أهالي العسكريين متمسكون بالأمل... «والتاريخ سيحاسب المسؤولين»

TT

أهالي العسكريين متمسكون بالأمل... «والتاريخ سيحاسب المسؤولين»

لا تزال صور العسكريين اللبنانيين تزيّن خيمة أهاليهم، التي تحوّلت إلى ما يشبه المنزل الجامع لهم ولمصيبتهم منذ أكثر من سنتين. هذه الصور الصامدة كما صمود الآباء والأمهات شاهدة على الأشهر الطويلة التي انتظروا خلالها خبراً صغيراً يثلج قلوبهم، رافضين القبول بموتهم. ورغم تبلغهم بخبر الوفاة رسمياً يوم أول من أمس، لا يزال الأهالي المنتظرين في الخيمة يترقبون نتائج فحص الحمض النووي، متمسكين بالقليل من الأمل، ومسلمين بالقدر في الوقت عينه.
أجواء من الحزن والخيبة تخيم على هذه الخيمة في وسط بيروت، حيث ينتظر بعض الأهالي هنا، رافضين المغادرة قبل الحصول على النتيجة النهائية، محاطين بالأقارب والأصدقاء، ليطلقوا تارة الاتهامات، وطوراً الحمد والشكر، كونهم أهالي شهداء يعتز بهم الوطن، سائلين في الوقت عينه: «لو حصلت هذه المفاوضات في عام 2014، أما كان أبناؤنا عادوا إلينا سالمين؟».
فها هو حسين يوسف يحمل صورة ابنه محمد، مؤكداً أنه لا يزال يعتبر ابنه مخطوفاً حتى صدور نتائج الفحوصات لتحديد هوية الجثث التي تم العثور عليها يوم أول من أمس، في محلة وادي الدب، في جرود عرسال، بناء على اعترافات أدلى بها عناصر من «داعش» سلموا أنفسهم لـ«حزب الله»، مع العلم بأن بعض المعلومات أشارت إلى أن نتائج الحمض النووي قد تتطلب أكثر من أسبوع، نظراً إلى تحلل الجثث والرفات.
ويقول يوسف، المتحدث باسم أهالي العسكريين، لـ«الشرق الأوسط» والدموع تملأ عينيه: «التاريخ سيحاسب السياسيين الذين لعبوا بدماء العسكريين الشرفاء، والشعب اللبناني كله يعرف من هم. أملنا بالوطن لن يخيب»، واتهم القوى السياسية بعدم الاهتمام بملف أبنائهم بشكل جدي، سائلاً: «كيف يسمح لإرهابيين مجرمين سفاكي دماء، بعد 3 سنوات من خطف العسكريين، ومن ثم إعدامهم، أن يخرجوا وكأن شيئاً لم يكن؟ متهماً الدولة بالمساومة عليهم، وإفلات المجرم من دون عقاب أو محاسبة». ورأى أن هناك قطبة مخفية في كل ما حصل لم تطلعهم عليها السلطات، خصوصاً أن لديهم معلومات تفيد بأن العسكريين الثمانية لم يكونوا كلهم معاً. وأمام كل هذه التساؤلات، والانتظار الثقيل، يحاول الأهالي التخفيف عن أنفسهم، بالتأكيد على أنهم «فخورون بكونهم أهالي شهداء، ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن، واختاروا الموت على الانشقاق عن الجيش، والانضمام إلى تنظيم داعش».
وكانت الخيمة، مساء أمس، محط وقفة تضامنية مع أهالي العسكريين، لرفع الصوت عالياً، والمطالبة بمحاسبة المسؤولين بملف العسكريين، بحسب ما أعلنته «حملة بدنا نحاسب».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».