وكالة «الأونروا»: بات للأزمة السورية بعد فلسطيني

قالت إن 20 ألف لاجئ محاصرون في «اليرموك».. و50 ألفا فروا إلى لبنان

وكالة «الأونروا»: بات للأزمة السورية بعد فلسطيني
TT

وكالة «الأونروا»: بات للأزمة السورية بعد فلسطيني

وكالة «الأونروا»: بات للأزمة السورية بعد فلسطيني

أعربت الوكالة الدولية لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، عن قلقها العميق لأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، بينما كشفت عن محاصرة نحو 20 ألف لاجئ منهم في مخيم اليرموك جنوب دمشق.
وقدم مدير العمليات في سوريا مايكل كنغزلي، على هامش اجتماع اللجنة الاستشارية للوكالة في فندق «موفمبيك» في منتجع البحر الميت (50 كيلومترا غرب عمان)، أمس، عرضا لتطورات الأوضاع المتعلقة باللاجئين الفلسطينيين في سوريا، خاصة مخيم اليرموك، قائلا إنهم «يرزحون تحت ظروف قاسية جدا». وأشار إلى عدم السماح لموظفيها بإيصال المساعدات إلى هؤلاء اللاجئين.
وقال كنغزلي إن نحو 50 في المائة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا هجروا منها إلى مناطق خارج سوريا ومناطق داخل سوريا ليست ضمن مناطق خدمات «الأونروا». وأضاف أن «الأزمة السورية بات لها بعد فلسطيني وأن هناك تغييرا في جغرافيا اللجوء الفلسطيني». ودعا الحكومة السورية والمعارضة إلى توفير الحماية اللازمة للاجئين.
وأشار كنغزلي إلى أن 200 فلسطيني لقوا حتفهم بعدما فروا من سوريا وغرقوا قبالة سواحل البحر الأبيض المتوسط، حسب إحصاءات غير رسمية. وبين أن 50 ألفا منهم فروا من سوريا إلى لبنان أخيرا، ليصبح العدد الإجمالي للاجئين الفلسطينيين من سوريا إلى لبنان 350 ألف لاجئ. وأشار إلى أن هناك ستة آلاف فلسطيني هربوا من سوريا إلى مصر، وأن «أوضاعهم صعبة». وقال: «لا نستطيع تقديم المساعدات لهم لعدم وجود تمثيل لـ(الأونروا) بمصر».
وفي الوقت الذي أعلنت فيه السلطات الأردنية في وقت سابق أن استقبال اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا «ليس من مسؤوليتها»، أشار كنغزلي إلى أن الحدود الأردنية مغلقة في وجه اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، داعيا في الوقت ذاته جميع دول الجوار إلى فتح حدودها لاستقبال اللاجئين. وأضاف: «الأزمة السورية على صعوبتها يجب ألا تلهينا عن معاناة الفلسطينيين تحت الاحتلال وفي الشتات».
كما تطرق إلى وضع فلسطينيي قطاع غزة، مشيرا إلى أنه «تدهور بشكل كبير جدا جراء الحصار الإسرائيلي الخانق وتدمير الأنفاق مما ضاعف معاناة الفلسطينيين، إضافة إلى الاعتبارات الأمنية المصرية وتفاقم الأزمة الإنسانية هناك».
من جانبه، وصف المفوض العام للوكالة، فيليبو غراندي، أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بأنها «خطيرة للغاية»، مشيرا إلى مقتل ثمانية من موظفي «الأونروا» في سوريا مقابل اختفاء 19 آخرين.
وكانت «الأونروا» أعربت عن قلقها المتزايد حيال استمرار صعوبة أو منع وصول المساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها المدنيون الفلسطينيون في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين القريب من دمشق.
وقالت في بيان صحافي أصدرته أمس من مقرها في عمان إن «السلطات السورية وكافة الأطراف المعنية تملك السلطة للسماح لها (الوكالة) بتقديم المساعدة الإنسانية بسلام في اليرموك، وذلك من أجل تخفيف المعاناة الحادة التي يعاني منها المدنيون الفلسطينيون». وأضاف البيان: «منذ يوليو (تموز) من هذا العام، وعلى الرغم من المناشدات العديدة التي أطلقتها (الأونروا) والجهود التي بذلتها، لم يحظ المدنيون الفلسطينيون وغيرهم ممن بقوا في اليرموك بحرية الحركة للوصول إلى المساعدات الإنسانية، أو القليل منها. وكانت عاقبة ذلك وخيمة على صعيد الوضع الإنساني، فبالإضافة إلى مواجهة الموت والتعرض للإصابات الخطيرة جراء النزاع المسلح، فإن السكان المدنيين في مخيم اليرموك معرضون أيضا للصدمات النفسية وسوء التغذية ونقص الرعاية الصحية».
وطالبت «الأونروا» في بيانها «السلطات السورية وكافة الأطراف بإظهار الرغبة باتخاذ خطوات لتجنب المعاناة البشرية، وأن يظهروا أنهم قادرون على الوفاء بالتزاماتهم القانونية بحماية المدنيين. ويمكن لهذا أن يتحقق من خلال السماح لـ(الأونروا) بالوصول الآمن لخدمة المدنيين الفلسطينيين داخل مخيم اليرموك».
وأشار البيان إلى أن مناشدات «الأونروا» المتعلقة بمخيم اليرموك تتسق مع البيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بخصوص الوضع الإنساني في سوريا والذي جرى تبنيه في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
وكانت الدول العربية المضيفة للاجئين الفلسطينيين أعربت عن رفضها لأي تقليص في مستوى الخدمات التي تقدمها «الأونروا» في اجتماعها التنسيقي أول من أمس.
وطالبت وزارة الخارجية الأردنية بزيادة حصة الأردن من موازنة «الأونروا»، وكشف مدير دائرة الشؤون الفلسطينية محمود عقرباوي مندوب وزير الخارجية ناصر جودة عن بلوغ حصة الأردن 20 في المائة من الموازنة العامة للوكالة. وأكد عقرباوي ضرورة أن تتناسب الموازنة المخصصة للأردن بما يتناسب وعدد اللاجئين. ورفض المساس بالخدمات المقدمة للاجئين أو تقليصها، داعيا الداعمين للعمل من أجل استقرار الوضع المالي لـ«الأونروا».
وبحثت اللجنة الاستشارية لوكالة «الأونروا» خلال اجتماع أمس وضع 10 آلاف لاجئ فلسطيني من سوريا في الأردن، وحاجتها إلى زهاء سبعة ملايين دولار لتغطية احتياجاتهم هذا العام.
وناقشت اللجنة، ممثلة بـ24 دولة مانحة ومضيفة للاجئين، سبل تأمين التكاليف الخدمية التي تقدمها «الأونروا» حاليا إلى 9657 لاجئا فلسطينيا من سوريا مسجلين لديها في الأردن، والمتوقع زيادتهم إلى 10 آلاف حتى نهاية العام الحالي.



القاهرة وأديس أبابا... توترات متصاعدة و«رسائل تهديد مبطّنة»

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
TT

القاهرة وأديس أبابا... توترات متصاعدة و«رسائل تهديد مبطّنة»

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الاحتفال بيوم السيادة في العاصمة أديس أبابا (وزارة الخارجية الإثيوبية - إكس)

توترات تتصاعد بين أديس أبابا والقاهرة، زاد من وتيرتها الحضور المصري العسكري في جارتها الصومال قبل أسابيع، وسط رفض من إثيوبيا التي تتهمها مصر بـ«تهديد أمنها المائي»، و«رسائل تهديد» مبطَّنة متبادَلة، أحدثها تصريحات لرئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد يتوعد فيها «مَن يمَسّ سيادة» بلاده، وتحرّك رسمي إلى المفوضية الأفريقية بشأن اتفاقية «عنتيبي» التي تعيد تقسيم مياه النيل، وترفضها مصر.

وباعتقاد خبراء تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، فإن استمرار التواجد المصري العسكري في مقديشو سيدفع العلاقات بين البلدين إلى التصعيد في المواقف والتصريحات، بينما رأوا أن طرح تنفيذ اتفاقية «عنتيبي»، «محاولة استفزازية» من أديس أبابا «لا أثر لها مستقبلاً» دون موافقة مصر والسودان، مُعوّلين على تفاهمات ووساطة قد تكون الأقدر بها تركيا القريبة من أطراف الأزمة كافةً مصر وإثيوبيا والصومال لحل كل الملفات العالقة.

وفي كلمته خلال الاحتفال بـ«يوم السيادة»، قال رئيس الوزراء الإثيوبي: «لن نسمح بأي مساس بنا، ولن نتفاوض مع أحد في شأن سيادة إثيوبيا وكرامتها»، وفق وكالة الأنباء الإثيوبية، الأحد، وسط توترات مع جارته مقديشو والقاهرة إثر الإعلان أواخر أغسطس (آب) عن «بدء وصول معدات ووفود عسكرية مصرية إلى الصومال، في إطار مشاركة مصر بقوات حفظ السلام»، وبعد أيام من توقيع البلدين اتفاقية دفاعية بالقاهرة.

وتدهورت العلاقات بين الصومال وإثيوبيا إثر توقيع أديس أبابا اتفاقية مع «أرض الصومال» الانفصالية في بداية العام الحالي، تسمح لها باستخدام سواحل المنطقة على البحر الأحمر لأغراض تجارية وعسكرية، وسط رفض من دول الجامعة العربية، وأبرزهم مصر، وتدخّل تركيا عبر مبادرة للوساطة بين مقديشو وأديس أبابا، واستضافت جولتين من المفاوضات لحل الخلاف.

وعقب وصول القوات المصرية لمقديشو، وفق التأكيد الصومالي، عيَّنت أديس أبابا سفيراً لدى «أرض الصومال»، غير المعترَف بها من مقديشو أو دولياً، وسط حديث وسائل إعلام إثيوبية بشأن «استنفار عسكري على حدودها مع الصومال؛ رداً على وصول تعزيزات عسكرية مصرية».

وبالتزامن دعا وزير الخارجية الإثيوبي، تاي أصقي سيلاسي، في مؤتمر صحافي، مقديشو إلى «وقف تحركاتها مع جهات تسعى لاستهداف مصالح إثيوبيا»، مضيفاً: «سنحاول الاستمرار في موقفنا باتخاذ الصبر والسلام إن كانت خيارات الصومال حالياً اتباع سياسة الاستقواء علينا بجهات خارجية، لكنْ لذلك حدود».

مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير صلاح حليمة، يرى أن «تهديدات آبي أحمد كلام مرسل، مثل التصريحات الإثيوبية التي سبقتها، فلا الصومال أو مصر هددتا بلاده، بل هو مَن تدخّل في الشؤون الداخلية لمقديشو، وهدّد الأمن المائي للقاهرة»، متوقعاً «استمرار خطوات مصر القانونية، سواءً في التواجد العسكري بالاتفاق مع مقديشو، أو متابعة الشكوى القانونية المقدَّمة إلى مجلس الأمن بشأن سد النهضة، من دون الانجرار إلى تصعيد كلامي مع أديس أبابا».

ويعتقد الباحث في شؤون القرن الأفريقي، عبد القادر كاوير، أن هناك «تهديدات إثيوبية، وخطاباً تصعيدياً بشكل غير مباشر تجاه القاهرة منذ وصول القوات المصرية لمقديشو»، لافتاً إلى أن مصر أيضاً تقدّمت بمذكرة قانونية لمجلس الأمن بشأن سد النهضة الإثيوبي، وانتقدت موقف أديس أبابا، وتوقع ألّا تنخفض وتيرة الخطاب التصعيدي بين البلدين، مقترحاً أن تتولى تركيا الأقرب للصومال ومصر وإثيوبيا دور وساطة لإنهاء الملفات العالقة بينهم.

وكشفت إثيوبيا، الاثنين، عن خطاب وجهته لمجلس الأمن الدولي، رداً على رسالة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي مطلع الشهر الحالي، يتضمن إيداع اتفاقية «عنتيبي» المائية أمام مفوضية الاتحاد الأفريقي بهدف دخولها حيز التنفيذ، ودعوة القاهرة للتصديق عليها، نافيةً على لسان وزير الخارجية تاي أسقي سيلاسي، الاثنين، الاتهامات المصرية بالقيام بإجراءات أحادية في «سد النهضة»، مؤكداً استعداد بلاده مواصلة المفاوضات المجمَّدة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، بشأن السد.

واتفاقية «عنتيبي» التي تُعرف أيضاً بـ«الإطار التعاوني لحوض نهر النيل» أُبرمت عام 2010، وتفرض إطاراً قانونياً لحل الخلافات والنزاعات، وتُنهي الحصص التاريخية لمصر والسودان، وتفرض إعادة تقسيم المياه، وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية بدون التوافق مع دولتَي مصر والسودان.

ولم تُعلّق مصر على خطوة إيداع اتفاقية «عنتيبي» التي لم توقّع مصر بعدُ عليها، ولا مسار المفاوضات بشأن «سد النهضة»، إلا أن القاهرة قالت في مذكرتها التي أودعتها مطلع سبتمبر (أيلول) الحالي بمجلس الأمن الدولي، إن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع».

ونوّهت مذكرة مصر أمام مجلس الأمن الدولي بأن اللجنة العُليا لمياه النيل اجتمعت برئاسة رئيس مجلس الوزراء، مصطفى مدبولي، في أغسطس الحالي، و«أكّدت حق مصر في الدفاع عن أمنها المائي، واتخاذ التدابير اللازمة لتحقيق ذلك على مختلف الأصعدة».

وتقول القاهرة والخرطوم إن السد سيؤثر بشكل كبير في حصتَيهما من مياه النيل، وتتمسّكان بالتوصل أولاً إلى «اتفاق مُلزِم» مع أديس أبابا بشأن ملء وتشغيل السد، لضمان استمرار تدفق حصتَيهما المائية من نهر النيل، وهو ما تنفيه إثيوبيا، وتؤكد أنها لا تستهدف الإضرار بدولتَي مصبّ النيل.

السفير حليمة يرى أن تقديم إثيوبيا اتفاقية «عنتيبي» للمفوضية الأفريقية «خطوة استفزازية لفرض نوع من الأمر الواقع، ومحاولة الرد على عجزها عن مواجهة خطوات مصر والصومال القانونية الأخيرة بالتعاون العسكري، ورسالة عدائية لتحجيم هذا التعاون».

وفي ضوء عدم توقيع القاهرة والسودان على تلك الاتفاقية المائية لأسباب متعلقة بالمساس بحصتيهما المائية، يعتقد حليمة أن الاتفاقية لا تحمل أي تأثير عليهما، مؤكداً ضرورة التزام إثيوبيا بالقانون لحل أي أزمات.

ووفق عبد القادر كاوير، فإن الموقف الإثيوبي من «عنتيبي» يُعدّ «إحدى أوراق الضغط التي تمتلكها أديس أبابا نظرياً، لكن لا تأثير كبيراً لها، ومعروف أن مصر تتحرك لتحييد هذه الورقة عبر علاقاتها مع بعض الدول الأفريقية».