في زمن الصفقات الباهظة... لاعبون فقراء يحصلون على الفتات

النقابة الدولية للاعبين المحترفين تؤكد أن 45% من أعضائها يحصلون على أقل من ألف دولار شهرياً

السنغافوري ديفيد لو تنقل كثيراً وعانى أكثر
السنغافوري ديفيد لو تنقل كثيراً وعانى أكثر
TT

في زمن الصفقات الباهظة... لاعبون فقراء يحصلون على الفتات

السنغافوري ديفيد لو تنقل كثيراً وعانى أكثر
السنغافوري ديفيد لو تنقل كثيراً وعانى أكثر

خلال الشهر الماضي، تعاقد مانشستر سيتي الإنجليزي مع اثنين من اللاعبين وجعلهما أغلى مدافعين في تاريخ كرة القدم، ففي البداية تعاقد مع كايل ووكر من توتنهام هوتسبير مقابل 50 مليون جنيه إسترليني ليصبح أغلى مدافع في تاريخ اللعبة، وبعد ذلك بعشرة أيام فقط انتقل لقب أغلى مدافع في التاريخ إلى بنجامين ميندي عندما انتقل إلى مانشستر سيتي أيضا قادما من موناكو مقابل 52 مليون جنيه إسترليني. وقبل التعاقد مع ميندي بيوم واحد فقط، تعاقد مانشستر سيتي أيضا مع دانيلو، الخيار الثاني لريال مدريد الإسباني في مركز الظهير الأيمن. وبذلك، رفع مانشستر سيتي حجم ما أنفقه على التعاقد مع مدافعين في غضون أسبوعين فقط إلى 128.5 مليون جنيه إسترليني.
وسوف يحصل كل لاعب من المدافعين الثلاثة الذين تعاقد معهم مانشستر سيتي على نحو 100 ألف جنيه إسترليني أسبوعيا، وهو المبلغ الذي أصبح عاديا بالنسبة للأندية الغنية في الدوري الإنجليزي الممتاز. ولكن بعيدا عن صفوة اللاعبين في كبرى الأندية الأوروبية، يعيش معظم لاعبي كرة القدم في عالم مختلف تماما. وتقول النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين «فيفبرو»، التي تمثل 65 ألف لاعب في جميع أنحاء العالم: إن 45 في المائة من أعضائها من اللاعبين يحصلون على أقل من ألف دولار شهريا.
ويبحث اللاعب الدولي السابق في صفوف منتخب كرواتيا تحت 23 عاما، جوسيب فوكوفيتش، عن ناد جديد خلال الصيف الحالي، لكن موقفه يتناقض تماما مع موقف اللاعبين الجديدين اللذين تعاقد معهما مانشستر سيتي، حيث تخلى نادي رادنيتشكي سبليت الكرواتي عن خدمات اللاعب في نهاية الموسم بعد هبوط النادي درجتين من الدوري الكرواتي الممتاز بسبب عدم دفع رواتب اللاعبين. ويحصل 41 في المائة من لاعبي كرة القدم على رواتبهم في وقت متأخر، ولسوء الحظ بالنسبة لفوكوفيتش، لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها لهذا الموقف.
يقول فوكوفيتش: «في النادي السابق الذي كنت ألعب له، وهو نادي استرا 1961، لم أحصل على راتبي لمدة خمسة أشهر. تعرضت للإصابة لأشهر عدة عندما كنت ألعب لنادي إسترا، ودفعت من أموالي الخاصة تكاليف العلاج التي وصلت لنحو 10 آلاف يورو للعلاج من بعض المشاكل في عظام الحوض. وبعد ذلك، قرر النادي تخفيض راتبي الشهري، الذي كان يبلغ 4.000 يورو، بمقدار النصف لأنني كنت مصابا».
وكان فوكوفيتش، الذي نشأ في أكاديمية الشباب بنادي هايدوك سبيلت، لكنه لم يلعب أبدا في الفريق الأول بالنادي، يريد أن يبقى في كرواتيا، لكنه كان يعرف أن عددا قليلا من الأندية هي التي تستطيع أن تدفع رواتب اللاعبين في الوقت المحدد؛ ولذلك بدأ يبحث عن عروض خارجية. وقال فوكوفيتش: «ليس من العدل أن يحدث ذلك، وأنا غاضب للغاية بسبب ما حدث لي. حياة لاعبي كرة القدم هنا غير مستقرة، لكن كرة القدم هي حياتي بأكملها. لقد ضحيت كثيرا منذ أن كنت ألعب في صفوف الناشئين. الأندية تريد فقط أن تشتري وتبيع اللاعبين وتحصل على أموال بطريقة سهلة. ورغم أنها أندية غير محترفة، فهي تريدنا أن نكون لاعبين محترفين على جميع المستويات».
وفي وقت سابق من الأسبوع الحالي، وجد فوكوفيتش ناديا جديدا، وهو نادي فيتيز الذي يلعب في الدوري الممتاز للبوسنة والهرسك، والذي سيلعب له مقابل الحصول على 2.000 يورو شهريا، وهو سعيد للغاية بذلك. ووقّع اللاعب عقدا قصير الأمد مع النادي حتى ديسمبر (كانون الأول) 2017، لكن لا يوجد شيء غريب في ذلك، حيث يصل متوسط مدة عقود لاعبي كرة القدم في العالم إلى 22.6 شهر، أي أقل من عامين.
وكان ديفيد لو يبحث هو الآخر عن ناد جديد خلال الصيف الحالي، لكنه، عكس فوكوفيتش، كان يدرك أن مسيرته في عالم كرة القدم بدأت في الانحدار. وبدأ اللاعب البالغ من العمر 33 عاما مسيرته الكروية متأخرا، حيث كان يتعين عليه إتمام الخدمة الوطنية لمدة عامين في بلده سنغافورة، لكنه حصل على خبرات كثيرة من مسيرته كلاعب. فقد لعب لو في عدد كبير من البلدان المختلفة على مدى أكثر من عقد من الزمان، بما في ذلك أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة وسويسرا (والتي شهدت إفلاس النادي الذي كان يلعب له هناك) والمجر (التي تركها بسبب مشكلة عدم دفع رواتب اللاعبين) وألمانيا وإيطاليا وتايلاند (التي تركها أيضا بسبب مشكلة عدم دفع رواتب اللاعبين) وأيسلندا (التي تركها بسبب القيود المفروضة على اللاعبين الذين لا ينتمون إلى الاتحاد الأوروبي) وحتى منغوليا.
وكانت آخر محطة للاعب في الكاميرون، حيث انضم إلى نادي كانون ياوندي الذي يلعب في الدوري الكاميروني الممتاز. ومثل الكثير من العقود التي وقّعها من قبل، لم يستمر هذا العقد الجديد سوى أربعة أشهر فقط. وعندما انتهى هذا العقد، انتقل اللاعب إلى نادٍ كاميروني آخر وهو نادي كوزموس دي بافيا، بعقد قصير الأمد أيضا. يقول لو: «خلال الفترة التي قضيتها في الكاميرون، كان يحصل بعض من أفضل اللاعبين – بمن في ذلك لاعبون دوليون – على ما يراوح بين ألف وثلاثة آلاف دولار شهريا، لكن الغالبية العظمى كانت تحصل على أقل من ألف دولار شهريا. وينطبق الأمر نفسه على بعض البلدان الآسيوية، مثل ماليزيا وتايلاند، ودول شرق أوروبا، التي تعلن فيها بعض الأندية عن إفلاسها أو تعاني من مشاكل مالية. ويفضل معظم اللاعبين عدم الحديث في هذا الأمر؛ حتى يستطيعوا الحصول على عقد جديد. يواجه لاعبو كرة القدم وهماً كبيرا في كل مكان الآن، وينجرفون إلى اللعبة من دون أن يعرفوا حقيقة ما يحدث».
ويروي لو تجاربه المريرة، قائلا: «تعد كرة القدم عملا شاقا للغاية. ويعتقد جمهور كرة القدم أنها لعبة جميلة وبراقة، لكنها ليست كذلك، فالعقود لا تُحترم، وفي بعض البلدان يتم طرد اللاعبين. ويخاف كثير من اللاعبين من مواجهة ذلك لأنهم يعتقدون أن ذلك سوف يؤثر على مسيرتهم الكروية. يتعين على اتحادات كرة القدم المحلية وعلى وزراء الرياضة في البلدان المختلفة أن يضعوا القوانين المناسبة وأن يحموا اللاعبين». وأضاف: «حتى في أوروبا الغربية، يكون الأمر صعبا للغاية على اللاعبين في الدوريات الدنيا. يعتقد الناس أن أوروبا هي مكان مقدس لا يظلم فيه أحد، لكن كثيرين من اللاعبين في الدوريات الدنيا يعانون. إنه عالم قاسٍ، ولا يعيش فيه سوى الأقوياء. يتعين على الأندية الغنية أن تساعد الأندية الفقيرة، لأن هناك عدم توازن في توزيع الأموال».
ولفت هذا التفاوت في توزيع الأموال انتباه رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم أليكساندر سيفرين، الذي صرح بأنه يدرس فكرة وضع سقف لرواتب اللاعبين من أجل سد الفجوة بين الأندية الغنية والأندية الفقيرة. وفي كلمة له في وقت سابق من الصيف الحالي، حذر سيفرين من أن الفجوة في الثروات «تتزايد بشكل خطير» وأنه يجب القيام بشيء ما لعلاج هذا الأمر. وقال: «في المستقبل، سيكون لزاما علينا أن نأخذ بعين الاعتبار إمكانية تقليص ميزانيات الأندية المخصصة لرواتب اللاعبين. الأندية الغنية تزداد غنى، والفجوة بينها وبين باقي الأندية تتسع. لو نجحنا في القيام بذلك فأعتقد أن ذلك سيكون تحولا تاريخيا».
وأدلى سيفرين بهذه التصريحات قبل تعاقد باريس سان جيرمان مع نيمار مقابل 197 مليون جنيه إسترليني ورفع راتبه الأسبوعي إلى 520 ألف جنيه إسترليني. ويمكنكم الآن التفكير فيما يشعر به فوكوفيتش ولو عندما يريان لاعبا في نفس مهنتهما يحصل في شهر واحد على ما يمكن أن يحصلا عليه في مسيرتهما بالكامل في عالم كرة القدم. يقول لو: «نحن ننتقل من عقد إلى عقد من دون وجود أمان حقيقي، وهو عمل محفوف بالمخاطر لأن الحصول على الراتب غير مضمون تماما».


مقالات ذات صلة

كومباني: لم أفهم النظام الجديد لدوري الأبطال

رياضة عالمية فينسن كومباني (د.ب.أ)

كومباني: لم أفهم النظام الجديد لدوري الأبطال

قال فينسن كومباني، مدرب بايرن ميونيخ الألماني، إنه لم يفهم بعدُ النظام الجديد لدوري أبطال أوروبا لكرة القدم، بعدما حقق فريقه فوزاً بشِق الأنفس 1-0.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية جيان بييرو غاسبريني (أ.ف.ب)

غاسبريني مدرب أتلانتا: الثقة سبب الأداء المذهل

أرجع جيان بييرو غاسبريني مدرب أتلانتا الإيطالي الأداء المذهل الذي يقدمه فريقه في الآونة الأخيرة إلى مزيج من الثقة بالنفس والتطور المستمر.

«الشرق الأوسط» (بيرن (سويسرا))
رياضة عالمية سيموني إنزاغي

إنزاغي: راضون عن المستوى أمام لايبزيغ

أثنى سيموني إنزاغي، مدرب إنتر ميلان الإيطالي، على فريقه بعدما صمد ليفوز 1-0 على ضيفه رازن بال شبورت لايبزيغ، الثلاثاء، ليتصدر ترتيب دوري أبطال أوروبا لكرة القدم

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية تشابي ألونسو وفلوريان فيرتز (أ.ب)

ألونسو: نأمل في إعادة مستوانا... وفيرتز رائع

أشاد تشابي ألونسو، مدرب باير ليفركوزن، بلاعبه فلوريان فيرتز، بعدما سجّل الدولي الألماني هدفين في فوز فريقه 5-صفر على رد بول سالزبورغ في دوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية أرتيتا يحتفل مع اللاعبين عقب الفوز على سبورتينغ لشبونة (أ.ف.ب)

أرتيتا: آرسنال لعب بشجاعة أمام سبورتينغ لشبونة

أشاد ميكيل أرتيتا، المدير الفني لفريق آرسنال الإنجليزي، بأفضل أداء للفريق خارج أرضه في المسابقات الأوروبية منذ توليه تدريب الفريق، وذلك عقب الفوز 5-1.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
TT

مدرب ميلان: مباراة فينيتسيا لا تقل أهمية عن مواجهة ليفربول أو إنتر

باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)
باولو فونيسكا مدرب أيه سي ميلان (رويترز)

قال باولو فونيسكا مدرب ميلان المنافس في دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم الجمعة، إن الفوز على فينيتسيا بعد ثلاث مباريات دون انتصار هذا الموسم، بنفس أهمية مواجهة ليفربول أو غريمه المحلي إنتر ميلان.

ويتعرض فونيسكا للضغط بعدما حقق ميلان نقطتين فقط في أول ثلاث مباريات، وقد تسوء الأمور؛ إذ يستضيف ليفربول يوم الثلاثاء المقبل في دوري الأبطال قبل مواجهة إنتر الأسبوع المقبل. ولكن الأولوية في الوقت الحالي ستكون لمواجهة فينيتسيا الصاعد حديثاً إلى دوري الأضواء والذي يحتل المركز قبل الأخير بنقطة واحدة غداً (السبت) حينما يسعى الفريق الذي يحتل المركز 14 لتحقيق انتصاره الأول.

وقال فونيسكا في مؤتمر صحافي: «كلها مباريات مهمة، بالأخص في هذا التوقيت. أنا واثق كالمعتاد. من المهم أن نفوز غداً، بعدها سنفكر في مواجهة ليفربول. يجب أن يفوز ميلان دائماً، ليس بمباراة الغد فقط. نظرت في طريقة لعب فينيتسيا، إنه خطير في الهجمات المرتدة».

وتابع: «عانينا أمام بارما (في الخسارة 2-1)، لكن المستوى تحسن كثيراً أمام لاتسيو (في التعادل 2-2). المشكلة كانت تكمن في التنظيم الدفاعي، وعملنا على ذلك. نعرف نقاط قوة فينيتسيا ونحن مستعدون».

وتلقى ميلان ستة أهداف في ثلاث مباريات، كأكثر فرق الدوري استقبالاً للأهداف هذا الموسم، وكان التوقف الدولي بمثابة فرصة ليعمل فونيسكا على تدارك المشكلات الدفاعية.

وقال: «لم يكن الكثير من اللاعبين متاحين لنا خلال التوقف، لكن تسنى لنا العمل مع العديد من المدافعين. عملنا على تصرف الخط الدفاعي وعلى التصرفات الفردية».

وتابع فونيسكا: «يجب علينا تحسين إحصاءاتنا فيما يتعلق باستقبال الأهداف، يجب على الفريق الذي لا يريد استقبال الأهداف الاستحواذ على الكرة بصورة أكبر. نعمل على ذلك، يجب على اللاعبين أن يدركوا أهمية الاحتفاظ بالكرة».