إردوغان يأمل «نهاية التحضير» لمفاوضات جنيف في اجتماع آستانة

كازاخستان تعلن مشاركة المعارضة السورية... وموسكو تنسق مع دمشق قبل الجولة المقبلة

TT

إردوغان يأمل «نهاية التحضير» لمفاوضات جنيف في اجتماع آستانة

أعرب الرئيس التركي رجب طيب إردوغان عن أمله في أن تكون الجولة المقبلة من اجتماعات آستانة في شأن الأزمة السورية التي تعقد في 14 سبتمبر (أيلول) الحالي نهاية للمرحلة التحضيرية، في وقت أكدت الخارجية الكازاخية مشاركة فصائل معارضة في الاجتماعات.
وقال إردوغان خلال لقائه نظيره الكازاخي نور سلطان نزارباييف في آستانة السبت: «أتمنى أن تكون اجتماعات آستانة القادمة هي نهاية للخطوات التحضيرية، وأن تساهم في تسهيل مفاوضات جنيف». وعبر إردوغان عن شكره لنظيره الكازاخي لمساهماته في حل الأزمات الإقليمية، مشيرا إلى أن البلدين يهدفان إلى تعزيز العلاقات بينهما، وبخاصة السياسية والعسكرية والاقتصادية.
وكشف وزير خارجية كازاخستان خيرت عبد الرحمنوف، بأن المعارضة السورية المسلحة أكدت بشكل مبدئي مشاركتها في الجولة المقبلة من اجتماعات آستانة.
وقال عبد الرحمنوف، إن تركيا تعمل بنشاط على القضايا الجوهرية للمفاوضات القادمة، بما في ذلك مسألة مشاركة المعارضة السورية المسلحة، مضيفا أنها أكدت حضورها بشكل مبدئي. وأوضح، أن «المعلومات عن ذلك ستأتي في مستهل الأسبوع المقبل».
وبحث نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف مع السفير السوري في موسكو رياض حداد عمل مناطق خفض التصعيد في سوريا، وسير الاستعدادات للجولة القادمة من اجتماعات آستانة.
وأعلنت الخارجية الروسية في بيان، أن بوغدانوف وحداد «تبادلا الآراء بصورة مفصلة حول تطورات الوضع في سوريا وحولها، بما في ذلك، في سياق عمل مناطق خفض التصعيد التي أقيمت جنوب شرقي سوريا وشمال حمص وفي الغوطة الشرقية، إضافة إلى المكاسب التي حققها الجيش (النظامي) السوري بدعم من القوات الجوية الفضائية الروسية على أرض المعركة ضد تنظيمي داعش وجبهة النصرة».
كما بحث الطرفان «في الاستعدادات للجولة السادسة من الاجتماع الدولي حول سوريا المزمع عقده في 14 - 15 الشهر الحالي في آستانة».
ونوّه المتحدث باسم التحالف الدولي للحرب على «داعش» رايان ديلون، بجهود تركيا وتعاونها مع التحالف في محاربة تنظيم داعش الإرهابي. وذكر ديلون في بيان، نقلته وكالة أنباء «الأناضول» التركية، أن التحالف يرى يوميا مؤشرات تعكس تقدما في مهماته ضد «داعش» في كل من سوريا والعراق. وأوضح، أن الدور الحالي للتحالف هو القضاء على «داعش» الإرهابي كليا، دون التقيد بزمن محدد، قائلا: «لا يمكن التنبؤ بالمستقبل، ليس لدينا وقت محدد للقضاء على (داعش) في العراق، لكننا نخطط لمعركة صعبة بهدف تحقيق النصر». وأشار إلى أن الدور الذي من المقرر أن يلعبه التحالف عقب انتهاء العمليات العسكرية ضد «داعش» في العراق، يتمثل في استمرار تدريب قوات الأمن العراقية، من أجل الحفاظ على أمن البلاد وسلامة أهلها.
وبشأن موقف التحالف الدولي من «حزب الله» اللبناني، بعد الاتفاق الذي أبرمه ونظام بشار الأسد، مع «داعش» قال ديلون، إن الهدف الأساسي للتحالف حاليا هو القضاء على «داعش»؛ لأن التنظيم هو السبب الذي أُوجد التحالف لأجله.
ونفى أن يكون التحالف سمح لإرهابيي «داعش» بالهرب إلى مدينة دير الزور، شرق سوريا، عبر قافلة عبرت الحدود اللبنانية باتجاه الحدود السورية - العراقية في 29 أغسطس (آب) الماضي.
ولفت إلى أن «التحالف راقب القافلة، ودمر 40 آلية وقتل 85 مقاتلًا داعشيا حاولوا الالتحاق بها». وبرر عدم قصف التحالف لقافلة مسلحي «داعش» المكونة من 11 حافلة بأنها كانت تضم عددا من النساء والأطفال.
وينص اتفاق «حزب الله» و«داعش» على السماح بانتقال عناصر لـ«داعش» من مناطق الحدود اللبنانية مع سوريا إلى مناطق الحدود العراقية – السورية، مقابل تسلم «حزب الله» من التنظيم أسيرا وجثث عدد من عناصره. وعلى صعيد آخر، أعلن ديلون، إرجاء عملية تحرير دير الزور، من «داعش»، حتى تحرير مدينة الرقة السورية. وأضاف: «تركيزنا الحالي هو القضاء على «داعش» في الرقة، ودعم القوات الشريكة لنا هناك، والتي حررت حتى الآن أكثر من 60 في المائة من المدينة».
وأشاد ديلون، بدقة عمليات التحالف الجوية ضد عناصر»داعش»، قائلا إن التحالف يستخدم حملة جوية هي «الأكثر دقة» في التاريخ، ويأخذ أي ضحايا مدنيين على محمل الجد.
وتثير عملية الرقة خلافات بين أنقرة وواشنطن بسبب قيام الأخيرة بتسليح «وحدات حماية الشعب» الكردية (الذراع العسكرية لحزب الاتحاد الديمقراطي السوري) في إطار التحالف في معركة الرقة ضد «داعش» بسبب مخاوف تتعلق بانتقال هذه الأسلحة إلى «حزب العمال الكردستاني» المحظور في تركيا، على الرغم من الضمانات الأميركية في هذا الصدد.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.