قوات الأمن العراقية تقترب من القضاء على آخر جيب لـ«داعش» في نينوى

دخان وغبار جراء المعارك الدائرة للسيطرة على العياضية آخر جيب لـ«داعش» في محافظة نينوى أمس (أ.ف.ب)
دخان وغبار جراء المعارك الدائرة للسيطرة على العياضية آخر جيب لـ«داعش» في محافظة نينوى أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات الأمن العراقية تقترب من القضاء على آخر جيب لـ«داعش» في نينوى

دخان وغبار جراء المعارك الدائرة للسيطرة على العياضية آخر جيب لـ«داعش» في محافظة نينوى أمس (أ.ف.ب)
دخان وغبار جراء المعارك الدائرة للسيطرة على العياضية آخر جيب لـ«داعش» في محافظة نينوى أمس (أ.ف.ب)

حققت القوات الأمنية العراقية، بمساندة فصائل من «الحشد الشعبي»، مزيداً من التقدم أمس الأربعاء في بلدة العياضية، شمال تلعفر، في ظل مؤشرات إلى أن القضاء على آخر جيوب «داعش» في محافظة نينوى بات قريباً جداً.
ونفت قوات الأسايش (الأمن الكردي) أمس استسلام مسلحي «داعش» الهاربين من تلعفر والعياضية لها، مشيرة إلى أن هؤلاء يهربون باتجاه الحدود السورية، مؤكدة أن قوات البيشمركة قتلت خلال الأيام الماضية كثيرا منهم «وقعوا في كمائنها».
وقال مدير الأسايش في منطقة غرب دجلة (غرب الموصل) العميد آشتي كوجر لـ«الشرق الأوسط»: «يحاول مسلحو (داعش) الهاربون من تلعفر وناحية العياضية التوجه في اتجاه الجانب السوري عن طريق التهريب، لكن كمائن قوات البيشمركة والقوات الأمنية التابعة لحكومة إقليم كردستان في المنطقة تمكنت من قتل 130 مسلحاً منهم».
وتابع كوجر: «بالنسبة إلى العائلات النازحة من هذه المناطق التي تشهد حالياً معارك بين القوات العراقية ومسلحي التنظيم، قواتنا تستقبلهم وتنقلهم عن طريق الجهات المعنية والأمم المتحدة إلى مخيمات القيارة وحمام العليل في جنوب الموصل»، لافتاً إلى أن مسلحي «داعش» لم يسلّموا أنفسهم لقوات البيشمركة، في رد كما يبدو على تقارير تضمنت صوراً لعشرات المسلحين «الدواعش» وهم يسلمون أنفسهم لقوات البيشمركة. لكن المسؤول الأمني الكردي قال إن «مسلحي (داعش) إما يحاولون الهرب أو يفجّرون أنفسهم، لكن في الجانب السوري هناك من يقدم لهم المساعدة ويهربهم مقابل مبالغ مالية تتراوح ما بين سبعة آلاف إلى عشرة آلاف دولار أميركي».
وتزامناً مع تحركات مسلحي «داعش» على الحدود العراقية - السورية، تواصل القطعات العسكرية العراقية وبدعم من طيران التحالف الدولي عمليات تحرير ناحية العياضية آخر معاقل التنظيم في نينوى. وسلّط مدير ناحية العياضية، فلاح حسن، الضوء على آخر تطورات المعركة التي تدور فيها، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية تقاتل حالياً مسلحي التنظيم وسط ناحية العياضية، ولم يتبق سوى القليل ونعلن تحريرها بالكامل. خلال اليومين الماضيين كانت هناك مقاومة من قبل التنظيم لكنها انخفضت الآن ومعنويات مسلحي (داعش) منهارة بالكامل. لقد قتل منهم عدد كبير جداً».
في غضون ذلك، قال قائمقام تلعفر، عبد العال عباس، إن العمليات العسكرية انتهت بالكامل داخل مركز مدينة تلعفر الخالية من سكانها. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»: «بعد انتهاء العمليات العسكرية في تلعفر بدأت الدوائر الحكومية الخدمية تمارس عملها لتهيئة المدينة لاستقبال النازحين، ويواصل الجهد الهندسي التابع لقوات الجيش العراقي مهامه في تطهير المباني والشوارع والطرق من العبوات الناسفة والمتفجرات التي فخخ بها (داعش) المدينة».
وكشف عباس عن أن حالات النهب والحرق التي تعرض لها بعض بيوت تلعفر خلال الأيام الماضية من قبل من وصفهم بـ«ضعاف النفوس» من عناصر القوات الأمنية وبعض عناصر «الحشد»، قد انتهت ابتداء من أمس بعدما اتخذت مديرية شرطة تلعفر وبعض الأجهزة الأمنية الإجراءات اللازمة لردع هذه الحالات والقضاء عليها، مشيراً إلى أن الدوائر الخدمية تواصل عمليات إصلاح شبكات المياه وخطوط الكهرباء وفتح الطرق في المدينة.
إلى ذلك، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية بياناً لقيادة العمليات المشتركة العراقية الأربعاء، قال فيه قائد عمليات «قادمون يا تلعفر» الفريق الركن عبد الأمير رشيد يارالله إن «قطعات الشرطة الاتحادية وفرقة الرد السريع تحرر الجزء الشرقي لناحية العياضية وقرية قبق (شمال) وترفع العلم العراقي فيها». وأشار البيان إلى أن كلتا القوتين «أكملتا واجباتهما» في عمليات استعادة ناحية العياضية.
بدوره، قال المتحدث باسم قوات الحشد الشعبي النائب أحمد الأسدي لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه «تم تحرير نصف العياضية تقريباً». وتابع: «المعارك شرسة والمقاومة شديدة لكن التقدم من ثلاثة محاور وجميع القطعات مشتركة في المعركة حتى القضاء على آخر الإرهابيين الموجودين داخل المنطقة». وعن الوقت المطلوب لحسم المعركة واستعادة العياضية، قال الأسدي: «أتوقع أن يتم تحريرها خلال يوم أو يومين إن شاء الله».
وأشار نائب قائد القوات الجوية في التحالف الدولي الجنرال أندرو كروفت للوكالة الفرنسية إلى أن «نحو 150 إلى مائتي مقاتل من تنظيم داعش انتقلوا مع عائلاتهم من تلعفر باتجاه العياضية.
ويعد موقع العياضية مهماً للقوات التي تقاتل «داعش»، لكونها تقع على الطريق الرابطة بين العراق وسوريا حيث ما زال التنظيم يسيطر على مناطق واسعة. وفي العراق، لا يزال «داعش» يسيطر على مناطق متفرقة في البلاد منها الحويجة (300 كلم شمال بغداد) وثلاث مناطق متفرقة قريبة من الحدود العراقية السورية.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.