سلامة يلتقي حفتر في الرجمة وإطلاق سراح عسكريين من نظام القذافي

مؤسسة النفط تحذر من مأساة وطنية بعد وقف الإنتاج في ثلاثة حقول

مهاجرون يقفون في مركز احتجاز بطرابلس قبل ترحيلهم الطوعي إلى بلدانهم (رويترز)
مهاجرون يقفون في مركز احتجاز بطرابلس قبل ترحيلهم الطوعي إلى بلدانهم (رويترز)
TT

سلامة يلتقي حفتر في الرجمة وإطلاق سراح عسكريين من نظام القذافي

مهاجرون يقفون في مركز احتجاز بطرابلس قبل ترحيلهم الطوعي إلى بلدانهم (رويترز)
مهاجرون يقفون في مركز احتجاز بطرابلس قبل ترحيلهم الطوعي إلى بلدانهم (رويترز)

التقى المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبي، أمس، مع غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، في أول لقاء بينهما منذ تولي سلامة مهام منصبه قبل نحو شهر.
وعقد اللقاء بمقر حفتر بالرجمة خارج مدينة بنغازي شرق ليبيا، حيث أبلغه سلامة وفقا لبيان أصدره أمس، تعازيه في ضحايا القتل الوحشي في بوابة الفقهاء التابعة للجيش، للمدنيين والجنود. وقال سلامة إنه أبلغ حفتر أيضا «أن هناك ضرورة لحزمة سياسية للدفع بالعملية السياسية في ليبيا»، معتبرا أن «التسلسل مهم جدا».
وكان حفتر قد التقى مساء أول من أمس الوفد رفيع المستوى المبعوث من قبل رئاسة الاتحاد الأفريقي برئاسة الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الكونغولي سيلفيستر مامينا، حيث بحث الجانبان، وفقا لبيان من مكتب حفتر «عدة قضايا تخص الشأن الليبي، ودور الاتحاد الأفريقي في حل الأزمة الليبية، ودعمه للقوات المسلحة في محاربة الإرهاب».
وستعقد لجنة الاتحاد الأفريقي رفيعة المستوى حول ليبيا اجتماعا بحضور القيادات الليبية، في برازافيل الكنغولية في التاسع من الشهر المقبل، بهدف تقريب وجهات النظر بين الأطراف الليبية وتجاوز حالة الانسداد السياسي التي تعيق استكمال تنفيذ اتفاق الصخيرات، ودفع جهود المصالحة الوطنية في البلاد.
وجاءت هذه التطورات فيما تم الإعلان عن إطلاق سراح 98 سجينا عسكريا من النظام السابق كانوا بسجن السكت بمدينة مصراتة، بالإضافة إلى إخلاء سبيل المهدي العربي أحد أبرز أركان نظام القذافي بعد ست سنوات قضاها في سجون مدينة الزاوية. ويبدو أن قرار الإفراج تم بسبب قضاء السجناء ثلثي المدة، علما بأن معظم من تم العفو عنهم ضباط برتب عالية.
من جهة أخرى، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط أن أكثر من 360 ألف برميل يوميا من إنتاج النفط الخام الليبي أغلقت من قبل ما وصفتها بـ«ميليشيات إجرامية» في غرب ليبيا، بخسائر بلغت 160 مليون دولار في فاقد المبيعات النفطية حتى الآن.
واعتبر رئيس المؤسسة، مصطفى صنع الله، أن هذه مأساة وطنية، لافتا إلى أن «إنتاجنا كان يتعافى، ليس بما فيه الكفاية لتحقيق التوازن في الميزانية، ولكن كان بما يكفي ليعطينا الأمل في أن الوضع المالي يمكن أن يستقر وأن نقلل من استنزاف مدخرات المصرف المركزي لتغطية العجز. ولكن الآن نحن ننزلق إلى الوراء».
وأضاف: «سيعاني الجميع بسبب هذا العمل الإجرامي، لقد طفح الكيل، يجب على المجتمعات المحلية أن تفهم أن مثل هذه العصابات لن تجلب أي خير لأي شخص، ويجب أن نعمل معا لبناء مجتمع مستقر حيث تحترم مصالح الجميع أو أن المستقبل سيكون قاتما جدا لنا جميعا».
وأغلق مسلحون في التاسع عشر من الشهر الحالي صمام الرياينة في خط أنابيب النفط الخام الرابط بين حقل الشرارة النفطي والزاوية بشكل غير شرعي، ما أدى إلى خفض الإنتاج بنحو 283 ألف برميل يوميا.
وأفادت مصادر محلية بأن هذه الميليشيا المحلية أرادت بعملها هذا الاحتجاج على ما تعتبره «تهميشا» لمنطقتها، وانقطاع الوقود عنها. وأعلنت المؤسسة «حالة القوة القاهرة» في الحقول الثلاثة، ما يعني أن المؤسسة لن تكون مسؤولة عن الإخلال بعقود تسليم نفط مع شركات عالمية.
وكثيرا ما يتوقف إنتاج النفط في غرب البلاد بسبب وجود ميليشيات تعتبر نفسها حارسة للمنشآت النفطية، للمطالبة ببدل مالي مقابل هذه الخدمات. وكانت ليبيا تنتج نحو 1.6 مليون برميل يوميا قبل سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتقول المؤسسة النفطية إن إغلاق المرافئ النفطية كلف ليبيا أكثر من 130 مليار دولار منذ نهاية عام 2014.
في غضون ذلك، أعلن أمس المتحدث باسم البحرية الليبية أن حرس السواحل الليبيين أنقذوا 542 مهاجرا، بينهم نساء وأطفال، خلال أربع عمليات قبالة السواحل الليبية، في حين كانوا يحاولون الوصول بحرا إلى أوروبا. وقد حصلت العمليات الأربع بين الاثنين والثلاثاء، قبالة السواحل الغربية لليبيا، التي انطلقت منها معظم قوارب المهاجرين في اتجاه السواحل الإيطالية.
وأتاحت العملية الأولى إنقاذ 88 مهاجرا غير شرعي، بينهم سبع نساء وستة أطفال قبالة سواحل مدينة صبراتة، أبرز نقاط انطلاق المهاجرين الراغبين في الوصول إلى السواحل الأوروبية، كما أعلن المتحدث باسم البحرية الليبية العميد أيوب قاسم.
من جهة أخرى، تم إنقاذ 164 مهاجرا من بلدان عربية وأفريقية، بينهم 19 مصريا و6 مغاربة وتونسيان، شمال صبراتة (70 كلم غرب طرابلس)، كما أضاف العميد قاسم.
ومؤخرا، أنقذ 290 مهاجرا من بلدان أفريقية، خلال عمليتين منفصلتين شمال سيدي بلال، وهو مرفأ صيد صغير يبعد نحو 25 كيلومترا غرب العاصمة.



آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
TT

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)

«داهموا منزلي واختطفوني بعد إجابتي عن سؤالك إن كان ثمة اختطافات في منطقتنا بسبب الاحتفال بعيد الثورة اليمنية، بنصف ساعة فقط».

بهذه العبارة يسرد لـ«الشرق الأوسط» أحد الناشطين السياسيين واقعة اختطافه من طرف الجماعة الحوثية بتهمة الدعوة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، عقب الإفراج عنه من السجن الذي قضى فيه أسبوعين كاملين، وتعرضه للضرب والتعذيب النفسي والتهديد بإخفائه وإيذاء عائلته.

وبحسب مصادر محلية، أفرجت الجماعة الحوثية أخيراً عن عدد ممن جرى اختطافهم منذ ما قبل منتصف الشهر الماضي، على خلفية احتفالات اليمنيين بالذكرى الثانية والستين للثورة اليمنية ضد الإمامة في ستينات القرن الماضي، بينما لا يزال غالبية المختطفين رهن الاحتجاز، وتقدر مصادر حقوقية أعدادهم بالآلاف.

يتابع الناشط الشاب الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته: «حتى وقت سؤالك لم أظن أن الاختطافات ستصل إلى بلدتنا، كنت أتابع أخبار الاختطافات في المدن الرئيسية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية»، موضحاً أنه لم يكن يتوقع حدوث اختطافات في منطقته، لكنه فوجئ بمسلحي الجماعة يقتادونه رفقة عددٍ من السكان، بينهم جيران له.

ويؤكد أنه، ورغم عدم توقع اختطافه أو اختطاف أحد من أهالي منطقته، فإنه، ومن باب اتباع الاحتياطات اللازمة، آثر أن يؤجل الاحتفال والدعوة إليه إلى ليلة السادس والعشرين من سبتمبر؛ كي لا يفوت على نفسه معايشة احتفالات اليمنيين بها، قبل أن يقضي تلك الليلة في أحد أشهر معتقلات الجماعة الذي تمارس فيه انتهاكات متعددة.

وبيّنت مصادر حقوقية يمنية أن هناك أعداداً كبيرة من المختطفين، تقدر بالآلاف، في مختلف مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على ذمة الاحتفال بالثورة اليمنية أو الدعوة للاحتفال بها، في ظل ضعف الرصد الحقوقي، وعجز الجهات المعنية عن مواكبة الانتهاكات بسبب القيود المفروضة والإجراءات المشددة.

مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

يضيف الناشط: «تم التحقيق معي منذ الوهلة الأولى لوصولي إلى المعتقل. ولمدة تجاوزت الأربع ساعات ظل المحققون يسألونني عن دوافعي للاحتفال بعيد الثورة، وعن أي تحريض تلقيته من الحكومة الشرعية أو تحالف دعم الشرعية، وعن الأموال التي حصلت عليها مقابل ذلك».

ورغم إنكاره لكل التهم التي وجهت إليه، وإعلانه للمحققين أنه أحد ملايين اليمنيين الذين يحتفلون بالثورة اليمنية؛ لقيمتها التاريخية والمعنوية، فإنهم لم يقتنعوا بكل إجاباته، وهددوه بالإخفاء القسري والتعرض لعائلته، قبل أن يقرروا احتجازه حتى تمر ذكرى الثورة، أو حتى إنهاء التحريات حوله.

اختطافات بالجملة

بينما كانت المعلومات المتوفرة حول أعداد المختطفين خلال الأيام السابقة لذكرى الثورة اليمنية تشير إلى بضع مئات من الشخصيات الاجتماعية والكتاب والصحافيين والناشطين السياسيين والنقابيين، كشف العديد من الناشطين المفرج عنهم أن الاختطافات شملت الآلاف من السكان من مختلف الفئات.

وتعدّ محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) الأولى في إجمالي عدد المختطفين الذين جرى الكشف عن بياناتهم من قبل ناشطين ومهتمين، أوردوا أسماء 960 منهم، تليها محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بأكثر من 700 مختطف، فيما لم يعرف أعداد المختطفين في باقي المحافظات.

وتعذر على راصدي الانتهاكات الحصول على معلومات وبيانات كافية حول الاختطافات التي جرت في مختلف المحافظات، بسبب الاحتفال بعيد الثورة.

ووفقاً لبعض الراصدين الذين يتبعون منظمات وجهات حقوقية تعمل من خارج مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فإن الكثير من المختطفين لا تعلم عائلاتهم سبب اختطافهم، ومنهم من لم يعلن نيته الاحتفال بالثورة.

ويذكر راصد حقوقي مقيم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير ممن جرى اختطافهم لم تعلم عائلاتهم بذلك إلا بعد أيام من انقطاع التواصل معهم، وذلك بسبب إقامتهم وحدهم بعيداً عن إقامة عائلاتهم، وينتمي أغلب هؤلاء إلى محافظات تعز وإب وذمار.

وفي حين شملت الاختطافات الأرياف في محافظات تعز وإب وذمار والبيضاء وريمة، يشير الراصد إلى أن مديريات السدة في محافظة إب، ووصاب في ذمار، وشرعب في تعز، من أكثر المديريات التي ينتمي إليها المختطفون في صنعاء، حيث جرى اختطافهم على مدى الأيام العشرة السابقة لذكرى ثورة «26 سبتمبر»، وفي ليلة الاحتفال تم اختطاف العشرات من الشوارع بحجة المشاركة في تجمعات للاحتفالات أو لمجرد الاشتباه، وبعضهم اختطف لأنه يحمل علم البلاد.

تناقض حوثي

تقدر مصادر حقوقية أعداد المختطفين بأكثر من 5 آلاف. وفي مديرية وصاب العالي في محافظة ذمار ترجح مصادر محلية عدد المختطفين هناك بأكثر من 300 شخص، وجاءت عمليات اختطافهم بعد اعتداء مسلحي الجماعة بالضرب على شباب وأطفال من أهالي المديرية تجمعوا للاحتفال، قبل مداهمة قراهم واختطاف العشرات من أقاربهم.

حي الصالح السكني في محافظة تعز حوّلته الجماعة الحوثية إلى معتقل كبير (إكس)

وبحسب عدد من المفرج عنهم، ممن كانوا محتجزين في سجن «مدينة الصالح» في محافظة تعز، فإن المختطفين هناك بالمئات، والكثير منهم جرى اختطافهم من الأسواق والطرقات والشوارع، إلى جانب من اقتيدوا من منازلهم أو محالهم التجارية أو مقار أعمالهم.

وتقع مدينة «الصالح» في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، وهي مجمع سكني مكون من أكثر من 800 وحدة سكنية في 83 مبنى، حولتها الجماعة الحوثية إلى سجن لاستيعاب العدد الهائل من المختطفين من أهالي المحافظة.

ويروي مختطف آخر ممن تم الإفراج عنهم أخيراً في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحي الجماعة وصلوا إلى منزله في أثناء غيابه، واقتحموه عنوة مثيرين فزع عائلته وأطفاله، وأقدموا على تفتيشه باحثين عن أعلام وأموال، وانتظروا حتى عودته إلى المنزل ليقتادوه إلى قسم شرطة، حيث جرى التحقيق معه حول منشورات كتبها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تدخل أحد أقاربه الذي تربطه علاقة عمل تجاري مع أحد القادة الحوثيين، فإنه تم التحفظ عليه حتى ليلة ذكرى الثورة، ليغادر إلى منزله بعد كتابة تعهد بعدم المشاركة في أي احتفال أو تجمع، أو الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي عن الثورة أو عن سبب اختطافه.

اليمنيون يتهكمون على احتفالات الحوثيين بثورة «26 سبتمبر» ويصفونها بالمزيفة (إعلام حوثي)

ونبه إلى أنه صادف خلال أيام احتجازه العشرات من المختطفين الذين لا يعلم غالبيتهم سبب اختطافهم سوى الشك بنواياهم الاحتفال بذكرى الثورة.

وكانت الجماعة الحوثية دعت إلى مشاركتها الاحتفال الرسمي الذي نظمته في ميدان التحرير في وسط صنعاء، محذرة من أي احتفالات وتجمعات أخرى.

وقوبلت هذه الدعوة بالتهكم والسخرية من غالبية السكان الذين رأوا فيها محاولة لإثنائهم عن الاحتفال الشعبي بالثورة، واتهموا الجماعة بخداعهم بمراسيم شكلية للتغطية على عدائها للثورة، وسعيها إلى طمسها من ذاكرتهم.

واستدل السكان على ذلك بإجراءات الجماعة المشددة لمنع الاحتفالات الشعبية وملاحقة المحتفلين من جهة، ومن جهة أخرى بالمقارنة بين حجم احتفالاتها بذكرى انقلابها على الشرعية التوافقية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، إضافة إلى احتفالاتها بالمولد النبوي وإضفاء صبغتها الطائفية عليه.

ويتهرب كبار القادة الحوثيين من المشاركة في احتفالات الثورة اليمنية أو الإشارة لها في خطاباتهم، ويوكلون هذه المهام لقادة من خارج الانتماء السلالي للجماعة.