النظام يقترب من السيطرة على سجن حلب المركزي.. والمعارضة تستقدم تعزيزات

استعادته تجعل المدينة في حالة حصار وتفصلها عن الريف

النظام يقترب من السيطرة على سجن حلب المركزي.. والمعارضة تستقدم تعزيزات
TT

النظام يقترب من السيطرة على سجن حلب المركزي.. والمعارضة تستقدم تعزيزات

النظام يقترب من السيطرة على سجن حلب المركزي.. والمعارضة تستقدم تعزيزات

اقتربت القوات النظامية السورية من فك الحصار الذي يفرضه مقاتلو المعارضة على سجن حلب المركزي منذ نحو سنة، بحسب ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان والإعلام الرسمي السوري أمس. وتصبح حلب، مع استعادة النظام سيطرته على محيط السجن، في «حالة حصار وتفصل عن ريفها»، وفق ما أوضحه عضو مجلس قيادة الثورة في حلب حسان نعناع.
وأشار نعناع في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن القوات النظامية باتت على بعد كيلومتر واحد من السجن بعد سيطرتها على تلة الشيخ يوسف، بعد هجوم نظامي كبير تخلله إسقاط مروحياتها نحو 20 برميلا متفجرا، تزامنا مع اقتحام المنطقة بعدد كبير من الدبابات، لافتا إلى أن مقاتلي المعارضة، الذين يحاولون التصدي، استقدموا تعزيزات إضافية من ريف حلب الشمالي.
وتحاصر كتائب المعارضة، وأبرزها الجبهة لإسلامية وبعض كتائب الجيش الحر وبعض المقاتلين من جبهة النصرة سجن حلب المركزي منذ أكثر من عشرة أشهر. وأوضح القيادي الميداني أن للسجن أهمية استراتيجية بالنسبة إلى النظام، باعتباره ثاني أكبر سجن في سوريا، ويعد الطريق المجاور له أساسيا بالنسبة إلى المعارضة لإيصال إمداداتها من الريف.
وكانت مجموعات المعارضة، عند بدء حصارها السجن، أعلنت أنها تريد تحرير السجن بهدف إطلاق سجناء سياسيين محتجزين فيه، فيما حال حصارها دون دخول مواد غذائية بشكل منتظم، ما تسبب بحالات وفاة كثيرة بين السجناء نتيجة النقص في الأدوية والمواد الغذائية وأدوات النظافة الشخصية.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن «اشتباكات عنيفة دارت بين قوات النظام مدعومة بقوات الدفاع الوطني ومسلحين من جنسيات عربية ومقاتلي حزب الله اللبناني من جهة ومقاتلي جبهة النصرة وكتائب إسلامية من جهة أخرى في محيط تلة حيلان ومحيط محطة الكهرباء الرئيسة في منطقة الشيخ نجار التي تبعد عن سجن حلب المركزي نحو واحد كيلومتر». وعد مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن نجاح النظام في طرد مقاتلي المعارضة من محيط السجن وفك الحصار سيشكل نصرا استراتيجيا له نتيجة طول وقت الحصار.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية (سانا) من جهتها عن مصدر عسكري قوله إن «وحدات من الجيش أحكمت سيطرتها على بلدة حيلان المجاورة لسجن حلب المركزي وتتابع تقدمها بنجاح باتجاه المناطق المحيطة بالسجن بعدما أحكمت الطوق عليه»، لافتة إلى أن وحدات الجيش تقوم بتفكيك بقايا العبوات الناسفة والمفخخات وتكبد المجموعات الإرهابية خسائر كبيرة.
وأتى هذا التقدم بعدما تمكنت قوات النظام من السيطرة على هذه المناطق ليل أول من أمس بعد عملية التفاف وتمويه، وفق ما ذكر مدير المرصد رامي عبد الرحمن، وتمكنوا بمساندة من قوات حماية السجن، من تضييق رقعة المعارك.
وكانت معارك عنيفة وقعت في محيط السجن في فبراير (شباط) الماضي وكان المقاتلون على وشك الاستيلاء عليه، قبل أن تستعيد القوات النظامية السيطرة على المنطقة.
ويقع السجن شمال مدينة حلب التي تتوزع السيطرة على أحيائها بين القوات النظامية والمعارضة المسلحة، فيما تقع منطقة الشيخ نجار التي تشن القوات النظامية الهجوم انطلاقا منها إلى الشمال الشرقي من المدينة، وكانت لفترة في عهدة مقاتلي المعارضة.
ويضم السجن ما يقارب 4500 سجين، بينهم سجناء سياسيون ومنشقون عسكريون. وكان «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية»، أصدر تقريرا في وقت سابق، أطلق عليه عنوان «غرف انتظار الموت»، قال فيه إن «سجن حلب تحول إلى معقل للجيش والشبيحة، ثم تحول إلى معتقل للسجناء السياسيين منذ أن بدأت معارك تحرير حلب، وقتل فيه وأعدم ما يقارب 150 سجينا بالرصاص أو بالتعذيب، كما مات فيه عشرات المرضى لقلة الدواء والغذاء».
بدورها، أعلنت الرابطة السورية لحقوق الإنسان أن «السياسة التي تنتهجها إدارة السجن في معاملة السجناء، من قتل عشوائي وإعدامات ميدانية وتعذيب وتجويع ممنهج وإهمال طبي متعمد أدت إلى وفاة العشرات منهم».



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.