أكّدت الأمم المتحدة أمس أن 300 ألف شخص من المسلمين الروهينغا لجأوا إلى بنغلاديش هربا من الحملة العنيفة التي تستهدفهم في ميانمار، فيما أعلن متمردون من الأقلية وقفا لإطلاق النار من جانب واحد في ولاية راخين.
وقالت الحركة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم «جيش إنقاذ روهينغا أراكان»، في بيان على «تويتر» إنها «تعلن وقفا مؤقتا للعمليات العسكرية الهجومية»، مشيرة إلى أنها تريد بذلك تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية. ودعت الحركة سلطات ميانمار إلى أن تحذو حذوها في إعلان «هدنة إنسانية». لكن ميانمار ردّت على لسان مستشار الحكومة، زاو هتاي، رافضة الطلب.
من جانبها، طالبت الهند بوقف فوري للعنف في ولاية راخين في غرب ميانمار، داعية حليفتها إلى ضبط النفس. وقالت وزارة الخارجية الهندية ليل السبت في بيان: «ندعو إلى الحكمة وضبط النفس في التعامل مع الأزمة في ولاية راخين، بما يضمن سلامة المدنيين وقوات الأمن». وأضاف البيان: «يجب وقف العنف والإسراع في إعادة الأوضاع في الولاية إلى طبيعتها».
ويأتي نداء الخارجية الهندية بعد أيام من قيام رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بزيارة رسمية إلى ميانمار ذات الغالبية البوذية، وسط تصاعد العنف في ولاية راخين حيث فر 300 ألف من المسلمين الروهينغا. وكان مودي أدان سلسلة هجمات منسقة لمتمردي الروهينغا ضد مراكز لجيش وشرطة ميانمار في 25 أغسطس (آب) الماضي، إلا أنه لزم الصمت حيال أعمال العنف التي تعرض لها الروهينغا بعد تلك الهجمات والتهجير الجماعي الذي طالهم.
ومنذ بداية العنف، طوقت قوات ميانمار المنطقة ومنعت دخول الصحافيين والمنظمات الدولية التي تخشى حدوث كارثة إنسانية، إليها. ووصف وزير الخارجية البنغلاديشي، أبو الحسن محمود علي، أمس، ما يجري في ولاية راخين المجاورة لبلاده بأنه تطهير عرقي.
وفي مخيم أقيم على عجل بالقرب من شالامبور ببنغلاديش، يشكك اللاجئون الروهينغا في إمكانية أن يسمح وقف إطلاق النار بعودتهم إلى قراهم. وقال حافظ أحمد (60 عاما) لوكالة الصحافة الفرنسية إن جنود ميانمار «يقولون لنا (ارحلوا أو نقوم بإحراقكم جميعا). كيف يمكننا الاعتقاد أن وقفا لإطلاق النار سيكون له أي تأثير؟». وبالنسبة لكثيرين لم يتبق شيء. وقال هاشم، وهو مزارع من الروهينغا: «لم أعد أملك شيئا هناك، لا منزلا ولا قرية. كل شيء دمر».
وعرضت ميانمار للمرة الأولى السبت إقامة مخيمات للروهينغا المسلمين النازحين. وفرّ نحو 27 ألف بوذي وهندوسي من قراهم، ولجأوا إلى أديرة ومدارس في جنوب المنطقة.
وتعاني أقلية الروهينغا التي تضم نحو مليون شخص، وتعد أكبر مجموعة بلا جنسية في العالم، منذ عقود كمّ التمييز في ميانمار حيث أغلبية السكان من البوذيين.
بدوره، عبّر الصليب الأحمر في بنغلاديش عن ارتياحه لوعد وقف إطلاق النار، موضحا أن منظمات العمل الإنساني تواجه «أزمة هائلة». وقالت مسعدة سعيد، من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بنغلاديش: «كيف تريدون منا إدارة تدفق هذا العدد من الأشخاص؟ إنه بحاجة إلى مأوى... إلى مكان آمن».
ويعتقد أن عشرات الآلاف ممن لا يزالون في ولاية راخين هم في طريقهم إلى الفرار هربا من حرق القرى وحملات الجيش وممارسات عصابات إثنية، يتهمها لاجئو الروهينغا بمهاجمة المدنيين ومحاصرتهم في الهضاب من دون طعام وماء ومأوى ورعاية طبية.
ويصل معظمهم إلى بنغلاديش مشيا على الأقدام بعد أيام من السير تحت الأمطار، أو في مراكب. ويتقاسم البلدان حدودا طولها 278 كيلومترا، يشكل ربعها نهر ناف. وتقول المنظمات غير الحكومية إنه بعد رحلة طويلة بلا طعام، يأتي القادمون الجدد مرضى وجائعين وضعفاء جدا، ويكون بعضهم مصابين بالرصاص أيضا.
وكانت معلومات تحدثت عن إصابة عدد من هؤلاء اللاجئين في انفجار ألغام زرعت على جانب ميانمار من الحدود. وقال قائد حرس الحدود في بنغلاديش، الكولونيل المنظر الحسن خان، لوكالة الصحافة الفرنسية أمس إن 3 من القرويين الروهينغا قتلوا على بعد نحو مائة متر من الحدود في انفجار لغم، على ما يبدو مساء السبت.
وفي نهاية الطريق، يجد هؤلاء اللاجئون مخيمات مكتظة غير قادرة على استيعابهم. وفي المجموع، تفيد تقديرات بأنه بين أعمال العنف التي وقعت في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ودفعت 87 ألف شخص إلى الهرب، والاضطرابات الحالية، فإن ثلث روهينغا ميانمار أصبحوا في بنغلاديش.
وقالت يانغي لي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة لميانمار: «أعتقد أنها ستكون واحدة من أسوأ الكوارث في العالم وميانمار في السنوات الأخيرة». وعبرت عن استيائها لتعذر دخول هذه المنطقة الواقعة في غرب ميانمار، حيث يمكن أن يكون نحو ألف شخص قتلوا. كما دعت أونغ سان سو تشي التي تقود الحكومة إلى أن «تظهر للعالم لماذا كافحت من أجل ميانمار حرة وديمقراطية»، وإلى «التحرك» في هذه الأزمة.
وتتعرض حائزة جائزة نوبل للسلام في 1991 لضغوط من الأسرة الدولية التي تنتقد صمتها بشأن مصير الروهينغا. ووجّه أعضاء منظمة التعاون الإسلامي المجتمعون في آستانة انتقادات حادة إلى سلطات ميانمار، ودعوها للقبول بدخول مراقبين دوليين لوقف النزاع.
على صعيد آخر، وضعت قوات الأمن في حالة تأهب في بنغلاديش تحسبا من استغلال جماعات إرهابية ناشطة لديها العنف الذي يتعرض له مسلمو الروهينغا في ميانمار المجاورة لتجنيد مقاتلين جدد، وفق مسؤول أمني. وانتشرت في بنغلاديش صور عن الفظاعات التي تعرض لها الروهينغا، على مواقع التواصل الاجتماعي، فأثارت موجة من التنديد الشديد.
وقال منير الإسلام، رئيس وحدة مكافحة الإرهاب في شرطة دكا إن القوات تراقب أي تحركات لاستغلال العنف ضد الروهينغا لتجنيد متطرفين. وأضاف للصحافيين: «اتخذنا التدابير الملائمة للمراقبة، ونرصد أي تحرك لخلايا نائمة مستوحى من هذا (العنف) أو لاستخدامه لغرض التجنيد». وقال مسؤولون إنهم يخشون من تجنيد آلاف الطلاب تحت غطاء «حلقات دراسية إسلامية» من أجل النضال دفاعا عن حقوق الروهينغا. وتدارك: «لكننا متيقظون، حتى لا يتم استغلال الأزمة الإنسانية لإشاعة الفوضى».
الأمم المتحدة: توافد 300 ألف لاجئ من الروهينغا إلى بنغلاديش
الهند تطالب حكومة ميانمار بـ«الحكمة وضبط النفس»
الأمم المتحدة: توافد 300 ألف لاجئ من الروهينغا إلى بنغلاديش
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة