واشنطن تبحث عن أدلة على انتهاك طهران الاتفاق النووي

قال مسؤولون سابقون إن مسؤولي أجهزة الاستخبارات الأميركية يتعرضون لضغط من البيت الأبيض لتقديم دلائل تثبت أن إيران قامت بانتهاك التزاماتها في الاتفاق النووي الذي وقعته طهران مع المجموعة الدولية 5+1 ويقضي بالتزام إيران بوقف برنامجها النووي بشكل كبير مقابل تخفيف العقوبات.
وقد جاءت زيارة نيكي هيلي سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة لمقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا الأسبوع الماضي، للضغط على الوكالة لتكون أكثر حزماً وتشدداً في مطالبها بتفتيش المواقع العسكرية في إيران. وقالت هيلي للصحافيين بعد عودتها إلى نيويورك: «مفتشو الوكالة محترفون وخبراء حقيقيون، لكن تفتيش الوكالة سيكون مجدياً بقدر ما يسمح لهم بتفتيش مواقع».
وأضافت: «لقد أعلنت إيران أنها لن تسمح بوصول المفتشين إلى المواقع العسكرية وخطة العمل المشتركة لا تميز بين المواقع العسكرية وغير العسكرية، وهناك العديد من المواقع غير المعلنة التي لم يتم تفتيشها وهذه مشكلة».
وتعمل إدارة ترمب على استراتيجية للهجوم على الاتفاق النووي، من خلال الضغط على الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتفتيش في المواقع العسكرية الإيرانية. وبموجب الاتفاق يمكن للوكالة تقديم دليل على نشاط مشبوه في أي موقع إيراني، والتقدم بطلب للحكومة الإيرانية لتوضيح هذه الأنشطة، وتقديم تفسير، وإذا لم تقبل الوكالة هذا التفسير، فإن طهران أمامها أسبوعان للتفاوض على وصول وتمكين المفتشين الدوليين من دخول الموقع، وإذا رفضت الحكومة الإيرانية دخول المفتشين للموقع فإن لجنة مشتركة من ممثلي الدول الموقعين على الاتفاق تقوم بالتصويت لإجبار إيران على إدخال المفتشين، ويكون أمامها ثلاثة أيام للامتثال.
ويقول المحللون إن إدارة ترمب تضغط بشدة في هذا الأمر، وتطلب السماح بالتفتيش في أي موقع سواء كان مدنيا أو عسكريا من أجل اختبار مدى التزام إيران بالاتفاق.
في هذا الصدد، قال ديفيد كوهين، النائب السابق لمدير الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، إن ترمب يبدو أنه توصل إلى نتيجة حول إيران قبل الحصول على المعلومات الاستخباراتية لدعمها، وأضاف لشبكة «سي إن إن» الإخبارية أن البيت الأبيض يضغط على أجهزة الاستخبارات للخروج بمعلومات يريدها الرئيس، وهذا يقوض فائدة هذه المعلومات الاستخباراتية.
بدوره، قال المحلل السابق بوكالة الاستخبارات المركزية نيد برايس الذي عمل ناطقا باسم مجلس الأمن القومي بإدارة الرئيس السابق باراك أوباما: «لقد سمعت من مسؤولي الاستخبارات أنهم يشعرون بالضغط من البيت الأبيض».
وتشير تصريحات إدارة ترمب إلى أنه من المتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي عدم امتثال إيران لالتزاماتها وفقاً للاتفاق النووي بحلول منتصف أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، حينما يحين الموعد للاستجابة لطلب الكونغرس توقيع الرئيس على إقرار لمدة ثلاثة أشهر حول استمرار إيران بالعمل ببرنامج العمل المشترك الشامل التي ينص عليها الاتفاق النووي.
ويتعين على الرئيس تقديم إقرار للكونغرس بامتثال إيران للاتفاق كل ثلاثة أشهر. وقد وافق ترمب على مضض على التصديق بامتثال إيران في مايو (أيار) الماضي، لكنه وعد بالامتناع عن القيام بذلك في المستقبل. ويرى الخبراء أن إدارة ترمب تسير في طريق ربما يؤدي إلى انهيار الصفقة التي أبرمتها إدارة أوباما.
وتعتمد إدارة ترمب على الإشارة إلى أن أي اعتراضات إيرانية على عملية تفتيش جديدة تعني عدم امتثال طهران لبنود الاتفاق النووي، وإذا نفذ الرئيس ترمب تهديده بالامتناع عن التصديق على التزام إيران، فإن الأمر سيكون متروكاً للكونغرس الأميركي ما إذا كان ينبغي أن يصدر عقوبات جديدة ضد إيران يوقعها الرئيس ترمب لتصبح قانونا، وهذا ستأخذه إيران باعتباره انتهاكا للاتفاق. وقد أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني الأسبوع الماضي أن البرنامج النووي يمكن أن يبدأ في غضون ساعات، إذا اعتمد الكونغرس عقوبات جديدة ضد إيران.
ويتخوف المسؤولون السابقون من احتمالات انهيار الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات المتحدة وخمسة بلدان أخرى مع إيران، بما يثير أزمة جديدة حول الانتشار النووي في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة توترا متزايدا مع كوريا الشمالية.
ويقول الخبراء إنه لا يوجد حتى الآن أدلة حاسمة على أن إيران قد انتهكت التزاماتها بموجب الاتفاق، وتقول تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن طهران قامت بتخفيض مخزونها من الوقود النووي وخفضت بنيتها التحتية النووية.
وقال أحد كبار المفاوضين الأميركيين في المحادثات النووية مع إيران روبرت مالي، إن إدارة ترمب تقلل من المعلومات التي تحصل عليها من وكالاتها حول التزام طهران بالاتفاق، لاعتقاده أن بعض المسؤولين يميلون بالولاء لأوباما. وأشار مالي إلى أنه سيكون من الصعب على ترمب تجاهل تحفظات المخابرات الأميركية وحلفاء الولايات المتحدة حول أي سعى للمواجهة مع إيران.