مولدافيا تتأرجح بين موسكو و«الناتو»

الحكومة تتمرد على الرئيس وتشارك في مناورات الحلف

احتفلت مولدافيا في أغسطس الماضي بالذكرى الـ26 لاستقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي (إ.ب.أ)
احتفلت مولدافيا في أغسطس الماضي بالذكرى الـ26 لاستقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي (إ.ب.أ)
TT

مولدافيا تتأرجح بين موسكو و«الناتو»

احتفلت مولدافيا في أغسطس الماضي بالذكرى الـ26 لاستقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي (إ.ب.أ)
احتفلت مولدافيا في أغسطس الماضي بالذكرى الـ26 لاستقلالها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي (إ.ب.أ)

تتصاعد حدة التوتر في مولدافيا، بين الرئاسة من جانب والحكومة من جانب آخر، على خلفية رغبة الرئيس إيغر دودون بالتطبيع مع روسيا، مقابل تمسك الحكومة بنهج التكامل مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو). ودخل الصراع بين الجانبين يوم أمس مرحلة خطيرة، حين قررت الحكومة المولدافية إرسال وحدات من الجيش للمشاركة في مناورات للناتو في غرب أوكرانيا. وقالت وزارة الدفاع المولدافية، في بيان على موقعها الرسمي، إن وحدة عسكرية من الجيش المولدافي تضم 57 عسكرياً، وصلت إلى الأراضي الأوكرانية للمشاركة في مناورات «ترايدنت السريع 2017»، التي يجريها الناتو في أوكرانيا من 7 إلى 23 سبتمبر (أيلول) الحالي. وقال العميد ألكسندر ماركوتسا، إن الهدف من المشاركة في المناورات تطوير التعاون، وتعزيز القدرة الدفاعية للبلاد، وكذلك تعزيز والحفاظ على هيبة القوات المولدافية على الساحة الدولية.
وتشكل مشاركة قوات مولدافية في المناورات المذكورة تمردا على إرادة الرئيس إيغر دودون، الذي أصدر يوم الخامس من سبتمبر قرارا يحظر بموجبه مشاركة القوات الوطنية في المناورات، وقال إنه «من غير المقبول مشاركة العسكريين المولدافيين في تدريبات عسكرية خارج البلاد». وشدد «بموجب الدستور قررت وقف العمل بالقرار الصادر عن الحكومة حول المشاركة في المناورات»، موضحا أن «مولدافيا جمهورية محايدة، (خارج الأحلاف) ولا يجوز أن تشارك القوات المولدافية في مناورات تجري تحت رعاية أي حلف عسكري كان». وأكد أن قرار المشاركة في أي مناورات خارج البلاد يجب أن يوافق عليه القائد العام للجيش والقوات المسلحة، أي الرئيس. وقال إنها المرة الأولى التي يستفيد فيها من صلاحياته الدستورية منذ توليه الرئاسة نهاية ديسمبر (كانون الأول) عام 2016، ووصف قرار الحكومة بأنه انتهاك للتشريعات المولدافية، داعيا إلى التحكيم عبر المحكمة الدستورية.
من جانبه، رفض بافل فيليب، رئيس الحكومة المولدافية، قرار الرئيس دودون، وقال: «إن مثل هذا القرار غير منطقي، مولدافيا كانت ولا تزال دولة محايدة، لكن هذا لا يعني عدم المشاركة في عمليات حفظ سلام، وعدم رفع مهارة وخبرة الجيش». وفي نهاية المطاف لم تمتثل الحكومة ولا وزارة الدفاع للحظر الرئاسي، وتم إرسال قوات إلى أوكرانيا للمشاركة في مناورات الناتو. إثر ذلك توعد الرئيس دودون بمعاقبة المسؤولين عن إرسال القوات، وقال إيون تشيبان، السكرتير الصحافي للرئيس المولدافي، إن «الرئيس أصدر تعليمات بتحقيق في الوحدات العسكرية لاتخاذ قرار بموجب القانون، يصل حتى تخفيض الرتبة العسكرية».
جدير بالذكر أن مولدافيا جمهورية برلمانية، أي أن الحكومة مدعومة بأحزاب برلمانية تسيطر عمليا على معظم مفاصل الحكم والسلطات التنفيذية، بينما تبدو صلاحيات الرئيس أقرب إلى الشكلية، ولهذا يبدو الرئيس دودون شبه عاجز عن كبح جماح الحكومة. ومن جانبها، لم توفر الحكومة والأحزاب البرلمانية جهدا لتخريب كل مبادرات وخطوات الرئيس دودون في مجال التطبيع مع روسيا. وكان دودون اختار موسكو محطة خارجية أولى له بعد توليه الرئاسة، حيث وصل إلى موسكو بعد نحو أسبوعين على تنصيبه رئيسا للبلاد، وأجرى محادثات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتفقا خلالها على عودة المنتجات المولدافية إلى الأسواق الروسية، والسماح للمواطنين المولدافيين بالعمل في روسيا وتقديم تسهيلات لهم. ومن جانبه، بادر دودون في الانفتاح على قيادة إقليم بريدنيستروفيا، الذي شهد في التسعينات مواجهات مسلحة بين القوات المولدافية والسكان المحليين، على خلفية سعيهم للانفصال عن مولدافيا. ومنذ عام 1994 تنتشر في المنطقة قوات حفظ سلام روسية، وتتواصل المحادثات لتسوية أزمة ذلك الإقليم. واقترح دودون حلا يقوم على أساس تحويل مولدافيا إلى دولة فيدرالية، ويحصل إقليم بريدنيستروفيا فيها على صلاحيات واسعة، وكان على الدوام يؤكد سعيه لاستعاد علاقات الشراكة الاستراتيجية مع روسيا.
هذه الخطوات أثارت استياء القوى البرلمانية والحكومة المعروفة بتبنيها لنهج التكامل مع الغرب، ويدعو بعضها إلى الوحدة مع رومانيا. وأقدمت الحكومة على جملة خطوات تسببت بتعكير الأجواء مع موسكو، منها طرد دبلوماسيين روس في مايو (أيار) الماضي، حينها كان الرئيس المولدافي أول المنتقدين للقرار الحكومي، ووصفه بـ«خطوة غير ودية وعمل استفزازي». ومن ثم لم تسمح وزارة الخارجية المولدافية لطائرة على متنها ديميتري روغوزين، نائب رئيس الحكومة الروسية بدخول الأجواء المولدافية، وكان روغوزين ينوي المشاركة بفعاليات في بريدنيستروفيا بمناسبة مرور 25 سنة على انتشار قوات حفظ السلام الروسية في الإقليم، وأن يجري محادثات مع الرئيس المولدافي لإطلاق جهود تسوية الأزمة. وهنا أيضا كان الرئيس دودون أول المنتقدين لقرار وزارة الخارجية المولدافية، واتهم الحكومة بـ«ازداوجية المعايير». ويتوقع أن تشتد المواجهة بين دودون والحكومة بحال قرر طرح تعديلات دستورية عبر استفتاء عام، بهدف الحصول على صلاحيات أوسع، بما في ذلك الحق في حل البرلمان وتحديد موعد انتخابات برلمانية مبكرة.



الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
TT

الكرملين: عقيدتنا النووية المحدَّثة إشارة إلى الغرب

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

قال الكرملين، اليوم الأحد، إن روسيا يجب أن ترد على التصعيد غير المسبوق الذي أثارته الإدارة الأميركية، بسماحها لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى قلب روسيا.

وأضاف الكرملين في بيان، أن الولايات المتحدة تتخذ «خطوات متهورة» بشكل مزداد، مما يثير توترات بشأن الصراع في أوكرانيا.

ولوح الكرملين بأن «العقيدة النووية المحدثة لروسيا بمثابة إشارة إلى الغرب».

وفي وقت لاحق اليوم، حذّر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري مدفيديف الولايات المتحدة من أن روسيا ستزود أعداء أميركا بتقنيات نووية إذا أقدمت واشنطن على تزويد كييف بأسلحة نووية. ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية للأنباء عن مدفيديف قوله «صاروخ أوريشنيك قادر على إلحاق أضرار بالغة بالعواصم الغربية خلال دقائق، ومن الأفضل لأوروبا التوقف عن الدعم العسكري لأوكرانيا».

وخففت روسيا الأسبوع الماضي، من القيود المفروضة على العقيدة النووية، ليصبح من الممكن اعتبار أي هجوم تقليدي بمساعدة بلد يمتلك قوة نووية، هجوماً مشتركاً على روسيا.

وتعقيباً على ذلك، أعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لا ترى «أيّ سبب» لتعديل عقيدتها النووية.

وقالت كارين جان - بيار: «إنه الخطاب غير المسؤول نفسه الذي نسمعه من جانب روسيا منذ عامين»، بعدما زادت موسكو من احتمال لجوئها إلى السلاح النووي.