موناكو لا يخشى رحيل نجومه ويملك «السر» للاحتفاظ باللقب الفرنسي

أحلام بطولة الدوري لا تزال تراود المدرب غارديم رغم افتقاده للمهاجم مبابي وأبرز عناصر الفريق

كاميل غليك (في الوسط) يسجل لموناكو في مرمى مرسيليا (رويترز)
كاميل غليك (في الوسط) يسجل لموناكو في مرمى مرسيليا (رويترز)
TT

موناكو لا يخشى رحيل نجومه ويملك «السر» للاحتفاظ باللقب الفرنسي

كاميل غليك (في الوسط) يسجل لموناكو في مرمى مرسيليا (رويترز)
كاميل غليك (في الوسط) يسجل لموناكو في مرمى مرسيليا (رويترز)

رغم رحيل المهاجم الواعد كيليان مبابي إلى باريس سان جيرمان المنافس، وخسارة موناكو للكثير من نجومه البارعين في سوق الانتقالات الصيفية، فإن المدرب ليوناردو غارديم كان يتوقع ما حدث بعد الأداء الرائع لفريقه الموسم الماضي. لقد أعد المدرب العدة لتعويض الراحلين، وبالفعل حمل الفوز المدوي الذي حققه فريقه أمام مرسيليا بنتيجة 6 - 1 رسالة أن موناكو لا يزال عاقداً العزم على التشبث بعرشه والحفاظ على لقبه بطلا للدوري الفرنسي.
في 15 يناير (كانون الثاني) 2017 غادر الفريق بقيادة المدرب ليوناردو غارديم استاد فيلودروم معقل مرسيليا منتصراً بنتيجة 4 - 1 وحاملاً ثلاث نقاط غالية تقدم بها على منافسه نيس لينفرد بصدارة الدوري الفرنسي. وظل النادي في هذا الوضع المتقدم حتى نجح فاليري جيرماين في استغلال هجمة مرتدة خلال الوقت بدل الضائع للتأكيد على فوز موناكو أمام سانت إتيان واقتناصه لقب بطل الدوري الممتاز في مايو (أيار).
وتضمن الفوز على مرسيليا هدفين سجلهما بيرناردو سيلفا، أولهما من كرة صوبها باتجاهه توماس ليمار وجاء الثاني في الدقيقة 89 من كرة أطلقها كيليان مبابي. كان مبابي في تلك اللحظة قد شارك في التشكيل الأساسي لموناكو خلال أربع مباريات فقط من الدوري. ويعني ذلك أن موناكو نجح في الصعود إلى قمة البطولة من دونه. ويأتي الفوز أمام الخصم ذاته، بنتيجة 6 - 1 ليشكل أكبر دليل حتى الآن على أن موناكو بمقدوره محاكاة إنجاز الموسم الماضي والفوز ببطولة الدوري الممتاز مجدداً، رغم مغادرة مبابي أبرز لاعبيه إلى باريس سان جيرمان.
الملاحظ أن التغيير الذي طرأ على توازن القوى بين قطبي الدوري الفرنسي الممتاز خلال الصيف كان مزلزلاً، فمن دون حتى خوض مباراة واحدة بدا انضمام نيمار، علاوة على سيل من اللاعبين القادمين من الإمارة كفيلاً بزخم هائل في صفوف باريس سان جيرمان. ومع تسجيل الفريق ثلاثة انتصارات متتالية بقيادة نيمار لاحقاً، كان أبرزها سحق تولوز بنتيجة 6 - 2 في 20 أغسطس (آب)، بالاعتماد في الجزء الأكبر من المباراة على 10 لاعبين فقط، بدت بطولة الدوري الممتاز وكأنها ستسير في طريقها المحتوم نحو باريس سان جيرمان، بينما تراجعت احتمالات موناكو فيما يتعلق بتكرار إنجاز العام الماضي وأصبحت ضعيفة على أفضل تقدير.
ومع هذا، لا يعد هذا بالوضع الجديد بالنسبة لغارديم وموناكو بوجه عام، فمنذ عام مضى في وقت كانت ذكرى فوز باريس سان جيرمان ببطولة الدوري الممتاز بفارق 31 نقطة عن أقرب منافسيه حية في الأذهان، افتتح موناكو الموسم بأداء واهن على أرضه انتهى بتعادله بنتيجة 2 - 2 أمام غانغون، بينما تعرض لهزيمة مدوية بنتيجة 4 - 0 أمام نيس في سبتمبر (أيلول). في ذلك الوقت، بدا باريس سان جيرمان أيضاً المرشح الأوفر حظاً لاقتناص البطولة.
ومع ذلك، انتهى الموسم بتتويج موناكو بطلاً للدوري الممتاز، ونجح في إحراج سان جيرمان مرتين: باقتناص بطولة الدوري الممتاز وبلوغ الدور قبل النهائي لبطولة دوري أبطال أوروبا، الإنجاز الذي لم يتمكن باريس سان جيرمان من تحقيقه في ظل الملكية القطرية.
إلا أن هذا لا ينفي أن موناكو حقق هذا الإنجاز بشق الأنفس، وبعد أن ظلت المنافسة محتدمة لفترة بينه وبين سان جيرمان في سوق الانتقالات، سرعان ما اتضح قصر نفسه وعجزه عن مكافأة قوة الإنفاق للمؤسسة القطرية للاستثمارات الرياضية، المعروفة اختصاراً باسم «كيو إس آي»، ما أجبر موناكو على تغيير سياسته تجاه ضم لاعبين جدد واضطر نائب رئيس نادي موناكو، فاديم فاسيليف، بما عرف عنه من ذكاء ثاقب لإبداء حرص وحذر أكبر في صفقات انتقال اللاعبين التي يبرمها. وتحول تركيز النادي نحو الاستثمار في الناشئين.
اليوم، أصبح معدل دوران اللاعبين وتطور الفريق عنصرين أساسيين في السياسات العامة لموناكو. وبالفعل، حرص النادي على بناء الفريق الذي فاز بالدوري الممتاز بحرص، وجرى تحديد الأهداف المرجو الوصول إليها بدقة. وجرت الاستعانة بلاعب خط الوسط البرازيلي قوي البنية فابينيو في مركز قلب الدفاع، في البداية على سبيل الاستعارة، قبل أن ينتقل إلى خط الوسط ويوقع عقد انتقاله بصورة دائمة إلى موناكو مقابل 5 ملايين جنيه إسترليني، قادماً من نادي ريو أفي الذي يحتل مركزاً متوسطاً بجدول ترتيب أندية الدوري البرتغالي. يبلغ فابينيو حالياً 23 عاماً، وكان صاحب الأداء الأفضل على مستوى الدوري الممتاز الفرنسي الموسم الماضي، وثمة أقاويل حول أن موناكو على وشك بيعه لباريس سان جيرمان في صفقة ربما تصل قيمتها إلى 60 مليون يورو. ورغم الموارد المالية الضخمة التي يحظى بها الداعم الرئيسي للنادي، تبقى الحقيقة أن موناكو ليس باريس سان جيرمان، وتبلغ موازنة التشغيل لديه قرابة ثلث موازنة منافسه. ومع هذا، فإن هذا التباين لا يترك على أرض الواقع الاختلاف الهائل الذي ربما يتوقعه الكثيرون.
من ناحيته، كان موناكو مدركاً تماماً لأنه سيفقد بعض لاعبيه هذا الصيف. وتمثلت الخطة الأصلية للنادي في السماح برحيل سيلفا لاعب قلب الدفاع، وبنجامين ميندي وتيموي باكايوكو. وبالفعل، جرى بيع اللاعبين الثلاثة مقابل قيمة إجمالية بلغت 135 مليون جنيه إسترليني، في وقت كان يدرك النادي أنه من السهل الدفع ببديل محل اثنين منهما.
وبالفعل، انضم يوري تيليمانس، 20 عاماً، قادماً من أندرلخت مقابل 25 مليون يورو لمعاونة جواو موتينيو على سد الفراغ الذي سيتركه رحيل باكايوكو في وسط الملعب، في الوقت الذي أبدى كل من المامي توريه وخورخي، كلاهما 21 عاماً، قدرتهما على الاضطلاع بدور ميندي في قلب الدفاع. جدير بالذكر أن هذا يشكل جزءاً رئيسياً من النموذج الذي يعتمد عليه موناكو، وإن كان مسؤولو النادي كانوا يأملون في تجنب خسارة فابينيو ومبابي، وقد أثبت هذا النموذج نجاحه مالياً وداخل الملعب أيضا.
ويعتبر ليمار وفابينيو وباكايوكو وسيلفا جميعاً نماذج للاعبين وافقوا على الانضمام لموناكو مقابل مبالغ زهيدة نسبياً في وقت لم يكن لهم أسماء معروفة بعالم كرة القدم، واليوم ارتفعت قيمة كل منهم في سوق الانتقالات إلى قرابة 40 مليون يورو.
وسعياً وراء تكرار إنجاز الموسم السابق، عمد موناكو إلى حشد عدد من المواهب الناشئة المثيرة للاهتمام هذا الصيف. وبخلاف تيليمانس الذي يسعى الكثيرون خلفه، انضم مهاجم رين، أداما دياخابي، والذي يعتبره الكثيرون خليفة عثمان ديمبيلي، إلى راداميل فالكاو في الهجوم، وشارك في التسجيل في مرمى مرسيليا خلال اللقاء الذي انتهى بفوز موناكو بنتيجة 6 - 1 مؤخرا.
أيضاً، كان سوليهو ميتي، 23 عاماً، عنصراً محورياً في المفاجأة التي مكنت نادي زولته فاريجيم من تحقيق مفاجأة اقتناص الدوري البلجيكي الموسم الماضي. في الوقت ذاته، شكل لاعب قلب الدفاع الهولندي تيرينس كونغولو عنصراً دائماً في صفوف فريق فيينورد الذي فاز بالدوري الهولندي الممتاز. أيضاً، فإن لاعب خط وسط أندرلخت البالغ 22 عاماً، ليندر دندونكر، الذي يرى بعض المراقبين البلجيكيين أنه يملك موهبة أعلى عن زميله السابق تيليمانس، يقف على أهبة الاستعداد وفي طريقه لأن يحل محل فابينيو.
وبينما شكل معدل دوران اللاعبين العنصر الأكثر لفتاً للأنظار تجاه موناكو خلال الفترة اللاحقة لنهاية الموسم الماضي، فإن قائمة اللاعبين الباقين في صفوف الفريق تبدو مشجعة. مثلاً، يظل رباعي الدفاع الذي شارك في الفوز ببطولة الدوري قائماً دونما تغيير، مع استمرار كل من كاميل غليك وجبريل سيديبي (وكلاهما سجل في مرمى مرسيليا) وجيميرسون في أدائهم الرائع.
ورغم اهتمام عدة أندية على نطاق واسع به، يبدو أن ليمار مستمر في صفوف وسط الملعب في موناكو، بجانب جواو موتينيو، في الوقت الذي بدا فالكاو الموسم بلياقة مبهرة، وسجل سبعة أهداف خلال أول أربع مباريات له بالدوري الممتاز. ومع هذا، يبقى التساؤل قائماً حول ما إذا كان الفريق سيتمكن من التأقلم مع خسارة جوهرة غارديم الثمينة، مبابي، الذي انتقل إلى باريس سان جيرمان مقابل مبلغ يصل إلى 190 مليون يورو.
في الواقع، من الظواهر المألوفة والمثيرة للاهتمام على صعيد كرة القدم الفرنسية تفجر مواهب شابة على نحو فجائي على الساحة، وسرعان ما تنتقل إلى أندية كبرى. ومن بين الأمثلة الحديثة على ذلك عثمان ديمبيلي وسفيان بوفال وآدم أوناس وكرونتين توليسو. ومع ذلك، يظل مبابي في خانة منفصلة بمفرده.
الحقيقة أن المقارنات التي يجري عقدها بين مبابي وكل من تييري هنري والنجم البرازيلي رونالدو تبدو مبررة تماماً، في الوقت الذي يبدو مبلغ الـ190 مليون يورو مقابل اللاعب البالغ 18 عاماً أكثر منطقية عن كثير من الصفقات المبرمة في الأسابيع الأخيرة. المؤكد أن اللمسة النهائية البارعة التي يتمتع بها اللاعب وقدرته المذهلة على تغيير اتجاهه بسرعة عنصرين كافيين لأن يشكلا إضافة لا تقدر بثمن لأي فريق على مستوى العالم.
ومع هذا، فإنه لدى العودة إلى يناير الماضي، نجد أن موناكو نجح في التربع على عرش الدوري الفرنسي الممتاز من دون مشاركته. في الواقع، لم يجر النظر بجدية إلى مبابي كخيار أول حتى مباراة الذهاب أمام مانشستر سيتي في إطار دوري أبطال أوروبا في فبراير (شباط). ورغم حدوث الكثير من التغييرات منذ ذلك الحين، نجح موناكو في إثبات أن باستطاعته النجاح دون لاعبه المراهق العبقري، بل وسجل عدد أهداف خلال النصف الأول من موسم الدوري الممتاز الماضي (56) أكثر عن النصف الثاني (51).


مقالات ذات صلة

راسينغ الأرجنتيني بطلاً لأميركا الجنوبية للمرة الأولى في تاريخه

رياضة عالمية لاعبو راسينغ كلوب خلال التتويج باللقب (أ.ف.ب)

راسينغ الأرجنتيني بطلاً لأميركا الجنوبية للمرة الأولى في تاريخه

توج فريق راسينغ كلوب الأرجنتيني بلقب كوبا سود أمريكانا لأول مرة في تاريخه بعد الفوز على كروزيرو البرازيلي بنتيجة 3 / 1 في المباراة النهائية مساء السبت.

«الشرق الأوسط» (أسينسيون )
رياضة عالمية منتخب النجوم السوداء قدم مستويات سيئة للغاية في التصفيات الأفريقية (منتخب غانا)

المشاكل الإدارية تعصف بجيل رائع من المواهب الغانية

لم تحقق غانا الفوز الذي كانت تحتاج إليه أمام أنغولا، يوم الجمعة قبل الماضية، وبالتالي لن يشارك محمد قدوس وتوماس بارتي وأنطوان سيمينيو في كأس الأمم الأفريقية

جوناثان ويلسون (لندن)
رياضة عالمية لاعبو فالنسيا يحتفلون بأحد الأهداف الأربعة في مرمى بيتيس (إ.ب.أ)

«لا ليغا»: فالنسيا يغادر مؤخرة الترتيب بنقاط بيتيس

كلّل فريق فالنسيا عودته إلى المنافسة عقب الفيضانات المدمرة في شرق البلاد، بفوز كبير على ضيفه ريال بيتيس 4-2.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
رياضة عالمية ليفركوزن اكتسح ضيفه هايدنهايم بخماسية (أ.ف.ب)

«البوندسليغا»: ليفركوزن ودورتموند يستعيدان ذاكرة الانتصارات

استعاد فريقا باير ليفركوزن، حامل اللقب، وبوروسيا دورتموند نغمة الانتصارات في دوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم (البوندسليغا).

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)
رياضة عالمية الإنجليزي هاري كين مهاجم بايرن ميونيخ الألماني (د.ب.أ)

كين: سأواجه الانتقادات «في أرض الملعب»

ردّ الإنجليزي هاري كين، مهاجم بايرن ميونيخ الألماني، على الانتقادات الموجَّهة إليه، قائلاً إنه سيتحدَّث «في أرض الملعب».

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
TT

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)

قال باولو فونيسكا مدرب ميلان المنافس في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم الجمعة، إن الفوز على فينيتسيا بعد ثلاث مباريات دون انتصار هذا الموسم، بنفس أهمية مواجهة ليفربول أو غريمه المحلي إنتر ميلان.

ويتعرض فونيسكا للضغط بعدما حقق ميلان نقطتين فقط في أول ثلاث مباريات، وقد تسوء الأمور؛ إذ يستضيف ليفربول يوم الثلاثاء المقبل في دوري الأبطال قبل مواجهة إنتر الأسبوع المقبل. ولكن الأولوية في الوقت الحالي ستكون لمواجهة فينيتسيا الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء والذي يحتل المركز قبل الأخير بنقطة واحدة غداً (السبت) حينما يسعى الفريق الذي يحتل المركز 14 لتحقيق انتصاره الأول.

وقال فونيسكا في مؤتمر صحافي: «كلها مباريات مهمة، بالأخص في هذا التوقيت. أنا واثق كالمعتاد. من المهم أن نفوز غداً، بعدها سنفكر في مواجهة ليفربول. يجب أن يفوز ميلان دائماً، ليس بمباراة الغد فقط. نظرت في طريقة لعب فينيتسيا، إنه خطير في الهجمات المرتدة».

وتابع: «عانينا أمام بارما (في الخسارة 2-1)، لكن المستوى تحسن كثيراً أمام لاتسيو (في التعادل 2-2). المشكلة كانت تكمن في التنظيم الدفاعي، وعملنا على ذلك. نعرف نقاط قوة فينيتسيا ونحن مستعدون».

وتلقى ميلان ستة أهداف في ثلاث مباريات، كأكثر فرق الدوري استقبالاً للأهداف هذا الموسم، وكان التوقف الدولي بمثابة فرصة ليعمل فونيسكا على تدارك المشكلات الدفاعية.

وقال: «لم يكن الكثير من اللاعبين متاحين لنا خلال التوقف، لكن تسنى لنا العمل مع العديد من المدافعين. عملنا على تصرف الخط الدفاعي وعلى التصرفات الفردية».

وتابع فونيسكا: «يجب علينا تحسين إحصاءاتنا فيما يتعلق باستقبال الأهداف، يجب على الفريق الذي لا يريد استقبال الأهداف الاستحواذ على الكرة بصورة أكبر. نعمل على ذلك، يجب على اللاعبين أن يدركوا أهمية الاحتفاظ بالكرة».