«الشرق الأوسط» في مهرجان ڤينيسيا (3): أفلام اليوم الأول تنذر بقرب نهاية العالم

من فيلم «نيكو 1988» المرأة التي هوت
من فيلم «نيكو 1988» المرأة التي هوت
TT

«الشرق الأوسط» في مهرجان ڤينيسيا (3): أفلام اليوم الأول تنذر بقرب نهاية العالم

من فيلم «نيكو 1988» المرأة التي هوت
من فيلم «نيكو 1988» المرأة التي هوت

كم يتمنى المرء لو أن أهل السياسة والاقتصاد وأرباب الصناعات في الدول الكبرى حول العالم يشاهدون الأفلام. وكم يتمنى المرء لو أن أحد فيلمي اليوم الأول من مهرجان فينيسيا ينجح في إقناعهم بأن حال العالم في خطر، وأن تلوث البيئة بات حاضراً، وأنه وصل إلى مرحلة لم يعد بالإمكان معها العودة إلى الوراء.
فيلمان من الأفلام الثلاثة التي عرضت في اليوم الأول من مهرجان فينيسيا الحالي (الذي انطلق يوم أول من أمس الأربعاء ويستمر حتى الحادي عشر منه)، تدق أجراس الإنذار لعل العالم ينقذ ما يمكن إنقاذه قبل أن ينهار تحت وطأة ما يتم إنجازه من تغييرات بيئية تصيب شتى أشكال الحياة أرضاً وبحراً وجواً، وكل من هب ودب أو غطس أو طار من حيوانات وأسماك وطيور.
- عالمان متوازيان
فيلم الافتتاح «تصغير» هو ملحمة كبيرة أنجزها مخرج خارج نوعه المعتاد من الأفلام لينقل عبرها قناعاته حول هذا الموضوع. إنه دراما على قليل من السخرية، وأقل من ذلك من المؤثرات الخاصة تحكي قصـة الأميركي العادي الذي يتابع باهتمام شديد ذلك الاختراع الذي أخذ ينتشر من حوله. لقد توصل العلماء إلى تصغير حجم الإنسان إلى ما لا يزيد على 15 سم. بذلك سيمكن الإسهام في تقليل استهلاك الطعام والشراب والمساعدة في تجنيب العالم أزمة كبيرة في هذا المجال.
بول (مات دامون) وأودري (كرستن ويغ) زوجان لديهما مشاكل اقتصادية ومتفقان على أهمية هذا الإنجاز العلمي، وأودري تستجيب لرغبة بول في تصغيرهما أسوة بالكثير من البشر بعدما ذاع هذا الإنجاز العلمي وزاد عدد مريديه ما استدعى بناء مدن خاصـة كل من فيها من صغار الحجم. لكن أودري تنسحب في آخر لحظة وتترك زوجها بعدما تم تصغيره بالفعل. لا تستطيع تصغير نفسها ولا البقاء معه بحجمها العادي وتطلب الطلاق.
كل هذا يرد في الساعة الأولى قبل أن ينتقل الفيلم إلى فصل آخر من الحكاية يمر بول خلاله بسلسلة اكتشافات، من بينها أن القوى التي تمسك بالاقتصاد في العالم الكبير الذي تركه هي ذاتها التي تمسك باقتصاد العالم الصغير الموازي. المسألة، كما يكرر الفيلم، ربما انطلقت من فعل إيمان بإنقاذ العالم، لكن المؤسسات الصناعية استغلتها وفتحت لنفسها سوقاً جديدة.
في هذا الفصل، هناك أحداث كثيرة تسبر غور شخصية بول بما فيها حكاية الفيتنامية (هونك تشو) التي هربت من بلادها إلى الغرب ورضت بالتصغير، وتجد أن دورها في الحياة مساعدة الناس في أحوالهم. تثير اهتمام بول، الذي لديه خبرة طبية محدودة والذي يجد نفسه وقد أصبح أحد أفراد مجموعتها التي تعمل في تنظيف البيوت. حين تأخذه الفيتنامية إلى الضاحية التي تعيش فيها يكتشف بول أن العالم الذي يعيش فيه الآن هو نسخة عن ذلك الذي تركه وراءه. فالعالم هنا مقسـم أيضاً بين من يملك ومن لا يملك.
الجزء الثالث هو الأكثر قتامة: بول والفتاة الفيتنامية وصديقاه (كريستوف فولتز وأدو كير) يسافرون (في طائرات لديها جناح خاص لأمثالهم) إلى النرويج لحضور مؤتمر في بعض بقاع البلاد الشمالية. في نهايته سيتوجه الحضور إلى نفق يهبط إلى داخل الأرض لبناء حياة جديدة، مدركين أن هذا الفعل هو الوحيد الذي سيضمن استمرار البشرية. يقف بول حائراً بين أن ينصاع لرغبته المشاركة في هذا الغرض أو البقاء مع حبيبته الفيتنامية.
لم يقدم المخرج ألكسندر باين على فيلم كهذا في مسيرته. إنه الفيلم الفانتازي المضاد لفانتازيات الترفيه. لم يعمل على فيلم بهذا الحجم أيضاً، لكنه على ذلك، مارس أسلوبه المحترف والمدرك ولم يتراجع صوب السهل واللقطات الإثارية. هذا فيلم رسالة كبيرة فيها الكثير من المضامين (تكاد تتحول إلى خطب أحياناً)، لكنها تنجز المهمـة التي تتصدى لها: التحذير من سنوات مقبلة لا أمل للحياة فيها على سطح هذا الكوكب.
- بحث وجداني
الجانب الآخر من الموضوع نفسه يكمن في الفيلم الثاني من أفلام المسابقة التي شاهدناها في اليوم الأول: «فيرست ريفورم» هو اسم الكنيسة التي يرعاها الأب تولر (إيثان هوك). ذات يوم تتصل به امرأة اسمها ماري (أماندا سايفرايد)، طالبة منه مساعدتها في أمر مهم: زوجها (فيليب أتنجر) يتصرف بشكل غريب، ويتحدث عن أنه سيقتل الجنين الذي تحمله زوجته؛ لأن العالم سينتهي ولم يعد هناك أمل في إنقاذه.
ليس أن الزوج يتنبأ، بل هو مدرك لما يدور حوله ولديه إثباتات ودراسات علمية تؤكد ذلك. يقول: «قبل سنوات عدة، حذر العلم من أنه إذا لم يتم إنقاذ الأرض بحلول العام 2015 فإن إصلاحها سوف يصبح مستحيلاً. نحن الآن في سنة 2017 والعالم لا يهتم».
خلال هذه المقابلة بين الراهب والزوج الكثير من الحديث حول الله والإنسان وحول الأمل واليأس والحياة والموت. في النهاية ينجح تولر في تحويل نية دفع زوجته للإجهاض أو قتل الجنين لاحقاً. لكن الشاب لا يستطيع أن يتجاهل الألم العاصف في داخله وهو يتابع حال العالم فينتحر. كذلك، فإن الراهب يُـصاب بالأسئلة الوجدانية المطروحة ونراه وقد أخذ يفكر بتفجير نفسه وسط الجموع كونه عاجزا عن فعل أي شيء آخر.
الفيلم من إخراج بول شرادر الذي كان كتب قبل عقود فيلم «سائق التاكسي» (إخراج مارتن سكورسيزي وبطولة روبرت دينيرو). وهناك تشابه بين الفكرتين: بطل «سائق التاكسي» سأخط على مجتمع لا أخلاقي وسوف ينتقم منه بالقتل. بطل «فيرست ريفورم» بات لا يرى أملاً في نفسه وسوف ينتقم من العالم بقتل نفسه وآخرين معه. بطل «سائق التاكسي» يحلق شعر رأسه. بطل الفيلم الحالي يلف نفسه بحزام ناسف، قبل أن ينزعه ويلف نفسه بشريط شائك. كلاهما يرفض ما حوله ولو من موقعين مختلفين.
الفيلم الجديد جاد وداكن وليس لديه وقت لكي يمضيه في طرح احتمالات مختلفة. بطله يطرق أبواباً في بحثه عن نفسه وسط الأزمة التي تنتقل إليه بالتدريج.
- حياة مهدورة
أما الفيلم الثالث، فلا علاقة له بأحوال الدنيا والبيئة ومآزق المستقبل، لكنه لا يخلو من الحديث عن أزمة فردية. كذلك هو الوحيد بينها المبني على شخصية واقعية. الفيلم هو «نيكو: 1988» وهو سيرة حياة المغنية كريستا بافغن (التي اشتهرت باسم نيكو) كما أخرجتها الإيطالية سوزانا نكياريللي وقدمها المهرجان في افتتاح قسم «آفاق».
كريستا كانت واحدة من هيبيات الأمس (في السبعينات والثمانينات) وصاحبت الرسام آندي وورهول في نيويورك قبل أن تعود إلى بلادها. الفيلم يستحوذ على السنوات الثلاث الأخيرة من حياتها: ما زالت مدمنة مخدرات ولو أنها باتت في الخمسين من عمرها. حادة الطباع. تغني بالطريقة ذاتها التي اعتادت عليها وتعيش ما بين ذكرياتها وآمالها. لا الأولى ما زالت ممكنة ولا الثانية محققة.
ماضي المغنية (ظهرت ممثلة أيضاً في أفلام لوورهول وفي «الحياة اللذيدة» لفديريكو فيلليني) يُـستعاد ببضع مشاهد مصورة ومنفـذة كومضات ضوئية سريعة، كما في بعض الحوارات التي تتبادلها كريستا مع مدير أعمالها. لكن كريستا تحاول إنقاذ نفسها بالغناء. في تلك الأعوام كانت حاولت بالفعل العودة إلى تسجيل الأغاني والفيلم يصور هذه المحاولات، لكنه معني بتصوير الحالات أكثر. حالاتها مع نفسها وحالاتها مع محيطها.
هناك رغبة حثيثة في سرد حكاية صادقة، والممثلة الدنماركية تراين ديرهولم جيدة. لكن القرار بتقديم كريستا امرأة عدائية ومتذمرة ومدمنة يضع مسافة واضحة بين الفيلم ومشاهديه.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
رياضة سعودية السباق سيقام في الفترة المسائية على مسافة اثنين من الكيلومترات (واس)

«مهرجان الإبل»: تأهب لانطلاق ماراثون هجن السيدات

تشهد سباقات الهجن على «ميدان الملك عبد العزيز» بالصياهد في الرياض، الجمعة المقبل، ماراثوناً نسائياً يُقام في الفترة المسائية على مسافة اثنين من الكيلومترات.

«الشرق الأوسط» (الصياهد (الرياض))
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
رياضة سعودية إقامة شوط للسيدات يأتي في إطار توسيع المشاركة بهذا الموروث العريق (واس)

مهرجان الصقور: «لورد» غادة الحرقان يكسب شوط الصقارات

شهد مهرجان الملك عبد العزيز للصقور 2024؛ الذي ينظمه نادي الصقور السعودي، الجمعة، بمقر النادي بمَلهم (شمال مدينة الرياض)، جوائز تتجاوز قيمتها 36 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (ملهم (الرياض))
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.