قلق دولي على ليبيا.. وحفتر يتلقى المزيد من التأييد

القدوة أجل زيارته إلى طرابلس.. ويجري مشاورات لعقد جلسة طارئة للجامعة العربية

خريطة لتوزيع قوات حفتر والميليشيات المتطرفة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا («الشرق الأوسط»)
خريطة لتوزيع قوات حفتر والميليشيات المتطرفة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا («الشرق الأوسط»)
TT

قلق دولي على ليبيا.. وحفتر يتلقى المزيد من التأييد

خريطة لتوزيع قوات حفتر والميليشيات المتطرفة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا («الشرق الأوسط»)
خريطة لتوزيع قوات حفتر والميليشيات المتطرفة في مدينة بنغازي بشرق ليبيا («الشرق الأوسط»)

توقعت مصادر عسكرية وأمنية ليبية، لـ«الشرق الأوسط» أمس، اندلاع المزيد من المعارك العنيفة خلال الساعات المقبلة بين قوات اللواء خليفة حفتر القائد السابق للقوات البرية في الجيش الليبي، والجماعات الإسلامية المتطرفة في ليبيا، فيما حرص كبار المسؤولين في السلطتين التشريعية والتنفيذية على تجنب إعلان دعمهم المباشر للواء حفتر، رغم تأييدهم لعملية الكرامة التي تشنها قواته منذ يوم الجمعة الماضي.
وسادت أجواء من التوتر مدينة بنغازي بشرق البلاد والعاصمة طرابلس بعد مقتل شخصين على الأقل من مالي، لكن مصدرا بوزارة الصحة قال إنه لم تتضح هوية المشاركين في القتال العنيف الذي اندلع فجر أمس قرب العاصمة بعد يومين من اقتحام مسلحين لمقر المؤتمر الوطني العام (البرلمان المؤقت) في واحد من أسوأ أعمال العنف بالمدينة منذ الإطاحة بنظام القذافي.
وردا على شائعات بانضمامه إلى حفتر، قال عز الدين العوامي، النائب الأول لرئيس البرلمان، لـ«الشرق الأوسط» في تصريح مقتضب «أنا مع الجيش والشرطة وضد القتلة التكفيريين». ويعد العوامي أعلى مسؤول ليبي يعلن حتى الآن دعمه غير المباشر لحفتر الذي يخوض معارك متفرقة وعلى فترات متقطعة ضد ميليشيات مسلحة تقودها جماعات إرهابية في شرق وغرب البلاد.
ونفى أحمد الأمين، الناطق باسم الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله الثني، علمه بإجراء اتصالات سرية بين حفتر والثني، كما نفى لـ«الشرق الأوسط» ما أشيع عن انشقاق الصديق عبد الكريم نائب الثني لشؤون التنمية. وأعلنت وزارة الداخلية الليبية في بيان رسمي أصدرته أمس أنها «تؤيد حراك الشعب الليبي نحو قيام دولة مدنية تكفل الحرية والعدالة لجميع المواطنين». وأكدت أن «معركة الشرطة مع التكفيريين لم تتوقف حتى تبدأ».
وبعدما لفتت إلى أن «الشرطة الليبية واجهت بكل قوة محاولات ما وصفته بالإقصاء والتهميش والإذلال والاعتداء على مقراتها»، دعت الوزارة كل منتسبيها إلى الالتحاق بأعمالهم وعدم التغيب من أجل تأمين مقار ومؤسسات الدولة وحماية الشعب، ووضع كل القوات التابعة للوزارة وجميع عناصر الشرطة في حالة الجاهزية وتحت أمر الشعب.
لكن صالح مازق، القائم بأعمال وزير الداخلية الليبي، حرص أمس في تصريحات لقناة محلية على التأكيد على أن وزارته تقف مع «الشعب الليبي» وليس مع اللواء حفتر. ووصف مازق بيان الوزارة الذي بثته وكالة الأنباء الرسمية، عن أن الوزارة انضمت إلى حفتر، بأنه بيان خاطئ. وقال مازق إن هذا البيان لا أساس له من الصحة على الإطلاق، مؤكدا أن الوزارة ليست لها طموحات سياسية، وأن هدفها هو حماية ليبيا وشعب ليبيا فقط. لكن الوكالة الرسمية قالت في المقابل إنها تلقت نص البيان الذي بثته من المكتب الإعلامي بالوزارة، لافتة إلى أنه منشور على موقع الوزارة الإلكتروني على شبكة الإنترنت.
من جهتها، اكتفت حكومة الثني بتوجيه رسالة مفتوحة إلى عمداء البلديات ورؤساء المجالس المحلية تضمن مبادرتها ذات النقاط العشر لحل الأزمة السياسية في البلاد عبر حل البرلمان وإعادة انتخاب رئيس الحكومة في جلسة سرية. ودعت الحكومة المجالس المحلية في أنحاء البلاد إلى مساندة اقتراحها. وقالت في بيان لها «إننا نرجو من جميع رؤساء هذه المجالس دراسة المبادرة بأسرع وقت ممكن».
وكان الثني قد التقى أمس رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وسفراء دول الاتحاد الأوروبي والقائم بالأعمال الأميركي، حيث أحاطهم علما بالتطورات التي حدثت خلال الأيام الماضية في مدينتي طرابلس وبنغازي، كما شرح مبادرة حكومته إلى المؤتمر الوطني بشأن معالجة الأوضاع الراهنة. وقال بيان لمكتب الثني إن السفراء أعربوا عن دعم منظمة الأمم المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية لهذه المبادرة، وأنهم يرون فيها الحل الأمثل لما تمر به ليبيا من أزمة في الوقت الراهن.
وأعلن تحالف القوى الوطنية، الذي كان يقوده الدكتور محمود جبريل رئيس أول حكومة للثوار، أنه يؤيد ويدعم الجيش الليبي في حربه للقضاء على الإرهاب ومصادر تمويله، لكنه اشترط أن تلتزم قيادات الجيش الوطني بوعدها الذي قطعته على نفسها أمام شعبها بعدم التدخل في الحياة السياسية بأي شكل من الأشكال، وكذلك حماية الخيار والمسار الديمقراطي الذي اختاره الليبيون في السابع عشر من فبراير (شباط) الماضي.
في المقابل، دعت غرفة عمليات ثوار ليبيا، الثوار للانسحاب بشكل مؤقت وعاجل من الجيش الليبي، وأكدت أن ثوار ليبيا لن يدخلوا في اقتتال داخلي، ولن يشاركوا في سفك دماء الليبيين، ولن يسهموا في إدخال ليبيا حروبا أهلية، المنتصر فيها خاسر. واعتبرت الغرفة التي يسيطر عليها الإسلاميون أن ما يجري حاليا من عمليات عسكرية انقلاب عسكري هدفه فقط الاستحواذ على السلطة، وإعادة عهد الديكتاتورية من جديد، عبر محاربة الثوار، وإجهاض ثورة 17 فبراير، على حد قولها.
واندلعت في الساعات الأولى من صباح أمس معارك عنيفة باستخدام الصواريخ والأسلحة الثقيلة والمتوسطة في عدة مناطق متفرقة من العاصمة طرابلس، حيث قال سكان محليون وشهود عيان إنهم سمعوا أصوات انفجارات ناجمة عن معارك ضارية بأسلحة مضادة للطائرات وصواريخ الجراد بالقرب من معسكرين للجيش في المدينة. وقال سكان إن عدة انفجارات مدوية وقعت بالقرب من ثكنة اليرموك في حي صلاح الدين، كما وقعت أيضا معارك ضارية بالقرب من معسكر للجيش في ضاحية تاجوراء الشرقية التي قال أحد سكانها «إننا نسمع انفجارات مدوية وطلقات نارية بالقرب من المعسكر لكننا لا نعرف من يطلق النار».
وقالت وكالة الأنباء الرسمية إن سكان طرابلس عاشوا ليلة أول من أمس على دوي أصوات الانفجارات في عدة مناطق، مما تسبب في حالة من الخوف والقلق والترقب، مشيرة إلى أنه في ظل الغياب الواضح لمؤسسات الدولة الرسمية، خاصة الأمنية منها، تنتشر في الشارع الشائعات والاتهامات المتبادلة.
ونجا العميد حسن بوشناق، رئيس أركان القوات البحرية، من محاولة اغتيال بعدما استهدف مجهولون مسلحون موكبه لدى توجهه لمقر عمله. وقال العقيد أيوب قاسم، المتحدث الرسمي باسم البحرية، إن الحادث أسفر عن إصابة بسيطة لرئيس الأركان وسائقه واثنين من الحراسات الذين تبادلوا إطلاق النار مع المسلحين في الضاحية الغربية للعاصمة.
وكانت رئاسة أركان قوات الدفاع الجوي قد أعلنت انضمامهما الكامل إلى قوات حفتر، ودعت في بيان لها الشعب الليبي في المدن والقرى الليبية كافة، إلى دعم الجيش الوطني والشرطة. وعقب هذا البيان تعرض المقر الإداري لرئاسة أركان الدفاع الجوي لقصف صاروخي لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه، بالإضافة إلى هجوم مسلح آخر منفصل أسفر عن وقوع خسائر وأضرار مادية.
وقالت الرئاسة في بيان لها إنه عقب تصريح رئيس الأركان العميد جمعة العباني بوقوفه مع مطالب الشعب الليبي في نبذ العنف واستقرار الأمن في ليبيا، قامت مجموعة مسلحة مجهولة الهوية، بالعدوان على المقر، والسطو المسلح على الممتلكات الشخصية للأفراد من سيارات وأجهزة حواسيب، بالإضافة إلى العبث بالملفات وإتلاف محتوياتها.
وساد أمس التوتر الشديد معظم ضواحي مدينة بنغازي بشرق ليبيا، حيث رصدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» ما وصفته بترقب وهدوء حذر مع تمركز لقوات كبيرة بالضواحي للكتائب والميليشيات الإسلامية المسلحة معززة بمدنيين، بالإضافة إلى انتشار لأعلام سوداء (للجهاديين) في مفترقات وجزر دوران بعض المناطق. وقال إعلامي وأحد سكان بنغازي إن الإسلاميين متمركزون بمناطق محاذية وتجهيزات دفاعية عالية.. «لقد وضعوا بعض الحاويات بمناطق متفرقة»، مضيفا «نحن في انتظار المعركة الحاسمة.. التحشيد بلغ ذروته من الطرفين. نحن هنا جميعا ننتظر مظاهرات يوم الجمعة بحكم العادة».
إلى ذلك، قتل مسلحون في مدينة بنغازي مهندسا صينيا بعد خطفه من مقر عمله. وقالت السفارة الصينية إن المهندس كان واحدا من ثلاثة آخرين يعملون في شركة تشييد صينية خطفوا من مقر عملهم، مشيرة إلى أنه تم العثور عليه في وقت لاحق مصابا بعيار ناري ولفظ أنفاسه الأخيرة في المستشفى بينما أطلق سراح زميليه.
ونفى مسؤولون رسميون ما تردد أمس عن إغلاق ميناء بنغازي البحري، وقالوا إنه يعمل بشكل اعتيادي، وإن الحركة التجارية لم تتوقف عن العمل طيلة الأيام الماضية. وتكافح المؤسسات الجديدة في ليبيا منذ انتهاء حرب 2011 التي أطاحت بنظام حكم القذافي للحصول على دعم شعبي وإحراز تقدم نحو الديمقراطية الكاملة، لكن الحكومة المركزية عاجزة عن بسط سيطرتها على كتائب وميليشيات ساعدت في الإطاحة بالقذافي وأصبحت تتحدى سلطة الدولة لفرض مطالبها. وبعد ثلاثة أعوام من انتهاء حكم القذافي لا تزال ليبيا تعاني الاضطرابات، فهي بحكومتها الهشة وببرلمانها المنقسم وبجيشها الناشئ غير قادرة على السيطرة على جماعات متنافسة من مقاتلين سابقين غالبا ما يتحدون إرادة الدولة.
وكان حفتر حليفا للقذافي، لكنه انقلب عليه في الثمانينات، وهو أحدث شخصية تظهر في شبكة المقاتلين السابقين بليبيا والميليشيات والمتشددين الإسلاميين الذين يتنافسون على السيطرة على أجزاء من البلاد. ويوم الجمعة الماضي بدأ حفتر ما سماه حملة عسكرية على الإسلاميين في بنغازي بشرق البلاد، وأعلن أيضا المسؤولية عن الهجوم على البرلمان في طرابلس. وفي معركة سياسية بشأن من يسيطر على ليبيا زادت الحكومة الضغط على البرلمان ليوقف عمله إلى حين إجراء انتخابات برلمانية عامة في شهر يونيو (حزيران) المقبل، في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة لحل أزمة بشأن البرلمان تشمل كتائب قوية لمقاتلين سابقين بالمعارضة.
ويأتي البرلمان المنقسم بين إسلاميين وقوى مناهضة للإسلاميين في صلب الأزمة، بعد أن هاجم مسلحون موالون للواء حفتر مقر البرلمان بمدافع مضادة للطائرات وطالبوا بتعليق أعماله.



الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يجهّزون لمحاكمة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة

محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)
محكمة يديرها الحوثيون أصدرت أحكاماً بإعدام 17 معتقلاً (إ.ب.أ)

فيما تواصل الجماعة الحوثية تجاهل الدعوات الدولية المطالِبة بوقف ملاحقة موظفي المنظمات الدولية والإغاثية، كشفت مصادر قضائية عن استعداد الجماعة لإحالة دفعة جديدة من موظفي الأمم المتحدة والعاملين لدى منظمات إغاثية دولية ومحلية، إضافة إلى أفراد من بعثات دبلوماسية، إلى المحاكمة أمام محكمة متخصصة بقضايا «الإرهاب».

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان محامٍ يمني بارز، تولّى منذ سنوات الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجاً على استمرار اعتقاله ووضعه في زنزانة انفرادية منذ 3 أشهر، وفق ما أفاد به أفراد من أسرته.

وقالت المصادر القضائية لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة بدأت فعلياً بمحاكمة 3 دفعات من المعتقلين، أُصدرت بحقهم حتى الآن أحكام إعدام بحق 17 شخصاً، في قضايا تتعلق باتهامات «التجسس» والتعاون مع أطراف خارجية. وأوضحت أن التحضيرات جارية لإحالة دفعة رابعة، تضم موظفين أمميين وعاملين في المجال الإنساني، إلى المحاكمة خلال الفترة المقبلة.

العشرات من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية مهددون بأوامر الإعدام الحوثية (إعلام محلي)

وبحسب المصادر نفسها، فإن الحوثيين نقلوا العشرات من المعلمين والنشطاء في محافظة إب إلى العاصمة صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها تمهيد لمحاكمتهم، بعد أشهر من اعتقالهم. وأكدت أن جهاز مخابرات الشرطة، الذي يقوده علي الحوثي نجل مؤسس الجماعة، بدأ بنقل أكثر من 100 معتقل من إب إلى صنعاء، عقب فترات تحقيق مطوّلة داخل سجن المخابرات في المحافظة.

وأشارت إلى أن المعتقلين حُرموا من توكيل محامين للدفاع عنهم، كما مُنعت أسرهم من زيارتهم أو التواصل معهم، رغم مرور أكثر من 6 أشهر على اعتقال بعضهم، في مخالفة صريحة لأبسط ضمانات العدالة والإجراءات القانونية.

دور أمني إيراني

وفق ما أفادت به المصادر في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، فإن خبراء أمن إيرانيين تولّوا الإشراف على حملات الاعتقال الواسعة، التي انطلقت بذريعة منع الاحتفال بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر (أيلول) 1962، التي أطاحت بحكم أسلاف الحوثيين في شمال اليمن. وانتهت تلك الحملات باعتقال العشرات بتهم «التجسس» لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل.

وأضافت أن إحكام القبضة الإيرانية على ملف المخابرات لدى الحوثيين، جاء في إطار احتواء الصراعات بين الأجهزة الأمنية المتعددة التابعة للجماعة، إلى جانب الإشراف على خطط تأمين قياداتها السياسية والعسكرية.

غير أن هذا الترتيب، بحسب المصادر، أدى إلى إغلاق معظم قنوات الوساطة القبلية التي كانت تُستخدم سابقاً للإفراج عن بعض المعتقلين، مقابل دفع فِدى مالية كبيرة وتقديم ضمانات اجتماعية بحسن السيرة.

إضراب محامي المعتقلين

في سياق هذه التطورات القمعية الحوثية، أعلن المحامي اليمني المعروف عبد المجيد صبرة، الذي تولّى الدفاع عن عشرات المعتقلين لدى الحوثيين، إضراباً عاماً عن الطعام، احتجاجاً على استمرار احتجازه منذ نهاية سبتمبر الماضي. ونقل شقيقه وليد صبرة، في نداء استغاثة، أنه تلقى اتصالاً مقتضباً من شقيقه أبلغه فيه ببدء الإضراب، وبأن إدارة سجن المخابرات أعادته إلى الزنزانة الانفرادية.

دفاع صبرة عن المعتقلين أغضب الحوثيين فاعتقلوه (إعلام محلي)

وأوضح وليد صبرة أن سبب اعتقال شقيقه يعود إلى منشور على مواقع التواصل الاجتماعي احتفى فيه بالذكرى السنوية لثورة 26 سبتمبر، مؤكداً أن الأسرة لا تعلم شيئاً عن وضعه الصحي، وأن طلباتهم المتكررة لزيارته قوبلت بالرفض. وتساءل عن مصير الفريق القانوني الذي كلفته نقابة المحامين بمتابعة القضية، وما إذا كان قد تمكّن من معرفة مكان احتجازه أو الجهة المسؤولة عنه.

وأثار إعلان الإضراب موجة تضامن واسعة، حيث عبّر عشرات الكتّاب والنشطاء عن دعمهم للمحامي صبرة، مطالبين بالإفراج الفوري عنه، وضمان حقه في الزيارة والرعاية الطبية.

كما ناشدوا نقابة المحامين، واتحاد المحامين اليمنيين والعرب، ومنظمات حقوق الإنسان، التدخل العاجل لحماية حياته، باعتباره أحد أبرز المدافعين عن الحريات والحقوق، وعن الصحافة والصحافيين، وعن المعتقلين والمختفين قسرياً، والمحكوم عليهم بالإعدام في مناطق سيطرة الحوثيين.


العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود تحالف دعم الشرعية لخفض التصعيد شرق اليمن

جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)
جانب من لقاء العليمي في الرياض مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية باليمن (سبأ)

شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على أن الاستقرار السياسي يُعد شرطاً أساسياً لنجاح أي إصلاحات اقتصادية، في ظل تداعيات قرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، مشيداً في الوقت ذاته بجهود تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات لخفض التصعيد، وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظات شرق البلاد.

جاءت تصريحات العليمي، الأحد، خلال اتصال أجراه بمحافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب، للاطلاع على المستجدات الاقتصادية والنقدية، والتداعيات المحتملة لقرار صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن، على خلفية الإجراءات الأحادية التي شهدتها المحافظات الشرقية في الأيام الماضية.

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن مصدر رئاسي أن العليمي استمع إلى إحاطة من محافظ البنك المركزي حول مستوى تنفيذ قرارات مجلس القيادة، وتوصياته الهادفة لمعالجة الاختلالات القائمة في عملية تحصيل الإيرادات العامة إلى حساب الحكومة في البنك المركزي، إضافة إلى عرض للمؤشرات المالية والنقدية، والجهود المطلوبة لاحتواء تداعيات القرار الدولي على استقرار سعر الصرف، وتدفق الوقود والسلع، وتحسين مستوى الخدمات الأساسية.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأضاف المصدر أن الاتصال تطرق إلى تقييم شامل للأوضاع الاقتصادية الراهنة، وما يفرضه تعليق أنشطة صندوق النقد من تحديات تتطلب تنسيقاً حكومياً عاجلاً للحفاظ على الاستقرار سواء المالي أو النقدي، وضمان استمرار التزامات الدولة تجاه المواطنين.

وكانت مصادر يمنية رسمية ذكرت أن صندوق النقد الدولي قد أعلن تعليق أنشطته في اليمن، عقب التوتر الأمني في حضرموت والمهرة خلال الأيام الماضية، الأمر الذي أثار مخاوف من انعكاسات اقتصادية محتملة، في وقت تعتمد فيه الحكومة اليمنية على الدعم الخارجي والمؤسسات الدولية في تنفيذ برامج الاستقرار المالي والإصلاحات الاقتصادية.

إشادة بمساعي التهدئة

أفاد المصدر الرئاسي اليمني - حسب ما نقلته وكالة «سبأ» بأن العليمي أشاد بالمساعي التي يبذلها تحالف دعم الشرعية، بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات، لخفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في محافظتي حضرموت والمهرة، مثمناً دعم الرياض للموازنة العامة، وتعزيز صمود مؤسسات الدولة، واستمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية تجاه المواطنين.

جنود تابعون للمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن يحرسون مدخل القصر الرئاسي (رويترز)

وأشار المصدر إلى أن العليمي عدّ إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن بمثابة «جرس إنذار»، يؤكد ارتباط الاستقرار الاقتصادي بالاستقرار السياسي، ويبرز أهمية توحيد الجهود لتفادي انعكاسات سلبية على الوضعين المالي والمعيشي.

كما جدّد رئيس مجلس القيادة التأكيد على أن الانسحاب الفوري للقوات الوافدة كافة من خارج محافظتي حضرموت والمهرة يُمثل الخيار الوحيد لإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، واستعادة مسار النمو والتعافي، وتعزيز الثقة مع مجتمع المانحين والمؤسسات الدولية.

توحيد الجهود

يأتي اتصال العليمي بمحافظ البنك المركزي عقب لقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي عيدروس الزُّبيدي (رئيس مجلس الانتقالي الجنوبي) في العاصمة المؤقتة عدن بقيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية، برئاسة اللواء الركن سلطان العنزي، واللواء الركن عوض الأحبابي.

وكان اللقاء ناقش - حسب الإعلام الرسمي اليمني - سُبل توحيد الجهود في مواجهة المخاطر التي تهدد أمن المنطقة والإقليم، وتمس المصالح الدولية، وتهدد حرية الملاحة، إلى جانب آليات تعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وتجفيف منابع تمويله، والتنسيق مع الشركاء الدوليين لوقف تهريب الأسلحة إلى الجماعات الإرهابية.

اجتماع وفد عسكري سعودي إماراتي في عدن مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وأكد الزُّبيدي خلال اللقاء عمق ومتانة العلاقات الأخوية مع دول التحالف، مثمناً الدور الذي تقوم به في دعم القوات المسلحة، ومواجهة الميليشيات الحوثية، ومكافحة الإرهاب. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وعقب هذا اللقاء كانت القيادة التنفيذية العليا للمجلس الانتقالي الجنوبي عقدت اجتماعها الدوري برئاسة الزبيدي، واستعرضت نتائج اللقاء مع قيادة القوات المشتركة للتحالف، وما خرج به من تفاهمات لتعزيز الأمن والاستقرار، ومكافحة الإرهاب، وتأمين خطوط الملاحة وحماية الأمن البحري، إضافة إلى الأوضاع في وادي حضرموت والمهرة، والجهود المبذولة لتطبيع الأوضاع، وحفظ السكينة العامة.


«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
TT

«ادفع أو أُغلق»... الحوثيون يشنّون حرب جبايات تخنق صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين في صنعاء (فيسبوك)

أغلقت الجماعة الحوثية خلال الشهر الماضي 98 منشأة ومتجراً متنوعاً في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في سياق تصعيدها لحملات الدهم والإغلاق وفرض الإتاوات التي تستهدف كبار التجار وأصحاب المتاجر الصغيرة على حد سواء، لإرغامهم على دفع جبايات مالية وعينية تحت مسميات متعددة، تُفاقم من هشاشة الاقتصاد المحلي، وتزيد من معاناة السكان.

وكشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن تنفيذ نحو 40 لجنة ميدانية تتبع ما يُسمى مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء، عدة نزولات خلال 4 أسابيع، استهدفت بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات ما يقارب 683 منشأة تجارية في أحياء متفرقة من صنعاء، شملت أسواقاً مركزية، ومحال بيع بالتجزئة، ومطاعم ومخازن.

وأقرّ تقرير أولي صادر عن مكتب الصناعة والتجارة الخاضع للحوثيين بأن القائمين على الحملة أغلقوا خلال 30 يوماً نحو 98 منشأة ومتجراً، وأصدروا 227 تعميماً، ونحو 110 إشعارات حضور، وأحالوا 55 مخالفة إلى النيابة التابعة للجماعة، فضلاً عن اتخاذ سلسلة إجراءات إدارية وغرامات مالية بحق 190 منشأة بزعم ارتكاب مخالفات.

عناصر حوثيون خلال دهم أحد المتاجر في صنعاء (فيسبوك)

ويزعم الحوثيون أن حملاتهم تهدف إلى ضبط الأسعار، ومكافحة الغش التجاري والاحتكار، والتصدي لمواد مخالفة للمواصفات أو منتهية الصلاحية، ونقص الأوزان، ورفض التفتيش، وغيرها من المبررات التي يرى التجار أنها تُستخدم غطاءً لابتزازهم وجباية الأموال بالقوة.

مضايقات متكررة

واشتكى تجار في صنعاء، تحدّثوا إلى «الشرق الأوسط»، من تكرار المضايقات الحوثية بحقهم، مؤكدين أن الجماعة تواصل شن حملات واسعة لجمع إتاوات نقدية وعينية تحت تسميات عدة، أبرزها تمويل ما تُسمى الوقفات المسلحة، وحملات التعبئة والتجنيد الإجباري، ودورات «طوفان الأقصى» العسكرية، تحت مزاعم الاستعداد لما تصفه بمعارك مرتقبة مع إسرائيل وأميركا.

وأكد تجار أن فرض مزيد من الجبايات يتزامن مع تراجع حاد في النشاط التجاري وكساد البضائع وارتفاع النفقات التشغيلية، ما يجعل كثيراً من المنشآت الصغيرة والمتوسطة مهددة بالإفلاس أو الإغلاق القسري، في ظل غياب أي حماية قانونية أو بيئة أعمال مستقرة.

جرافة حوثية تعتدي على باعة أرصفة بالقرب من متاجر في صنعاء (إعلام حوثي)

ويقول «خالد» (اسم مستعار)، وهو تاجر مواد غذائية في حي السنينة بمديرية معين، إن عناصر حوثية مسنودة بعربات أمنية اقتحمت متجره، وأرغمته على دفع 10 آلاف ريال يمني (الدولار نحو 535 ريالاً) بحجة الإسهام في تمويل أنشطة الجماعة الحالية لاستقطاب وتجنيد مقاتلين جدد. ويوضح أن المبالغ المفروضة تُحدد تقديرياً بناءً على حجم البضائع، دون أي معايير قانونية واضحة.

من جهته، يؤكد صاحب متجر صغير في حي شميلة بمديرية السبعين، لـ«الشرق الأوسط»، تكثيف مسلحي الجماعة خلال الأسابيع الأخيرة من استهداف التجار وصغار الباعة في سوق شميلة المركزية، لإجبارهم على دفع إتاوات غير قانونية.

ويشير إلى أن متجره تعرّض للدهم منتصف الشهر الماضي، وأُجبر بالقوة على دفع مبلغ مالي بزعم وجود مخالفات سابقة، قبل أن يصادر المسلحون أصنافاً غذائية من متجره نتيجة عجزه عن السداد، بذريعة دعم المقاتلين في الجبهات.

تدهور اقتصادي

تأتي هذه التطورات في وقت كشف فيه تقرير دولي حديث عن استمرار تدهور الوضع الاقتصادي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في ظل تصاعد حملات الجباية التي تستهدف الأنشطة التجارية، ما يُعمِّق أزمة انعدام الأمن الغذائي ويقلّص قدرة الأسر على تلبية احتياجاتها الأساسية.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

ووفقاً لتقرير صادر عن «شبكة الإنذار المبكر للاستجابة للمجاعة»، فإن الاقتصاد في مناطق سيطرة الجماعة يواصل التراجع بوتيرة عالية، بفعل الحملات المتكررة التي تطول المطاعم والمتاجر والفنادق وبقية القطاعات، ولا تقتصر على فرض رسوم إضافية فحسب، بل تشمل تشديد القيود التنظيمية، الأمر الذي أدى إلى إغلاق عدد من المنشآت الصغيرة.

وحذّر التقرير من أن استمرار هذا النهج سيُضعف قدرة الأسر على الحصول على الغذاء حتى بالتقسيط، الذي شكّل خلال السنوات الماضية ملاذاً أخيراً لمواجهة الضائقة المعيشية، متوقعاً زيادة حدة انعدام الأمن الغذائي في ظل استمرار الجبايات وتراجع المساعدات الإنسانية أو توقفها.