سلفا كير: عودة مشار من المنفى ستخلق عدم استقرار في جنوب السودان

جدد رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت رفضه عودة منافسه السياسي زعيم المعارضة المسلحة ريك مشار من المنفى للمشاركة في عملية الحوار الوطني، معتبراً أن عودته ستخلق عدم استقرار في جنوب السودان والمنطقة. وجاء ذلك في حين دعا وزير مجلس الوزراء في جوبا مارتن اليا لومورو المجتمع الدولي إلى بذل مزيد من الجهود والانخراط المباشر لحل مشكلة منطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان.
وقال رئيس جنوب السودان سلفا كير، في لقاء مع التلفزيون الألماني، إن عودة منافسه السياسي نائبه السابق وزعيم التمرد حالياً ريك مشار من منفاه في جنوب أفريقيا إلى البلاد للمشاركة في عملية الحوار الوطني، ستخلق عدم استقرار في الإقليم. وكشف عن أن إبقاء مشار بعيداً عن البلاد تم التوصل إليه من قبل قادة المنطقة باعتبار أنه سيقود جنوب السودان إلى حرب إذا لم يجد ما يسعى إليه. وقال: «لم نستبعد أي شخص، لكن بالنسبة إلى ريك هو يعرف لماذا تم استبعاده. ليس لأنه لا يريد الانضمام إلى الحوار، لكن المنطقة كلها لا تريده أن ينضم... كان هذا هو الاتفاق مع قادة المنطقة؛ لأنه كلما عاد إلى البلاد فإنه يخلق الوضع الذي يقود الناس إلى الحرب». وتابع: «وجوده (مشار) هنا في البلاد سيخلق حالة عدم استقرار ليس في جنوب السودان فقط، بل في المنطقة بأسرها».
وشدد كير على أنه وأعضاء حكومته يتحفظون عن إدراج بعض الشخصيات في عملية الحوار، وبخاصة ريك مشار. وقال: «على كل حال لا يمكن استبعاد المجتمعات الكبيرة من عملية الحوار لمجرد أنهم قادوا أو دعموا فرداً معيناً»، في إشارة إلى قبيلة النوير التي ينتمي إليها مشار والتي انخرطت في الحرب التي اتخذت طابعاً إثنياً. لكنه نفى أن تشكل الحركة التي يقودها مشار تهديداً لإدارته، على رغم إقراره بأن مشار سبب ارتباكاً من خلال مواصلة الاتصال هاتفياً مع أتباعه لمواصلة القتال. وأوضح: «مشار لا يمثّل تهديداً للحكومة ولا يثير سوى الارتباك، حيث إنه يتواصل مع مؤيديه عبر الهاتف ويعرف أين يختبئون وهم الذين يعانون من مشاكل، ويواصلون القتال ولا يريدون السلام». وأضاف: «ريك مشار ليس لديه روح القيادة ولا روح التآزر، إنه يريد موت المواطنين كل يوم».
وكان الأمين العام المساعد لعمليات حفظ السلام، القاسمي وين، قال في إحاطة لمجلس الأمن الدولي الخميس الماضي حول الوضع في جنوب السودان، إن الرئيس سلفا كير أخبر رئيس إدارة عمليات حفظ السلام في الأمم المتحدة جان بيار لاكرويكس في وقت سابق من الشهر الحالي بأنه لا يريد مشاركة مشار في عملية الحوار.
ورفض سلفا كير، في المقابلة معه، الحديث عن أنه محاصر ولا يغادر قصره في العاصمة جوبا. وقال إنه حر في التحرك في أي مكان يرغب زيارته داخل البلاد أو خارجها، مؤكداً أنه ليس محاصرا في جوبا. وقال: «إذا كان لدي سبب للسفر إلى مكان فيمكني السفر وزيارة أي مكان... الجمعة الماضية سافرت إلى كيغالي عاصمة رواندا وشاركت في تنصيب الرئيس الرواندي وعدت إلى البلاد... أنا لست عمدة جوبا لأن لديها حكامها ورؤساء البلديات... وهذه ليست مهمتي».
إلى ذلك، دعا وزير مجلس الوزراء في جنوب السودان، الدكتور مارتن آليا لومورو، المجتمع الدولي إلى بذل مزيد من الجهود لحل مشكلة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين جوبا والخرطوم. وقال: «على المجتمع الدولي إقناع الرئيس السوداني عمر البشير بضرورة الجلوس مع نظيره الرئيس سلفا كير للدخول في حوار سلمي حول أبيي... لا بد من تقريب وجهات النظر بين السودان وجنوب السودان وهذه مسؤولية المجتمع الدولي بأن يسعى بين الطرفين إلى حل نقاط الخلاف بشكل سلمي»، مشيراً إلى نشر قوة دولية في المنطقة الحدودية المتنازع عليها قد يجنّب وضعاً إنسانياً لا يمكن تخيّله.
وكان وفد دولة جنوب السودان قد رفض المشاركة في اجتماع مع الجانب السوداني في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا الأسبوع الماضي برعاية الآلية الأفريقية الرفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي والتي تتوسط لحل النزاع في منطقة أبيي. وكان هدف الاجتماع تشكيل إدارة مشتركة للمنطقة تضم قبليتي دينكا نقوك من جنوب السودان وقبيلة المسيرية السودانية.
وهدد مجلس الأمن في مايو (أيار) الماضي بوقف دعمه لقوات الحدود المشتركة بين السودان وجنوب السودان إذا لم تتمكن الأطراف من تفعيلها قريباً. وجاء التحذير تمشياً مع مطلب واشنطن بتخفيض عدد قوات حفظ السلام المنتشرة في مختلف مناطق العمليات، حيث إنها تعمل على خفض كبير في إسهاماتها المالية.
ميدانياً، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية في تقرير من جوبا أمس بأن صحافياً أميركياً قُتل السبت في جنوب السودان، حيث كان يغطي معارك بين القوات الحكومية والمتمردين أسفرت عن سقوط 18 قتيلاً. وكان كريستوفر ألن يعمل صحافياً ومصوراً مستقلاً لحساب عدد من وسائل الإعلام الدولية بينها «الجزيرة» و«ذي تلغراف» و«فايس نيوز» و«ذي إندبندنت». وقد وصل أخيراً إلى جنوب السودان بعد أن قام بتغطية النزاع في أوكرانيا لفترة طويلة.
وكان يقوم منذ أيام بالتغطية في مناطق سيطرة المتمردين، وقتل في معارك عنيفة اندلعت في مدينة كايا في أقصى الجنوب على الحدود مع أوغندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وقال مساعد الناطق باسم «الجيش الشعبي لتحرير السودان» الكولونيل سانتو دوميك شول لوكالة الصحافة الفرنسية: «تم العثور على 16 جثة بينها 15 لسكان من المنطقة وواحدة لرجل أبيض؛ لذلك قررنا نقل جثته (إلى جوبا) للتعرف عليها». وأضاف: «مساء أمس (السبت) تلقيت معلومات تفيد بأن (الرجل) الأبيض أميركي على ما يبدو، ويعمل مصوراً مستقلاً مع المتمردين»، موضحاً أن القتلى الـ15 من المتمردين. وأشار إلى أن «الجيش الشعبي لتحرير السودان» خسر ثلاثة رجال.
وقالت حركة التمرد «الجيش الشعبي لتحرير السودان - معارضة»: إن الغربي الذي قتل هو «كريستوفر ألن، صحافي أميركي». وأكدت السفارة الأميركية في جوبا أيضاً مقتل كريستوفر الن. وقال الناطق باسم السفارة جيريميا نايل لوكالة الصحافة الفرنسية «إنه مواطن أميركي».
وتبادل الجيش وحركة التمرد الاتهامات ببدء الهجوم، بينما أكد «الجيش الشعبي» أنه صد بسرعة المتمردين الذين كانوا يحاولون الاستيلاء على كايا.
وكانت مصادر محلية في الاستخبارات الأوغندية ذكرت في نهاية يوليو (تموز) لوكالة الصحافة الفرنسية، أنه منذ الهجوم الأخير للمتمردين على كايا في نوفمبر (تشرين الثاني)، يحكم «الجيش الشعبي» سيطرته على المدينة، لكن المتمردين يسيطرون على محيطها.
واستقل جنوب السودان عام 2011 عن السودان، لكن حرباً أهلية اندلعت فيه في ديسمبر (كانون الأول) 2013 بدأت بمعارك بين وحدات متخاصمة في الجيش، على خلفية صراعات سياسية وإثنية. وأوقع النزاع عشرات آلاف القتلى وتسبب بنزوح الملايين.