السلطة الفلسطينية ترفض «بلدية المستوطنين المستقلة» في الخليل

إسرائيل تصادق على موازنة لمستوطنة جديدة وتتعهد بشق طرق إضافية

فلسطينيون يتظاهرون في البلدة القديمة في الخليل بالضفة الغربية (رويترز)
فلسطينيون يتظاهرون في البلدة القديمة في الخليل بالضفة الغربية (رويترز)
TT

السلطة الفلسطينية ترفض «بلدية المستوطنين المستقلة» في الخليل

فلسطينيون يتظاهرون في البلدة القديمة في الخليل بالضفة الغربية (رويترز)
فلسطينيون يتظاهرون في البلدة القديمة في الخليل بالضفة الغربية (رويترز)

رفضت السلطة الفلسطينية قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي منح الجيب الاستيطاني في مدينة الخليل، سلطة إدارة شؤونه البلدية بشكل مستقل، قائلة إنه لا يمكن السكوت عن منح مستوطنين السيادة في أرض فلسطينية.
وطالب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة، بالتحرك العاجل والفوري لاتخاذ إجراءات عملية وملموسة لإلزام إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، بالتراجع الفوري عن القرار العسكري العنصري الذي اتخذته، بشأن تشكيل مجلس إدارة شؤون المستوطنين في مدينة الخليل، ومنحهم «سلطة إدارة شؤونهم البلدية».
وطالب عريقات «بوقف الاستيطان غير الشرعي، ومحاسبة الاحتلال ومستوطنيه ومحاسبتهم على جرائمهم وانتهاكاتهم المتواصلة والممنهجة ضد أبناء شعبنا والقانون الدولي».
وعد عريقات القرار الإسرائيلي بمثابة «التنفيذ الفعلي لمشروع إسرائيل الكبرى وضم المناطق الفلسطينية إلى إسرائيل، من خلال الترسيم الفعلي للمستوطنات غير القانونية وشرعنتها، والاعتراف بها ومنحها السيادة على أرض دولة فلسطين المحتلة في مخالفة صارخة للقوانين والأعراف الدولية وقرارات الأمم المتحدة وآخرها قرار مجلس الأمن 2334».
ودان عريقات «تساهل المجتمع الدولي، ومنح نتنياهو وحكومته المتطرفة المزيد من الوقت والحصانة ليمضوا بخطة ترسيخ دولة واحدة بنظامين «الأبارتايد»، الذي انهارت آخر نماذجه في جنوب أفريقيا، قبل ما يقارب الربع قرن». وقال إنه «حان الوقت لمواجهة محاولات إحيائه من قبل إسرائيل في الأرض الفلسطينية، وذلك من خلال العمل الجدي على إنهاء الاحتلال، وتجسيد سيادة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس».
وكانت إسرائيل منحت، في نهاية الأسبوع، تجمعات استيطانية وسط مدينة الخليل، سلطة إدارة شؤونهم البلدية بشكل مستقل بعيدا عن أي سلطات فلسطينية.
وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي، إن قائد الجيش «وقع أمرا بتعزيز سلطات المستوطنين، الذين كانوا يسيرون شؤونهم اليومية عبر مجلس يمثل إدارة محلية ولم تكن له صفة قانونية». وأضاف: «بموجب هذا الأمر، سيتم تشكيل مجلس يمثل سكان الحي اليهودي الاستيطاني في الخليل، ويوفر خدمات بلدية لهم في مجالات مختلفة». ووصف وزير الجيش، أفيغدور ليبرمان، الأمر بأنه تقوية «للمجتمع اليهودي» في الخليل.
ويعيش في الخليل نحو 800 مستوطن وسط 200 ألف فلسطيني، في مستعمرات «بيت إبراهيم» و«بيت هداسا» و«بيت رومانو» و«تل رميدا»، يحرسهم نحو ألف جندي من لواء «غفعاتي»، يحتلون البلدة القديمة التي طالما كانت توصف بقلب «عاصمة الاقتصاد»، وتحولت إلى مدينة أشباح، هاجر منها معظم أهلها، بينما يتعرض الآخرون الباقون فيها، إلى حرب مستمرة من أجل طردهم من المكان.
وقالت حركة «سلام الآن» الإسرائيلية، إن المسألة لا تتعلق بأمر إجرائي، وإنما «من خلال منح المستوطنين اليهود وضعا رسميا فإن الحكومة الإسرائيلية تشرع نظام الفصل العنصري في المدينة». وأضافت «سلام الآن»: «هذه الخطوة هي مثال آخر على سياسة تعويض أكثر المستوطنين تطرفاً على أعمالهم المخالفة للقانون».
ويتسبب المستوطنون في قلب الخليل، بتقسيم المدينة بشكل فريد عن باقي المدن الفلسطينية. ويخضع قسم «إتش 1» لسيطرة السلطة، وهو معرض دائما للاقتحامات الإسرائيلية، فيما يخضع «إتش 2» لسيطرة إسرائيلية، ويخضع لسيطرة إسرائيل بالكامل، لكنه يتبع بلدية المدينة الفلسطينية (حتى الآن). وقال محافظ الخليل كامل حميد، إن قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلية منح المستوطنين في المدينة سلطة إدارة شؤونهم هو «الأخطر منذ عام 1967». وأضاف حميد: «إنه تمهيد من أجل الاقتطاع وفرض السيادة الإسرائيلية».
وتابع: «سيؤدي هذا القرار إلى حالة إرباك، وفوضى، وسيهدد النظام والاستقرار في كافة محافظات الوطن».
وأدانت كذلك فصائل فلسطينية القرار الإسرائيلي الجديد.
وطالب المتحدث باسم حركة فتح، وعضو مجلسها الثوري أسامة القواسمي، أمس، بضرورة وحتمية التحرك الفوري والعاجل على المستويات الرسمية، والشعبية، والقانونية، والدبلوماسية كافة، لوقف هذا الإجراء الخطير، والذي ينذر بكارثة حقيقية ستقع على مدينة الخليل، وسكانها، وتاريخها، وموروثها الثقافي والديني والاجتماعي.
وطالب القواسمي المجتمع الدولي بضرورة التحرك الفوري لمنع هذه الإجراءات العنصرية المدمرة، والمنافية للقوانين الدولية والاتفاقيات الموقعة.
كما وصف المتحدث باسم حركة حماس، عبد اللطيف القانوع، القرار بأنه «يتنافى مع كل القوانين الدولية والقرارات الأممية، ويعكس تطرف حكومة الاحتلال التي تنتهج سياسة الفصل العنصري».
وجاءت الخطوة الإسرائيلية وسط خلاف فلسطيني إسرائيلي محتدم حول المستوطنات. وردت الرئاسة الفلسطينية قبل أيام، على تصريحات لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال فيها إنه لن يقتلع أي مستوطنة من الضفة الغربية، فقالت إن جميع المستوطنات الإسرائيلية ستزول.
وفي حمى القرارات الإسرائيلية التي تعزز الاستيطان، صادقت الحكومة الإسرائيلية، أمس، على بدء العمل في إقامة مستوطنة جديدة جنوب نابلس، بعد تخصيص مبالغ مالية لها. وخصصت الحكومة الإسرائيلية، مبلغ 55 مليون شيقل (الدولار 3.58 شيقل) لإنشاء مستوطنة جديدة تحمل اسم «عميحاي» وتقام قرب نابلس، كتعويض للمستوطنين الذين أجلتهم الحكومة من بؤرة «عمونة» شمال رام الله في فبراير (شباط) الماضي.
ونص القرار على تمويل أجرة الفنادق التي يسكنها المستوطنون، الذي تم إجلاؤهم حتى يتم تسليمهم البيوت في المستوطنة الجديدة.
وكان الجيش الإسرائيلي أخلى «عمونا» في أعقاب قرار المحكمة العليا أن منازل المستوطنة أقيمت على أراض بملكية خاصة لفلسطينيين، وأمرت بإخلاء سكانها. ووعد نتنياهو آنذاك بتعويض المستوطنين. وكمحفزات إضافية، قال نتنياهو أمس، إنه سيشق طرق بين المستوطنات في الضفة الغربية ويجري تعبيدها، ضمن «خطة التطوير السنوية لإسرائيل».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.