النظام يقترب من دير الزور ويتفادى نفوذ التحالف

توجه لفك الحصار واستعادة الأحياء من سيطرة «داعش»

قوات النظام السوري قرب قرية حريبيشة على الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور أمس (أ.ف.ب)
قوات النظام السوري قرب قرية حريبيشة على الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور أمس (أ.ف.ب)
TT

النظام يقترب من دير الزور ويتفادى نفوذ التحالف

قوات النظام السوري قرب قرية حريبيشة على الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور أمس (أ.ف.ب)
قوات النظام السوري قرب قرية حريبيشة على الحدود الإدارية لمحافظة دير الزور أمس (أ.ف.ب)

تتسابق قوات النظام السوري وحلفاؤها، والتحالف الدولي ضد الإرهاب، إلى دير الزور، وتتجه إلى فك الحصار عن المدينة وفق خطة توغل من الضفتين الغربية والجنوبية لنهر الفرات، فيما بقيت الجبهة الواقعة على الضفة الشرقية التي تحاذي مناطق نفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» هادئة حتى اللحظة.
وتشير الوقائع الميدانية، بعد سيطرة النظام على مساحة تفصله عن مدينة دير الزور المحاصرة بمسافة 19 كيلومتراً، إلى أن النظام يضع هدفاً أساسياً يتمثل في فك الحصار عن مدينة دير الزور واستعادة السيطرة على الأحياء الواقعة تحت سيطرة «داعش»، بينما لا يلامس مناطق نفوذ حلفاء واشنطن في شمال شرقي سوريا الذين يستعدون للتقدم باتجاه دير الزور، من الضفة الشمالية الشرقية لنهر الفرات إلى مدينة الشدادي ومنها إلى دير الزور، بعد استعادة السيطرة الكاملة على معقل «داعش» في الرقة.
وتحدثت (الدرر الشامية) عن مقتل قائد حملة قوات الأسد العسكرية على دير الزور، أمس، مع عدد من الضباط خلال مواجهات مع تنظيم داعش في ريف المدينة.
وأفاد ناشطون بأن العميد غسان جميل سعيد قائد حملة قوات الأسد لفك الحصار عن دير الزور قُتل مع 3 ضباط وعدد من العناصر خلال الاشتباكات مع التنظيم بمنطقة هريبشة على أطراف دير الزور، علما بأن العميد غسان سعيد قد تسلم قيادة الحملة منذ نحو أسبوع، بعد مقتل قائد الحملة السابق.
ويوضح العسكري السوري المعارض عبد الناصر العايد، أن التحالف الدولي «لم يستسلم أمام تقدم النظام إلى دير الزور»، لافتا إلى أن خياراته بالتقدم إلى دير الزور «تنتظر السيطرة الكاملة على مدينة الرقة، والانطلاق بعدها من جهة الشدادي في شمال دير الزور نحو الجنوب، بمحاذاة الضفتين الشمالية والشرقية لنهر الفرات والحدود العراقية مع سوريا». وقال: «النظام لا يستفز التحالف بقتاله على الضفة الغربية والجنوبية لنهر الفرات، وبالأساس لا وجود للنظام من جهة الشدادي ولا قدرة حالية على التوغل من تلك المنطقة».
ويرى العايد أن التحالف الدولي «ينتظر معركة الرقة ليتفرغ لمعركة دير الزور» التي يمهد لها بقصف جوي يستهدف معاقل «داعش» في البوكمال والميادين، لكنه يتوقف عند تقديرات بتنسيق بين الولايات المتحدة وروسيا حول هذا التقدم، قائلاً: «لا ندري إن كان هناك اتفاق ضمني مع روسيا بخصوص المنطقة، لكن المؤكد أن الأميركيين لم يستسلموا لتقدم النظام باتجاه دير الزور، فلا يزال حلفاء واشنطن يوجدون ويعملون حول المحافظة، كما أنه لا يزال مكتب مجلس دير الزور العسكري في (قوات سوريا الديمقراطية) موجوداً».
وتلتقي تلك المعلومات مع ما تؤكده مصادر كردية بأن «مجلس دير الزور العسكري» موجود، ويستعد للقتال في المحافظة، لكن «الأولوية الآن لمعركة الرقة» حيث تحقق «قوات سوريا الديمقراطية» بمؤازرة من قوات أميركية تقدماً استراتيجياً في عمق المدينة. ويقول رئيس مركز الدراسات الكردية نواف خليل لـ«الشرق الأوسط» إن التحالف الدولي «يولي أهمية بالغة لمعركة دير الزور، وبالتأكيد ستكون المعركة المقبلة بعد الرقة»، نافياً علمه إن كانت هناك خطط من التحالف لإطلاق عملية موازية على معقل «داعش» في الشدادي تمهيداً للتوغل في محافظة دير الزور. ويضيف: «انضمام الكتائب إلى (مجلس دير الزور العسكري) كان إشارة إلى خطط لتحرير دير الزور، وتنضم إلى تسارع الخطوات لتحرير الرقة، وهناك ضغوط لمنع الإيرانيين من السيطرة على كامل دير الزور، وهو ما يدفع باتجاه وضع خطط لإطلاق المعركة في المحافظة الشرقية، ويقرر التحالف الدولي موعد انطلاقتها».
وبعد سيطرتها على جبل البشري، واصلت قوات النظام السوري توغلها في عمق الصحراء شرقاً باتجاه مدينة دير الزور، وقلصت المسافة التي تفصلها عن دير الزور إلى 19 كيلومتراً، انطلاقاً من مناطق وجودها في ريف الرقة الشرقي وريف حماة الشرقي، بموازاة التقدم شرق السخنة باتجاه دير الزور.
وبالموازاة، واصلت قوات النظام قتالها في عمق البادية في ريف بلدة عقيربات، بعد يومين من السيطرة على المدينة الاستراتيجية في ريف حماة الشرقي. وتسببت معارك عنيفة بين قوات النظام وتنظيم داعش في محافظة حماة في وسط سوريا، بمقتل أكثر من 150 عنصراً من الطرفين، غالبيتهم من التنظيم المتشدد، خلال الـ24 ساعة الأخيرة، وفق ما أورد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس.
ويرجع العايد هذا العدد من القتلى بصفوف التنظيم إلى الضربات الروسية الجوية المكثفة، مشيراً إلى أن التقديرات بعدد القتلى «قد تكون أكبر، بالنظر إلى أن (داعش) هو الطرف في المعركة، وغالباً ما تكون المعلومات الصادرة عنه شحيحة».
وتعد هذه البلدة آخر معقل للتنظيم في محافظة حماة؛ حيث لا يزال يسيطر على بضع قرى صغيرة، من شأن طرده منها أن ينهي وجود التنظيم في كامل المحافظة.
وتمكنت قوات النظام ليل الجمعة من السيطرة على عقيربات، قبل أن يشن التنظيم هجوماً معاكساً السبت تمكن خلاله من السيطرة على معظم البلدة. وتحت وابل من القصف والغارات، تمكنت قوات النظام صباح الأحد من طرد المتطرفين منها وتقدمت غربها، حيث لا يزال التنظيم يسيطر فقط على نحو 20 قرية ومزرعة.
وترافق هجوم قوات النظام الذي تشارك فيه قوات روسية وإيرانية على الأرض وفق «المرصد»، مع شن الطيران الحربي السوري والروسي غارات مكثفة جداً على مواقع وتحركات التنظيم.
في غضون ذلك، تتواصل المعارك العنيفة في المعقل الرئيسي السابق لتنظيم داعش في الرقة، وسط تحليق الطائرات الحربية التابعة للتحالف الدولي، وطائرات الأباتشي القتالية، في سعي من كل طرف إلى تحقيق تقدم على حساب الطرف الآخر. وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن الاشتباكات المستمرة بين «قوات سوريا الديمقراطية» وعناصر التنظيم في حارة البوسرايا المتبقية لها من المدينة القديمة وفي محيط مركز مدينة الرقة، مكَّنت «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة بالقوات الخاصة الأميركية، من تحقيق تقدم جديد والسيطرة على حارة البوسرايا، واستكمال سيطرتها على المدينة القديمة التي بدأت قوات عملية «غضب الفرات» هجومها الأول عند أسوراها في 15 يونيو (حزيران) الماضي، في حين تحاول «قوات سوريا الديمقراطية» تحقيق مزيد من التقدم والوصول إلى مركز مدينة الرقة، لتوسيع نطاق سيطرتها وتضييق الخناق على التنظيم داخل المدينة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».