من الواضح أن شهر العسل انتهى الآن تماماً بسبب أحداث درامية كثيرة ستجبر مدرب مانشستر يونايتد السابق الهولندي لويس فان غال قريباً على التوجه إلى كريستال بالاس للتعرف على حقيقة الأمر واستكشاف السبب وراء كل هذه الضجة. ومن غير المثير للدهشة أن نجد أن المهتمين بكريستال بالاس يتساءلون فيما بينهم حول احتمالية أن يكون الرجل الذي تعهد بجعل فريقه الجديد يقدم أداءً مشابهاً لأداء أياكس، غير كفء للاضطلاع بمهمة التدريب في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وبالنظر إلى الشكاوى المتصاعدة من جنوب لندن الأسبوع الماضي، يبدو أن بعض أعضاء فريق كريستال بالاس قد حسموا رأيهم بالفعل بخصوص المدرب الحالي الهولندي أيضا فرانك دي بوير. وإذا ما تحقق رحيله بالفعل، فإن السبب الأكبر وراء ذلك سيكون الثورة التي أشعلها اللاعبون الساخطون إزاءه. ومع أن مثل هذا النمط من أفعال التمرد قد يجري النظر إليه كإدانة جديدة تضاف إلى قائمة خطايا كرة القدم الحديثة، تظل الحقيقة أنه ليس هناك مدرب بمأمن من هذا المصير إذا كانت الأساليب التي ينتهجها في عمله تثير الدهشة، بدلاً عن إثارة الروح المعنوية للاعبين داخل غرفة تبديل الملابس.
وربما لا يعكس هذا الأمر صورة إيجابية عن كرة القدم الإنجليزية، بالنظر إلى أن دي بوير سبق وأن قاد أياكس للفوز بأربعة بطولات متتالية للدوري الهولندي الممتاز في أول مهمة يتولاها في مسيرته بمجال التدريب، ومع هذا واجه مقاومة مبكرة داخل صفوف كريستال بالاس والذي كان أفضل مركز حققه في تاريخه هو العاشر في موسم 2015، والأهم من ذلك، أن دي بوير طرح بالفعل رؤيته خلال الصيف على جميع المعنيين داخل النادي وأوضح أن الارتقاء بأسلوب كريستال بالاس داخل الملعب لن يكون بالأمر السهل، ووعد بتحقيق حالة من «التطور، وليس الثورة».
إلا أنه بعد خوض ثلاث مباريات بالدوري الممتاز، ما يزال كريستال بالاس يبحث عن هدفه الأول، ناهيك عن نقطته الأولى. أما الأمر الذي يثير القلق أكثر عن النتائج، الأداء الفاتر الضعيف الذي قدمه الفريق. إلا أن التساؤل هنا: لماذا لم يتوقع مسؤولو كريستال بالاس حدوث ذلك؟ قبل دي بوير، لطالما حرص بالاس على استقدام المدربين التقليديين. ومنذ صعوده إلى الدوري الممتاز بقيادة إيان هولواي - مدرب كوينز بارك رينجرز حاليا - عام 2013، استعان كريستال بالاس بتوني بوليس (ويست بروميتش البيون حاليا) ونيل وارنوك (كارديف سيتي حاليا) وآلان باردو وسام ألاردايس (من دون عمل). وجاءت النتيجة في صورة فريق مباشر وصارم يفتقر إلى الإبداع والقدرة على التألق.
ويتعين على المرء العودة إلى 19 عاماً ماضية للوصول إلى المرة الوحيدة التي استعان خلالها النادي بمدرب أجنبي، الإيطالي أتيليو لومباردو، والذي عجز عن إنقاذ الفريق من الهبوط بعد فترة قصيرة معه كلاعب ومدرب. أما الاستعانة بدي بوير، فشكل خروجاً عن النهج المألوف من جانب كريستال بالاس، وربما كان متوقعا منذ البداية أن تواجه التجربة الجديدة مشكلات عصيبة. واليوم، إذا ما قرر النادي تقليص خسائره بالاستغناء عن المدرب، فإنه سيواجه بذلك اتهامات بالتهور والعجلة. بيد أنه في واقع الأمر، تبقى خطيئة إدارة النادي الكبرى فشلها في إرساء الأسس الملائمة للتكيف مع مثل هذا التحرك نحو إحداث تغيير كبير في هوية النادي.
ويحمل هذا الأمر مؤشرات على وجود أوجه قصور هيكلية نابعة من غياب فلسفة واضحة داخل النادي، ففي لحظة تجري الاستعانة بألاردايس وفي اللحظة التالية يتحول النادي نحو دي بوير، ما شكل انتقالاً بين طرفي نقيض. في الواقع، كان كريستال بالاس قد نجا لتوه من شبح الهبوط، وبالتالي لم يكن ثمة مؤشر يوحي بأنه على استعداد للتحول إلى النسخة الإنجليزية من أياكس. ومن غير المثير للدهشة أن نجد أن اللاعبين عانوا كثيراً كي يتمكنوا من التكيف مع أسلوب دي بوير، الذي قال إن لاعبيه يفتقرون إلى الشجاعة في التعامل مع الكرة في أعقاب الهزيمة التي منوا بها على أرضهم على يد سوانزي سيتي.
وربما ما يحدث الآن نتيجة طبيعية تحدث عندما تحاول الأندية إيجاد حل سريع لمشكلاتها، بدلاً عن الشروع في عملية بناء تدريجي. الشهر الماضي، عين كريستال بالاس دوغي فريدمان في منصب مدير شؤون الرياضة. إلا أنه من الواضح أنه كان ينبغي انضمام فريدمان إلى النادي قبل دي بوير، ومن المثير للحيرة أن ناديا يملك موارد في حجم تلك التي يتمتع بها كريستال بالاس لا يسعى لمحاكاة تجربة ساوثهامبتون، حيث يضمن التخطيط طويل الأمد استعداد النادي للتكيف مع أي تغيير يحدث في منصب المدرب. كما أن الخبرة التي تتمتع بها عائلة بوزو المالكة ساعدت واتفورد على القفز لما هو أكبر عن حجمه الحقيقي رغم تناوب عدد كبير من المدربين عليه. والتساؤل هنا: ما الأمر الذي حمل الأهمية الأكبر عندما فاز ليستر سيتي ببطولة الدوري الممتاز: الاستعانة بكلاوديو رانييري أم ضم نغولو كانتي؟.
اللافت أن منصب مدير الكرة ما يزال مفتقراً إلى التقدير المستحق داخل إنجلترا. على سبيل المثال، عندما اقترح البعض على آرسين فينغر أن آرسنال ربما يستفيد من تعيين مدير للكرة، أجاب على نحو جعل الأمر يبدو وكأن أحداً اقترح عليه تبديل اسمه لجوزيه! وقال: «لا أدري ماذا يعني ذلك. هل هو شخص يقف على الطريق ويوجه اللاعبين للسير يميناً ويساراً؟»
الواضح أن وجود مدير للكرة من الممكن أن يشكل تحدياً لسلطة فينغر، ويدفع آرسنال للخروج من المنطقة الآمنة التي يتقوقع داخلها. من جانبهم، اختار مسؤولو آرسنال الهروب من اتخاذ قرار صعب في نهاية الموسم الماضي، وقرروا بدلاً عن ذلك إطالة أمد سنوات الجمود في آرسنال لعامين آخرين.
من ناحية أخرى، تعيش العاصمة حال من الاضطراب. فقط بفضل فارق الهدف البائس عن وستهام يونايتد، يبقى كريستال بالاس بعيداً عن قاع جدول ترتيب أندية الدوري الممتاز. واليوم، يبدو أن الوقت ينفد أمام مدرب وستهام الكرواتي سلافين بيليتش، الذي اتضحت أوجه قصوره التكتيكية منذ أمد طويل. وبينما يبدو بيليتش محظوظاً باحتفاظه بعمله، تبقى المشكلة الرئيسية داخل وستهام يونايتد متركزة في الفكرة المسيطرة على مالك النادي ديفيد سوليفان بأنه قادر على الاضطلاع بدور مدير الكرة.
وعليه، بقيت ثغرات قائمة داخل النادي دونما حل، بينما بدا الفريق بطيئاً ومتهالكاً جراء قرار إدارة النادي بالتركيز على إجراءات شراء لاعبين قصيرة الأمد. والغريب أن نجد المسؤول عن صفقات انتقال اللاعبين بالنادي يقضي عطلة في إسبانيا خلال اليوم الأخير من موسم الانتقالات! وعليه، ليس ثمة تغيير على الأرض.
وفي الوقت الذي تبدو تجربة دي بوير محكوما عليها بالفشل، من المتوقع أن يشارك فريدمان كبديل مؤقت قبل أن يفسح المجال أمام روي هودجسون. ومن المعتقد أن أزمة طارئة أخرى قد تجبر كريستال بالاس على العودة إلى المربع الأول، رغم أن كل هذا كان يمكن تجنبه إذا ما تحلى مسؤولوه ببعد النظر.
ومما يثير الدهشة تصريحات دي بوير الأخيرة إن فريقه لن يغير طريقة لعبه رغم البداية السيئة في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم ومطالبة لاعبيه باتخاذ قرارات أفضل عند امتلاك الكرة. ويقبع بالاس في المركز قبل الأخير بعدما خسر أول ثلاث مباريات في الدوري، أمام هدرسفيلد تاون وليفربول وسوانزي سيتي لكن دي بوير الذي تولى القيادة في يونيو (حزيران) الماضي لا يزال متمسكا بخططه وأساليبه رغم ذلك.
وأضاف المدرب الهولندي: «لا أرى حاجة لتغيير الأسلوب والمطلوب من اللاعبين فقط هو إظهار الروح وتنفيذ ما نريده. إذا لعبنا بخطة 3 - 4 - 3 أو 5 - 3 - 2 أو 4 - 3 - 3 فإن الجميع يعرفون ما يجب فعله». وتابع: «يبدأ كل شيء بالتحلي بالشجاعة عند امتلاك الكرة. الدفاع ليس أصعب شيء ويجب اتخاذ القرارات الصائبة عند امتلاك الكرة وهذا ما فعلناه في بعض الفترات».
وتتكهن وسائل إعلام بريطانية بأن دي بوير قد يقال من منصبه قريبا وسبق أن أقيل من تدريب إنترميلان الإيطالي بعد 85 يوما من تولي المهمة في 2016 بعدما فاز خمس مرات فقط في 14 مباراة. وبعد انتهاء العطلة الدولية سيحل بالاس ضيفا على بيرنلي غدا.
ولا يبدو توتنهام بعيدا عن حالة الاضطراب التي تعيشها أندية العاصمة الإنجليزية، فتوتنهام وصيف الموسم الماضي يحتل المركز التاسع برصيد 4 نقاط فقط حصدها من مبارياته الثلاث حتى الآن.
العاصمة البريطانية تعيش حالة من الاضطراب الكروي
وستهام وكريستال بالاس يتذيلان جدول الدوري... وآرسنال يتخبط... وتوتنهام في حالة انعدام وزن
العاصمة البريطانية تعيش حالة من الاضطراب الكروي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة