ذلك، فالدول الثلاث تقوم بتحديث ترساناتها النووية، في حين يمكن أن يصل حجم ترسانة الأسلحة النووية الاستراتيجية الصينية إلى 1000 سلاح بحلول 2030.

ولكن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: إلى أي مدى ستفقد الولايات المتحدة تفوقها إذا واجهت هجوماً مشتركاً محتملاً من جانب روسيا والصين مقارنة بتفوقها في حال التعامل مع كل دولة منهما على حدة؟ ولا توجد إجابة فورية واضحة عن هذا السؤال، ولكنه يثير قضايا سياسية واستراتيجية مهمة.

على سبيل المثال، ما الذي يدفع الصين للانضمام إلى الضربة النووية الروسية الأولى ضد الولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)؟ ولا بد أن نتخيل سيناريو متطرفاً، حيث تتحول الأزمات المتزامنة في أوروبا وآسيا إلى أزمات حادة، فتتحول الحرب الروسية - الأوكرانية إلى مواجهة بين روسيا وحلف «الناتو»، في الوقت الذي تتحرك فيه الصين للاستيلاء على تايوان، مع تصدي الولايات المتحدة لمثل هذه المحاولة.

وحتى في هذه الحالة المتطرفة، لا شك أن الصين تفضل تسوية الأمور مع تايوان بشروطها الخاصة وباستخدام القوات التقليدية. كما أنها لن تستفيد من الاشتراك في حرب بوتين النووية مع «الناتو». بل على العكس من ذلك، أشارت الصين حتى الآن بوضوح تام إلى روسيا بأن القيادة الصينية تعارض أي استخدام نووي أولاً في أوكرانيا أو ضد حلف شمال الأطلسي. والواقع أن العلاقات الاقتصادية الصينية مع الولايات المتحدة وأوروبا واسعة النطاق.

وليس لدى الصين أي خطة لتحويل الاقتصادات الغربية إلى أنقاض. فضلاً عن ذلك، فإن الرد النووي للولايات المتحدة و«الناتو» على الضربة الروسية الأولى يمكن أن يشكل مخاطر فورية على سلامة وأمن الصين.

وإذا كان مخططو الاستراتيجية الأميركية يستبعدون اشتراك روسيا والصين في توجيه ضربة نووية أولى إلى الولايات المتحدة، فإن حجم القوة المشتركة للدولتين قد يوفر قدراً من القوة التفاوضية في مواجهة حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة.

وربما تدعم الصين وروسيا صورة كل منهما للأخرى بوصفها دولة نووية آمنة في مواجهة الضغوط الأميركية أو حلفائها لصالح تايوان أو أوكرانيا. ولكن إذا كان الأمر كذلك، فمن المرجح أن توفر «الفجوة» بين أعداد الأسلحة النووية غير الاستراتيجية أو التكتيكية التي تحتفظ بها روسيا والصين والموجودة في المسرح المباشر للعمليات العسكرية، مقارنة بتلك المتاحة للولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي، عنصر ردع ضد أي تصعيد تقليدي من جانب الولايات المتحدة ضد أي من الدولتين.

أخيراً، يضيف ظهور الصين قوة نووية عظمى تعقيداً إلى التحدي المتمثل في إدارة الاستقرار الاستراتيجي النووي. ومع ذلك، فإن هذا لا يمنع تطوير سياسات واستراتيجيات إبداعية لتحقيق استقرار الردع، والحد من الأسلحة النووية، ودعم نظام منع الانتشار، وتجنب الحرب النووية. ولا يمكن فهم الردع النووي للصين بمعزل عن تحديث قوتها التقليدية ورغبتها في التصدي للنظام الدولي القائم على القواعد التي تفضلها الولايات المتحدة وحلفاؤها في آسيا. في الوقت نفسه، فإن التحالف العسكري والأمني بين الصين وروسيا مؤقت، وليس وجودياً. فالتوافق بين الأهداف العالمية لكل من الصين وروسيا ليس كاملاً، لكن هذا التحالف يظل تهديداً خطيراً للهيمنة الأميركية والغربية على النظام العالمي.