ناخبو جنوب العراق نشدوا تغيير الشخوص وليس القوائم

تيار الجعفري وكتلة المواطن ومنظمة بدر أبرز المستفيدين

عراقية تلقي باستمارة تصويتها في صندوق الاقتراع خلال لانتخابات العراقية التي جرت نهاية الشهر الماضي (أ.ب)
عراقية تلقي باستمارة تصويتها في صندوق الاقتراع خلال لانتخابات العراقية التي جرت نهاية الشهر الماضي (أ.ب)
TT

ناخبو جنوب العراق نشدوا تغيير الشخوص وليس القوائم

عراقية تلقي باستمارة تصويتها في صندوق الاقتراع خلال لانتخابات العراقية التي جرت نهاية الشهر الماضي (أ.ب)
عراقية تلقي باستمارة تصويتها في صندوق الاقتراع خلال لانتخابات العراقية التي جرت نهاية الشهر الماضي (أ.ب)

مع إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق عن النتائج الرسمية للانتخابات البرلمانية، والتي جرت في الـ30 من أبريل (نيسان) الماضي، شكلت تلك النتائج عددا من المعطيات في جنوب العراق، كان أبرزها حرص الناخب على تغيير الشخوص وليس القوائم الانتخابية، ودخول عدد من الكتل الصغيرة كبديل عن الاختيارات السابقة لتكون منافسا قويا في حصد الكثير من المقاعد.
وفي الوقت الذي تصدرت فيه دولة القانون، التي يتزعمها رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي، القوائم الانتخابية بعدد المقاعد في محافظات البصرة وذي قار وميسان، كانت لمنظمة بدر حصة الأسد في القائمة، فيما لجأ عدد كبير من أتباع مقتدى الصدر إلى التصويت لقائمة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إبراهيم الجعفري، ليسجل أول حضور له في مدينة البصرة بمقعدين بعد سنوات من المشاركة التي لم تسفر عن أي فوز، ومقعد في كل من الناصرية والعمارة.
وقال الكاتب الصحافي البصري أحمد محان، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الناخب في جنوب العراق عاقب شخوصا وكافأ عددا من القوائم، لكنه أيضا كافأ سيئين في تلك القوائم، وعاقب جيدين في قوائم انتخابية أخرى في معادلة معقدة جدا».
وأضاف أن «دولة القانون هي الفائز الأول في البصرة وذي قار وميسان، لكن في تعبير آخر فإن دولة القانون خسرت بعضا من مقاعدها السابقة خاصة في البصرة، فبعد أن حصلت في برلمان 2010 على 14 مقعدا، حصلت اليوم وبهذه الانتخابات على 12 مقعدا، أي خسرت مقعدين. وكانت كتلة بدر التي يتزعمها وزير النقل العراقي هادي العامري من أهم الفائزين حيث حصلت على مقعدين».
وتابع «أما كتلة المواطن التي يتزعمها عمار الحكيم فحصلت على 6 مقاعد بعد أن كان لها مقعد واحد فقط في الدورة البرلمانية السابقة، وهذا يعد نصرا لها».
أسماء بصرية بارزة كانت موجودة في قوائم الترشيح وقد توقع الكثير حصولها على نتائج في الانتخابات البرلمانية الأخيرة لكن النتائج أثبتت خسارتها، ومنهم القاضي والوزير السابق وائل عبد اللطيف، وأعضاء البرلمان الحالي جواد البزوني وسوزان السعد وعدي عواد وأحمد العريبي ومنصور التميمي وإسماعيل غازي وحسين الأسدي. يذكر أن أغلب هؤلاء خاضوا السباق الانتخابي بقوائم صغيرة.
وقال المحلل السياسي البصري رشيد الفهد إن «خسارة أسماء بصرية بارزة في الانتخابات نعتقد أنها جاءت بسبب دخولهم في قوائم لم تستطع منافسة الكبار رغم شعبية بعض شخوصها وغياب التفكير والقدرة والقراءة الصحيحة لقانون الانتخابات العراقي المعدل».
وعن آثار فوز ائتلاف دولة القانون في البصرة بين الفهد أن «دولة القانون مسيطرة وبشكل كبير على مفاصل مهمة وحيوية في البصرة، وعلى عدد كبير من الدوائر الحكومية، وهي بذلك زادت من شعبيتها ولها مريدون كثر، الأمر الذي انعكس لمصلحتها في الانتخابات».
وفي محافظة ذي قار، رابع أكبر محافظة عراقية بحسب عدد السكان والمقاعد الانتخابية، كانت النتائج صدمة للبعض، بحسب مراقبين، إذ حققت «دولة القانون» الفوز بعد حصولها على 8 مقاعد من أصل 19 مقعدا، وخسارة عدد من الأشخاص رغم عرض قاعدتهم الشعبية.
وقال الكاتب والمحلل الدكتور محمد فيصل إن «ذي قار عاقبت عددا كبيرا من أعضائها في البرلمان ولم تجدد لهم الثقة، باستثناء 4 نواب ووزير ومحافظ سابق، وهذا خير دليل على انتقادها لأداء البعض خاصة التيار الصدري، حيث لم تجدد الثقة لأي نائب سابق منهم، بل خسروا، ولم يحصل البعض منهم إلا على المئات من الأصوات».
وأضاف أن «الناخب في ذي قار جدد الثقة وأدخل أعضاء في مجلس المحافظة (السلطة التشريعية المحلية) السابق والحالي، وهذا دليل أخر على أنه كافأ شخوصا وليس قوائم وكتلا سياسية، فانتخب على أساس المصلحة وليس الميول الحزبية».
يذكر أن ذي قار شهدت خسارة شخصيات بارزة في سباق البرلمان، ومنهم الوزير السابق شيروان الوائلي، وعدد من أعضاء مجلس النواب ومنهم جعفر الموسوي ورياض الزيدي وعبد الحسين ريسان وشاكر الدراجي وعبد الخضر الطاهر وزينب السهلاني وإيمان الفاضلي.



الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
TT

الموت يهدّد آلاف مرضى السرطان في إب اليمنية

مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)
مبنى مركز الأمل لعلاج الأورام السرطانية في مدينة إب (فيسبوك)

يواجه آلاف المرضى بالسرطان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) خطر الموت نتيجة غياب الرعاية الصحية والنقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية وغياب الدعم، في ظل اتهامات لقادة الجماعة الحوثية بالمتاجرة بالأدوية وتعطيل مراكز علاج ودعم الحالات المصابة بالمرض.

وأرجعت مصادر طبية في المحافظة نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، والتي كانت تقدم مجاناً من منظمات دولية وجهات خيرية، إلى مساعي الجماعة الحوثية للاستفادة من التمويل الموجه للمرضى، والحصول على إيرادات مالية من الأدوية والتدخل الدائم في العمل الإغاثي الطبي، وفرض قرارتها على الجهات الممولة، وإدارة شؤون المستشفيات والمراكز الصحية.

ووجّه فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب نداء استغاثة جديداً، هو الثالث خلال الأشهر القليلة الماضية، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع لها، ومدّه بالأدوية والمستلزمات التي يحتاجون إليها لعلاج المرضى.

أطفال مرضى السرطان في محافظة إب اليمنية خلال مشاركتهم في مخيم ترفيهي (فيسبوك)

وأعلن فرع مؤسسة مكافحة السرطان، في بيان له، تسجيل 753 حالة إصابة جديدة بمرض السرطان في إب خلال العام الحالي، موضحاً أن معظم المرضى الذين يتوافدون حالياً على مركز الأمل لعلاج الأورام، وهم من الأسر الفقيرة والأشد فقراً، لا يتحصلون على الرعاية الطبية؛ بسبب شح الإمكانات.

زيادة في المصابين

واشتكى فرع المؤسسة في بيانه من أن التزايد المستمر في أعداد المصابين بالمرض يُحمّل المؤسسة ومركز الأورام تبعات كثيرة في الوقت الذي يعانيان قلة الإيرادات والافتقار للدعم الثابت؛ ما يجعلهما غير قادرين على توفير، ولو الحد الأدنى من الخدمات التشخيصية والصحية للمرضى.

وناشد البيان الجهات ذات العلاقة والمنظمات ورجال الأعمال، بإسنادهم بالدعم من أجل الاستمرار بتقديم الخدمات الصحية التشخيصية والعلاجية للمرضى.

مبنى فرع مؤسسة مكافحة السرطان في إب (فيسبوك)

وذكرت مصادر طبية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أن المحافظة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، شهدت مئات الإصابات الجديدة بالمرض، بالتزامن مع معاناة كبيرة لأكثر من 6 آلاف مصاب من مختلف الأعمار.

موارد محدودة

اشتكى عدد من المرضى من انعدام العلاج وانقطاع الخدمات الطبية، لافتين إلى أنهم يواجهون خطر الموت جراء فشل الجماعة الحوثية في إدارة المرافق الصحية وعبث قادة الجماعة بالموارد والمساعدات والإتجار بها في السوق السوداء.

وبيَّنوا لـ«الشرق الأوسط»، أنهم لا يزالون يعانون مضاعفات كبيرة وظروفاً حرجة في ظل سياسات حوثية خاطئة تستهدف جميع مؤسسات ومراكز مكافحة السرطان في المحافظة وأثرت سلباً على تلقيهم الرعاية الطبية.

يقول عبد الله، وهو شاب من مدينة العدين غرب المحافظة، وقدِم إلى فرع مؤسسة مكافحة السرطان لعلاج والدته التي تعاني سرطاناً في الحلق، إنه تردد على فرع المؤسسة لأكثر من 3 أيام؛ أملاً في الحصول على الرعاية الطبية لوالدته، لكن دون جدوى.

قادة حوثيون يفرضون وجودهم في افتتاح مركز لمعالجة الأورام في إب اليمنية بتمويل من فاعلي خير (إعلام حوثي)

ويعبّر عبد الله لـ«الشرق الأوسط» عن شعوره بالحزن والأسى وهو يرى والدته تصارع المرض، بينما يعجز حتى اللحظة عن تأمين جرعة العلاج الكيماوي لها وبعض الأدوية الأخرى؛ بسبب انعدامها في فرع المؤسسة، وارتفاع تكلفتها في العيادات الخارجية والصيدليات التي تتبع أغلبها قيادات حوثية.

ويشير عاملون في فرع المؤسسة المعنية بمكافحة السرطان في إب خلال أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مركز الأمل لعلاج الأورام التابع لمؤسسة مكافحة السرطان، لا يزال يُقدم كل ما يمكن من خدمات مجانية للمرضى، رغم تكرار الاستهداف الحوثي له ومنتسبيه، معتمداً على القليل جداً من التبرعات المقدمة من بعض الجهات وفاعلي الخير.

وطالب العاملون المنظمات الدولية والمعنيين بسرعة إنقاذ مرضى السرطان الذين يواجهون خطر الموت ويتجمعون يومياً بالعشرات أمام المراكز والمؤسسات والمستشفيات في المحافظة، أملاً في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

القطاع الصحي في اليمن يعيش وضعاً متردياً تحت سيطرة الجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وأقرَّت الجماعة الحوثية سابقاً بارتفاع عدد مرضى السرطان بعموم مناطق سيطرتها إلى نحو 80 ألف مريض.

وأطلق فرع «مؤسسة مكافحة السرطان» في إب، أواخر أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي، نداء استغاثة، بعد بلوغ أعداد المرضى المسجلين لدى فرع المؤسسة بالمحافظة وقتها 6060 حالة.

وقبل ذلك بأشهر أطلق الفرع نداء استغاثة مماثلاً، لدعم «مركز الأمل لعلاج الأورام» التابع له، والذي يواجه الإغلاق الوشيك نتيجة نقص الدعم وغياب التمويل.